Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٣٤

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ذمّتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم، إنّ من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات حجزه التقوى عن تقحّم الشبهات، ألا وإنّ الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها وخلعت لجمها، فتقحّمت بهم في النار، ألا وإنّ التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها، وأعطوا أزمّتها فأوردتهم الجنّة، حقّ وباطل ولكلّ أهل، فلئن أمر الباطل لقديماً فعل، ولئن قلّ الحقّ فلربما ولعلّ ولقلّما أدبر شيء فأقبل.

لقد شغل من الجنّة والنار أمامه، ساعٍ سريع نجا، وطالب بطيء رجا، ومقصّر في النار هوى، اليمين والشمال مضلّة والطريق الوسطى هي الجادّة، عليها باقي الكتاب وآثار النبوّة، ومنها منفذ السنّة وإليها مصير العاقبة، هلك من ادّعى و﴿خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ﴾، وخسر من باع الآخرة بالأولى، ﴿لِّكُلِّ نَبَإٖ مُّسۡتَقَرّٞ﴾، وكلّ ما هو آتٍ قريب.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٣
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٣٥

قال (عليه السلام) يوماً وقد أحدق الناس به: أحذّركم الدنيا فإنّها منزل قلعة وليست بدار نجعة ٢ ، هانت على ربّها فخلط خيرها بشرّها وحلوها بمرّها، لم يضعها لأوليائه، ولا يضنّ بها على أعدائه، وهي دار ممرّ لا دار مستقرّ، والناس فيها رجلان: رجل باع نفسه فأوبقها ورجل ابتاع نفسه فأعتقها، إن اعذوذب منها جانب فحلا أمرّ منها جانب فأوبى، أوّلها عناء وآخرها فناء، من استغنى فيها فتن، ومن افتقر فيها حزن، من ساعاها فاتته ومن قعد عنها أتته، ومن أبصر فيها بصّرته ومن أبصر إليها أعمته، فالإنسان فيها غرض المنايا، مع كلّ جرعة شرق ومع كلّ أكلة غصص، لا تنال منها نعمة إلّا بفراق أخرى.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول ١
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٤
(١) الذي یبدو من نقل المجلسي (رحمة الله عليه) أنّه روی هذه الروایة وما بعدها من كتاب «مطالب السؤول» ولكن بعض ما حكي عنه غير موجود الآن في المطبوع من الكتاب؛ والمحتمل أنّ المنشأ هو اختلاف النسخة.
(٢) «القُلعة»: إذا لم تصلح للاستيطان؛ والنُجْعَة: طلب الكلأ، والمعنی: أنّها ليست دار راحة وطيب عيش. راجع: مجمع البحرين، ج٤، ص٣٩٤.
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٣٦

قال يوماً في مسجد الكوفة وعنده وجوه الناس: أيّها الناس، إنّا قد أصبحنا في دهر عنود وزمن شديد يعدّ فيه المحسن مسيئاً ويزداد الظالم فيه عتوّاً لا ننتفع بما علمنا ولا نسأل عمّا جهلنا، ولا نتخوّف قارعة حتّى تحلّ بنا، والناس على أربعة أصناف:

منهم: من لا يمنعه الفساد في الأرض إلّا مهانة نفسه وكلالة حدّه ونضيض وفره.‏

ومنهم: المصلت ١ بسيفه المعلن بشرّه والمجلب بخيله ورجله، قد أهلك نفسه وأوبق دينه لحطام ينتهزه أو مقنب يقوده أو منبر يفرعه …

ومنهم: من يطلب الدنيا بعمل الآخرة ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا …

و منهم: من أقعده عن طلب الملك ضئولة نفسه وانقطاع سببه، فقصرته الحال على حاله فتحلّى باسم القناعة وتزيّن بلباس أهل الزهادة وليس من ذلك في مراح ولا مغدى‏.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٤-٥
(١) «المُصلِت»: المُجَرّد. راجع: تاج العروس، ج٣، ص٨٤.
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٣٧

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): عليكم بالعلم، فإنّه صلة بين الإخوان، ودالّ على المروّة، وتحفة في المجالس، وصاحب في السفر، ومونس في الغربة، وإنّ الله تعالى يحبّ المؤمن العالم الفقيه الزاهد الخاشع الحييّ العليم، الحسن الخلق، المقتصد المنصف.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٦
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٣٨

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من تواضع للمتعلّمين وذلّ للعلماء ساد بعلمه، فالعلم يرفع الوضيع، وتركه يضع الرفيع، ورأس العلم التواضع، وبصره البراءة من الحسد، وسمعه الفهم، ولسانه الصدق، وقلبه حسن النيّة، وعقله معرفة أسباب الأمور، ومن ثمراته: التقوى واجتناب الهوى واتّباع الهدى ومجانبة الذنوب ومودّة الإخوان والاستماع من العلماء والقبول منهم، ومن ثمراته: ترك الانتقام عند القدرة، واستقباح مقارفة الباطل، واستحسان متابعة الحقّ وقول الصدق، والتجافي عن سرور في غفلة وعن فعل ما يعقب ندامة، والعلم يزيد العاقل عقلاً ويورث متعلّمه صفات حمد، فيجعل الحليم أميراً وذا المشورة وزيراً، ويقمع الحرص، ويخلع المكر، ويميت البخل، ويجعل مطلق الوحش مأسوراً وبعيد السداد قريباً.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٦
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٣٩

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وعلى العاقل أن يحصي على نفسه مساويها في الدين والرأي والأخلاق والأدب، فيجمع ذلك في صدره أو في كتاب، ويعمل في إزالتها.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٦-٧
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٤٠

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): … ولا يستعان على الدهر إلّا بالعقل، ولا على الأدب إلّا بالبحث، ولا على الحسب إلّا بالوفاء، ولا على الوقار إلّا بالمهابة، ولا على السرور إلّا باللين، ولا على اللبّ إلّا بالسخاء، ولا على البذل إلّا بالتماس المكافأة، ولا على التواضع إلّا بسلامة الصدر، وكلّ نجدة ١ يحتاج إلى العقل، وكلّ معونة تحتاج إلى التجارب، وكلّ رفعة يحتاج إلى حسن أحدوثة، وكلّ سرور يحتاج إلى أمن، وكلّ قرابة يحتاج إلى مودّة، وكلّ علم يحتاج إلى قدرة، وكلّ مقدرة تحتاج إلى بذل، ولا تعرّض لما لا يعنيك بترك ما يعنيك، فربّ متكلّم في غير موضعه قد أعطبه ٢ ذلك.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٧
(١) «النَّجْدَة»: الشجاعة. النهاية في غريب الحديث والأثر، ج٥، ص١٨.
(٢) «أعْطَبَ»: هلك. كتاب العين، ج٢، ص٢۰.
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٤١

قال عبد الله بن عبّاس: ما انتفعت بكلام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانتفاعي بكتاب كتبه إليّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فإنّه كتب إليّ: أمّا بعد، فإنّ المرء قد يسرّه درك ما لم يكن ليفوته، ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك، وليكن أسفك على ما فاتك منها، وما نلت من دنياك فلا تكثرنّ به فرحاً، وما فاتك منه فلا تأس عليه جزعاً، وليكن همّك فيما بعد الموت، والسلام.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٧-٨
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٤٢

قال عليّ (عليه السلام) لجماعة: خذوا عنّي هذه الكلمات، فلو ركبتم المطيّ حتّى تنضوها ١ ما أصبتم مثلها: لا يرجونّ عبد إلّا ربّه ولا يخافنّ إلّا ذنبه، ولا يستحیي إذا لم يعلم أن يتعلّم، ولا يستحیي إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول: لا أعلم، واعلموا أنّ الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس له، فاصبروا على ما كلّفتموه رجاء ما وعدتموه.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٨
(١) «تَنضوها»: تَهزلوها وتذهبوا بلحمها. مجمع البحرين، ج١، ص٤١٨.
الحديث: ١۰
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٤٣

قال عليّ (عليه السلام): لا يكون غنيّاً حتّى يكون عفيفاً، ولا يكون زاهداً حتّى يكون متواضعاً، ولا يكون حليماً حتّى يكون وقوراً، ولا يسلم لك قلبك حتّى تحبّ للمؤمنين ما تحبّ لنفسك، وكفى بالمرء جهلاً أن يرتكب ما نهي عنه، وكفى به عقلاً أن يسلم عن شرّه، فأعرض عن الجهل وأهله.

واكفف عن الناس ما تحبّ أن يكفّ عنك، وأكرم من صافاك، وأحسن مجاورة من جاورك، وألن جانبك واكفف عن الأذى، واصفح عن سوء الأخلاق، ولتكن يدك العليا إن استطعت، ووطّن نفسك على الصبر على ما أصابك، وألهم نفسك القنوع واتّهم الرجاء، وأكثر الدعاء تسلم من سورة الشيطان، ولا تنافس على الدنيا، ولا تتّبع الهوى، وتوسّط في الهمّة تسلم ممّن يتّبع عثراتك، ولا تك صادقاً حتّى تكتم بعض ما تعلم، احلم عن السفيه يكثر أنصارك عليه، عليك بالشيم العالية، تقهر من يعاديك، قل الحقّ وقرّب المتّقين واهجر الفاسقين وجانب المنافقين ولا تصاحب الخائنين.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٨-٩
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٤٤

قال عليّ (عليه السلام): قل عند كلّ شدّة: «لا حول ولا قوّة إلّا بالله» تكف بها، وقل عند كلّ نعمة: «الحمد لله» تزدد منها، وقل إذا أبطأت عليك الأرزاق: «أستغفر الله» يوسّع عليك.

عليك بالمحجّة الواضحة التي لا تخرجك إلى عوج، ولا تردّك عن منهج.

الناس ثلاث: عالم ربّاني، ومتعلّم على سبيل النجاة، وهمج رعاع.

مفتاح الجنّة الصبر، مفتاح الشرف التواضع، مفتاح الغنى اليقين، مفتاح الكرم التقوى.

من أراد أن يكون شريفاً فليلزم التواضع، عجب المرء بنفسه أحد حسّاد عقله، الطمأنينة قبل الحزم ضدّ الحزم، المغتبط من حسن يقينه.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٩
الحديث: ١٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٤٥

قال (عليه السلام): اللهو يسخط الرحمن ويرضي الشيطان وينسي القرآن، عليكم بالصدق، فإنّ الله مع الصادقين، المغبون من غبن دينه، جانبوا الكذب، فإنّه مجانب الإيمان، والصادق على سبيل نجاة وكرامة، والكاذب على شفا هلك وهون، قولوا الحقّ تعرفوا به، واعملوا الحقّ تكونوا من أهله، وأدّوا الأمانة إلى من ائتمنكم، ولا تخونوا من خانكم، وصلوا أرحام من قطعكم، وعودوا بالفضل على من حرمكم، أوفوا إذا عاهدتم، واعدلوا إذا حكمتم، ولا تفاخروا بالآباء،﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾، ولا تحاسدوا، ولاتباغضوا، ولا تقاطعوا، وافشوا السلام، وردّوا التحيّة بأحسن منها، وارحموا الأرملة واليتيم، وأعينوا الضعيف والمظلوم، وأطيبوا المكسب، وأجملوا في الطلب.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٩
الحديث: ١٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٤٦

قال عليّ (عليه السلام): لا راحة لحسود، ولا مودّة لملول، ولا مروّة لكذوب، ولا شرف لبخيل، ولا همّة لمهين، ولا سلامة لمن أكثر مخالطة الناس، الوحدة راحة، والعزلة عبادة، والقناعة غنية، والاقتصاد بلغة، وعدل السلطان خير من خصب الزمان، والعزيز بغير الله ذليل، والغنيّ الشره فقير، لا يعرف الناس إلّا بالاختبار، فاختبر أهلك وولدك في غيبتك، وصديقك في مصيبتك، وذا القرابة عند فاقتك، وذا التودّد والملق عند عطلتك، لتعلم بذلك منزلتك عندهم واحذر ممّن إذا حدّثته ملّك وإذا حدّثك غمّك، وإن سررته أو ضررته سلك فيه معك سبيلك، وإن فارقك ساءك مغيبه بذكر سوأتك، وإن مانعته بهتك وافترى، وإن وافقته حسدك واعتدى، وإن خالفته مقتك ومارى، يعجز عن مكافأة من أحسن إليه، ويفرط على من بغى عليه، يصبح صاحبه في أجر، ويصبح هو في وزر، لسانه عليه لا له، ولا يضبط قلبه قوله، يتعلّم للمراء ويتفقّه للرياء، يبادر الدنيا ويواكل التقوى، فهو بعيد من الإيمان قريب من النفاق، مجانب للرشد موافق للغيّ، فهو باغٍ غاوٍ لا يذكر المهتدين.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص١۰
الحديث: ١٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٤٧

قال عليّ (عليه السلام): لا تحدّث من غير ثقة فتكون كذّاباً، ولا تصاحب همّازاً فتعدّ مرتاباً، ولا تخالط ذا فجور فترى متّهماً، ولا تجادل عن الخائنين فتصبح ملوماً، وقارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشرّ تبن عنهم، واعلم أنّ من الحزم العزم، واحذر اللجاج تنج من كبوته، ولا تخن من ائتمنك وإن خانك في أمانته، ولا تذع سرّ من أذاع سرّك، ولا تخاطر بشيء رجاء ما هو أكثر منه، وخذ الفضل، وأحسن البذل، وقل للناس حسناً، ولا تتّخذ عدوّ صديقك صديقاً فتعادي صديقك، وساعد أخاك وإن جفاك، وإن قطعته فاستبق له بقيّة من نفسك، ولا تضيعنّ حقّ أخيك فتعدم إخوته، ولا يكن أشقى الناس بك أهلك، ولا ترغبنّ فيمن زهد فيك، وليس جزاء من سرّك أن تسوءه، واعلم أنّ عاقبة الكذب الذمّ، وعاقبة الصدق النجاة.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص١۰-١١
الحديث: ١٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٤٨

ونقل عنه (عليه السلام): أنّه رأى جابر بن عبد الله _ رضي الله عنه _ وقد تنفّس الصعداء، فقال (عليه السلام): يا جابر، علام تنفّسك، أ على الدنيا؟ فقال جابر: نعم، فقال (عليه السلام) له: يا جابر، ملاذّ الدنيا سبعة: المأكول والمشروب والملبوس والمنكوح والمركوب والمشموم والمسموع: فألذّ المأكولات العسل وهو بصق من ذبابة، وأحلى المشروبات الماء، وكفى بإباحته وسباحته على وجه الأرض، وأعلى الملبوسات الديباج وهو لعاب دودة، وأعلى المنكوحات النساء، وهو مبال في مبال ومثال لمثال، وإنّما يراد أحسن ما في المرأة لأقبح ما فيها، وأعلى المركوبات الخيل، وهو قواتل، وأجلّ المشمومات المسك، وهو دم من سرّة دابّة، وأجلّ المسموعات الغناء والترنّم، وهو إثم، فما هذه صفته لم يتنفّس عليه عاقل، قال جابر: فوالله، ما خطرت الدنيا بعدها على قلبي.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص١١
الحديث: ١٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٤٩

قال عليّ (عليه السلام) في الأمثال: بالصبر يناضل ١ الحدثان، الجزع من أنواع الحرمان، العدل مألوف والهوى عسوف ٢ ، والهجران عقوبة العشق، البخل جلباب المسكنة، لا تأمننّ ملولاً، إزالة الرواسي أسهل من تأليف القلوب المتنافرة، من اتّبع الهوى ضلّ، الشجاعة صبر ساعة، خير الأمور أوسطها، القلب بالتعلّل رهين، من ومقك ٣ أعتبك، القلّة ذلّة، المجاعة مسكنة، خير أهلك من كفاك، ترك الخطيئة أهون من طلب التوبة، من ولع بالحسد ولع به الشؤم، كم تلف من صلف ٤ ، كم قرف من سرف، عدوّ عاقل خير من صديق أحمق، التوفيق من السعادة والخذلان من الشقاوة …

من بحث عن عيوب الناس فبنفسه بدأ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، من سلم من ألسنة الناس كان سعيداً، من صحب الملوك تشاغل بالدنيا، الفقر طرف من الكفر، من وقع في ألسنة الناس هلك، من تحفّظ من سقط الكلام أفلح، كلّ معروف صدقة، كم من غريب خير من قريب، لو ألقيت الحكمة على الجبال لقلقلتها، كم من غريق هلك في بحر الجهالة، وكم عالم قد أهلكته الدنيا، خير إخوانك من واساك وخير منه من كفاك، خير مالك ما أعانك على حاجتك، خير من صبرت عليه من لابدّ لك منه، أحقّ من أطعت مرشد لا يعصيك، من أحبّ الدنيا جمع لغيره، المعروف فرض، والأيّام دول، عند تناهي البلاء يكون الفرج، من كان في نعمة جهل قدر البليّة.

من قلّ سروره كان في الموت راحته، قد ينمي القليل فيكثر، ويضمحلّ الكثير فيذهب، ربّ أكلة يمنع الأكلات، أفلج الناس حجّة من شهد له خصمه بالفلج، السؤال مذلّة والعطاء محبّة، من حفر لأخيه بئراً كان بتردّيه فيها جديراً، املك عليك لسانك، حسن التدبير مع الكفاف أكفى من الكثير مع الإسراف، الفاحشة كاسمها، مع كلّ جرعة شرقة، مع كلّ أكلة غصّة، بحسب السرور يكون التنغيص، الهوى يهوي بصاحب الهوى، عدوّ العقل الهوى، الليل أخفى للويل، صحبة الأشرار تورث سوء الظنّ بالأخيار، من أكثر من شيء عرف به.

ربّ كثير هاجه صغير، ربّ ملوم لا ذنب له، الحرّ حرّ ولو مسّه الضرّ، ما ضلّ من استرشد، ولا حار من استشار، الحازم لا يستبدّ برأيه، آمن من نفسك عندك من وثقت به على سرّك، المودّة بين الآباء قرابة بين الأبناء.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص١١-١٣
(١) «المُنَاضَلَة»: المُفاخَرة. لسان العرب، ج١١، ص٦٦٦.
(٢) «العَسُوف»: التي تمرّ على غير هداية. لسان العرب، ج٩، ص٢٤٥.
(٣) «وَمَقَ»: أَحَبَّ. النهاية في غريب الحديث والأثر، ج٥، ص٢٣۰.
(٤) «الصَلَف»: مجاوزة قدر الظرف. تاج العروس، ج١٢، ص٣٢٧.
الحديث: ١٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٥٠

قال عليّ (عليه السلام): من رضي عن نفسه كثر الساخط عليه، ومن بالغ في الخصومة أثم، ومن قصر فيها ظلم، من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهوته، إنّه ليس لأنفسكم ثمن إلّا الجنّة فلا تبيعوها إلّا بها، من عظّم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها، الولايات مضامير الرجال، ليس بلد أحقّ منك من بلد، وخير البلاد من حملك، إذا كان في الرجل خلّة رائعة فانتظر أخواتها، الغيبة جهد العاجز، ربّ مفتون بحسن القول فيه.

ما لابن آدم والفخر، أوّله نطفة وآخره جيفة، لا يرزق نفسه ولا يمنع حتفه، الدنيا تغرّ وتضرّ وتمرّ، إنّ الله تعالی لم يرضها ثواباً بأوليائه ولا عقاباً لأعدائه، وإنّ أهل الدنيا كركب بينا هم حلّوا إذ صاح سائقهم فارتحلوا، من صارع الحقّ صرعه، القلب مصحف البصر، التقى رئيس الأخلاق، ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلباً لما عند الله! وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتّكالاً على الله، كلّ مقتصر عليه كافٍ.

الدهر يومان: يوم لك ويوم عليك، فإن كان لك فلا تبطر، وإن كان عليك فلا تضجر، من طلب شيئاً ناله أو بعضه، الركون إلى الدنيا مع ما يعاين منها جهل، والتقصير في حسن العمل مع الوثوق بالثواب عليه غبن، والطمأنينة إلى كلّ أحد قبل الاختبار عجز، والبخل جامع لمساوي الأخلاق، نعم الله على العبد مجلبة لحوائج الناس إليه، فمن قام لله فيها بما يجب عرّضها للدوام والبقاء، ومن لم يقم فيها بما يجب عرّضها للزوال والفناء، الرغبة مفتاح النصب، والحسد مطيّة التعب، من علم أنّ كلامه من عمله قلّ كلامه إلّا فيما يعنيه، من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثمّ حبّبها لنفسه فذلك الأحمق بعينه، العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى، رسولك ترجمان عقلك، وكتابك أبلغ ما ينطق عنك، الناس أبناء الدنيا ولا يلام الرجل على حبّ أمّه، الطمع ضامن غير وفيّ، والأمانيّ تعمي أعين البصائر، لا تجارة كالعمل الصالح، ولا ربح كالثواب، ولا قائد كالتوفيق، ولا حسب كالتواضع، ولا شرف كالعلم، ولا ورع كالوقوف عند الشبهة، ولا قرين كحسن الخلق، ولا عبادة كأداء الفرائض، ولا عقل كالتدبير، ولا وحدة أوحش من العجب، ومن أطال الأمل أساء العمل.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص١٣-١٤
الحديث: ١٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٥١

سمع عليّ (عليه السلام) رجلاً من الحرورية يقرأ ويتهجّد، فقال (عليه السلام): نوم على يقين خير من صلاة في شك، إذا تمّ العقل نقص الكلام، قدر الرجل قدر همّته، قيمة كلّ امرئ ما يحسنه، المال مادّة الشهوات، الناس أعداء ما جهلوه، أنفاس المرء خطاه إلى أجله.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص١٤
الحديث: ١٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٥٢

قال عليّ (عليه السلام): أحذّركم الدنيا فإنّها خضرة حلوة، حفّت بالشهوات وتحببّت بالعاجلة، وعمّرت بالآمال وتزيّنت بالغرور، ولا يؤمن فجعتها ولا يدوم حبرتها، ضرّارة غدّارة غرّارة زائلة بائدة أكّالة عوّالة … .

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص١٤
الحديث: ٢۰
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٥٣

قال عليّ (عليه السلام): إنّ الدنيا ليست بدار قرار، ولا محلّ إقامة، إنّما أنتم فيها كركب عرّسوا وارتاحوا، ثمّ استقلّوا فغدوا وراحوا، دخلوها خفافاً وارتحلوا عنها ثقالاً، فلم يجدوا عنها نزوعاً، ولا إلى ما تركوا بها رجوعاً، جدّ بهم فجدّوا، وركنوا إلى الدنيا فما استعدّوا … .

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص١٨
الحديث: ٢١
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٥٤

قال عليّ (عليه السلام): كان قد زالت عنكم الدنيا كما زالت عمّن كان قبلكم، فأكثروا عباد الله اجتهادكم فيها بالتزوّد من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل، فإنّها دار العمل والدار الآخرة دار القرار والجزاء، فتجافوا عنها، فإنّ المغترّ من اغترّ بها … .

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص١٩
الحديث: ٢٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٥٥

قال عليّ (عليه السلام): ما لكم والدنيا؟ فمتاعها إلى انقطاع، وفخرها إلى وبال، وزينتها إلى زوال، ونعيمها إلى بؤس، وصحّتها إلى سقم أو هرم، ومآل ما فيها إلى نفاد وشيك وفناء قريب، كلّ مدّة فيها إلى منتهىً، وكلّ حيّ فيها إلى مقارنة البلى.

أ ليس لكم في آثار الأوّلين وآبائكم الماضين عبرة وتبصرة إن كنتم تعقلون؟ أ لم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون، وإلى الخلف الباقين منكم لا يبقون؟ أ ولستم ترون أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتّى؟ ميّت يبكى وآخر يعزّى، وصريع مبتلىً، وعائد يعود، ودنف ١ بنفسه يجود، وطالب للدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، على أثر الماضي يمضى الباقي، ﴿وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص١٩-٢۰
(١) «الدَنِف»: صاحب المرض الملازم. مجمع البحرين، ج٥، ص٥٩.
الحديث: ٢٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٥٦

قال عليّ (عليه السلام): الدنيا مثل الحيّة ليّن مسّها قاتل سمّها، فأعرض عمّا يعجبك فيها، لقلّة ما يصحبك منها، وكن آنس ما يكون إليها أوحش ما تكون منها، فإنّ صاحبها كلّما اطمئنّ منها إلى سرور أشخصته إلى مكروه.

فقد يسرّ المرء بما لم يكن ليفوته، وليحزن لفوات ما لم يكن ليصيبه أبداً وإن جهد، فليكن سرورك بما قدّمت من عمل أو قول، ولتكن أسفك على ما فرّطت فيه من ذلك، ولا تكن على ما فاتك من الدنيا حزيناً، وما أصابك منها فلا تنعم به سروراً، واجعل همّك لما بعد الموت فـ ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَأٓتٖ﴾.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢۰-٢١
الحديث: ٢٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٥٧

قال عليّ (عليه السلام): أحذّركم الدنيا فإنّها ليست بدار غبطة، قد تزيّنت بغرورها، وغرّت بزينتها لمن كان ينظر إليها، فاعرفوها كنه معرفتها فإنّها دار هانت على ربّها، قد اختلط حلالها بحرامها، وحلوها بمرّها، وخيرها بشرّها، ولم يذكر الله شيئاً اختصّه منها لأحد من أوليائه ولا أنبيائه، ولم يصرفها من أعدائه.

فخيرها زهيد، وشرّها عتيد، وجمعها ينفد، وملكها يسلب، وعزّها يبيد، فالمتمتّعون من الدنيا تبكي قلوبهم وإن فرحوا، ويشتدّ مقتهم لأنفسهم وإن اغتبطوا ببعض ما رزقوا … .

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢١
الحديث: ٢٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٥٨

قال عليّ (عليه السلام): اجعل الدنيا شوكاً وانظر أين تضع قدمك منها، فإنّ من ركن إليها خذلته، ومن أنس فيها أوحشته، ومن يرغب فيها أوهنته، ومن انقطع إليها قتلته، ومن طلبها أرهقته، ومن فرح بها أترحته، ومن طمع فيها صرعته، ومن قدّمها أخّرته، ومن ألزمها أهانته، ومن آثرها باعدته من الآخرة، ومن بعد من الآخرة قرب إلى النار، فهي دار عقوبة وزوال وفناء وبلاء، نورها ظلمة، وعيشها كدر، وغنيّها فقير، وصحيحها سقيم، وعزيزها ذليل، فكلّ منعم برغدها شقيّ، وكلّ مغرور بزينتها مفتون، وعند كشف الغطاء يعظم الندم، ويحمد الصدر أو يذمّ.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٢
الحديث: ٢٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٥٩

قال عليّ (عليه السلام): يأتي على الناس زمان لا يعرف فيه إلّا الماحل، ولا يظرّف فيه إلّا الفاجر، ولا يؤتمن فيه إلّا الخائن، ولا يخوّن إلّا المؤتمن، يتّخذون الفيء مغنماً، والصدق مغرماً، وصلة الرحم منّاً، والعبادة استطالة على الناس وتعدّياً، وذلك يكون عند سلطان النساء، ومشاورة الإماء وإمارة الصبيان.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٢
الحديث: ٢٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٦٠

قال عليّ (عليه السلام): احذروا الدنيا إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الأمانات، واتّبعوا الشهوات، واستحلّوا الكذب، وأكلوا الربا، وأخذوا الرشى، وشيّدوا البناء، واتّبعوا الهوى، وباعوا الدين بالدنيا، واستخفّوا بالدماء، وركنوا إلى الرياء، وتقاطعت الأرحام، وكان الحلم ضعفاً، والظلم فخراً، والأمراء فجرة، والوزراء كذبة، والأمناء خونة، والأعوان ظلمة، والقرّاء فسقة، وظهر الجور، وكثر الطلاق وموت الفجأة، وحلّيت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطوّلت المنابر، ونقضت العهود، وخربت القلوب، واستحلّوا المعازف، وشربت الخمور، وركبت الذكور، واشتغل النساء وشاركن أزواجهنّ في التجارة حرصاً على الدنيا، وعلت الفروج السروج، ويشبّهن بالرجال، فحينئذٍ عدّوا أنفسكم في الموتى، و﴿لَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾.

فإنّ الناس اثنان: برّ تقيّ، وآخر شقيّ، والدار داران لا ثالث لهما، والكتاب واحد ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾، ألا وإنّ حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة، وباب كلّ بليّة، ومجمع كلّ فتنة، وداعية كلّ ريبة، الويل لمن جمع الدنيا وأورثها من لا يحمده، وقدم على من لا يعذره … .

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٢-٢٣
الحديث: ٢٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٦١

قال عليّ (عليه السلام): يا دنيا، يا دنيا، أ بي تعرّضت، أم إليّ تشوّقت؟ هيهات هيهات، غرّي غيري قد بتتّك ١ ثلاثة، لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير، آه، من قلّة الزاد ووحشة الطريق.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٣
(١) «بَتَّ»: طَلَّقَ. لسان العرب، ج٢، ص٦-٧
الحديث: ٢٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٦٢

قال عليّ (عليه السلام): احذروا الدنيا، فإنّ في حلالها حساب وفي حرامها عقاب، وأوّلها عناء وآخرها فناء، من صحّ فيها هرم ومن مرض فيها ندم، ومن استغنى فيها فتن، ومن افتقر فيها حزن، ومن أتاها فاتته، ومن بعد عنها أتته، ومن نظر إليها أعمته، ومن بصر بها بصّرته، إن أقبلت غرّت، وإن أدبرت ضرّت.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٣
الحديث: ٣۰
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٦٣

قال عليّ (عليه السلام): المؤمنون هم الذين عرفوا ما أمامهم فذبلت شفاههم وغشيت عيونهم وشحبت ألوانهم حتّى عرفت في وجوههم غبرة الخاشعين، فهم عباد الله الذين مشوا على الأرض هوناً واتّخذوها بساطاً وترابها فراشاً فرفضوا الدنيا وأقبلوا على الآخرة على منهاج المسيح بن مريم، إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا، صوّام الهواجر، قوّام الدياجر، يضمحلّ عندهم كلّ فتنة، وينجلي عنهم كلّ شبهة، أولئك أصحابي فاطلبوهم في أطراف الأرضين، فإن لقيتم منهم أحداً فاسألوه أن يستغفر لكم.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٥-٢٦
الحديث: ٣١
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٦٤

قال عليّ (عليه السلام): شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابّون في مودّتنا، المتوازرون في أمرنا، الذين إن غضبوا لم يظلموا، وإن رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروه، سلم لمن خالطوه، أولئك هم السائحون الناحلون الزابلون، ذابلة شفاههم، خميصة بطونهم، متغيّرة ألوانهم، مصفرّة وجوههم، كثير بكاؤهم، جارية دموعهم، يفرح الناس ويحزنون، وينام الناس ويسهرون، إذا شهدوا لم يعرفوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا خطبوا الأبكار لم يزوّجوا، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، ذبل الشفاه من العطش، خمص البطون من الجوع، عمش العيون من السهر … .

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٦
الحديث: ٣٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٦٥

قال عليّ (عليه السلام): المؤمن يرغب فيما يبقى، ويزهد فيما يفنى، يمزج الحلم بالعلم، والعلم بالعمل، بعيد كسله، دائم نشاطه، قريب أمله، حيّ قلبه، ذاكر لسانه، لا يحدّث بما لا يؤتمن عليه الأصدقاء، ولا يكتم شهادة الأعداء، لا يعمل شيئاً من الخير رياء، ولا يتركه حياء، الخير منه مأمول والشرّ منه مأمون، إن كان في الذاكرين لم يكتب في الغافلين، وإن كان في الغافلين كتب في الذاكرين، ويعفو عمّن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه، لا يعزب حلمه، ولا يعجل فيما يريبه، بعيد جهله، ليّن قوله، قريب معروفه، غائب منكره، صادق كلامه، حسن فعله، مقبل خيره، مدبر شرّه.

في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحبّ، ولا يدّعي ما ليس له، ولا يجحد حقّاً عليه، يعترف بالحقّ قبل أن يشهد عليه، ولا يضيّع ما استحفظ، ولا يرغب فيما لا تدعوه الضرورة إليه، لا يتنابز بالألقاب، ولا يبغي على أحد، ولا يهزأ بمخلوق، ولا يضارّ بالجار، ولا يشمت بالمصائب، مؤدّب بأداء الأمانات، مسارع إلى الطاعات، محافظ على الصلوات، بطيء في المنكرات.

لا يدخل على الأمور بجهل، ولا يخرج عن الحقّ بعجز، إن صمت فلا يغمّه الصمت، وإن نطق لا يقول الخطأ، وإن ضحك فلا تعلو صوته سمعه، ولا يجمح به الغضب، ولا تغلبه الهوى، ولا يقهره الشحّ، ولا تملكه الشهوة، يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ينصت إلى الخير ليعمل به، ولا يتكلّم به ليفخر على ما سواه، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، يتعب نفسه لآخرته، ويعصي هواه لطاعة ربّه، بعده عمّن تباعد منه نزاهة، ودنوّه ممّن دنا منه لين ورحمة، ليس بعده بكبر، ولا قربه خديعة، مقتدٍ بمن كان قبله من أهل الإيمان، إمام لمن بعده من البررة المتّقين.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٦-٢٧
الحديث: ٣٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٦٦

قال عليّ (عليه السلام): طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، أولئك قوم اتّخذوا أرض الله مهاداً، وترابها وساداً وماءها طيباً، وجعلوا الكتاب شعاراً والدعاء دثاراً، وإنّ الله أوحى إلى عبده المسيح (عليه السلام) أن قل لبني إسرائيل: لا تدخلوا بيتاً من بيوتي إلّا بقلوب طاهرة وأبصار خاشعة وأكفّ نقيّة، وأعلمهم أنّي لا أجيب لأحد منهم دعوة ولأحد من خلقي قبله مظلمة.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٧
الحديث: ٣٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٦٧

قال عليّ (عليه السلام): المؤمن وقور عند الهزاهز، ثبوت عند المكاره، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه الله، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، الناس منه راحة ونفسه منه في تعب، العلم خليله، والعقل قرينه، والحلم وزيره، والصبر أميره، والرفق أخوه، واللين والده.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٧-٢٨
الحديث: ٣٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٦٨

قال عليّ (عليه السلام) لنوف البكالي: أ تدري _ يا نوف _ من شيعتي؟ قال: لا، والله، قال (عليه السلام): شيعتي الذبل الشفاه، الخمص البطون، الذين تعرف الرهبانية في وجوههم، رهبان بالليل، أسد بالنهار، الذين إذا جنّهم الليل ائتزروا على أوساطهم، وارتدّوا على أطرافهم، وصفّوا أقدامهم، وافترشوا جباههم، تجري دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى الله في فكاك أعناقهم، وأمّا النهار فحلماء علماء كرام نجباء أبرار أتقياء.

يا نوف، شيعتي من لم يهرّ هرير الكلب، ولم يطمع طمع الغراب، ولم يسأل الناس ولو مات جوعاً، إن رأى مؤمناً أكرمه، وإن رأى فاسقاً هجره، هؤلاء _ والله _ شيعتي.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٨
الحديث: ٣٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٦٩

قال نوف: عرضت لي حاجة إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فاستتبعت إليه جندب بن زهير والربيع بن خثيم وابن أخيه همّام بن عبادة بن خثيم، وكان من أصحاب البرانس المتعبّدين، فأقبلنا إليه فألفيناه حين خرج يؤمّ المسجد، فأفضى ونحن معه إلى نفر متديّنين قد أفاضوا في الأحدوثات تفكّهاً، وهم يلهي بعضهم بعضاً، فأسرعوا إليه قياماً وسلّموا عليه فردّ التحيّة، ثمّ قال (عليه السلام): من القوم؟ قالوا: أناس من شيعتك يا أمير المؤمنين، فقال (عليه السلام) لهم: خيراً.

ثمّ قال (عليه السلام): يا هؤلاء، ما لي لا أرى فيكم سمة شيعتنا، وحلية أحبّتنا؟ فأمسك القوم حياء، فأقبل عليه جندب والربيع، فقالا له: ما سمة شيعتك يا أمير المؤمنين؟ فسكت، فقال همّام _ كان عابداً مجتهداً _: أسألك بالذي أكرمكم أهل البيت وخصّكم وحباكم، لمّا أنبأتنا بصفة شيعتك.

فقال (عليه السلام): لا تقسم، فسأنبّئكم جميعاً، ووضع يده على منكب همّام وقال (عليه السلام): شيعتنا هم العارفون بالله، العاملون بأمر الله، أهل الفضائل، الناطقون بالصواب، مأكولهم القوت، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، بخعوا لله تعالی بطاعته، وخضعوا له بعبادته، فمضوا غاضّين أبصارهم عمّا حرّم الله عليهم، واقفين أسماعهم على العلم بدينهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء، رضوا عن الله تعالی بالقضاء، فلولا الآجال التي كتب الله تعالی لهم لم تستقرّ أرواحهم في أبدانهم طرفة عين، شوقاً إلى لقاء الله والثواب، وخوفاً من أليم العقاب، عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنّة كمن رآها فهم على أرائكها متّكئون، وهم والنار كمن رآها فهم فيها معذّبون، صبروا أيّاماً قليلة فأعقبتهم راحة طويلة، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها.

أمّا الليل فصافّون أقدامهم، تالون لأجزاء القرآن يرتّلونه ترتيلاً، يعظون أنفسهم بأمثاله، ويستشفون لدائهم بدوائه تارة، وتارة يفترشون جباههم وأنفسهم وركبهم وأطراف أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم، يمجّدون جبّاراً عظيماً، ويجأرون إليه في فكاك أعناقهم، هذا ليلهم.

وأمّا نهارهم فحلماء علماء بررة أتقياء، براهم خوف بارئهم فهم كالقداح، تحسبهم مرضى وقد خولطوا وما هم بذلك، بل خامرهم من عظمة ربّهم، وشدّة سلطانه ما طاشت له قلوبهم، وذهلت منه عقولهم، فإذا اشتاقوا من ذلك بادروا إلى الله تعالی بالأعمال الزكـيّة، لا يرضون له بالقليل، ولا يستكثرون له الجزيل فهم لأنفسهم متّهمون، ومن أعمالهم مشفقون.

يرى لأحدهم قوّة في دين، وحزماً في لين، وإيماناً في يقين، وحرصاً على علم، وفهماً في فقه، وعلماً في حلم، وكيساً في قصد، وقصداً في غنى، وتجمّلاً في فاقة، وصبراً في شدّة، وخشوعاً في عبادة، ورحمة في مجهود، وإعطاء في حقّ، ورفقاً في كسب، وطلباً من حلال، وتعفّفاً في طمع، وطمعاً في غير طبع، ونشاطاً في هدىً، واعتصاماً في شهوة، وبرّاً في استقامة، لا يغرّه ما جهله، ولا يدع إحصاء ما عمله، يستبطىء نفسه في العمل، وهو من صالح عمله على وجل، يصبح وشغله الذكر، ويمسي وهمّه الشكر، يبيت حذراً من سنة الغفلة، ويصبح فرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة.

وإن استصعب عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها ممّا إليه تسرّه، رغبته فيما يبقى، وزهادته فيما يفنى، قد قرن العلم بالعمل والعمل بالحلم، ويظلّ دائماً نشاطه، بعيداً كسله، قريباً أمله، قليلاً زللـه، متوقّعاً أجله، خاشعاً قلبه، ذاكراً ربّه، قانعة نفسه، عازباً جهله، محرزاً دينه، ميّتاً داؤه، كاظماً غيظه، صافياً خلقه، آمناً منه جاره، سهلاً أمره، معدوماً كبره، متيناً صبره، كثيراً ذكره، لا يعمل شيئاً من الخير رياء، ولا يتركه حياء، أولئك شيعتنا وأحبّتنا ومنّا ومعنا، آهاً وشوقاً إليهم.

فصاح همّام صيحة ووقع مغشيّاً عليه، فحرّكوه فإذا هو قد فارق الدنيا _ رحمه الله تعالى _
فغسّل وصلّى عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) ونحن معه، فشيعته (عليه السلام) هذه صفتهم وهي صفة المؤمنين.

المصدر الأصلي: مطالب السؤول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٢٨-٣۰
الحديث: ٣٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٧٠

قال عليّ (عليه السلام): من زار أخاه المسلم في الله، ناداه الله: أيّها الزائر، طبت وطابت لك الجنّة.

المصدر الأصلي: الاختصاص
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٣٢
الحديث: ٣٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٧١

قال عليّ (عليه السلام): ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلّا ناداه: الله عليّ ثوابك، ولا أرضى لك بدون الجنّة.

المصدر الأصلي: الاختصاص
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٣٢
الحديث: ٣٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٧٢

قال عليّ (عليه السلام): ثلاثة يضحك الله إليهم يوم القيامة: رجل يكون على فراشه مع زوجته وهو يحبّها فيتوضّأ ويدخل المسجد فيصلّي ويناجي ربّه، ورجل أصابته جنابة ولم يصب ماء فقام إلى الثلج فكسره ثمّ دخل فيه واغتسل، ورجل لقي عدوّاً وهو مع أصحابه وجاءهم مقاتل، فقاتل حتّى قتل.

المصدر الأصلي: الاختصاص
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٣٢
الحديث: ٤۰
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٧٣

قال عليّ (عليه السلام): إذا حملت بجوانب سرير الميّت خرجت من الذنوب كما ولدتك أمّك.

المصدر الأصلي: الاختصاص
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٣٢
الحديث: ٤١
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٧٤

قال عليّ (عليه السلام): من شرب من سؤر أخيه تبرّكاً به، خلق الله بينهما ملكاً يستغفر لهما حتّى تقوم الساعة.

المصدر الأصلي: الاختصاص
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٣٣
الحديث: ٤٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٧٥

قال عليّ (عليه السلام): من أوقف نفسه موقف التهمة فلا يلومنّ من أساء به الظنّ، ومن كتم سرّه كانت الخيرة في يده، وكلّ حديث جاوز اثنين فشا، وضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً، وعليك بإخوان الصدق، فكثّر في اكتسابهم عدّةً عند الرخاء، وجنداً عند البلاء، وشاور حديثك الذين يخافون الله، أحبب الإخوان على قدر التقوى.

المصدر الأصلي: الاختصاص
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٣٣
الحديث: ٤٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٧٦

قال جابر بن عبد الله: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) في جماعة من أصحابه أنا فيهم، إذ ذكروا الدنيا وتصرّفها بأهلها، فذمّها رجل فذهب في ذمّها كلّ مذهب، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أيّها الذامّ للدنيا، أنت المتجرّم عليها أم هي المتجرّمة عليك؟ فقال: بل أنا المتجرّم عليها يا أمير المؤمنين، قال (عليه السلام): فبم تذمّها؟ أ ليست منزل صدق لمن صدقها، ودار غنىً لمن تزوّد منها، ودار عافية لمن فهم عنها، ومساجد أنبياء الله، ومهبط وحيه، ومصلّى ملائكته، ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرحمة، ورجوا فيها الجنّة؟ …

ثمّ التفت إلى أهل المقابر فقال: يا أهل التربة، ويا أهل الغربة، أمّا المنازل فقد سكنت، وأمّا الأموال فقد قسّمت، وأمّا الأزواج فقد نكحت، هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟ ثمّ أقبل على أصحابه، فقال: والله، لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم: أنّ ﴿خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ﴾.

المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٣٣-٣٤
الحديث: ٤٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٧٧

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الحكمة ضالّة المؤمن فاطلبوها ولو عند المشرك، تكونوا أحقّ بها وأهلها.

المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٣٤
الحديث: ٤٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٩٧٨

قال (عليه السلام): أيّها الناس، إنّ الدنيا قد أدبرت وآذنت أهلها بوداع، وإنّ الآخرة قد أقبلت وآذنت باطّلاع، ألا وإنّ المضمار اليوم والسباق غداً، ألا وإنّ السبق الجنّة، والغاية النار، ألا وإنّكم في أيّام مهل من ورائه أجل، يحثّه عجل، فمن عمل في أيّام مهله قبل حضور أجله نفعه عمله، ولم يضرّه أمله، ألا وإنّ الأمل يسهي القلب ويكذّب الوعد ويكثر الغفلة ويورث الحسرة، فاعزبوا عن الدنيا كأشدّ ما أنتم عن شيء تعزبون، فإنّها من ورود صاحبها منها في غطاء.

وافزعوا إلى قوام دينكم بإقامة الصلاة لوقتها، وأداء الزكاة لأهلها، والتضرّع إلى الله والخشوع له، وصلة الرحم، وخوف المعاد، وإعطاء السائل، وإكرام الضيف. وتعلّموا القرآن واعملوا به، واصدقوا الحديث وآثروه، وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم، وأدّوا الأمانة إذا ائتمنتم، وارغبوا في ثواب الله وخافوا عقابه، فإنّي لم أر كالجنّة نام طالبها، ولا كالنار نام هاربها … .

المصدر الأصلي: الغارات
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٥
، ص٣٥