Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث في جلوس أمير المؤمنين (ع) على المنبر وقوله كلمته المشهورة: سلوني قبل أن تفقدوني، وفي محادثة خضر إياه، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٧٧٦

لمّا جلس عليّ(عليه السلام) في الخلافة وبايعه الناس خرج إلى المسجد متعمّماً بعمامة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، لابساً بردة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، متنعّلاً نعل رسول الله(صلى الله عليه وآله)، متقلّداً سيف رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فصعد المنبر فجلس عليه متمكّناً، ثمّ شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه.

ثمّ قال(عليه السلام): يا معاشر الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول الله(صلى الله عليه وآله)، هذا ما زقّني رسول الله(صلى الله عليه وآله) زقّاً زقّاً، سلوني، فإنّ عندي علم الأوّلين والآخرين، أما والله، لو ثنّيت لي وسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتّى تنطق التوراة، فتقول: صدق عليّ(عليه السلام) ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله فيّ؛ وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتّى ينطق الإنجيل، فيقول: صدق عليّ(عليه السلام) ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله فيّ، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتّى ينطق القرآن، فيقول: صدق عليّ(عليه السلام) ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله فيّ، وأنتم تتلون القرآن ليلاً ونهاراً، فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه؟ ولولا آية في كتاب الله عزّ وجلّ، لأخبرتكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن إلى يوم القيامة، وهي هذه الآية: ﴿يَمحُو اللهُ مَا يَشَاء وَيُثبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ﴾.

ثمّ قال(عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني، فو الذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لو سألتموني عن أيّة آية في ليل أنزلت أو في نهار أنزلت، مكّيها ومدنيها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها لأخبرتكم.

فقام إليه رجل يقال له ذعلب _ وكان ذرب اللسان، بليغاً في الخطب، شجاع القلب _ فقال: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة، لأخجّلنّه اليوم لكم في مسألتي إيّاه، فقال: يا أمير المؤمنين، هل رأيت ربّك؟ فقال(عليه السلام): ويلك يا ذعلب، لم أكن بالذي أعبد ربّاً لم أره. قال: فكيف رأيته؟ صفه لنا.

قال(عليه السلام): ويلك، لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان؛ ويلك يا ذغلب، إنّ ربّي لا يوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون، ولا بقيام قيام انتصاب، ولا بجيئة ولا بذهاب، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقّة، مؤمن لا بعبادة، مدرك لا بمجسّة، قائل لا بلفظ، هو في الأشياء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة، فوق كلّ شيء ولا يقال شيء فوقه، أمام كلّ شيء ولا يقال له أمام، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل، وخارج منها لا كشيء من شيء خارج. فخرّ ذعلب مغشيّاً عليه فقال: تالله، ما سمعت بمثل هذا الجواب، والله، لا عدت إلى مثلها.

ثمّ قال(عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكّياً على عكّازة ١ ، فلم يزل يتخطّى الناس حتّى دنا منه، فقال: يا أمير المؤمنين، دلّني على عمل إذا أنا عملته نجّاني الله من النار، فقال له: اسمع يا هذا، ثمّ افهم ثمّ استيقن، قامت الدنيا بثلاثة: بعالم ناطق مستعمل لعلمه، وبغنيّ لا يبخل بماله على أهل دين الله عزّ وجلّ، وبفقير صابر، فإذا كتم العالم علمه، وبخل الغنيّ، ولم يصبر الفقير، فعندها الويل والثبور، وعندها يعرف العارفون بالله، إنّ الدار قد رجعت إلى بدئها، أي إلى الكفر بعد الإيمان. أيّها السائل، فلا تغترّنّ بكثرة المساجد، وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتّى.

أيّها الناس، إنّما الناس ثلاثة: زاهد، وراغب، وصابر، فأمّا الزاهد فلا يفرح بشيء من الدنيا أتاه ولا يحزن على شيء منها فاته، وأمّا الصابر فيتمنّاها بقلبه، فإن أدرك منها شيئاً صرف عنها نفسه؛ لما يعلم من سوء عاقبتها، وأمّا الراغب فلا يبالي من حلّ أصابها أم من حرام، قال: يا أمير المؤمنين، فما علامة المؤمن في ذلك الزمان؟ قال(عليه السلام): ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حقّ فيتولّاه، وينظر إلى ما خالفه فيتبرّأ منه وإن كان حبيباً قريباً، قال: صدقت والله، يا أمير المؤمنين، ثمّ غاب الرجل فلم نره، فطلبه الناس فلم يجدوه، فتبسّم عليّ(عليه السلام) على المنبر ثمّ قال: ما لكم؟ هذا أخي الخضر(عليه السلام).

المصدر الأصلي: التوحيد، الأمالي للصدوق
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٠
، ص١١٧-١٢٠
(١) «العُكّازَة»: عصا ذات زج. راجع: تاج العروس، ج٨، ص١١٠.
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٧٧٧

قال أمير المؤمنين(عليه السلام): ‏ أيّها الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، فلأنا بطرق‏ السماء أعلم منّي بطرق الأرض، قبل أن تشغر برجلها فتنة تطأ في خطامها وتذهب بأحلام قومها.

المصدر الأصلي: نهج البلاغة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٠
، ص١٢٨