Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث في فتح مكّة، وموقف أبي سفيان من رسول الله (ص) وإعجابه الشديد بكثرة المسلمين حتى قال للعباس عم النبي (ص): (لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً)، وأن رسول الله (ص) حطم جميع الأصنام في مكة المكرمة، وقال لبني هاشم وعبدالمطلب أنه لا يغني عنكم يوم القيامة إلا أعمالكم، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب المتبع في البحار، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥١٧

قال العبّاس: فلمّا أصبح غدوت به على رسول الله صلى الله عليه وآله، فلمّا رآه قال: ويحك يا أبا سفيان، أ لم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلّا الله؟ فقال: بأبي أنت وأمّي، ما أوصلك وأكرمك وأرحمك وأحلمك، والله، لقد ظننت أن لو كان معه إله لأغنى يوم بدر ويوم أحد.

فقال صلى الله عليه وآله: ويحك يا أبا سفيان، أ لم يأن لك أن تعلم أنّي رسول الله؟ فقال: بأبي أنت وأمّي، أمّا هذه، فإنّ في النفس منها شيئاً، قال العبّاس: فقلت له: ويحك، اشهد بشهادة الحقّ قبل أن يضرب عنقك، فتشهّد، فقال صلى الله عليه وآله للعبّاس: انصرف يا عبّاس، فاحبسه عند مضيق الوادي حتّى تمرّ عليه جنود الله.

فحبسته عند خطم الجبل بمضيق الوادي، ومرّ عليه القبائل قبيلة قبيلة وهو يقول: من هؤلاء؟ ومن هؤلاء؟ وأقول: أسلم وجهينة وفلان، حتّى مرّ رسول الله صلى الله عليه وآله في الكتيبة الخضراء من المهاجرين والأنصار في الحديد، لا يرى منهم إلّا الحدق، فقال: من هؤلاء يا أبا الفضل؟ قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وآله في المهاجرين والأنصار، فقال: يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً، فقلت: ويحك، إنّها النبوّة، فقال: نعم إذاً.

وجاء حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلما وبايعاه، فلمّا بايعاه بعثهما رسول الله صلى الله عليه وآله بين يديه إلى قريش يدعوانهم إلى الاسلام، وقال: من دخل دار أبي سفيان _ وهو بأعلى مكّة _ فهو آمن، ومن دخل دار حكيم _ وهو بأسفل مكّة _ فهو آمن، ومن أغلق بابه وكفّ يده، فهو آمن.

وسعى أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأخذ غرزه فقبّله وقال: بأبي أنت وأمّي، أ ما تسمع ما يقول سعد؟ إنّه يقول:

اليوم يوم الملحمة
اليوم تسبى الحرمة

فقال صلى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام: أدركه، فخذ الراية منه، وكن أنت الذي يدخل بها، وأدخلها إدخالاً رفيقاً، فأخذها عليّ عليه السلام وأدخلها كما أمر.

ولمّا دخل رسول الله صلى الله عليه وآله مكّة دخل صناديد قريش الكعبة وهم يظنّون أنّ السيف لا يرفع عنهم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله ووقف قائماً على باب الكعبة، فقال: لا إله إلّا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.

ألا إنّ كلّ مال ومأثرة ودم يدّعى تحت قدميّ هاتين إلّا سدانة الكعبة، وسقاية الحاجّ، فإنّهما مردودتان إلى أهليهما.

ألا إنّ مكّة محرّمة بتحريم الله، لم تحلّ لأحد كان قبلي، ولم تحلّ لي إلّا ساعة من نهار، وهي محرّمة إلى أن تقوم الساعة، لا يختلى ١ خلاها ٢ ، ولا يقطع شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تحلّ لقطتها إلّا لمنشد.

ألا لبئس جيران النبيّ صلى الله عليه وآله كنتم، لقد كذّبتم وطردتم وأخرجتم وآذيتم، ثمّ ما رضيتم حتّى جئتموني في بلادي تقاتلوني، اذهبوا فأنتم الطلقاء.

فيخرج القوم فكأنّما نشروا من القبور، ودخلوا في الإسلام، وقد كان الله سبحانه أمكنه من رقابهم عنوة، وكانوا له فيئاً، فلذلك سمّي أهل مكّة الطلقاء.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١٠٤-١٠٦
(١) «لا یُختلی»: لا یُقطع. لسان العرب، ج١٤، ص٢٤٣.
(٢) «الخَلَى»: النَّبـــات الرقيـــق مـا دام رَطْباً. لسان العرب، ج١٤، ص٢٤٣.
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥١٨

روي أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله لمّا فتح مكّة، وجد في الحجر أصناماً مصفوفةً حوله ثلاثمائة وستّين صنماً، صنم كلّ قوم بحيالهم، ومعه مخصرة بيده فجعل يأتي الصنم، فيطعن في عينه، أو في بطنه، ثمّ يقول: ﴿جَاء الحَقُّ﴾، فجعل الصنم ينكبّ لوجهه إذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك، فجعل أهل مكّة يتعجّبون ويقولون فيما بينهم: ما رأينا رجلاً أسحر من محمّد.

المصدر الأصلي: سعد السعود
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١١٠
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥١٩

قال الصادق عليه السلام: لمّا فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكّة قام على الصفا، فقال: يا بني هاشم، يا بني عبد المطّلب، إنّي رسول الله إليكم، وإنّي شفيق عليكم، لا تقولوا: إنّ محمّداً منّا، فوالله، ما أوليائي منكم ولا من غيركم إلّا المتّقون، فلا أعرفكم تأتوني يوم القيامة تحملون الدنيا على رقابكم، ويأتي الناس يحملون الآخرة، ألا وإنّي قد أعذرت فيما بيني وبينكم، وفيما بين الله وبينكم، وإنّ لي عملي ولكم عملكم.

المصدر الأصلي: صفات الشيعة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١١١
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٢٠

قال الباقر عليه السلام: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله البيت يوم الفتح، فرأى فيه صورتين، فدعا بثوب فبلّه في ماء ثمّ محاهما، قال عليه السلام: ثمّ أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتل عبد الله بن أبي سرح ١ وإن وجد في جوف البيت، وبقتل عبد الله بن خطل ٢ ، وقتل مقيس بن صبابة ٣ ، وبقتل قرسا، وأمّ سارة، قال: وكانتا قينتين تزنيان وتغنّيان بهجاء النبيّ صلى الله عليه وآله وتحضّضان يوم أحد على رسول الله صلى الله عليه وآله.

المصدر الأصلي: قرب الإسناد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص۱۱۱
(١) عبد الله بن سعد بن أبى سرح (م٣٦ه‍): أخو عثمان بن عفّان من الرضاعة، أسلم قبل الفتح، وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وآله ثمّ ارتدّ مشركاً، وصار إلى قريش بمكّة، فقال لهم: «إنّي كنت أصرف محمّداً حيث أريد، كان يملى عليّ: «عزيز حكيم»، فأقول: «أو عليم حكيم»؟ فيقول: نعم، كلّ صواب»، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتله، ففرّ عبد الله بن سعد إلى عثمان بن عفّان، فغيّبه عثمان حتّى أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ما اطمأنّ أهل مكّة، فاستأمنه له، فصمت رسول الله صلى الله عليه وآله طويلاً، ثمّ قال: نعم. فلمّا انصرف عثمان، قال رسول الله صلى الله عليه وآله لمن حوله: ما صمتّ إلّا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه. فقال رجل من الأنصار: فهلّا أومأت إليّ يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وآله: إنّ النبيّ لا ينبغي أن يكون له خائنة الأعين. راجع: أسد الغابة، ج٣، ص١٥٥.
(٢) عبد الله بن خطل: لمّا أسلم بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله مصدّقاً وبعث معه رجلاً من الأنصار، وكان معه مولى له، فغضب عليه غضبة فقتله، ثمّ ارتدّ مشركاً، وكان له قينتان فرتنى وصاحبتها فكانتا تغنّيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وآله، فلهذا أهدر صلى الله عليه وآله دمه ودم قينتيه، فقتل وهو متعلّق بأستار الكعبة. راجع: البداية والنهاية، ج٤، ص٢٩٧-٢٩٨.
(٣) مقيس بن صبابة الكناني: فإنّ أخاه هاشم بن صبابة بن حزن أسلم وشهد غزاة المريسيع مع رسول الله صلى الله عليه وآله فقتله رجل من الأنصار خطأ وهو يحسبه مشركاً. فقدم مقيس على رسول الله صلى الله عليه وآله، فقضى له بالدية على عاقلة الأنصارى. فأخذها وأسلم ثمّ عدا على قاتل أخيه فقتله وهرب مرتدّاً فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتله، فلمّا كان يوم الفتح ضرب بالسيف فقتل. راجع: أنساب الأشراف، ج١، ص٣٥٨-٣٥٩.
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٢١

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ المُؤمِنَاتُ يُبَايِعنَكَ﴾؛ فإنّها نزلت في يوم فتح مكّة، وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قعد في المسجد يبايع الرجال إلى صلاة الظهر والعصر، ثمّ قعد لبيعة النساء وأخذ قدحاً من ماء فأدخل يده فيه، ثمّ قال للنساء: «من أرادت أن تبايع فلتدخل يدها في القدح، فإنّي لا أصافح النساء»، ثمّ قرأ عليهنّ ما أنزل الله من شروط البيعة عليهنّ، فقال: ﴿عَلَى أَن لَّا يُشرِكنَ بِالله شَيئًا وَلَا يَسرِقنَ وَلَا يَزنِينَ وَلَا يَقتُلنَ أَولَادَهُنَّ وَلَا يَأتِينَ بِبُهتَانٍ يَفتَرِينَهُ بَينَ أَيدِيهِنَّ وَأَرجُلِهِنَّ وَلَا يَعصِينَكَ فِي مَعرُوفٍ فَبَايِعهُنَّ وَاستَغفِر لَهُنَّ الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. فقامت أمّ حكيم بنت الحارث بن عبد المطّلب، فقالت: يا رسول الله، ما هذا المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصيك فيه؟ فقال صلى الله عليه وآله: «ألّا تخمشن وجهاً، ولا تلطمن خدّاً، ولا تنتفن شعراً، ولا تمزّقن جيباً، ولا تسوّدن ثوباً، ولا تدعونّ بالويل والثبور، ولا تقمن عند قبر»، فبايعهنّ على هذه الشروط.

المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١١٣
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٢٢

إنّه لمّا دخل النبيّ صلى الله عليه وآله مكّة يوم الفتح غلّق عثمان بن أبي طلحة العبدي باب البيت، وصعد السطح فطلب النبيّ صلى الله عليه وآله المفتاح منه، فقال: لو علمت أنّه رسول الله لم أمنعه، فصعد عليّ بن أبي طالب عليه السلام السطح ولوى يده وأخذ المفتاح منه وفتح الباب، فدخل النبيّ صلى الله عليه وآله البيت، فصلّى فيه ركعتين. فلمّا خرج سأله العبّاس أن يعطيه المفتاح، ‏ فنزل: ﴿إِنَّ الله يَأمُرُكُم أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهلِهَا﴾، فأمر النبيّ صلى الله عليه وآله أن يردّ المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه.

فقال له عثمان: يا عليّ، أكرهت وأدّيت، ثمّ جئت برفق؟ قال عليه السلام: لقد أنزل الله في شأنك وقرأ عليه الآية، فأسلم عثمان فأقرّه النبيّ صلى الله عليه وآله في يده‏ ١ .

المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١١٦-١١٧
(١) قد یشكل الأمر في الظاهر؛ لأنّه لا ينطبق مضمون الآية على عثمان بن أبي طلحة، حيث إنّه ما كان أهلاً لتحمّل الأمانة _ أعني مفاتيح البيت _ فأيّ وجه في إرجاع المفاتيح له؟ والجواب عن ذلك: أنّ أداء الأمانة إلى أهلها أمر حسن ولو كان إلى مشرك، وقد أقرّ العرف أن يكون هو صاحب مفتاح البيت، فحسن مجاراة النبيّ صلى الله عليه وآله لهذا العرف، وقد كان حسن تعامل النبيّ صلى الله عليه وآله معه وإعطائه مفتاح البيت من موجبات إسلامه.
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٢٣

لمّا دخل وقت صلاة الظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بلال فصعد على الكعبة، فقال عكرمة: أكره أن أسمع صوت أبي رباح ينهق على الكعبة، وحمد خالد بن أسيد أنّ أبا عتاب توفّي ولم ير ذلك، وقال أبو سفيان: لا أقول شيئاً، لو نطقت لظننت أنّ هذه الجدر ستخبر به محمّداً.

فبعث إليهم النبيّ صلى الله عليه وآله فأتي بهم، فقال عتّاب: نستغفر الله ونتوب إليه، قد _ والله _ يا رسول الله قلنا، فأسلم وحسن إسلامه، فولّاه رسول الله صلى الله عليه وآله مكّة.

المصدر الأصلي: الخرائج والجرائح
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١١٨
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٢٤

فلمّا سمع وجوه قريش الأذان، قال بعضهم في نفسه: الدخول في بطن الأرض خير من سماع هذا، وقال آخر: الحمد لله الذي لم يعش والديّ إلى هذا اليوم.

فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: يا فلان، قد قلت في نفسك كذا، ويا فلان، قلت في نفسك كذا؛ فقال أبو سفيان: أنت تعلم أنّي لم أقل شيئاً، قال صلى الله عليه وآله: اللّهمّ اهد قومي، فإنّهم لا يعلمون.

المصدر الأصلي: الخرائج والجرائح
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١١٩
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٢٥

إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله لمّا أراد فتح مكّة، سأل الله جلّ اسمه أن يعمّي أخباره على قريش ليدخلها بغتة، وكان صلى الله عليه وآله قد بنى الأمر في مسيره إليها على الاستسرار بذلك، فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكّة، يخبرهم بعزيمة رسول الله صلى الله عليه وآله على فتحها، وأعطى الكتاب امرأة سوداء كانت وردت المدينة تستميح الناس وتستبرّهم، وجعل لها جعلاً أن توصله إلى قوم سمّاهم لها من أهل مكّة، وأمرها أن تأخذ على غير الطريق، فنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك.

فاستدعى أمير المؤمنين عليه السلام وقال له: «إنّ بعض أصحابي قد كتب إلى أهل مكّة يخبرهم بخبرنا، وقد كنت سألت الله أن يعمّي أخبارنا عليهم، والكتاب مع امرأة سوداء قد أخذت على غير الطريق، فخذ سيفك والحقها وانتزع الكتاب منها وخلّها، وصر به إليّ».

ثمّ استدعى الزبير بن العوّام وقال له: امض مع عليّ بن أبي طالب في هذا الوجه، فمضيا وأخذا على غير الطريق فأدركا المرأة، فسبق إليها الزبير فسألها عن الكتاب الذي معها فأنكرت، وحلفت أنّه لا شيء معها وبكت، فقال الزبير: ما أرى يا أبا الحسن معها كتاباً، فارجع بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله نخبره ببراءة ساحتها، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أنّ معها كتاباً ويأمرني بأخذه منها، وتقول أنت أنّه لا كتاب معها؟ ثمّ اخترط السيف وتقدّم إليها، فقال: أما والله، لئن لم تخرجي الكتاب لأكشفنّك ثمّ لأضربنّ عنقك، فقالت: إذا كان لابدّ من ذلك، فأعرض يا بن أبي طالب بوجهك عنّي، فأعرض بوجهه عنها فكشفت قناعها وأخرجت الكتاب من عقيصتها، فأخذه أمير المؤمنين عليه السلام وصار به إلى النبيّ صلى الله عليه وآله.

فأمر أن ينادي: الصلاة جامعة، فنودي في الناس فاجتمعوا إلى المسجد حتّى امتلأ بهم، ثمّ صعد النبيّ صلى الله عليه وآله إلى المنبر، وأخذ الكتاب بيده وقال: أيّها الناس، إنّي كنت سألت الله أن يخفي أخبارنا عن قريش، وإنّ رجلاً منكم كتب إلى أهل مكّة يخبرهم بخبرنا، فليقم صاحب الكتاب، وإلّا فضحه الوحي.

فلم يقم أحد، فأعاد رسول الله صلى الله عليه وآله مقالته ثانية وقال: «ليقم صاحب الكتاب وإلّا فضحه الوحي»، فقام حاطب بن أبي بلتعة وهو يرعد كالسعفة في يوم الريح العاصف، فقال: أنا _ يا رسول الله _ صاحب الكتاب، وما أحدثت نفاقاً بعد إسلامي، ولا شكّاً بعد يقيني.

فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله: فما الذي حملك على أن كتبت هذا الكتاب؟ قال: يا رسول الله، إنّ لي أهلاً بمكّة وليس لي بها عشيرة، فأشفقت أن تكون دائرة لهم علينا، فيكون كتابي هذا كفّاً لهم عن أهلي، ويداً لي عندهم، ولم أفعل ذلك للشكّ في الدين. فقام عمر بن الخطّاب وقال: يا رسول الله، مرني بقتله، فإنّه منافق. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّه من أهل بدر ولعلّ الله تعالی اطّلع عليهم فغفر لهم، أخرجوه من المسجد.

فجعل الناس يدفعون في ظهره حتّى أخرجوه، وهو يلتفت إلى النبيّ صلى الله عليه وآله ليرقّ عليه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بردّه، وقال له: قد عفوت عنك وعن جرمك، فاستغفر ربّك ولا تعد بمثل ما جنيت.

المصدر الأصلي: الإرشاد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١١٩-١٢١
الحديث: ١٠
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٢٦

وألجئوه إلى الخروج من مكّة نحو المدينة، التفت صلى الله عليه وآله خلفه إليها وقال: الله يعلم أنّني أحبّك، ولولا أنّ أهلك أخرجوني عنك لما آثرت عليك بلداً، ولا ابتغيت عليك بدلاً، وإنّي لمغتمّ على مفارقتك.

فأوحى الله إليه: يا محمّد، العليّ الأعلى يقرأ عليك السلام، ويقول: سنردّك إلى هذا البلد ظافراً غانماً سالماً قادراً قاهراً، وذلك قوله تعالی: ﴿إِنَّ الذي فَرَضَ عَلَيكَ القُرآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾، يعني: إلى مكّة غانماً ظافراً.

فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه، فاتّصل بأهل مكّة فسخروا منه، فقال الله تعالی لرسوله: سوف يظفرك الله بمكّة.

المصدر الأصلي: تفسير الإمام العسكري عليه السلام
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١٢٢
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٢٧

سئل الصادق عليه السلام عن قول الله: ﴿وَلَولاَ أَن ثَبَّتنَاكَ لَقَد كِدتَّ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئًا قَلِيلاً﴾، قال عليه السلام: لمّا كان يوم الفتح أخرج رسول الله صلى الله عليه وآله أصناماً من المسجد، وكان منها صنم على المروة، وطلبت إليه قريش أن يتركه، وكان استحيا فهمّ بتركه ثمّ أمر بكسره، فنزلت هذه الآية.

المصدر الأصلي: تفسير العيّاشي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١٢٤
الحديث: ١٢
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٢٨

بلغه ١ أنّ أمّ هانئ بنت أبي طالب قد آوت ناساً من بني مخزوم، منهم الحارث بن هشام وقيس بن السائب، فقصد نحو دارها مقنّعاً بالحديد، فنادى: أخرجوا من آويتم.

فجعلوا يذرقون كما يذرق الحبارى خوفاً منه، فخرجت إليه أمّ هانئ وهي لا تعرفه، فقالت: يا عبد الله، أنا أمّ هانئ بنت عمّ رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخت عليّ بن أبي طالب عليه السلام، انصرف عن داري، فقال عليّ عليه السلام: أخرجوهم، فقالت: والله، لأشكونّك إلى رسول الله، فنزع المغفر عن رأسه فعرفته، فجاءت تشتدّ حتّى التزمته، فقالت: فديتك، حلفت لأشكونّك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؛ فقال لها: فاذهبي فبرّي قسمك، فإنّه بأعلى الوادي.

قالت أمّ هانئ: فجئت إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وهو في قبّة يغتسل، وفاطمة عليها السلام تستره، فلمّا سمع رسول الله صلى الله عليه وآله كلامي قال: مرحباً بك يا أمّ هانئ، قلت: بأبي وأمّي، ما لقيت من عليّ اليوم؟ فقال صلى الله عليه وآله: قد أجرت من أجرت، فقالت فاطمة عليها السلام: إنّما جئت يا أمّ هانئ تشكين عليّاً في أنّه أخاف أعداء الله وأعداء رسوله، فقلت: احتمليني، فديتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قد شكر الله تعالی سعيه، وأجرت من أجارت أمّ هانئ لمكانها من عليّ بن أبي طالب.

المصدر الأصلي: إعلام الورى
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١٣١
(١) أي علیّاً عليه السلام.
الحديث: ١٣
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٢٩

قال الصادق عليه السلام: لا تصلّ المكتوبة في جوف الكعبة، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله لم يدخلها في حجّ ولا عمرة، ولكن دخلها في فتح مكّة، فصلّى فيها ركعتين بين العمودين، ومعه أسامة.

المصدر الأصلي: تهذيب الأحكام
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١٣٦
الحديث: ١٤
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٣٠

قال الباقر عليه السلام: صعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر يوم فتح مكّة، فقال: أيّها الناس، إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها، ألا إنّكم من آدم وآدم من طين، ألا إنّ خير عباد الله عبد اتّقاه، إنّ العربيّة ليست بأب والد، ولكنّها لسان ناطق، فمن قصر به عمله لم يبلغ حسبه، ألا إنّ كلّ دم كان في الجاهلية أو إحنة ١ فهي تحت قدميّ هذه إلى يوم القيامة.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢١
، ص١٣٧
(١) «الإِحْنة»: الحقد في الصدر. لسان العرب، ج١٣، ص٨.