Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث في صفات الإمام الحسن (عليه السلام) الجسدية وفي تفاصيل استشهاده (عليه السلام) وفي مواعظه ووصاياه، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٤٩٩

كان الحسن بن عليّ (عليه السلام) أبيض، مشرباً حمرة، أدعج العينين، سهل الخدّين، دقيق المسربة، كثّ اللحية، ذا وفرة، وكأنّ عنقه إبريق فضّة، عظيم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، ربعة ليس بالطويل ولا القصير، مليحاً من أحسن الناس وجهاً، وكان يخضب بالسواد، وكان جعد الشعر، حسن البدن.

بيــان:
«الدعج» شدّة سواد العين مع سعتها؛ قوله: «سهل الخدّين»: أي سائل الخدّين غير مرتفع الوجنتين؛ و«المسربة» _ بضمّ الراء: ما دقّ من شعر الصدر سائلاً إلى الجوف؛ و«كثّ الشيء» أي كثف؛ و«الوفرة»: الشعرة إلى شحمة الأذن؛ وكلّ عظمين التقيا في مفصل فهو «كردوس».
المصدر الأصلي: كشف الغمّة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٣٧
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥٠٠

قال عمر بن إسحاق: دخلت أنا ورجل على الحسن بن عليّ (عليه السلام) نعوده، فقال: يا فلان سلني، قال: لا، والله، لا أسالك حتّى يعافيك الله، ثمّ نسألك، ثمّ دخل الخلاء ثمّ خرج إلينا، فقال (عليه السلام): سلني قبل أن لا تسألني، قال: بل يعافيك الله ثمّ لنسألك، قال: ألقيت طائفة من كبدي وإنّي قد سقيت السمّ مراراً، فلم أسق مثل هذه المرّة، ثمّ دخلت عليه من الغد، وهو يجود بنفسه، والحسين (عليه السلام) عند رأسه، فقال: يا أخي من تتّهم؟ قال (عليه السلام): لم، لتقتله؟ قال الحسین (عليه السلام): نعم، قال (عليه السلام): إن يكن الذي أظنّ فإنّه: ﴿أَشَدُّ بَأسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً﴾، وإلّا يكن فما أحبّ أن يقتل بي بريء، ثمّ قضى.

المصدر الأصلي: كشف الغمّة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٣٨
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥٠١

لمّا حضر الحسن بن عليّ (عليه السلام) الموت قال: أخرجوني إلى الصحراء لعلّي أنظر في ملكوت السماء _ يعني الآيات _ فلمّا أخرج به قال: اللّهمّ، إنّي أحتسب نفسي عندك، فإنّها أعزّ الأنفس عليّ، وكان له ممّا صنع الله له أنّه احتسب نفسه.

بيــان:
قوله (عليه السلام): «اللّهمّ إنّي أحتسب نفسي عندك»، أي أرضى بذهاب نفسي وشهادتي، ولا أطلب القود طالباً لرضاك، أو أطلب منك أن تجعلها عندك في محالّ القدس.
المصدر الأصلي: كشف الغمّة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٣٨
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥٠٢

قال جنادة: دخلت على الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في مرضه الذي توفّي فيه وبين يديه طست، يقذف عليه الدم ويخرج كبده قطعة قطعة من السمّ الذي أسقاه معاوية لعنه الله، فقلت: يا مولاي، ما لك لا تعالج نفسك؟

فقال (عليه السلام): يا عبد الله، بما ذا أعالج الموت؟ قلت:﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعونَ﴾، ثمّ التفت إليّ، فقال (عليه السلام): والله، لقد عهد إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّ هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من ولد عليّ وفاطمة (عليهما السلام)، ما منّا إلّا مسموم أو مقتول، ثمّ رفعت الطست وبكى، فقلت له: عظني يا بن رسول الله، قال (عليه السلام): نعم، استعدّ لسفرك، وحصّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنّك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل همّ يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك إلّا كنت فيه خازناً لغيرك.

واعلم أنّ في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالاً كنت قد زهدت فيها، وإن كان حراماً لم يكن فيه وزر، فأخذت كما أخذت من الميتة، وإن كان العتاب فإنّ العتاب يسير، واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً، وإذا أردت عزّاً بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان، فاخرج من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزّ وجلّ.

وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة، فاصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة أعانك، وإن قلت صدّق قولك، وإن صلت شدّ صولك ١ ، وإن مددت يدك بفضل مدّها، وإن بدت عنك ثلمة سدّها، وإن رأى منك حسنة عدّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتّ عنه ابتداك، وإن نزلت إحدى الملمّات به ساءك، من لا تأتيك منه البوائق، ولا يختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عند الحقائق، وإن تنازعتما منقسماً آثرك.

ثمّ انقطع نفسه واصفرّ لونه، حتّى خشيت عليه، ودخل الحسين (عليه السلام) والأسود بن أبي الأسود فانكبّ عليه حتّى قبّل رأسه وبين عينيه، ثمّ قعد عنده فتسارّا جميعاً، فقال أبو الأسود: ﴿إِنَّا لِلَّهِ﴾، إنّ الحسن (عليه السلام) قد نعيت إليه نفسه.

المصدر الأصلي: كفاية الأثر
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٣٨-١٤۰
(١) «الصَول»: القهر والسطوة. راجع: النهاية في غريب الحديث والأثر،ج٣، ص٦١.
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥٠٣

كان مولده بعد مبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخمس عشرة سنة وأشهر، وولدت فاطمة (عليها السلام) الحسن (عليه السلام) ولها أحد عشرة سنة كاملة، وكانت ولادته مثل ولادة جدّه وأبيه (عليهما السلام)، وكان طاهراً مطهّراً يسبّح ويهلّل في حال ولادته، ويقرأ القرآن على ما رواه أصحاب الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّ جبرئيل ناغاه ١ في مهده، وقبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان له سبع سنين وشهور.

وكان سبب مفارقة أبي محمّد الحسن (عليه السلام) دار الدنيا وانتقاله إلى دار الكرامة _ على ما وردت به الأخبار _ أنّ معاوية بذل لجعدة بنت محمّد بن الأشعث زوجة الحسن (عليه السلام) عشرة آلاف دينار، وإقطاعات كثيرة من شعب سورا، وسواد الكوفة، وحمل إليها سمّاً فجعلته في طعام، فلمّا وضعته بين يديه قال: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعونَ﴾، والحمد لله على لقاء محمّد (صلى الله عليه وآله) سيّد المرسلين، وأبي سيّد الوصيّين، وأمّي سيّدة نساء العالمين، وعمّي جعفر الطيّار في الجنّة، وحمزة سيّد الشهداء.

ودخل عليه أخوه الحسين (عليه السلام) فقال: كيف تجد نفسك؟ قال (عليه السلام): أنا في آخر يوم من الدنيا وأوّل يوم من الآخرة، على كره منّي لفراقك وفراق إخوتي، ثمّ قال: أستغفر الله على محبّة منّي للقاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وفاطمة وجعفر وحمزة (عليهم السلام)، ثمّ أوصى إليه وسلّم إليه الاسم الأعظم، ومواريث الأنبياء (عليهم السلام) التي كان أمير المؤمنين (عليه السلام) سلّمها إليه.

ثمّ قال: يا أخي، إذا أنا متّ فغسّلني وحنّطني وكفّنّي، واحملني إلى جدّي (صلى الله عليه وآله)، حتّى تلحدني إلى جانبه، فإن منعت من ذلك فبحقّ جدّك رسول الله، وأبيك أمير المؤمنين، وأمّك فاطمة الزهراء (عليهم السلام) أن لا تخاصم أحداً، واردد جنازتي من فورك إلى البقيع حتّى تدفنّي مع أمّي (عليها السلام).

فلمّا فرغ من شأنه وحمله ليدفنه مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ركب مروان بن الحكم طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغلة وأتى عائشة، فقال لها: يا أمّ المؤمنين، إنّ الحسين يريد أن يدفن أخاه الحسن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والله، إن دفن معه ليذهبنّ فخر أبيك وصاحبه عمر إلى يوم القيامة، قالت: فما أصنع يا مروان؟ قال: الحقي به وامنعيه من أن يدفن معه، قالت: وكيف ألحقه؟ قال: اركبي بغلتي هذه، فنزل عن بغلته وركبتها، وكانت تؤزّ الناس وبني أميّة على الحسين (عليه السلام)، وتحرّضهم على منعه ممّا هم به.

فلمّا قربت من قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) _ وكان قد وصلت جنازة الحسن (عليه السلام) _ فرمت بنفسها عن البغلة وقالت: والله، لا يدفن الحسن ههنا أبداً، أو تجزّ هذه _ وأومت بيدها إلى شعرها _ فأراد بنو هاشم المجادلة، فقال الحسين (عليه السلام): الله الله، لا تضيّعوا وصيّة أخي، واعدلوا به إلى البقيع، فإنّه أقسم عليّ إن أنا منعت من دفنه مع جدّه (صلى الله عليه وآله) أن لا أخاصم فيه أحداً، وأن أدفنه بالبقيع مع أمّه (عليها السلام)، فعدلوا به ودفنوه بالبقيع معها.

فقام ابن عبّاس _ رضی الله عنه _  وقال: يا حميراء، ليس يومنا منك بواحد، يوم على الجمل، ويوم على البغلة، أ ما كفاك أن يقال: يوم الجمل، حتّى يقال: يوم البغل؟ يوم على هذا ويوم على هذا، بارزة عن حجاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) تريدين إطفاء نور الله ﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾ ولو كره المشركون، ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعونَ﴾، فقالت له: إليك عنّي، وأفّ لك ولقومك.

المصدر الأصلي: عيون المعجزات
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٤۰-١٤١
(١) «ناغَى الصبيَّ»: كلَّمه بما يهواه ويسرّه. لسان العرب، ج١٥، ص٣٣٦.
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥٠٤

قال الصادق (عليه السلام): إنّ الأشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وابنته جعدة سمّت الحسن (عليه السلام)، ومحمّد ابنه شرك في دم الحسين (عليه السلام).

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٤٢
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥٠٥

روي أنّ الحسن (عليه السلام) لمّا دنت وفاته ونفدت أيّامه وجرى السمّ في بدنه تغيّر لونه واخضرّ، فقال له الحسين (عليه السلام): ما لي أرى لونك مائلاً إلى الخضرة؟ فبكى الحسن (عليه السلام) وقال: يا أخي، لقد صحّ حديث جدّي فيّ وفيك، ثمّ اعتنقه طويلاً وبكيا كثيراً، فسئل (عليه السلام) عن ذلك؟ فقال: أخبرني جدّي قال: لمّا دخلت ليلة المعراج روضات الجنان، ومررت على منازل أهل الإيمان، رأيت قصرين عاليّين متجاورين على صفة واحدة، إلّا أنّ أحدهما من الزبرجد الأخضر، والآخر من الياقوت الأحمر، فقلت: يا جبرئيل، لمن هذان القصران؟ فقال: أحدهما للحسن (عليه السلام) والآخر للحسين (عليه السلام)؛ فقلت: يا جبرئيل، فلم لم يكونا على لون واحد؟ فسكت ولم يردّ جواباً، فقلت: لم لا تتكلّم؟ قال: حياء منك، فقلت له: سألتك بالله إلّا ما أخبرتني، فقال: أمّا خضرة قصر الحسن (عليه السلام) فإنّه يموت بالسمّ، ويخضرّ لونه عند موته، وأمّا حمرة قصر الحسين (عليه السلام) فإنّه يقتل ويحمرّ وجهه بالدم، فعند ذلك بكيا وضجّ الحاضرون بالبكاء والنحيب ١ .

/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٤٥
(١) قد روی العلّامة المجلسي (رحمة الله عليه) هذه الروایة عن بعض تألیفات أصحاب الإمامیة ولم یسمّه.
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥٠٦

روي أنّ معاوية دفع السمّ إلى امرأة الحسن بن عليّ (عليه السلام) جعدة بنت الأشعث وقال لها: اسقيه، فإذا مات هو زوّجتك ابني يزيد، فلمّا سقته السمّ ومات جاءت الملعونة إلى معاوية الملعون، فقالت: زوّجني يزيد، فقال: اذهبي، فإنّ امرأة لا تصلح للحسن بن عليّ (عليه السلام)، لا تصلح لابني يزيد.

المصدر الأصلي: الاحتجاج
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٤٧-١٤٨
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥٠٧

قال ابن عبّاس: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان جالساً ذات يوم إذ أقبل الحسن (عليه السلام)، فلمّا رآه بكى، ثمّ قال: إليّ إليّ يا بنيّ، فما زال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليمنى …: قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): وأمّا الحسن، فإنّه ابني، وولدي، ومنّي، وقرّة عيني، وضياء قلبي، وثمرة فؤادي، وهو سيّد شباب أهل الجنّة، وحجّة الله على الأمّة، أمره أمري، وقوله قولي، من تبعه فإنّه منّي، ومن عصاه فليس منّي.

وإنّي لمّا نظرت إليه تذكّرت ما يجري عليه من الذلّ بعدي، فلا يزال الأمر به حتّى يقتل بالسمّ ظلماً وعدواناً، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته، ويبكيه كلّ شيء حتّى الطير في جوّ السماء، والحيتان في جوف الماء، فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام.

المصدر الأصلي: الأمالي للصدوق
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٤٨-١٤٩
الحديث: ١۰
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥٠٨

قال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا التفت إلينا فبكى، فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال (صلى الله عليه وآله): أبكي ممّا يصنع بكم بعدي، فقلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه وآله): أبكي من ضربتك على القرن، ولطم فاطمة (عليها السلام) خدّها، وطعنة الحسن (عليه السلام) في الفخذ والسمّ الذي يسقى، وقتل الحسين (عليه السلام)، فبكى أهل البيت جميعاً، فقلت: يا رسول الله، ما خلقنا ربّنا إلّا للبلاء؟ قال (صلى الله عليه وآله): أبشر يا عليّ، فإنّ الله عزّ وجلّ قد عهد إليّ أنّه لا يحبّك إلّا مؤمن، ولا يبغضك إلّا منافق.

المصدر الأصلي: الأمالي للصدوق
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٤٩
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥٠٩

قال الباقر (عليه السلام): إنّ الحسين بن عليّ (عليه السلام) كان يزور قبر الحسن (عليه السلام) في كلّ عشيّة جمعة.

المصدر الأصلي: قرب الإسناد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٥۰
الحديث: ١٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥١٠

دخل الحسين بن عليّ (عليه السلام) على أخيه الحسن بن عليّ (عليه السلام) في مرضه الذي توفّي فيه، فقال (عليه السلام) له: كيف تجدك يا أخي؟ قال (عليه السلام): أجدني في أوّل يوم من أيّام الآخرة وآخر يوم من أيّام الدنيا، واعلم أنّي لا أسبق أجلي، وأنّي وارد على أبي وجدّي (عليهما السلام) على كره منّي لفراقك، وفراق إخوتك، وفراق الأحبّة، وأستغفر الله من مقالتي هذه وأتوب إليه، بل على محبّة منّي للقاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وأمّي فاطمة (عليها السلام)، وحمزة، وجعفر، وفي الله عزّ وجلّ خلف من كلّ هالك، وعزاء من كلّ مصيبة، ودرك من كلّ ما فات، رأيت يا أخي، كبدي في الطشت، ولقد عرفت من دها بي، ومن أين أتيت؟ فما أنت صانع به يا أخي؟

فقال الحسين (عليه السلام): أقتله والله، قال (عليه السلام): فلا أخبرك به أبداً حتّى نلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولكن اكتب يا أخي:

هذا ما أوصى به الحسن بن عليّ إلى أخيه الحسين بن عليّ: أوصى أنّه يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّه يعبده حقّ عبادته، لا شريك له في الملك، ولا وليّ له من الذلّ، وإنّه خلق كلّ شيء فقدّره تقديراً، وإنّه أولى من عبد، وأحقّ من حمد، من أطاعه رشد، ومن عصاه غوى، ومن تاب إليه اهتدى.

فإنّي أوصیك يا حسين، بمن خلّفت من أهلي وولدي وأهل بيتك، أن تصفح عن مسيئهم، وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفاً ووالداً، وأن تدفنني مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإني أحقّ به وببيته ممّن أدخل بيته بغير إذنه، ولا كتاب جاءهم من بعده، قال الله فيما أنزله على نبيّه (صلى الله عليه وآله) في كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤذَنَ لَكُم﴾، فوالله، ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه، ولا جاءهم الإذن في ذلك من بعد وفاته، ونحن مأذون لنا في التصرّف فيما ورثناه من بعده.

فإن أبت عليك الامرأة، فأنشدك الله بالقرابة التي قرّب الله عزّ وجلّ منك والرحم الماسّة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أن تهريق فيّ محجمة من دم، حتّى نلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنختصم إليه ونخبره بما كان من الناس إلينا بعده، ثمّ قبض (عليه السلام).

قال ابن عبّاس: فدعاني الحسين بن عليّ (عليه السلام) وعبد الله بن جعفر وعلي بن عبد الله بن العبّاس، فقال: اغسلوا ابن عمّكم، فغسّلناه وحنّطناه وألبسناه أكفانه، ثمّ خرجنا به حتّى صلّينا عليه في المسجد، وإنّ الحسين (عليه السلام) أمر أن يفتح البيت، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفّان، وقالوا: يدفن أمير المؤمنين الشهيد القتيل ظلماً بالبقيع بشرّ مكان، ويدفن الحسن (عليه السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ لا يكون ذلك أبداً حتّى تكسر السيوف بيننا، وتنقصف الرماح، وينفد النبل.

فقال الحسين (عليه السلام): أما والله الذي حرّم مكّة، للحسن بن عليّ (عليه السلام) وابن فاطمة (عليها السلام) أحقّ برسول الله (صلى الله عليه وآله) وببيته ممّن أدخل بيته بغير إذنه، وهو _ والله _ أحقّ به من حمّال الخطايا، مسيّر أبي ذرّ، الفاعل بعمّار ما فعل، وبعبد الله ما صنع، الحامي الحمى، المؤوي لطريد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لكنّكم صرتم بعده الأمراء، وتابعكم على ذلك الأعداء وأبناء الأعداء، فحملناه فأتينا به قبر أمّه فاطمة (عليها السلام) فدفنّاه إلى جنبها _ رضي الله عنه وأرضاه _.

قال ابن عبّاس: وكنت أوّل من انصرف، فسمعت اللغط، وخفت أن يعجّل الحسين (عليه السلام) على من قد أقبل، ورأيت شخصاً علمت الشرّ فيه، فأقبلت مبادراً، فإذا أنا بعائشة في أربعين راكباً على بغل مرحّل، تقدّمهم وتأمرهم بالقتال، فلمّا رأتني قالت: إليّ إليّ يا بن عبّاس، لقد اجترأتم عليّ في الدنيا، تؤذونني مرّة بعد أخرى، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحبّ، فقلت: وا سوأتاه، يوم على بغل، ويوم على جمل، تريدين أن تطفيء نور الله، وتقاتلي أولياء الله، وتحولي بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين حبيبه أن يدفن معه، ارجعي، فقد كفى الله عزّ وجلّ المؤونة.

ودفن الحسن (عليه السلام) إلى جنب أمّه، فلم يزدد من الله تعالی إلّا قرباً، وما ازددتم منه _ والله _ إلّا بعداً، يا سوأتاه، انصرفي فقد رأيت ما سرّك، فقطّبت في وجهي، ونادت بأعلى صوتها: أ وما نسيتم الجمل؟ يا بن عبّاس، إنّكم لذوو أحقاد، فقلت: أم والله، ما نسيته أهل السماء، فكيف تنساه أهل الأرض؟ فانصرفت وهي تقول:

فألقت عصاها واستقرّ بها النوى
كما قرّ عيناً بالإياب المسافر

المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٥١-١٥٣
الحديث: ١٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٥١١

حكي أنّ الحسن (عليه السلام) لمّا أشرف على الموت، قال له الحسين (عليه السلام): أريد أن أعلم حالك يا أخي، فقال له الحسن (عليه السلام): سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يفارق العقل منّا أهل البيت مادام الروح فينا، فضع يدك في يديّ حتّى إذا عاينت ملك الموت أغمز يدك، فوضع يده في يده.

فلمّا كان بعد ساعة غمز يده غمزاً خفيفاً فقرّب الحسين (عليه السلام) أذنه إلى فمه، فقال (عليه السلام): قال لي ملك الموت: أبشر، فإنّ الله عنك راضٍ، وجدّك شافع.

وقال الحسين (عليه السلام) لمّا وضع الحسن (عليه السلام) في لحده:

أأدهن رأسي أم تطيب مجالسي
ورأسك معفور وأنت سليب

أو أستمتع الدنيا لشيء أحبّه
إلی كلّ ما أدنی إلیك حبیب

فلا زلت أبكي ما تغنّت حمامة
عليك وما هبّت صبا وجنوب

وما هملت عيني من الدمع قطرة
وما اخضرّ في دوح الحجاز قضيب

بكائي طويل والدموع غزيرة
وأنت بعيد والمزار قريب

غريب وأطراف البيوت تحوطه
أ لا كلّ من تحت التراب غريب

ولا يفرح الباقي خلاف الذي مضى
وكلّ فتى للموت فيه نصيب

فليس حريب من أصيب بماله
ولكن من وارى أخاه حريب

نسيبك من أمسى يناجيك طيفه
وليس لمن تحت التراب نسيب

المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٤
، ص١٦۰