Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث في ما ظهر من الإمام صاحب الزمان (ع) من الكرامات لمحبيه، وفي من التقى من الشيعة بالإمام (ع) وفي دعاء الإمام (ع) لأصحابه ومحبيه، وهذه من الأحاديث الجليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٢٨

قال أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب:‏ تقلّدت عملاً من أبي منصور بن صالحان، وجرى بيني وبينه ما أوجبت استتاري، فطلبني وأخافني، فمكثت مستتراً خائفاً ثمّ قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة، واعتمدت المبيت هناك للدعاء والمسألة _ وكانت ليلة ريح ومطر _ فسألت أبا جعفر القيّم أن يغلق الأبواب، وأن يجتهد في خلوة الموضع، لأخلو بما أريده من الدعاء والمسألة، وآمن من دخول إنسان ممّا لم آمنه وخفت من لقائي له، ففعل وقفل الأبواب، وانتصف الليل وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع ومكثت أدعو وأزور وأصلّي.

فبينا أنا كذلك، إذ سمعت وطئاً عند مولانا موسى الكاظم (عليه السلام) وإذا رجل يزور فسلّم على آدم وأولي العزم ثمّ الأئمّة (عليهم السلام) واحداً واحداً إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان (عليه السلام) فلم يذكره، فعجبت من ذلك وقلت له: لعلّه نسي أو لم يعرف؟ أو هذا مذهب لهذا الرجل.

فلمّا فرغ من زيارته صلّى ركعتين وأقبل إليّ عند مولانا الجواد (عليه السلام) فزار مثل تلك الزيارة وذلك السلام وصلّى ركعتين، وأنا خائف منه إذ لم أعرفه، ورأيته شابّاً تامّاً من الرجال، عليه ثياب بيض، وعمامة محنّك، وذؤابة، ورداء على كتفه مسبل. فقال: يا أبا الحسين بن أبي البغل، أين أنت عن دعاء الفرج؟ فقلت: وما هو يا سيّدي؟ فقال: تصلّي ركعتين وتقول: «يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتك الستر، يا عظيم المنّ، يا كريم الصفح، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا منتهى كلّ نجوى، ويا غاية كلّ شكوى، يا عون كلّ مستعين، يا مبتدئاً بالنعم قبل استحقاقها، يا ربّاه،» عشر مرّات «يا سيّداه،» عشر مرّات «يا مولياه،» عشر مرّات. «يا غايتاه،» عشر مرّات «يا منتهى غاية رغبتاه،» عشر مرّات، «أسألك بحقّ هذه الأسماء، وبحقّ محمّد وآله الطاهرين (عليهم السلام) إلّا ما كشفت كربي، ونفّست همّي، وفرّجت غمّي، وأصلحت حالي» وتدعو بعد ذلك ما شئت وتسأل حاجتك، ثمّ تضع خدّك الأيمن على الأرض وتقول مائة مرة في سجودك: «يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، اكفياني فإنّكما كافياي، وانصراني فإنّكما ناصراي»، وتضع خدّك الأيسر على الأرض وتقول مائة مرّة: «أدركني،» وتكـرّرها كثيراً، وتقول: «الغوث الغوث الغوث»، حتّى ينقطع النفس وترفع رأسك، فإنّ الله بكرمه يقضي حاجتك إن شاء الله.

فلمّا شغلت بالصلاة والدعاء خرج، فلمّا فرغت خرجت إلى أبي جعفر لأسأله عن الرجل وكيف دخل؟ فرأيت الأبواب على حالها مغلقة مقفّلة، فعجبت من ذلك وقلت: لعلّه بات ههنا ولم أعلم، فانتهيت إلى أبي جعفر القيّم، فخرج إلى عندي من بيت الزيت، فسألته عن الرجل ودخوله فقال: الأبواب مقفّلة كما ترى، ما فتحتها. فحدّثته بالحديث فقال: هذا مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) وقد شاهدته مراراً في مثل هذه الليلة عند خلوّها من الناس.

فتأسّفت على ما فاتني منه، وخرجت عند قرب الفجر، وقصدت الكرخ إلى الموضع الذي كنت مستتراً فيه، فما أضحى النهار إلّا وأصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي، ويسألون عنّي أصدقائي ومعهم أمان من الوزير، ورقعة بخطّه فيها كلّ جميل، فحضرته مع ثقة من أصدقائي عنده، فقام والتزمني وعاملني بما لم أعهده منه، وقال: انتهت بك الحال إلى أن تشكوني إلى صاحب الزمان (عليه السلام)؟ فقلت: قد كان منّي دعاء ومسألة، فقال: ويحك، رأيت البارحة مولاي صاحب الزمان (عليه السلام) في النوم _ يعني ليلة الجمعة _ وهو يأمرني بكلّ جميل، ويجفو عليّ في ذلك جفوة خفتها. فقلت: لا إله إلّا الله، أشهد أنّهم الحقّ ومنتهى الحقّ، رأيت البارحة مولانا في اليقظة وقال لي كذا وكذا، وشرحت ما رأيته في المشهد.

فعجب من ذلك وجرت منه أمور عظام حسان في هذا المعنى، وبلغت منه غاية ما لم أظنّه ببركة مولانا صاحب الزمان (عليه السلام)

المصدر الأصلي: كتاب النجوم
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٣٠٤-٣٠٦
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٢٩

اجتمع عليّ بن الحسين ابن بابويه مع أبي القاسم الحسين بن روح ١ ، وسأله مسائل، ثمّ كاتبه بعد ذلك على يد عليّ بن جعفر بن الأسود ٢ يسأله أن يوصل له رقعة إلى الصاحب (عليه السلام) ويسأله فيها الولد فكتب إليه: قد دعونا الله لك بذلك، وسترزق ولدين ذكرين خيّرين فولد له محمّد والحسین من أمّ ولد، وكان أبو عبد الحسين بن عبيد الله يقول: سمعت أبا جعفر يقول: أنا ولدت بدعوة صاحب الأمر (عليه السلام) ويفتخر بذلك.

المصدر الأصلي: الفهرست للنجاشي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٣٠٦-٣٠٧
(١) الحسین بن روح النوبختي (م٣٢٦هـ): أبوالقاسم، أصله من بغداد، ثالث النوّاب الأربعة، والحكایات في عقلها ورشدها كثیرة. راجع: أعيان الشيعة، ج٦، ص٢١.
(٢) كذا ورد في المصدر ولكنّ الصواب أنّه «أبوجعفر محمّد بن عليّ الأسود». راجع: قاموس الرجال، ج٧، ص٤٣٦.
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٣٠

قال محمّد بن عليّ العلوي الحسيني _ وكان يسكن بمصر _: دهمني أمر عظيم وهمّ شديد من قبل صاحب مصر، فخشيته على نفسي وكان قد سعى بي إلى أحمد بن طولون، فخرجت من مصر حاجّاً، وسرت من الحجاز إلى العراق، فقصدت مشهد مولاي الحسين بن عليّ (عليه السلام) عائذاً به، ولائذاً بقبره، ومستجيراً به من سطوة من كنت أخافه، فأقمت بالحائر خمسة عشر يوماً أدعو وأتضرّع ليلي ونهاري.

فتراءى لي قيّم الزمان ووليّ الرحمن وأنا بين النائم واليقظان، فقال لي: يقول لك الحسين (عليه السلام): يا بنيّ، خفت فلاناً؟ فقلت: نعم، أراد هلاكي فلجأت إلى سيّدي (عليه السلام) وأشكو إليه عظيم ما أراد بي. فقال: هلاّ دعوت الله ربّك وربّ آبائك بالأدعية التي دعا بها مَن سلف من الأنبياء (عليه السلام) فقد كانوا في شدّة فكشف الله عنهم ذلك، قلت: وبماذا أدعوه؟ فقال: إذا كان ليلة الجمعة فاغتسل وصلّ صلاة الليل، فإذا سجدت سجدة الشكر دعوت بهذا الدعاء وأنت بارك على ركبتيك، فذكر لي دعاء. قال: ورأيته في مثل ذلك الوقت يأتيني وأنا بين النائم واليقظان قال: وكان يأتيني خمس ليالٍ متواليات يكـرّر عليّ هذا القول والدعاء حتّى حفظته وانقطع عنّي مجيئه ليلة الجمعة، فاغتسلت وغبّرت ثيابي وتطيّبت، وصلّيت صلاة الليل وسجدت سجدة الشكر، وجثوت على ركبتي، ودعوت الله جلّ وتعالى بهذا الدعاء. فأتاني ليلة السبت فقال لي: قد أجيبت دعوتك يا محمّد، وقتل عدوّك عند فراغك من الدعاء عند من وشى بك إليه.

فلمّا أصبحت ودّعت سيّدي وخرجت متوجّهاً إلى مصر، فلمّا بلغت الأردن وأنا متوجّه إلى مصر رأيت رجلاً من جيراني بمصر _ وكان مؤمناً _ فحدّثني أنّ خصمي قبض عليه أحمد بن طولون فأمر به فأصبح مذبوحاً من قفاه قال: وذلك في ليلة الجمعة، وأمر به فطرح في النيل، وكان ذلك فيما أخبرني جماعة من أهلها وإخواننا الشيعة أنّ ذلك كان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء، كما أخبرني مولاي (عليه السلام).

المصدر الأصلي: مهج الدعوات
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٣٠٧-٣٠٨
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٣١

قال محمّد بن إبراهيم بن مهزيار قال: شككت عند مضيّ العسكري (عليه السلام) وكان اجتمع عند أبي مال جليل، فحمله وركب في السفينة وخرجت معه مشيّعاً له فوعك وعكاً شديداً. فقال: يا بنيّ، ردّني ردّني فهو الموت، واتّق الله في هذا المال، وأوصى إليّ ومات.

فقلت في نفسي: لم يكن أبي يوصي بشيء غير صحيح، أحمل هذا المال إلى العراق، وأكتري داراً على الشطّ ولا أخبر أحداً، فإن وضح لي شيء كوضوحه أيّام أبي محمّد (عليه السلام) أنفذته وإلّا تصدّقت به. فقدمت العراق واكتريت داراً على الشطّ وبقيت أيّاماً، فإذا أنا برسول معه رقعة فيها: يا محمّد، معك كذا وكذا في جوف كذا وكذا، حتّى قصّ عليّ جميع ما معي ممّا لم أحط به علماً، فسلّمت المال إلى الرسول، وبقيت أيّاماً لا يرفع لي رأس، فاغتممت فخرج إليّ: قد أقمناك مقام أبيك فاحمد الله.

المصدر الأصلي: الغيبة للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٣١٠-٣١١
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٣٢

قال محمّد بن أحمد الصفواني‏: رأيت القاسم بن العلاء وقد عمّر مائة سنة وسبع عشرة سنة، منها ثمانين سنة صحيح العينين لقي مولانا الهادي (عليه السلام) والعسكري (عليه السلام) وحجب بعد الثمانين وردّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام، وذلك أنّي كنت مقيماً عنده بمدينة الران من أرض أذربيجان، وكان لا ينقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) على يد أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري، وبعده على يد أبي القاسم الحسين بن روح _ قدّس الله أرواحهما _ فانقطعت عنه المكاتبة نحواً من شهرين فقلق لذلك.

فبينا نحن عنده نأكل إذ دخل البوّاب مستبشراً، فقال له: فيج١ العراق _ لا يسمّى بغيره _
فاستبشر القاسم وحوّل وجهه إلى القبلة فسجد، ودخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه، وعليه جبّة مضرّبة، وفي رجله نعل محامليّ، وعلى كتفه مخلاة. فقام القاسم فعانقه ووضع المخلاة عن عنقه، ودعا بطست وماء فغسل يده، وأجلسه إلى جانبه، فأكلنا وغسلنا أيدينا، فقام الرجل فأخرج كتاباً أفضل من النصف المدرج، فناوله القاسم، فأخذه وقبّله ودفعه إلى كاتب له يقال له ابن أبي سلمة، فأخذه أبو عبد الله ففضّه وقرأه حتّى أحسّ القاسم بنكاية، فقال: يا أبا عبد الله، خير، فقال: خير، فقال: ويحك، خرج فيّ شيء؟ فقال أبو عبد الله: ما تكره فلا، قال القاسم: فما هو؟ قال: نعي الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوماً، وقد حمل إليه سبعة أثواب، فقال القاسم: في سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك، فضحك (رحمه الله)، فقال: ما أؤمّل بعد هذا العمر؟

فقال الرجل الوارد: فأخرج من مخلاته ثلاثة أزر، وحبرة يمانية حمراء، وعمامة وثوبين ومنديلاً، فأخذه القاسم وكان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا (عليه السلام) وكان له صديق يقال له عبد الرحمن بن محمّد السنيزي، وكان شديد النصب وكان بينه وبين القاسم _ نضّر الله وجهه _ مودّة في أمور الدنيا شديدة، وكان القاسم يودّه وقد كان عبد الرحمان وافى إلى الدار لإصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهمداني وبين ختنه ابن القاسم.

فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه _ أحدهما يقال له أبو حامد عمران بن المفلس، والآخر أبو علي بن جحدر _: أن أقرئا هذا الكتاب عبد الرحمن بن محمّد، فإنّي أحبّ هدايته، وأرجو أن يهديه الله بقراءة هذا الكتاب، فقالا له: الله الله الله، فإنّ هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة، فكيف عبد الرحمن بن محمّد؟ فقال: أنا أعلم أنّي مفش لسرّ لا يجوز لي إعلانه، لكن من محبّتي لعبد الرحمن بن محمّد، وشهوتي أن يهديه الله عزّ وجلّ لهذا الأمر هو ذا أقرئه الكتاب.

فلمّا مرّ ذلك اليوم _ وكان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب _ دخل عبد الرحمن بن محمّد وسلّم عليه، فأخرج القاسم الكتاب فقال له: اقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك.

فقرأ عبد الرحمان الكتاب، فلمّا بلغ إلى موضع النعي رمى الكتاب عن يده، وقال للقاسم: يا أبا محمّد، اتّق الله، فإنّك رجل فاضل في دينك، متمكّن من عقلك، والله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٌ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَداً وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٍ تَمُوتُ﴾، وقال: ﴿عَالِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِ أَحَداً﴾، فضحك القاسم وقال له: أتمّ الآية، ﴿إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ﴾، ومولاي هو المرتضى من الرسول، وقال: قد علمت أنّك تقول هذا ولكن أرِّخ اليوم، فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرّخ في هذا الكتاب فاعلم أنّي لست على شيء، وإن أنا متّ فانظر لنفسك، فأرّخ عبد الرحمن اليوم وافترقوا.

وحمّ القاسم يوم السابع من ورود الكتاب واشتدّت به في ذلك اليوم العلّة، واستند في فراشه إلى الحائط، وكان ابنه الحسن بن القاسم مدمناً على شرب الخمر، وكان متزوّجاً إلى أبي جعفر بن حمدون الهمداني، وكان جالساً ورداؤه مستور على وجهه في ناحية من الدار، وأبو حامد في ناحية وأبو عليّ بن جحدر وأنا وجماعة من أهل البلد نبكي، إذا اتّكأ القاسم على يديه إلى خلف وجعل يقول: يا محمّد، يا عليّ، يا حسن، يا حسين، يا مواليّ، كونوا شفعائي إلى الله عزّ وجلّ، وقالها الثانية وقالها الثالثة. فلمّا بلغ في الثالثة: يا موسى، يا عليّ، تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان، وانتفخت حدقته، وجعل يمسح بكمّه عينيه، وخرج من عينيه شبيه بماء اللحم، ثمّ مدّ طرفه إلى ابنه، فقال: يا حسن، إليّ، يا أبا حامد، إليّ، يا أبا عليّ.

فاجتمعنا حوله ونظرنا إلى الحدقتين صحيحتين، فقال له أبو حامد: تراني؟ وجعل يده على كلّ واحد منّا، وشاع الخبر في الناس والعامّة وأتاه الناس من العوامّ ينظرون إليه وركب القاضي إليه _ وهو أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي وهو قاضي القضاة ببغداد _
فدخل عليه فقال له: يا أبا محمّد، ما هذا الذي بيدي وأراه خاتماً فصّه فيروزج فقرّبه منه، فقال: عليه ثلاثة أسطر فتناوله القاسم (رحمه الله) فلم يمكنه قراءته وخرج الناس متعجّبين يتحدّثون بخبره، والتفت القاسم إلى ابنه الحسن فقال له: إنّ الله منزّلك منزلة ومرتّبك مرتبة، فاقبلها بشكر، فقال له الحسن: يا أبه، قد قبلتها، قال القاسم: على ماذا؟ قال: على ما تأمرني به يا أبه، قال: على أن ترجع عمّا أنت عليه من شرب الخمر، قال الحسن: يا أبه، وحقّ من أنت في ذكره، لأرجعنّ عن شرب الخمر ومع الخمر أشياء لا تعرفها، فرفع القاسم يده إلى السماء وقال: اللّهمّ ألهم الحسن طاعتك، وجنّبه معصيتك _ ثلاث مرّات _ ثمّ دعا بدرج، فكتب وصيّته بيده (رحمه الله) وكانت الضياع التي في يده لمولانا وقف وقفه.

وكان فيما أوصى الحسن أن قال: يا بنيّ، إن أهّلت لهذا الأمر _ يعني الوكالة لمولانا _ فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيدة، وسائرها ملك مولاي، وإن لم تؤهّل له فاطلب خيرك من حيث يتقبّل الله، وقبل الحسن وصيّته على ذلك، فلمّا كان في يوم الأربعين، وقد طلع الفجر مات القاسم (رحمه الله).

فوافاه عبد الرحمن يعدو في الأسواق حافياً حاسراً، وهو يصيح: وا سيّداه، فاستعظم الناس ذلك منه، وجعل الناس يقولون: ما الذي تفعل بذلك؟ فقال: اسكتوا فقد رأيت ما لم تروه، وتشيّع ورجع عمّا كان عليه، ووقّف الكثير من ضياعه. وتولّى أبو عليّ ابن جحدر غسل القاسم، وأبو حامد يصبّ عليه الماء، وكفّن في ثمانية أثواب على بدنه قميص مولاه أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وما يليه السبعة الأثواب التي جاءت من العراق، فلمّا كان بعد مدّة يسيرة ورد كتاب تعزية على الحسن من مولانا (عليه السلام) في آخره دعاء: «ألهمك الله طاعته وجنّب معصيته»، وهو الدعاء الذي كان دعا به أبوه وكان آخره: «قد جعلنا أباك إماماً لك، وفعاله لك مثالاً».

المصدر الأصلي: الغيبة للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٣١٣-٣١٦
(١) «الفيج»: اشتق من الفارسية، وهو رسول السلطان على رجله. كتاب العين، ج٦، ص١٨٩.
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٣٣

قال ابن أبي سورة: كنت بالحائر زائراً عشيّة عرفة، فخرجت متوجّهاً على طريق البرّ، فلمّا انتهيت إلى المسنّاة جلست إليها مستريحاً، ثمّ قمت أمشي وإذا رجل على ظهر الطريق، فقال لي: هل لك في الرفقة؟ فقلت: نعم، فمشينا معاً يحدّثني وأحدّثه، وسألني عن حالي فأعلمته أني مضيّق لا شيء معي وفي يدي، فالتفت إليّ فقال لي: إذا دخلت الكوفة فأت أبا طاهر الزراري، فاقرع عليه بابه، فإنّه سيخرج إليك وفي يده دم الأضحيّة، فقل له: يقال لك: أعط هذا الرجل الصرّة الدنانير التي عند رجل السرير، فتعجّبت من هذا، ثمّ فارقني ومضى لوجهه لا أدري أين سلك.

ودخلت الكوفة وقصدت أبا طاهر محمّد بن سليمان الزراري، فقرعت عليه بابه كما قال لي، وخرج إليّ وفي يده دم الأضحيّة، فقلت له: يقال لك: أعط هذا الرجل الصرّة الدنانير التي عند رجل السرير، فقال: سمعاً وطاعة، ودخل فأخرج إليّ الصرّة، فسلّمها إليّ فأخذتها وانصرفت.

المصدر الأصلي: الغيبة للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٣١٨
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٣٤

قال رجل: وتزوّجت بامرأة سرّاً فلمّا وطئتها علقت وجاءت بابنة، فاغتممت وضاق صدري، فكتبت أشكو ذلك، فورد: ستكفاها. فعاشت أربع سنين ثمّ ماتت، فورد «الله ذو أناة وأنتم تستعجلون»، ولمّا ورد نعي ابن هلال _ لعنه الله _ جاءني الشيخ فقال لي: أخرج الكيس الذي عندك فأخرجته، فأخرج إليّ رقعة فيها: وأمّا ما ذكرت من أمر الصوفي المتصنّع _ يعني الهلالي _ بتر الله عمره. ثمّ خرج من بعد موته: «قد قصدنا فصبرنا عليه، فبتر الله عمره بدعوتنا».

المصدر الأصلي: إكمال الدين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٣٢٧-٣٢٨
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٣٥

قال أبو القاسم الحبشي:‏ كنت أزور الحسين (عليه السلام) في النصف من شعبان، فلمّا كان سنة من السنين وردت العسكر قبل شعبان، وهممت أن لا أزور في شعبان، فلمّا دخل شعبان قلت: لا أدع زيارة كنت أزورها فخرجت زائراً، وكنت إذا وردت العسكر أعلمتهم برقعة أو رسالة، فلمّا كان في هذه الدفعة قلت لأبي القاسم الحسن بن أبي أحمد الوكيل: لا تعلمهم بقدومي، فإنّي أريد أن أجعلها زورة خالصة، فجاءني أبو القاسم وهو يتبسّم وقال: بعث إليّ بهذين الدينارين، وقيل لي: ادفعهما إلى الحابسي، وقل له: من كان في حاجة الله، كان الله في حاجته.

المصدر الأصلي: إكمال الدين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٣٣١
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٣٦

قال الصدوق (رحمه الله): كان أبو جعفر محمّد بن عليّ الأسود (رض) كثيراً ما يقول لي _ إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) وأرغب في كتب العلم وحفظه _: ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم، وأنت ولدت بدعاء الإمام (عليه السلام).

المصدر الأصلي: إكمال الدين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٣٣٦
الحديث: ١٠
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٣٧

كان بقم رجل بزّاز مؤمن وله شريك مرجئ، فوقع بينهما ثوب نفيس، فقال المؤمن: يصلح هذا الثوب لمولاي، فقال شريكه: لست أعرف مولاك ولكن افعل بالثوب ما تحبّ، فلمّا وصل الثوب شقّه بنصفين طولاً فأخذ نصفه وردّ النصف، وقال (عليه السلام): لا حاجة لي في مال المرجئ.

المصدر الأصلي: إكمال الدين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٣٤٠
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٣٨

قال محمّد بن عيسى بن أحمد الزرجي‏: رأيت بسرّ من رأى رجلاً شابّاً في المسجد المعروف بمسجد زبيدة، وذكر أنّه هاشمي من ولد موسى بن عيسى، فلمّا كلّمني صاح بجارية، وقال: يا غزال أو يا زلال،فإذا أنا بجارية مسنّة، فقال لها: يا جارية، حدّثي مولاك بحديث الميل والمولود، فقالت: كان لنا طفل وجع، فقالت لي مولاتي: ادخلي إلى دار العسكري (عليه السلام) فقولي لحكيمة: تعطينا شيئاً نستشفي به مولودنا.

فدخلت عليها وسألتها ذلك، فقالت حكيمة: ائتوني بالميل الذي كحل به المولود الذي ولد البارحة _ يعني ابن الحسن بن عليّ (عليه السلام) _ فأتيت بالميل فدفعته إليّ، وحملته إلى مولاتي، فكحّلت المولود فعوفي، وبقي عندنا وكنّا نستشفي به ثمّ فقدناه.

المصدر الأصلي: إكمال الدين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٣٤٢-٣٤٣