Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث في ما علمه أمير المؤمنين (عليه السلام) أصحابه في مجلس واحد من أربعمائة باب‏ يصلح لأمور الدنيا والآخرة وفيه ماتوصيات كثيرة في باب المسائل الصحية والنفسية، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٧٧٥

إنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمؤمن في دينه ودنياه، قال(عليه السلام): إنّ الحجامة تصحّح البدن وتشدّ العقل؛ والسواك من مرضاة اللّه عزّ وجلّ وسنّة النبيّ(صلى الله عليه وآله) ومطیبة للفم؛ غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في الرزق وإماطة للغمر عن الثياب ويجلو البصر؛ قيام اللیل مصحّة للبدن ومرضاة للربّ عزّ وجلّ وتعرّض للرّحمة وتمسّك بأخلاق النبيّين؛ أكل التفّاح نضوح للمعدة؛ أكل السّفرجل قوّة للقلب الضعيف ويطيّب المعدة ويذكّي الفؤاد ويشجّع الجبان ويحسّن الولد؛ إحدى وعشرون زبيبةً حمراء في كلّ يوم على الريق تدفع جميع الأمراض إلّا مرض الموت؛ ثلاثة أيّام من كلّ شهر: أربعاء بين خميسين وصوم شعبان، يذهب بوسواس الصدر وبلابل القلب.

والاستنجاء بالماء البارد يقطع البواسير؛ غسل الثياب يذهب بالهمّ والحزن وهو طهور للصلاة؛ لا تنتفوا الشيب فإنّه نور المسلم، ومن شاب شيبته في الإسلام كان له نوراً يوم القيامة؛ لا ينام المسلم وهو جنب، ولا ينام إلّا على طهور، فإن لم يجد الماء فليتيمّم بالصعيد، فإنّ روح المؤمن ترفع إلى الله تبارك وتعالی فيقبلها ويبارك عليها، فإن كان أجلها قد حضر جعلها في كنوز رحمته، وإن لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع أمنائه من ملائكته فيردّونها في جسدها؛ لا ينام الرجل على وجهه، ومن رأيتموه نائماً على وجهه فأنبهوه ولا تدعوه، ولا يقومنّ أحدكم في الصلاة متكاسلاً ولا ناعساً، ولا يفكّرنّ في نفسه فإنّه بين يدي ربّه عزّ وجلّ، وإنّما للعبد من صلاته ما أقبل عليه منها بقلبه؛ كلوا ما يسقط من الخوان ١ ، فإنّه شفاء من كلّ داء بإذن الله عزّ وجلّ لمن أراد أن يستشفي به؛ إذا أكل أحدكم طعاماً فمصّ أصابعه التي أكل بها، قال الله عزّ وجلّ: بارك الله فيك.

البسوا ثياب القطن، فإنّها لباس رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو لباسنا، ولم يكن يلبس الشعر والصوف إلّا من علّة؛ إنّ الله عزّ وجلّ جميل يحبّ الجمال، ويحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده؛ صلوا أرحامكم ولو بالسلام، يقول الله تبارك وتعالی:﴿وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيكُم رَقِيبًا﴾ لا تقطعوا نهاركم بكذا وكذا وفعلنا كذا وكذا، فإنّ معكم حفظة يحفظون علينا وعليكم؛ اذكروا الله في كلّ مكان، فإنّه معكم؛ صلّوا على محمّد(صلى الله عليه وآله) وآل محمّد(عليهم السلام)، فإنّ الله عزّ وجلّ يقبل دعاءكم عند ذكر محمّد(صلى الله عليه وآله) ودعائكم له وحفظكم إيّاه.

أقرّوا الحارّ حتّى يبرد، فإنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قرّب إليه طعام حارّ فقال: أقرّوه حتّى يبرد ويمكن أكله، ما كان الله عزّ وجلّ ليطعمنا النار والبركة في البارد؛ إيّاكم والغلوّ فينا، قولوا إنّا عبيد مربوبون وقولوا في فضلنا ما شئتم؛ من أحبّنا فليعمل بعملنا وليستعن بالورع، فإنّه أفضل ما يستعان به في أمر الدنيا والآخرة، لا تجالسوا لنا عائباً ولا تمتدحوا بنا عند عدوّنا معلنين بإظهار حبّنا، فتذلّوا أنفسكم عند سلطانكم؛ لا تحقّروا ضعفاء إخوانكم، فإنّه من احتقر مؤمناً لم يجمع الله عزّ وجلّ بينهما في الجنّة إلّا أن يتوب؛ لا يكلّف المؤمن أخاه الطلب إليه إذا علم حاجته.

تزوّجوا، فإنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كثيراً ما كان يقول: «من كان يحبّ أن يتّبع سنّتي فليتزوّج، فإنّ من سنّتي التزويج، واطلبوا الولد فإنّي أكاثر بكم الأمم غداً»؛ خالفوا أصحاب المسكر وكلوا التمر، فإن فيه شفاء من الأدواء؛ اتّبعوا قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فإنّه قال: «من فتح على نفسه باب مسألة، فتح الله عليه باب فقر»؛ أكثروا الاستغفار تجلبوا الرزق، وقدّموا ما استطعتم من عمل الخير تجدوه غداً.

إيّاكم والجدال، فإنّه يورث الشك؛ من كانت له إلى ربّه عزّ وجلّ حاجة، فليطلبها في ثلاث ساعات: ساعة في يوم الجمعة، وساعة تزول الشمس حين تهبّ الرياح وتفتح أبواب السماء وتنزل الرحمة ويصوت الطير، وساعة في آخر الليل عند طلوع الفجر، فإنّ ملكين يناديان: هل من تائب يتاب عليه؟ هل من سائل يعطى؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ هل من طالب حاجة فتقضى له؟ فأجيبوا داعي الله، واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإنّه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض، وهي الساعة التي يقسّم الله فيها الرزق بين عباده؛ انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح الله، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ انتظار الفرج؛ ولا تستصغروا قليل الآثام، فإنّ الصغير يحصى ويرجع إلى الكبير؛ وأطيلوا السجود، فما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجداً؛ لأنّه أمر بالسجود فعصى، وهذا أمر بالسجود فأطاع فنجا.

أكثروا ذكر الموت ويوم خروجكم من القبور وقيامكم بين يدي الله عزّ وجلّ، تهون عليكم المصائب؛ إذا اشتكى أحدكم عينيه فليقرأ آية الكرسي وليضمر في نفسه أنّها تبرأ، فإنّها تعافى إن شاء الله؛ توقّوا الذنوب، فما من بليّة ولا نقص رزق إلّا بذنب حتّى الخدش والكبوة والمصيبة، قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم وَيَعفُو عَن كَثِيرٍ﴾؛ أكثروا ذكر الله عزّ وجلّ على الطعام ولا تطغوا فيه، فإنّها نعمة من نعم الله ورزق من رزقه، يجب عليكم فيه شكره وحمده، أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها، فإنّها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها.

من رضي عن الله عزّ وجلّ باليسير من الرزق رضي الله عنه بالقليل من العمل؛ اصطنعوا المعروف بما قدرتم على اصطناعه، فإنّه يقي مصارع السوء؛ ومن أراد منكم أن يعلم كيف منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله منه عند الذنوب، كذلك منزلته عند الله تبارك وتعالى؛ تقدّموا بالدعاء قبل نزول البلاء، تفتح‏ لكم أبواب السماء في خمس مواقيت: عند نزول الغيث وعند الزحف وعند الأذان وعند قراءة القرآن ومع زوال الشمس وعند طلوع الفجر؛ أقرّوا عند الملتزم بما حفظتم من ذنوبكم وما لم تحفظوا فقولوا: وما حفظته علينا حفظتك ونسيناه فاغفره لنا، فإنّه من أقرّ بذنبه في ذلك الموضع وعدّه وذكره واستغفر الله منه كان حقّاً على الله عزّ وجلّ أن يغفره له.

زوروا موتاكم، فإنّهم يفرحون بزيارتكم، وليطلب الرجل حاجته عند قبر أبيه وأمّه بعد ما يدعو لهما؛ المسلم مرآة أخيه، فإذا رأيتم من أخيكم هفوةً فلا تكونوا عليه وكونوا له كنفسه وأرشدوه وانصحوه وترفّقوا به، وإيّاكم والخلاف، فتمزّقوا، وعليكم بالقصد، تزلفوا وتوجروا؛ تصدّقوا بالليل، فإنّ الصدقة بالليل تطفئ غضب الربّ جلّ جلاله؛ احسبوا كلامكم من أعمالكم يقلّ كلامكم إلّا في خير؛ أنفقوا ممّا رزقكم الله عزّ وجلّ، فإنّ المنفق بمنزلة المجاهد في سبيل الله، فمن أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة؛ من كان على يقين فشكّ فليمض على يقينه، فإنّ الشكّ لا ينقض اليقين.

لا تشهدوا قول الزور، ولا تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر، فإنّ العبد لا يدري متى يؤخذ؛ إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد ولا يضعنّ أحدكم إحدى رجليه على الأخرى ويربّع، فإنّها جلسة يبغضها الله ويمقت صاحبها؛ إيّاكم والكسل، فإنّه من كسل لم يؤدّ حقّ الله عزّ وجلّ؛ تنظّفوا بالماء من المنتن الريح الذي يتأذّى به، تعهّدوا أنفسكم، فإنّ الله عزّ وجلّ يبغض من عباده القاذورة الذي يتأنّف به من جلس إليه؛ بادروا بعمل الخير قبل أن تشغلوا عنه بغيره؛ المؤمن نفسه منه في تعب والناس منه في راحة؛ ليكن جلّ كلامكم ذكر الله عزّ وجلّ؛ احذروا الذنوب، فإنّ العبد ليذنب فيحبس عنه الرزق.

داووا مرضاكم بالصدقة؛ حصّنوا أموالكم بالزكاة؛ الصلاة قربان كلّ تقيّ؛ الحجّ جهاد كلّ ضعيف؛ جهاد المرأة حسن التبعّل؛ الفقر هو الموت الأكبر؛ قلّة العيال أحد اليسارين؛ التقدير نصف العيش؛ الهمّ نصف الهرم؛ ما عال امرؤ اقتصد؛ وما عطب امرؤ استشار؛ روّضوا أنفسكم على الأخلاق الحسنة؛ فإنّ العبد المسلم يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم؛ تعرّضوا للتجارة، فإنّ فيها غنىً لكم عمّا في أيدي الناس، فإنّ الله يحبّ المحترف الأمين.

ليس عمل أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من الصلاة، فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شيء من أمور الدنيا، فإنّ الله عزّ وجلّ ذمّ أقواماً، فقال: ﴿الَّذِينَ هُم عَن صَلَاتِهِم سَاهُونَ﴾، يعني أنّهم غافلون استهانوا بأوقاتها؛ المؤمن لا يغشّ أخاه ولا يخونه ولا يخذله ولا يتّهمه، ولا يقول له: أنا منك بريء، اطلب لأخيك عذراً، فإن لم تجد له عذراً فالتمس له عذراً، مزاولة قلع الجبال أيسر من مزاولة ملك مؤجّل، و﴿استَعِينُوا بِاللهِ وَاصبِرُوا إِنَّ الأَرضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِن عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ﴾؛ لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا، ولا يطولنّ عليكم الأمد فتقسو قلوبكم.

من قرأ ﴿قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ قبل أن تطلع الشمس إحدى عشر مرّة، ومثلها﴿إِنَّا أَنزَلنَاهُ﴾، ومثلها آية الكرسيّ، منع ماله ممّا يخاف؛ من قرأ ﴿قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ قبل أن تطلع الشمس لم يصبه في ذلك اليوم ذنب، وإن جهد إبليس؛ ابدأوا بالملح في أوّل طعامكم، فلو يعلم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرّب، من ابتدأ طعامه بالملح ذهب عنه سبعون داء وما لا يعلمه إلّا الله عزّ وجلّ.

توبوا إلى الله عزّ وجلّ وادخلوا في محبّته، فـ ‍﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ﴾، والمؤمن توّاب، باب التوبة مفتوح لمن أرادها ﴿تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُم أَن يُكَفِّرَ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم﴾، وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم، فما زالت نعمة ولا نضارة عيش إلّا بذنوب اجترحوا ﴿وَأَنَّ اللهَ لَيسَ بِظَلَّامٍ لِّلعَبِيدِ﴾، ولو أنّهم استقبلوا ذلك بالدعاء والإنابة لما تنزل، ولو أنّهم إذا نزلت بهم النقم وزالت عنهم النعم فزعوا إلى الله عزّ وجلّ بصدق من نيّاتهم ولم يهنوا ولم يسرفوا لأصلح الله لهم كلّ فاسد ولردّ عليهم كلّ صالح؛ إذا ضاق المسلم فلا يشكونّ ربّه عزّ وجلّ وليشك إلى ربّه الذي بيده مقاليد الأمور.

خالطوا الناس بما يعرفون ودعوهم ممّا ينكرون، ولا تحمّلوهم على أنفسكم وعلينا، إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو عبد قد امتحن الله قلبه للإيمان؛ إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليتعوّذ بالله وليقل: آمنت بالله وبرسوله مخلصاً له الدين؛ إذا كسا الله عزّ وجلّ مؤمناً ثوباً جديداً فليتوضّأ وليصلّ ركعتين: يقرأ فيهما أمّ الكتاب وآية الكرسيّ و﴿قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ و﴿إِنَّا أَنزَلنَاهُ فِي لَيلَةِ القَدرِ﴾، ثمّ ليحمد الله الذي ستر عورته، وزيّنه في الناس، وليكثر من قول: لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، فإنّه لا يعصى الله فيه، وله بكلّ سلك فيه ملك يقدّس له ويستغفر له ويترحّم عليه؛ إنّ الأمور إلى الله عزّ وجلّ ليست إلى العباد، ولو كانت إلى العباد ما كانوا ليختاروا علينا أحداً، ولكنّ ﴿اللَّهُ يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشاءُ﴾، فاحمدوا الله على ما اختصّكم به من بادئ النعم، أعني طيب الولادة.

كلّ عين يوم القيامة باكية، وكلّ عين يوم القيامة ساهرة إلّا عين من اختصّه الله بكرامته، وبكى على ما ينتهك من الحسين(عليه السلام) وآل محمّد(عليهم السلام)؛ شيعتنا بمنزلة النحل، لو يعلم الناس ما في أجوافها لأكلوها؛ لا تعجّلوا الرجل عند طعامه حتّى يفرغ، ولا عند غائطه حتّى يأتي على حاجته، إذا انتبه أحدكم من نومه فليقل: «لا إله إلّا الله الحليم الكريم الحيّ القيّوم وهو على كلّ شيء قدير، سبحان ربّ النبيّين وإله المرسلين، ربّ السماوات السبع وما فيهنّ، وربّ الأرضين السبع وما فيهنّ، وربّ العرش العظيم، والحمد للّٰه ربّ العالمين»، فإذا جلس من نومه فليقل قبل أن يقوم: «حسبي الله، حسبي الربّ من العباد، حسبي الذي هو حسبي منذ كنت، حسبي الله ونعم الوكيل».

ذكرنا أهل البيت شفاء من العلل والأسقام ووسواس الريب، وجهتنا رضا الربّ عزّ وجلّ والآخذ بأمرنا معنا غداً في حظيرة القدس، والمنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله، من شهدنا في حربنا أو سمع واعيتنا فلم ينصرنا أكبّه الله على منخريه في النار. نحن باب الغوث، إذا بغوا وضاقت المذاهب، نحن باب حطّة _ وهو باب السلام _ من دخله نجا ومن تخلّف عنه هوى، بنا يفتح الله وبنا يختم الله، وبنا يمحو ما يشاء وبنا يثبت، وبنا يدفع الله الزمان الكلب، وبنا ينزّل الغيث، فلا يغرّنّكم بالله الغرور، ما أنزلت السماء قطرة من ماء منذ حبسه الله عزّ وجلّ، ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها ولأخرجت الأرض نباتها ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم حتّى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام، لا تضع قدميها إلّا على النبات، وعلى رأسها زينتها، لا يهيّجها سبع ولا تخافه، ولو تعلمون ما لكم في مقامكم بين عدوّكم وصبركم على ما تسمعون من الأذى لقرّت أعينكم.

ولو فقدتموني لرأيتم من بعدي أموراً يتمنّى أحدكم الموت ممّا يرى من أهل الجحود والعدوان من الأثرة والاستخفاف بحقّ الله تعالى ذكره، والخوف على نفسه، فإذا كان ذلك ﴿وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾، وعليكم بالصبر والصلاة والتقيّة.

علّموا صبيانكم الصلاة، وخذوهم بها إذا بلغوا ثمان سنين، إذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفون فردّوه إلينا وقفوا عنده وسلّموا حتّى يتبيّن لكم الحقّ، ولا تكونوا مذائيع عجلى، إلينا يرجع الغالي وبنا يلحق المقصّر الذي يقصّر بحقّنا، من تمسّك بنا لحق ومن سلك غير طريقنا غرق، لمحبّينا أفواج من رحمة الله ولمبغضينا أفواج من غضب الله، وطريقنا القصد وفي أمرنا الرشد؛ الصلاة في الحرمين تعدل ألف صلاة، ونفقة درهم في الحجّ تعدل ألف درهم؛ ليخشع الرجل في صلاته، فإنّه من خشع قلبه للّٰه عزّ وجلّ خشعت جوارحه، فلا يعبث بشيء؛ إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليصلّ صلاة مودّع؛ وإذا قرأتم: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾، فصلّوا عليه في الصلاة كنتم أو في غيرها.

ليس في البدن شيء أقلّ شكراً من العين، فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر الله عزّ وجلّ؛ ما عبد الله بشيء أفضل من المشي إلى بيته؛ إذا تعرّى الرجل نظر إليه الشيطان فطمع فيه، فاستتروا؛ من كتم وجعاً أصابه ثلاثة أيّام من الناس وشكا إلى الله، كان حقّاً على الله أن يعافيه منه؛ أبعد ما كان العبد من الله إذا كان همّه بطنه وفرجه.

لا يخرج الرجل في سفر يخاف فيه على دينه وصلاته؛ إذا قام الرجل إلى الصلاة، أقبل إبليس ينظر إليه حسداً لما يرى من رحمة الله التي تغشاه؛ شرّ الأمور محدثاتها، وخير الأمور ما كان للّٰه عزّ وجلّ رضىً؛ من عبد الدنيا وآثرها على الآخرة استوخم العاقبة؛ اتّخذوا الماء طيباً؛ من رضي من الله عزّ وجلّ بما قسّم له استراح بدنه؛ خسر من ذهبت حياته وعمره فيما يباعده من الله عزّ وجلّ؛ لو يعلم المصلّي ما يغشاه من جلال الله ما سرّه أن يرفع رأسه من سجوده؛ إيّاكم وتسويف العمل، بادروا به إذا أمكنكم؛ وما كان لكم من رزق فسيأتيكم على ضعفكم، وما كان عليكم فلن تقدروا أن تدفعوه بحيلة.

مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واصبروا على ما أصابكم؛ صافح عدوّك وإن كره، فإنّه ممّا أمر الله عزّ وجلّ به عباده، يقول: ﴿ادفَع بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ۞ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾؛ ما تكافي عدوّك بشيء أشدّ عليه من أن تطيع الله فيه، وحسبك أن ترى عدوّك يعمل بمعاصي الله عزّ وجلّ؛
الدنيا دول فاطلب حظّك منها بأجمل الطلب حتّى تأتيك دولتك؛ المؤمن يقظان مترقّب خائف ينتظر إحدى الحسنيين، ويخاف البلاء حذراً من ذنوبه، راجٍ رحمة الله عزّ وجلّ، لا يعرى المؤمن من خوفه ورجائه، يخاف ممّا قدّم ولا يسهو عن طلب ما وعده الله، ولا يأمن ممّا خوّفه الله عزّ وجلّ، أنتم عمّار الأرض، الذين استخلفكم الله عزّ وجلّ فيها لينظر كيف تعملون، فراقبوه فيما يرى منكم؛ عليكم بالمحجّة العظمى فاسلكوها، لا يستبدل بكم غيركم.

من صدى بالإثم أعشى عن ذكر الله عزّ وجلّ، من ترك الأخذ عن أمر الله بطاعته قيّض الله له شيطاناً فهو له قرين؛ ما بال من خالفكم أشدّ بصيرة في ضلالتهم وأبذل لما في أيديهم منكم؟ ما ذاك إلّا أنّكم ركنتم إلى الدنيا فرضيتم بالضيم، وشححتم على الحطام، وفرّطتم فيما فيه عزّكم وسعادتكم وقوّتكم على من بغى عليكم، لا من ربّكم تستحيون فيما أمركم به، ولا لأنفسكم تنظرون، وأنتم في كلّ يوم تضامون، ولا تنتبهون من رقدتكم، ولا ينقضي فتوركم، أ ما ترون إلى بلادكم ودينكم كلّ يوم يبلى، وأنتم في غفلة الدنيا؟ يقول الله عزّ وجلّ: ﴿وَلاَ تَركَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِن أَولِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾.

سمّوا أولادكم، فإن لم تدروا أ ذكر هم أم أنثى فسمّوهم بالأسماء التي تكون للذكر والأنثى، فإنّ أسقاطكم إذا لقوكم في القيامة ولم تسمّوهم يقول السقط لأبيه: أ لا سمّيتني؟ وقد سمّى رسول الله(صلى الله عليه وآله) محسناً قبل أن يولد.

المنتظر وقت الصلاة بعد الصلاة من زوّار الله عزّ وجلّ، وحقّ على الله تعالی أن يكرم زائره وأن يعطيه ما سأل، الحاجّ والمعتمر وفد الله، وحقّ على الله تعالی أن يكرم وفده ويحبوه بالمغفرة؛ إذا قدم أخوك من مكّة، فقبّل بين عينيه وفاه الذي قبّل به الحجر الأسود الذي قبّله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والعين التي نظر بها إلى بيت الله عزّ وجلّ، وقبّل موضع سجوده ووجهه، وإذا هنّأتموه فقولوا: قبل الله نسكك، ورحم سعيك، وأخلف عليك نفقتك، ولا جعله آخر عهدك ببيته الحرام.

إنّ الله تبارك وتعالی اطّلع إلى الأرض، فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا، أولئك منّا وإلينا، ما من الشيعة عبد يقارف أمراً نهينا عنه فيموت حتّى يبتلى ببليّة تمحّص بها ذنوبه إمّا في ماله وإمّا في ولده وإمّا في نفسه حتّى يلقى الله عزّ وجلّ وما له ذنب، وإنّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدّد به عليه عند موته.

السكر أربع سكرات: سكر الشراب، وسكر المال، وسكر النوم، وسكر الملك؛ أحبّ للمؤمن أن يطلي في كلّ خمسة عشر يوماً من النورة؛ أقلّوا من أكل الحيتان فإنّها تذيب البدن وتكثر البلغم وتغلّظ النفس؛ حسو ٢ اللبن شفاء من كلّ داء إلّا الموت؛ كلوا الرمّان بشحمه، فإنّه دبّاغ للمعدة، وفي كلّ حبّة من الرمّان إذا استقرّت في المعدة حياة للقلب وإنارة للنفس وتمرّض وسواس الشيطان أربعين ليلة؛ نعم الإدام الخلّ يكسر المرّة ويحيي القلب؛ كلوا الهندباء، فما من صباح إلّا وعليه قطرة من قطر الجنّة.

إذا أراد أحدكم أن يأتي زوجته فلا يعجّلها، فإنّ للنساء حوائج؛ إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله، فإنّ عند أهله مثل ما رأى، ولا يجعلنّ للشيطان إلى قلبه سبيلاً وليصرف بصره عنها، فإن لم تكن له زوجة فليصلّ ركعتين ويحمد الله كثيراً ويصلّي على النبيّ وآله، ثمّ ليسأل الله من فضله، فإنّه يبيح له برأفته ما يغنيه؛ إذا أتى أحدكم زوجته فليقلّ الكلام، فإنّ الكلام عند ذلك يورث الخرس، لا ينظرنّ أحدكم إلى باطن فرج امرأته، لعلّه يرى ما يكره ويورث العمى، إذا أراد أحدكم مجامعة زوجته فليقل: اللّهمّ، إنّي استحللت فرجها بأمرك وقبلتها بأمانتك، فإن قضيت لي منها ولداً فاجعله ذكراً سويّاً، ولا تجعل للشيطان فيه نصيباً ولا شركاً.

إذا أراد أحدكم الخلاء فليقل: بسم الله، اللّهمّ أمط عنّي الأذى، وأعذني من الشيطان الرجيم، وليقل إذا جلس: اللّهمّ، كما أطعمتنيه طيّباً وسوّغتنيه فاكفنيه، فإذا نظر بعد فراغه إلى حدثه فليقل: اللّهمّ ارزقني الحلال وجنّبني الحرام، فإنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: ما من عبد إلّا وقد وكّل الله به ملكاً يلوي عنقه إذا أحدث حتّى ينظر إليه، فعند ذلك ينبغي له أن يسأل الله الحلال، فإنّ الملك يقول: يا بن آدم، هذا ما حرصت عليه، انظر من أين أخذته وإلى ماذا صار.

المصدر الأصلي: الخصال
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٠
، ص٨٩-١١٦
(١) «الخِوان»: ما یوضع علیه الطعام عند الأكل. النهاية في غريب الحديث والأثر، ج٢، ص٨٩.
(٢) «حَسو الشيء»: شُربه شیئاً فشیئاً. تاج العروس، ج١٩، ص٣١٨.