Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث علامات العقل وجنوده والخلال العشر التي لا يكمل إيمان العبد وعقله إلا بها، ‏وأن العقل ما قاد إلى الجنة وعبادة الرحمن وأحاديث في صفات العاقل وصفات الجاهل وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٣١

قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): لم يعبد الله عزّ وجلّ بشيء أفضل من العقل، ولا يكون المؤمن عاقلاً حتّى تجتمع فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، والشرّ منه مأمون، يستكثر قليل الخير ممّن غيره، ويستقلّ كثير الخير من نفسه، ولا يسأم من طلب العلم طول عمره، ولا يتبرّم بطلّاب الحوائج قبله، الذلّ أحبّ إليه من العزّ، والفقر أحبّ إليه من الغنى ١ ، نصيبه من الدنيا القوت، والعاشرة وما العاشرة؟

لا يرى أحداً إلّا قال: هو خير منّي وأتقی؛ إنّما الناس رجلان: فرجل هو خير منه وأتقى، وآخر هو شرّ منه وأدنى، فإذا رأى من هو خير منه وأتقى تواضع له ليلحق به، وإذا لقي الذي هو شرّ منه وأدنى قال: عسى خير هذا باطن وشرّه ظاهر وعسى أن يختم له بخير؛ فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وساد أهل زمانه.

المصدر الأصلي: الخصال
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٠٨
(١) قد يراد بالذلّ هنا ما كان مرضيّاً للّٰه تعالى، كالذلّ الذي يصيبه قهراً في سبيل الدعوة إلى الله تعالى. ومن المعلوم أنّ المؤمن لو خيّر بين أمرين اختار أشقّهما على نفسه، ولا يخفى ما في تحمّل الذلّ من المشقّة؛ لأنّ المؤمن عزيز بطبيعته حيث جعل الله تعالى ذلك له كما جعله لنفسه. وكذلك فإنّ الفقر أحبّ إليه، لما في الغنى من التشاغل القهري بمتاع الدنيا، أضف إلى طول الحساب يوم القيامة لمن بسط الله تعالی في رزقه، لأنّه مطالب بالجواب عن السؤال: «كيف اكتسبه وفيما أنفقه؟». وعليه فإنّ كون الذلّ والفقر أحبّ إلیه لیس مطلقاً، بل بلحاظ أمر آخر كما ذكرناه آنفاً.
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٢

قيل للصادق(عليه السلام): ما العقل؟ قال(عليه السلام): ما عبد به الرحمن، واكتسب به الجنان، قيل: فالذي كان في معاوية؟ قال(عليه السلام): تلك النكراء وتلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بعقل.

المصدر الأصلي: معاني الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١١٦
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٣

سئل الحسن بن عليّ(عليه السلام)، فقيل له: ما العقل؟ قال(عليه السلام): التجرّع للغصّة حتّى تنال الفرصة.

المصدر الأصلي: معاني الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١١٦
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤

قال أمير المؤمنين(عليه السلام) للحسن(عليه السلام): يا بنيّ، ما العقل؟ قال(عليه السلام): حفظ قلبك ما استودعه، قال(عليه السلام): فما الجهل؟ قال(عليه السلام): سرعة الوثوب على الفرصة قبل الاستمكان منها والامتناع عن الجواب، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة، وإن كنت فصيحاً.

المصدر الأصلي: معاني الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١١٦-١١٧
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٥

قال النبيّ(صلى الله عليه وآله) في جواب شمعون بن لاوى بن يهودا، من حواريّي عيسىٰ(عليه السلام)، حيث قال: أخبرني عن العقل، ما هو وكيف هو؟ وما يتشعّب منه وما لا يتشعّب، وصِفْ لي طوائفه كلّها، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّ العقل عقال‏ من الجهل، والنفس مثل أخبث الدوابّ، فإن لم تعقل حارت، فالعقل عقال من الجهل، وإنّ الله خلق العقل، فقال له: أقبل، فأقبل وقال له: أدبر، فأدبر، فقال الله تبارك وتعالی: وعزّتي وجلالي، ما خلقت خلقاً أعظم منك ولا أطوع منك، بك أبدأ، وبك أعيد، لك الثواب وعليك العقاب.

فتشعّب من العقل الحلم، ومن الحلم العلم، ومن العلم الرشد، ومن الرشد العفاف، ومن العفاف الصيانة، ومن الصيانة الحياء، ومن الحياء الرزانة، ومن الرزانة المداومة على الخير، ومن المداومة على الخير كراهية الشرّ، ومن كراهية الشرّ طاعة الناصح، فهذه عشرة أصناف من أنواع الخير، ولكلّ واحد من هذه العشرة الأصناف عشرة أنواع:

فأمّا الحلم، فمنه: ركوب الجهل، وصحبة الأبرار، ورفع من الضعة، ورفع من الخساسة، وتشهّي الخير، ويقرّب صاحبه من معالي الدرجات، والعفو، والمهل، والمعروف، والصمت، فهذا ما يتشعّب للعاقل بحلمه.

وأمّا العلم، فيتشعّب منه: الغنى وإن كان فقيراً، والجود وإن كان بخيلاً، والمهابة وإن كان هيّناً، والسلامة وإن كان سقيماً، والقرب وإن كان قصيّاً، والحياء وإن كان صلفاً، والرفعة وإن كان وضيعاً، والشرف وإن كان رذلاً، والحكمة، والحظوة، فهذا ما يتشعّب للعاقل بعلمه، فطوبى لمن عقل وعلم.

وأمّا الرشد، فيتشعّب منه: السداد، والهدى، والبرّ، والتقوى، والمنالة، والقصد، والاقتصاد، والثواب، والكرم، والمعرفة بدين الله، فهذا ما أصاب العاقل بالرشد، فطوبى لمن أقام به على منهاج الطريق.

وأمّا العفاف، فيتشعّب منه: الرضا، والاستكانة، والحظّ، والراحة، والتفقّد، والخشوع، والتذكّر، والتفكّر، والجود، والسخاء، فهذا ما يتشعّب للعاقل بعفافه رضىً بالله وبقسمه.

وأمّا الصيانة، فيتشعّب منها: الصلاح، والتواضع، والورع، والإنابة، والفهم، والأدب، والإحسان، والتحبّب، والخير، واجتناب الشرّ، فهذا ما أصاب العاقل بالصيانة فطوبى لمن أكرمه مولاه بالصيانة.

وأمّا الحياء، فيتشعّب منه: اللين، والرأفة، والمراقبة للّٰه في السرّ والعلانية، والسلامة، واجتناب الشرّ، والبشاشة، والسماحة، والظفر، وحسن الثناء على المرء في الناس، فهذا ما أصاب العاقل بالحياء، فطوبى لمن قبل نصيحة الله وخاف فضيحته.

وأمّا الرزانة، فيتشعّب منها: اللطف، والحزم، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، وصدق اللسان، وتحصين الفرج، واستصلاح المال، والاستعداد للعدوّ، والنهي عن المنكر، وترك السفه، فهذا ما أصاب العاقل بالرزانة، فطوبى لمن توقّر ولمن لم تكن له خفّة ولا جاهليّة وعفا وصفح.

وأمّا المداومة على الخير، فيتشعّب منه: ترك الفواحش، والبعد من الطيش،‏ والتحرّج، واليقين، وحبّ النجاة، وطاعة الرحمن، وتعظيم البرهان، واجتناب الشيطان، والإجابة للعدل، وقول الحقّ؛ فهذا ما أصاب العاقل بمداومة الخير، فطوبى لمن ذكر ما أمامه وذكر قيامه واعتبر بالفناء.

وأمّا كراهية الشرّ، فيتشعّب منه: الوقار، والصبر، والنصر، والاستقامة على المنهاج، والمداومة على الرشاد، والإيمان بالله، والتوفّر، والإخلاص، وترك ما لا يعنيه، والمحافظة على ما ينفعه، فهذا ما أصاب العاقل بالكراهية للشرّ، فطوبى لمن أقام الحقّ للّٰه وتمسّك بعرى سبيل الله.

وأمّا طاعة الناصح، فيتشعّب منها: الزيادة في العقل، وكمال اللبّ، ومحمدة العواقب، والنجاة من اللوم، والقبول، والمودّة، والإسراج، والإنصاف، والتقدّم في الأمور، والقوّة على طاعة الله، فطوبى لمن سلم من مصارع الهوىٰ، فهذه الخصال كلّها يتشعّب من العقل.

قال شمعون: فأخبرني عن أعلام الجاهل، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إن صحبته عنّاك، وإن اعتزلته شتمك، وإن أعطاك منّ عليك، وإن أعطيته كفرك، وإن أسررت إليه خانك، وإن أسرّ إليك اتّهمك، وإن استغنى بطر، وكان فظّاً غليظاً، وإن افتقر جحد نعمة الله ولم يتحرّج، وإن فرح أسرف وطغى، وإن حزن آيس وإن ضحك فهق، وإن بكى خار، يقع في الأبرار، ولا يحبّ الله ولا يراقبه ولا يستحيي من الله ولا يذكره، إن أرضيته مدحك، وقال فيك من الحسنة ما ليس فيك، وإن سخط عليك ذهبت مدحته ووقع فيك من السوء ما ليس فيك، فهذا مجرى‏ الجاهل.

المصدر الأصلي: تحف العقول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١١٧-١۱۹
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٦

قال النبيّ(صلى الله عليه وآله): صفة العاقل أن يحلم عمّن جهل عليه، ويتجاوز عمّن ظلمه، ويتواضع لمن هو دونه، ويسابق من فوقه في طلب البرّ، وإذا أراد أن يتكلّم تدبّر، فإن كان خيراً تكلّم فغنم، وإن كان شرّاً سكت فسلم، وإذا عرضت له فتنة استعصم بالله وأمسك يده ولسانه، وإذا رأى فضيلة انتهز بها، لا يفارقه الحياء، ولا يبدو منه الحرص، فتلك عشر خصال يعرف بها العاقل.

وصفة الجاهل: أن يظلم من خالطه، ويتعدّى على من هو دونه، ويتطاول على من هو فوقه، كلامه بغير تدبّر، إن تكلّم أثم، وإن سكت سها، وإن عرضت له فتنة سارع إليها فأردته، وإن رأى فضيلة أعرض وأبطأ عنها، لا يخاف ذنوبه القديمة، ولا يرتدع فيما بقي من عمره من الذنوب، يتوانى عن البرّ ويبطىٔ عنه، غير مكترث لما فاته من ذلك أو ضيّعه، فتلك عشر خصال من صفة الجاهل الذي حرّم العقل.

المصدر الأصلي: تحف العقول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٢٩
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٧

قال(عليه السلام) ١ : العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل من يخاف منعه، ولا يقدم على ما يخاف العذر منه، ولا يرجو من لا يوثق برجائه.

المصدر الأصلي: المحاسن
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٣٠
(١) رفعه البرقي(رحمة الله عليه) إلی الإمام(عليه السلام) مضمراً، ولم یصرّح باسم الإمام(عليه السلام)، فالروایة مرفوعة. راجع: المحاسن، ج١، ص١٩٤.
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٨

قال الصادق(عليه السلام): يستدلّ بكتاب الرجل على عقله وموضع بصيرته، وبرسوله على فهمه وفطنته.

المصدر الأصلي: المحاسن
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٣٠
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٩

قال النبيّ(صلى الله عليه وآله): رأس العقل بعد الإيمان التودّد إلى الناس؛ وقال(صلى الله عليه وآله): أعقل الناس محسن خائف، وأجهلهم مسيء آمن ١ .

المصدر الأصلي: روضة الواعظين، عوالي اللئالي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٣١
(١) لم تذكر الروایة في روضة الواعظین، ولكن ذكرت في العوالي متفرّقة. راجع: عوالي اللئالي، ج١، ص٢٩١ _ ٢٩٢.
الحديث: ١٠
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٠

قال النبيّ(صلى الله عليه وآله): رأس العقل بعد الإيمان بالله التحبّب‏ إلى‏ الناس‏.

المصدر الأصلي: روضة الواعظين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٣١
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ٤١

قال أمير المؤمنين(عليه السلام): ليس للعاقل أن يكون شاخصاً إلّا في ثلاث: مرمّة لمعاش، أو حظوة ١ في معاد، أو لذّة في غير محرّم.

المصدر الأصلي: روضة الواعظين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٣١
(١) «الحُظْوَة»: المكانة والمنزلة. كتاب العين، ج٣، ص٢٨٤.
الحديث: ١٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٢

روي أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) مرّ بمجنون، فقال: ما له؟ فقيل: إنّه مجنون؛ فقال(صلى الله عليه وآله): بل هو مصاب، إنّما المجنون من آثر الدنيا على الآخرة.

المصدر الأصلي: روضة الواعظين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٣١
الحديث: ١٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٣

قال النبيّ(صلى الله عليه وآله): ينبغي للعاقل إذا كان عاقلاً أن يكون له أربع ساعات من النهار: ساعة يناجي فيها ربّه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يأتي أهل العلم الذين ينصرونه في أمر دينه وينصحونه، وساعة يخلّي بين نفسه ولذّتها من أمر الدنيا فيما يحلّ ويحمد.

المصدر الأصلي: روضة الواعظين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٣١
الحديث: ١٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤

قال الكاظم(عليه السلام) لهشام بن الحكم: … يا هشام، إنّ لقمان قال لابنه: تواضع للحقّ، تكن أعقل الناس، يا بنيّ، إنّ الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وجسرها الإيمان، وشراعها التوكّل، وقيّمها العقل، ودليلها العلم، وسكّانها الصبر.

يا هشام، لو كان في يدك جوزة وقال الناس: لؤلؤة، ما كان ينفعك وأنت تعلم أنّها جوزة، ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس: إنّها جوزة، ما ضرّك وأنت تعلم أنّها لؤلؤة …

يا هشام، من سلّط ثلاثاً على ثلاث، فكأنّما أعان هواه على هدم عقله، من أظلم نور فكره بطول أمله ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنّما أعان هواه على هدم عقله، ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه.

يا هشام، كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت عقلك عن أمر ربّك، وأطعت هواك على غلبة عقلك؟

يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن الله تبارك وتعالی اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها، ورغب فيما عند ربّه، وكان أنسه في الوحشة، وصاحبه في الوحدة، وغناه في العيلة، ومعزّه في غير عشيرة …

يا هشام، إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء من الدنيا يغنيك.

يا هشام، إنّ العقلاء تركوا فضول الدنيا، فكيف الذنوب؟ وترك الدنيا من الفضل، وترك الذنوب من الفرض …

يا هشام، لاتمنحوا الجهّال الحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.

يا هشام، كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا …

يا هشام، رحم الله من استحيا من الله حقّ الحياء: فحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وذكر الموت والبلى، وعلم أنّ الجنّة محفوفة بالمكاره، والنار محفوفة بالشهوات …

يا هشام، أصلح أيّامك الذي هو أمامك، فانظر أيّ يوم هو؟ وأعدّ له الجواب، فإنّك موقوف ومسؤول، وخذ موعظتك من الدهر وأهله، فإنّ الدهر طويلة قصيرة، فاعمل كأنّك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك، واعقل عن الله وانظر في تصرّف الدهر وأحواله، فإنّ ما هو آتٍ من الدنيا كما ولّى منها فاعتبر بها.

وقال عليّ بن الحسين(عليه السلام): إنّ جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الأرض ومغاربها بحرها وبرّها وسهلها وجبلها، عند وليّ من أولياء الله وأهل المعرفة بحقّ الله كفيء الظلال، ثمّ قال: أ ولا حرّ يدع هذه اللماظة ١ لأهلها؟ _ يعني الدنيا _ فليس لأنفسكم ثمن إلّا الجنّة فلا تبيعوها بغيرها، فإنّه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس.

يا هشام، إنّ كلّ الناس يبصر النجوم ولكن لا يهتدي بها إلّا من يعرف مجاريها ومنازلها، وكذلك أنتم تدرسون الحكمة ولكن لا يهتدي بها منكم إلّا من عمل بها.

يا هشام، إنّ المسيح(عليه السلام) قال للحواريّين: يا عبيد السوء، يهوّلكم طول النخلة وتذكرون شوكها ومؤونة مراقيها وتنسون طيب ثمرها ومرافقتها، كذلك تذكرون مؤونة عمل الآخرة فيطول عليكم أمده وتنسون ما تفضون إليه من نعيمها ونورها وثمرها.

يا عبيد السوء، نقّوا القمح وطيّبوه وأدقّوا طحنه، تجدوا طعمه ويهنّئكم أكله، كذلك فأخلصوا الإيمان وأكملوه، تجدوا حلاوته، وينفعكم غبّه.

بحقّ أقول لكم: لو وجدتم سراجاً يتوقّد بالقطران في ليلة مظلمة لاستضأتم به، ولم يمنعكم منه ريح نتنه، كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممّن وجدتموها معه، ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها.

يا عبيد الدنيا، بحقّ أقول لكم: لا تدركون شرف الآخرة إلّا بترك ما تحبّون، فلا تنظروا بالتوبة غداً، فإنّ دون غد يوماً وليلةً، وقضاء الله فيهما يغدو ويروح.

بحقّ أقول لكم: إنّ من ليس عليه دين من الناس أروح وأقلّ همّاً ممّن عليه الدين وإن أحسن القضاء، وكذلك من لم يعمل الخطيئة أروح وأقلّ همّاً ممّن عمل الخطيئة وإن أخلص التوبة وأناب، وإنّ صغار الذنوب ومحقّراتها من مكاید إبليس، يحقّرها لكم ويصغّرها في أعينكم، فتجتمع وتكثر فتحيط بكم.

بحقّ أقول لكم: إنّ الناس في الحكمة رجلان: فرجل أتقنها بقوله وصدّقها بفعله، ورجل أتقنها بقوله وضيّعها بسوء فعله، فشتّان بينهما، فطوبى للعلماء بالفعل، وويل للعلماء بالقول.

يا عبيد السوء، اتّخذوا مساجد ربّكم سجوناً لأجسادكم وجباهكم، واجعلوا قلوبكم بيوتاً للتقوى، ولا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات، إنّ أجزعكم عند البلاء لأشدّكم حبّاً للدنيا، وإنّ أصبركم على البلاء لأزهدكم في الدنيا.

يا عبيد السوء، لا تكونوا شبيهاً بالحداء الخاطفة ولا بالثعالب الخادعة ولا بالذئاب الغادرة ولا بالأسد العاتية كما تفعل بالفراس، كذلك تفعلون بالناس، فريقاً تخطفون، وفريقاً تخدعون، وفريقاً تقدرون بهم.

بحقّ أقول لكم: لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحاً وباطنه فاسداً، كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم، وما يغني عنكم أن تنقّوا جلودكم وقلوبكم دنسة، ولا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيّب ويمسك النخالة، كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغلّ في صدوركم.

يا عبيد الدنيا، إنّما مثلكم مثل السراج، يضيء للناس ويحرّق نفسه.

يا بني إسرائيل، زاحموا العلماء في مجالسهم ولو جثواً على الركب، فإنّ الله يحيي القلوب الميّتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميّتة بوابل المطر.

يا هشام، مكتوب في الإنجيل: طوبى للمتراحمين، أولئك هم المرحومون يوم القيامة، طوبى للمصلحين بين الناس، أولئك هم المقرّبون يوم القيامة، طوبى للمطهّرة قلوبهم، أولئك هم المتّقون يوم القيامة، طوبى للمتواضعين في الدنيا، أولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة …

يا هشام، تعلّم من العلم ما جهلت، وعلّم الجاهل ممّا علّمت، وعظّم العالم لعلمه ودع منازعته، وصغّر الجاهل لجهله ولا تطرده ولكن قرّبه وعلّمه.

يا هشام، إنّ كلّ نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيّئة تؤاخذ بها، وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): إنّ للّٰه عباداً كسرت قلوبهم خشيته، وأسكتتهم عن النطق وإنّهم لفصحاء عقلاء، يستبقون إلى الله بالأعمال الزكـيّة، لا يستكثرون له الكثير، ولا يرضون له من أنفسهم بالقليل، يرون في أنفسهم أنّهم أشرار، وإنّهم لأكياس وأبرار.

يا هشام، المتكلّمون ثلاثة: فرابح، وسالم، وشاجب، فأمّا الرابح فالذاكر للّٰه، وأمّا السالم فالساكت، وأمّا الشاجب ٢ فالذي يخوض في الباطل، إنّ الله حرّم الجنّة على كلّ فاحش بذيّ قليل الحياء، لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه، وكان أبو ذرّ _ رضی الله عنه _  يقول: يا مبتغي العلم، إنّ هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شرّ، فاختم على فيك، كما تختم على ذهبك وورقك …

يا هشام، قال الله جلّ وعزّ: وعزّتي وجلالي وعظمتي وقدرتي وبهائي وعلوّي في مكاني، لا يؤثر عبد هواي على هواه إلّا جعلت الغنى في نفسه وهمّه في آخرته، وكففت عليه ضيعته، وضمنت السماوات والأرض رزقه، وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجر …

يا هشام، إنّ مثل الدنيا مثل الحيّة: مسّها ليّن، وفي جوفها السمّ القاتل، يحذّرها الرجال ذوو العقول، ويهوي إليها الصبيان بأيديهم.

يا هشام، اصبر على طاعة الله، واصبر عن معاصي الله، فإنّما الدنيا ساعة فما مضى منها فليس تجد له سروراً ولا حزناً، وما لم يأت منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها، فكأنّك قد اعتبطت ٣ .

يا هشام، مثل الدنيا مثل ماء البحر، كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتّى يقتله.

يا هشام، ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم، فإن عمل حسناً استزاد منه، وإن عمل سيّئاً استغفر الله منه وتاب إليه.

يا هشام، تمثّلت الدنيا للمسيح(عليه السلام) في صورة امرأة زرقاء، فقال لها: كم تزوّجت؟ فقالت: كثيراً، قال: فكلّ طلّقك؟ قالت: لا، بل كلّاً قتلت، قال المسيح(عليه السلام): فويح أزواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بالماضين؟ …

يا هشام، إنّ الزرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ولا تعمر في قلب المتكـبّر الجبّار؛ لأنّ الله جعل التواضع آلة العقل، وجعل التكـبّر من آلة الجهل، أ لم تعلم أنّ من شمخ إلى السقف برأسه شجّه؟ ومن خفض رأسه استظلّ تحته وأكنّه ٤ ؟ فكذلك من لم يتواضع للّٰه خفضه الله، ومن تواضع للّٰه رفعه.

يا هشام، ما أقبح الفقر بعد الغنى! وأقبح الخطيئة بعد النسك! وأقبح من ذلك العابد للّٰه ثمّ يترك عبادته! …

يا هشام، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم المؤمن صموتاً فادنوا منه، فإنّه يلقي الحكمة، والمؤمن قليل الكلام كثير العمل، والمنافق كثير الكلام قليل العمل.

يا هشام، أوحى الله إلى داود(عليه السلام): قل لعبادي: لا يجعلوا بيني وبينهم عالماً مفتوناً بالدنيا فيصدّهم عن ذكري وعن طريق محبّتي ومناجاتي، أولئك قطّاع الطريق من عبادي، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة عبادتي ومناجاتي من قلوبهم …

يا هشام، أوحى الله إلى داود(عليه السلام): حذّر وأنذر أصحابك عن حبّ الشهوات، فإنّ المعلّقة قلوبهم بشهوات الدنيا قلوبهم محجوبة عنّي.

يا هشام، إيّاك والكبر على أوليائي والاستطالة بعلمك، فيمقتك الله، فلا تنفعك بعد مقته دنياك ولا آخرتك، وكن في الدنيا كساكن الدار ليست له إنّما ينتظر الرحيل.

يا هشام، إيّاك ومخالطة الناس والأنس بهم، إلّا أن تجد منهم عاقلاً مأموناً فأنس به واهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية.

وينبغي للعاقل إذا عمل عملاً أن يستحيي من الله، إذ تفرّد له بالنعم أن يشارك في عمله أحداً غيره، وإذا حزبك أمران لا تدري أيّهما خير وأصوب؟ فانظر أيّهما أقرب إلى هواك فخالفه، فإنّ كثير الثواب في مخالفة هواك، وإيّاك أن تغلب الحكمة وتضعها في الجهالة.

قال هشام: فقلت له: فإن وجدت رجلاً طالباً غير أنّ عقله لا يتّسع لضبط ما ألقي إليه؟ قال(عليه السلام): فتلطّف له في النصيحة، فإن ضاق قلبه فلا تعرضنّ نفسك للفتنة، واحذر ردّ المتكـبّرين، فإنّ العلم يدلّ على أن يحمل على من لا يفيق، قلت: فإن لم أجد من يعقل السؤال عنها؟ قال(عليه السلام): فاغتنم جهله عن السؤال، حتّى تسلم فتنة القول وعظيم فتنة الردّ، واعلم أنّ الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم، ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده، ولم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم، ولكن آمنهم بقدر كرمه وجوده، ولم يفرّح المحزونين بقدر حزنهم، ولكن فرّحهم بقدر رأفته ورحمته، فما ظنّك بالرؤوف الرحيم الذي يتودّد إلى من يؤذيه بأوليائه؟ فكيف بمن يؤذى فيه؟ وما ظنّك بالتوّاب الرحيم الذي يتوب على من يعاديه؟ فكيف بمن يترضّاه ويختار عداوة الخلق فيه؟

يا هشام، من أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، وما أوتي عبد علماً فازداد للدنيا حبّاً إلّا ازداد من الله بعداً، وازداد الله عليه غضباً.

يا هشام، إنّ العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به، وأكثر الصواب في خلاف الهوى، ومن طال أمله ساء عمله.

قال هشام: فأيّ الأعداء أوجبهم مجاهدة؟ قال(عليه السلام): أقربهم إليك، وأعداهم لك، وأضرّهم بك، وأعظمهم لك عداوة، وأخفاهم لك شخصاً مع دنوّه منك، ومن يحرّض أعداءك عليك _ وهو إبليس الموكّل بوسواس القلوب _ فله فلتشدّ عداوتك، ولا يكوننّ أصبر على مجاهدتك لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته، فإنّه أضعف منك ركناً في قوّته، وأقلّ منك ضرراً في كثرة شرّه إذا أنت اعتصمت بالله، ومن اعتصم بالله فقد هدي إلى
صراط مستقيم …

يا هشام، احذر هذه الدنيا واحذر أهلها، فإنّ الناس فيها على أربعة أصناف:

رجل متردٍّ معانق لهواه، ومتعلّم متقرّئ، كلّما ازداد علماً ازداد كبراً، يستعلن بقراءته وعلمه على من هو دونه، وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته، يحبّ أن يعظّم ويوقّر، وذو بصيرة عالم عارف بطريق الحقّ يحبّ القيام به فهو عاجز أو مغلوب، ولا يقدر على القيام بما يعرف، فهو محزون مغموم بذلك، فهو أمثل أهل زمانه وأوجههم عقلاً.

المصدر الأصلي: تحف العقول
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٣٢-١٥٧
(١) «اللُماظَة»: ما يبقى في الفم من الطعام. لسان العرب، ج٧، ص٤٦٢.
(٢) «الشاجِب»: الهالك. لسان العرب، ج١، ص٤٨٣.
(٣) كذا في البحار، و«الاعتباط»: الموت بلا علّة. النهاية في غريب الحديث والأثر، ج۳، ص۱۷۲. ولكن ورد في المصدر: «اغتبطت» [و«الاغتباط»: هو أن یصیر الشخص بحال یغتبط فیها. تاج العروس، ج١٠، ص٣٥١]. راجع: تحف العقول، ص ۳۹۶.
(٤) «أكنّه»: سَتَره. لسان العرب، ج١٣، ص٣٦٠.
الحديث: ١٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٥

قال عليّ(عليه السلام): ‏ إذا تمّ العقل نقص الكلام.

المصدر الأصلي:  نهج البلاغة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٥٩
الحديث: ١٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٦

قال عليّ(عليه السلام): لا يرى الجاهل إلّا مفرطاً أو مفرّطاً.

المصدر الأصلي: نهج البلاغة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٥٩
الحديث: ١٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٧

قال عليّ(عليه السلام): من أعجب برأيه ضلّ، ومن استغنى بعقله زلّ، ومن تكـبّر على الناس ذلّ.

المصدر الأصلي: كنز الفوائد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٦٠
الحديث: ١٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٨

قال عليّ(عليه السلام): عجباً للعاقل! كيف ينظر إلى شهوة يعقبّه النظر إليها حسرة؟

المصدر الأصلي: كنز الفوائد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٦١
الحديث: ١٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٩

قال عليّ(عليه السلام): همّة العقل ترك الذنوب وإصلاح العيوب.

المصدر الأصلي:  كنز الفوائد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١
، ص١٦١