Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

وصية الإمام أمير المؤمنين (ع) إلى صاحبه كميل بن زياد النخعي، يوصيه بذكر الله والصلاة على النبي وآله، ويبين فيها أنه مؤدب المؤمنين بعد رسول الله (ص) وتحتوي على علوم كثيرة، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٠٥

قال سعید بن زید بن أرطاة: لقيت كميل بن زياد وسألته عن فضل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: أوصاني يوماً، فقال (عليه السلام) لي: يا كميل بن زياد، سمّ كلّ يوم باسم الله ولا حول ولا قوّة إلّا بالله وتوكّل على الله، واذكرنا وسمّ بأسمائنا وصلّ علينا واستعذ بالله بنا، وادرأ بذلك عن نفسك وما تحوطه عنايتك، تكف شرّ ذلك اليوم إن شاء الله.

يا كميل، إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أدّبه الله عزّ وجلّ وهو أدّبني، وأنا أؤدّب المؤمنين، وأورث الأدب المكرمين.

يا كميل، ما من علم إلّا وأنا أفتحه، وما من سرّ إلّا والقائم (عليه السلام) يختمه.

يا كميل، ما من حركة إلّا وأنت محتاج فيها إلى معرفة …

يا كميل، إذا أكلت الطعام فسمّ باسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه داء، وهو الشفاء من جميع الأدواء.

يا كميل، إذا أكلت الطعام فواكل به ولا تبخل به، فإنّك لم ترزق الناس شيئاً، والله يجزل لك الثواب بذلك …

يا كميل، إذا أنت أكلت فطوّل أكلك ليستوفى من معك ويرزق منه غيرك.

يا كميل، إذا استوفيت طعامك فاحمد الله على ما رزقك، وارفع بذلك صوتك ليحمده سواك، فيعظم بذلك أجرك.

يا كميل، لا توقرنّ معدتك طعاماً، ودع فيها للماء موضعاً، وللريح مجالاً …

يا كميل، لا ترفعنّ يدك من الطعام إلّا وأنت تشتهيه، فإذا فعلت ذلك فأنت تستمرئه …

يا كميل، البركة في المال من إيتاء الزكاة ومواساة المؤمنين وصلة الأقربين وهم الأقربون لنا …

يا كميل، لا تردّنّ سائلاً ولو بشقّ تمرة أو من شطر عنب …

يا كميل، إيّاك والمراء، فإنّك تغري بنفسك السفهاء إذا فعلت وتفسد الإخاء …

يا كميل، إيّاك إيّاك والتطرّق إلى أبواب الظالمين والاختلاط بهم والاكتساب منهم، وإيّاك أن تطيعهم، وأن تشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك.

يا كميل، إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر الله تعالی والتوكّل عليه، واستعذ بالله من شرّهم وأطرق عنهم، وأنكر بقلبك فعلهم، واجهر بتعظيم الله تعالى لتسمعهم، فإنّهم يهابوك وتكفى شرّهم …

يا كميل، المؤمن مرآة المؤمن؛ لأنّه يتأمّله ويسدّ فاقته ويجمّل حالته …

يا كميل، أنتم ممتّعون بأعدائكم، تطربون بطربهم وتشربون بشربهم وتأكلون بأكلهم وتدخلون مداخلهم، وربما غلبتم على نعمتهم _ إي والله _ على إكراه منهم لذلك.

ولكنّ الله عزّ وجلّ ناصركم وخاذلهم، فإذا كان _ والله _ يومكم وظهر صاحبكم، لم يأكلوا _ والله _ معكم، ولم يردوا مواردكم ولم يقرعوا أبوابكم ولم ينالوا نعمتكم، أذلّة خاسئين ﴿أَيۡنَمَا ثُقِفُوٓاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقۡتِيلٗا﴾

يا كميل، قل عند كلّ شدّة: «لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم» تكفها، وقل عند كلّ نعمة: «الحمد لله» تزد منها، وإذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله، يوسّع عليك فيها.

يا كميل، إذا وسوس الشيطان في صدرك فقل: «أعوذ بالله القويّ من الشيطان الغويّ، وأعوذ بمحمّد الرضيّ من شرّ ما قدّر وقضى، وأعوذ بإله الناس من شرّ الجنّة والناس أجمعين» وسلّم تكف مؤونة إبليس والشياطين معه، ولو أنّهم كلّهم أبالسة مثله.

يا كميل، إنّ لهم خدعاً وشقاشق وزخازف ووساوس وخيلاء على كلّ أحد قدر منزلته في الطاعة والمعصية، فبحسب ذلك يستولون عليه بالغلبة.

يا كميل، لا عدوّ أعدى منهم ولا ضارّ أضرّ بك منهم، أمنيّتهم أن تكون معهم غداً إذ اجتثّوا في العذاب الأليم، لا يفتّر عنهم بشرره ولا يقصّر عنهم خالدين فيها أبداً …

يا كميل، إنّهم يخدعونك بأنفسهم، فإذا لم تجبهم مكروا بك وبنفسك بتحسينهم إليك شهواتك، وإعطائك أمانيّك وإرادتك، ويسوّلون لك وينسونك وينهونك ويأمرونك، ويحسّنون ظنّك بالله عزّ وجلّ حتّى ترجوه، فتغترّ بذلك فتعصيه، وجزاء العاصي لظى.

يا كميل، احفظ قول الله عزّ وجلّ: ﴿ٱلشَّيۡطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمۡ وَأَمۡلَىٰ لَهُمۡ﴾ والمسوّل الشيطان، والمملي الله تعالى … .

يا كميل، إنّ إبليس لا يعد عن نفسه، وإنّما يعد عن ربّه ليحملهم على معصيته فيورّطهم.

يا كميل، إنّه يأتي لك بلطف كيده، فيأمرك بما يعلم أنّك قد ألفته من طاعة لا تدعها، فتحسب أنّ ذلك ملك كريم، وإنّما هو شيطان رجيم، فإذا سكنت إليه واطمأننت، حملك على العظائم المهلكة التي لا نجاة معها …

يا كميل، إنّ الأرض مملوّة من فخاخهم، فلن ينجو منها إلّا من تشبّث بنا، وقد أعلمك الله أنّه لن ينجو منها إلّا عباده، وعباده أولياؤنا …

يا كميل، لا تغترّ بأقوام يصلّون فيطيلون، ويصومون فيداومون، ويتصدّقون فيحسبون أنّهم موقوفون.

يا كميل، أقسم بالله لسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنّ الشيطان إذا حمل قوماً على الفواحش مثل الزنا وشرب الخمر والربا وما أشبه ذلك من الخنى والمآثم، حبّب إليهم العبادة الشديدة والخشوع والركوع والخضوع والسجود، ثمّ حملهم على ولاية الأئمّة الذين ﴿يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ﴾.

يا كميل، إنّه مستقرّ ومستودع، واحذر أن تكون من المستودعين.

يا كميل، إنّما تستحقّ أن تكون مستقرّاً إذا لزمت الجادّة الواضحة التي لا تخرجك إلى عوج، ولا تزيلك عن منهج ما حملناك عليه وما هديناك إليه.

يا كميل، لا رخصة في فرض ولا شدّة في نافلة.

يا كميل، إنّ الله عزّ وجلّ لا يسألك إلّا عمّا فرض، وإنّما قدّمنا عمل النوافل بين أيدينا للأهوال العظام والطامّة يوم القيامة.

يا كميل، إنّ الواجب لله أعظم من أن تزيله الفرائض والنوافل وجميع الأعمال وصالح الأموال، ولكن ﴿مَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ﴾.

يا كميل، إنّ ذنوبك أكثر من حسناتك، وغفلتك أكثر من ذكرك، ونعم الله عليك أكثر من كلّ عملك.

يا كميل، إنّه لا تخلو من نعمة الله عزّ وجلّ عندك وعافيته، فلا تخل من تحميده وتمجيده وتسبيحه وتقديسه وشكره وذكره علی كلّ حال …

يا كميل، انظر فيم تصلّي، وعلام تصلّي، إن لم تكن من وجهه وحلّه فلا قبول.

يا كميل، إنّ اللسان يبوح ١ من القلب، والقلب يقوم بالغذاء، فانظر فيما تغذّي قلبك وجسمك، فإن لم يكن ذلك حلالاً لم يقبل الله تعالى تسبيحك ولا شكرك …

يا كميل، الدين لله فلا تغترّنّ بأقوال الأمّة المخدوعة التي قد ضلّت بعد ما اهتدت، وأنكرت وجحدت بعد ما قبلت.

يا كميل، الدين لله تعالى، فلا يقبل الله تعالى من أحد القيام به إلّا رسولاً أو نبيّاً أو وصيّاً.

يا كميل، هي نبوّة ورسالة وإمامة، ولا بعد ذلك إلّا متولّين ومتغلّبين وضالّين ومعتدين.

يا كميل، إنّ النصارى لم تعطّل الله تعالى ولا اليهود ولا جحدت موسى ولا عيسى، ولكنّهم زادوا ونقّصوا وحرّفوا وألحدوا، فلعنوا ومقتوا ولم يتوبوا ولم يقبلوا …

يا كميل، إنّ الله عزّ وجلّ كريم حليم عظيم رحيم دلّنا على أخلاقه، وأمرنا بالأخذ بها، وحمل الناس عليها، فقد أدّيناها غير مختلفين، وأرسلناها غير منافقين، وصدّقناها غير مكذّبين، وقبلناها غير مرتابين …

يا كميل، لست _ والله _ متملّقاً حتّى أطاع، ولا ممنّیاً حتّى أعصى، ولا مهاناً لطعام الأعراب حتّى أنتحل إمرة المؤمنين أو أدعي بها …

يا كميل، علام يحسدوننا؟ والله أنشأنا قبل أن يعرفونا، فتراهم بحسدهم إيّانا عن ربّنا يزيلونا … .

المصدر الأصلي: بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٤
، ص٢٦٦-٢٧٦
(١) «یَبوحُ»: یُعلِن. راجع: النهاية في غريب الحديث والأثر، ج١، ص١٦١.