Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث في كيفية ولادة الإمام الحجة (ع) في ليلة النصف من شهر شعبان المعظم، ودور السيدة حكيمة في هذه الولادة الميمونة، وفي أول آية تلاها الإمام المهدي (ع) فور ولادته، وهذه من الأحاديث الجليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٣٨٩

قال موسی ابن حمزة بن موسی الكاظم: حدّثتني حكيمة بنت محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قالت: بعث إليّ أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكري (عليه السلام) فقال: يا عمّة، اجعلي إفطارك الليلة عندنا، فإنّها ليلة النصف من شعبان، فإنّ الله تبارك وتعالى سيُظهر في هذه الليلة الحجّة، وهو حجّته في أرضه، قالت: فقلت له: ومن أمّه؟ قال لي: نرجس. قلت له: والله _ جعلني الله فداك _ ما بها أثر؟ فقال: هو ما أقول لك.

قالت: فجئت، فلمّا سلّمت وجلست، جاءت تنزع خفّي وقالت لي: يا سيّدتي، كيف أمسيت؟ فقلت: بل أنت سيّدتي وسيّدة أهلي، فأنكرت قولي وقالت: ما هذا يا عمّة؟ قلت لها: يا بنيّة، إنّ الله تبارك وتعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة. فجلست واستحيت، فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة، وأفطرت وأخذت مضجعي فرقدت، فلمّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث، ثمّ جلست معقّبة ثمّ اضطجعت ثمّ انتبهت فزعة، وهي راقدة ثمّ قامت فصلّت.

قالت حكيمة: فدخلتني الشكوك فصاح بي العسكري (عليه السلام) من المجلس فقال: لا تعجلي يا عمّة، فإنّ الأمر قد قرب، قالت: فقرأت الم السجدة ويس، فبينما أنا كذلك إذا انتبهت فزعة فوثبت إليها، فقلت: اسم الله عليك، ثمّ قلت لها: تحسّين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمّة، فقلت لها: اجمعي نفسك واجمعي قلبك، فهو ما قلت لك.

قالت حكيمة: ثمّ أخذتني فترة ١ وأخذتها فطرة ٢ ، فانتبهت بحسّ سيّدي (عليه السلام) فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به (عليه السلام) ساجداً يتلقّى الأرض بمساجده، فضممته إليّ فإذا أنا به نظيف منظّف، فصاح بي العسكري (عليه السلام): «هلمّي إليّ ابني، يا عمّة»، فجئت به إليه، فوضع يديه تحت أليتيه وظهره، ووضع قدميه على صدره ثمّ أدلى لسانه في فيه، وأمرّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله، ثمّ قال (عليه السلام): تكلّم يا بنيّ، فقال (عليه السلام): أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمّ صلّى على أمير المؤمنين (عليه السلام) وعلى الأئمّة إلى أن وقف على أبيه، ثمّ أحجم.

قال العسكري (عليه السلام): يا عمّة، اذهبي به إلى أمّه ليسلّم عليها وائتني به، فذهبت به فسلّم عليها ورددته ووضعته في المجلس، ثمّ قال: يا عمّة، إذا كان يوم السابع فائتينا. قالت حكيمة: فلمّا أصبحت جئت لأسلّم على العسكري (عليه السلام) فكشفت الستر لأفتقد سيّدي (عليه السلام) فلم أره، فقلت له: جعلت فداك، ما فعل سيّدي؟ فقال (عليه السلام): يا عمّة، استودعناه الذي استودعته أمّ موسى (عليه السلام)، قالت حكيمة: فلمّا كان في اليوم السابع جئت وسلّمت وجلست، فقال (عليه السلام): هلمّي إليّ ابني، فجئت بسيّدي في الخرقة، ففعل به كفعلته الأولى، ثمّ أدلى لسانه في فيه، كأنّه يغذيه لبناً أو عسلاً، ثمّ قال (عليه السلام): تكلّم يا بنيّ، فقال (عليه السلام): أشهد أن لا إله إلّا الله، وثنّى بالصلاة على محمّد وعلىّ أمير المؤمنين والأئمّة (عليهم السلام) حتّى وقف على أبيه (عليه السلام) ثمّ تلا هذه الآية: ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَئِمَّةٗ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٰرِثِينَ﴾، ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَئِمَّةٗ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٰرِثِينَ ۞ وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ﴾.

قال موسى: فسألت عقبة الخادم عن هذا، فقال: صدقت حكيمة.

المصدر الأصلي: إكمال الدين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٢-٤
(١) «الفَتْرَة»: الانكسار والضعف. لسان العرب، ج٥، ص٤٣.
(٢) «الفَطْرَة»: الشقّ. راجع: لسان العرب، ج٥، ص٥٥.
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٣٩٠

قال أبو عليّ الخيزراني، عن جارية له كان أهداها للعسكري (عليه السلام): فلمّا أغار جعفر الكذّاب على الدار جاءته فارّة من جعفر، فتزوّج بها، قال أبو عليّ: فحدّثتني أنّها حضرت ولادة السيّد (عليه السلام) ١ ، وأنّ اسم أمّ السيّد صقيل، وأنّ العسكري (عليه السلام) حدّثها بما جرى على عياله، فسألته أن يدعو لها بأن يجعل منيّتها قبله، فماتت قبله في حياة العسكري (عليه السلام) وعلى قبرها لوح عليه مكتوب هذا أمّ محمّد.

قال أبو عليّ: وسمعت هذه الجارية تذكر أنّه لمّا ولد السيّد (عليه السلام) رأت له نوراً ساطعاً قد ظهر منه وبلغ أفق السماء، ورأت طيوراً بيضاً تهبط من السماء، وتمسح أجنحتها على رأسه ووجهه وسائر جسده ثمّ تطير، فأخبرنا العسكري (عليه السلام) بذلك فضحك ثمّ قال: تلك ملائكة السماء نزلت لتتبرّك به، وهي أنصاره إذا خرج.

المصدر الأصلي: إكمال الدين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٥
(١) المراد بالسیّد هو الإمام الثاني عشر الحجّة المنتظر (عليه السلام).
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٣٩١

قال بشر بن سليمان النخّاس: أتاني كافور الخادم فقال: مولانا أبو الحسن عليّ بن محمّد الهادي (عليه السلام) يدعوك إليه، فأتيته فلمّا جلست بين يديه قال (عليه السلام) لي: يا بشر، إنّك من ولْد الأنصار وهذه الموالاة لم تزل فيكم، يرثها خلف عن سلف، وأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإنّي مزكّیك ومشرّفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بسرّ أطلعك عليه، وأنفذك في ابتياع أمة.

فكتب (عليه السلام) كتاباً لطيفاً بخطّ روميّ ولغة رومية وطبع عليه خاتمه وأخرج شقّة صفراء فيها مائتان وعشرون ديناراً، فقال (عليه السلام): خذها وتوجّه بها إلى بغداد … فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وترى الجواري فيها، ستجد طوايف المبتاعين من وكلاء قوّاد بني العبّاس وشرذمة من فتيان العرب، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمّى عمر بن يزيد النخّاس عامّة نهارك، إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا لابسة حريرين صفيقين، تمتنع من العرض ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها، وتسمع صرخة رومية من وراء ستر رقيق، فاعلم أنّها تقول: واهتك ستراه، فيقول بعض المبتاعين: عليّ ثلاثمائة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول له بالعربية: لو برزت في زيّ سليمان بن داود (عليه السلام) وعلى شبه ملكه ما بدت لي فيك رغبة، فأشفق على مالك، فيقول النخّاس: فما الحيلة ولا بدّ من بيعك؟

فتقول الجارية: وما العجلة؟ ولا بدّ من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلى وفائه وأمانته، فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخّاس وقل له: إنّ معك كتاباً ملطّفة لبعض الأشراف، كتبه بلغة رومية وخطّ رومي، ووصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه، تناولها لتتأمّل منه أخلاق صاحبه، فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك.

قال بشر بن سليمان: فامتثلت جميع ما حدّه لي مولاي أبو الحسن الهادي (عليه السلام) في أمر الجارية، فلمّا نظرت في الكتاب بكت بكاء شديداً وقالت لعمر بن يزيد: بعني من صاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرّجة والمغلّظة أنّه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها. فما زلت أشاحّه في ثمنها حتّى استقرّ الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي (عليه السلام) من الدنانير، فاستوفاه وتسلّمت الجارية ضاحكة مستبشرة، وانصرفت بها إلى الحجيرة التي كنت آوي إليها ببغداد.

فما أخذها القرار حتّى أخرجت كتاب مولانا (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها، وتضعه على خدّها، وتمسحه على بدنها، فقلت _ تعجّباً منها _: تلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه؟ فقالت: أيّها العاجز الضعيف، المعرفة بمحلّ أولاد الأنبياء، أعرني سمعك وفرّغ لي قلبك، أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمّي من ولد الحواريّين تنسب إلى وصيّ المسيح شمعون، أنبّئك بالعجب.

إنّ جدّي قيصر أراد أن يزوّجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريّين من القسّيسين والرهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الأخطار منهم سبعمائة رجل، وجمع من أمراء الأجناد وقوّاد العسكر ونقباء الجيوش وملوك العشاير أربعة آلاف، وأبرز من بهيّ ملكه عرشاً مساغاً من أصناف الجوهر ورفعه فوق أربعين مرقاة، فلمّا صعد ابن أخيه وأحدقت الصلب، وقامت الأساقفة عكّفاً، ونشرت أسفار الإنجيل، تسافلت الصلب من الأعلى فلصقت الأرض، وتقوّضت أعمدة العرش، فانهارت إلى القرار، وخرّ الصاعد من العرش مغشيّاً عليه، فتغيّرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدّي: أيّها الملك، اعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالّة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني، فتطيّر جدّي من ذلك تطيّراً شديداً …

وقام جدّي قيصر مغتمّاً فدخل منزل النساء وأرخيت الستور، وأريت في تلك الليلة كأنّ المسيح وشمعون وعدّة من الحواريّين قد اجتمعوا في قصر جدّي، ونصبوا فيه منبراً من نور يباري السماء علوّاً وارتفاعاً، في الموضع الذي كان نصب جدّي وفيه عرشه، ودخل عليه محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وختنه ووصيّه (عليه السلام) وعدّة من أبنائه. فتقدّم المسيح إليه فاعتنقه فيقول له محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): يا روح الله، إنّي جئتك خاطباً من وصيّك شمعون فتاته مليكة لابني هذا _ وأومأ بيده إلى أبي محمّد (عليه السلام) ابن صاحب هذا الكتاب _ فنظر المسيح إلى شمعون وقال له: قد أتاك الشرف، فصلْ رحمك برحم آل محمّد (عليه السلام) قال: قد فعلت، فصعد ذلك المنبر، فخطب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وزوّجني من ابنه، وشهد المسيح (عليه السلام) وشهد أبناء محمّد (عليه السلام) والحواريّون.

فلمّا استيقظت أشفقت أن أقصّ هذه الرؤيا على أبي وجدّي مخافة القتل، فكنت أسرّها ولا أبديها لهم، وضرب صدري بمحبّة العسكري (عليه السلام) حتّى امتنعت من الطعام والشراب، فضعفت نفسي، ودقّ شخصي، ومرضت مرضاً شديداً، فما بقي في مدائن الروم طبيب إلّا أحضره جدّي وسأله عن دوائي، فلمّا برح به اليأس قال: يا قرّة عيني، هل يخطر ببالك شهوة، فأزوّدكها في هذه الدنيا؟ فقلت: يا جدّي، أرى أبواب الفرج عليّ مغلقة، فلو كشفت العذاب عمّن في سجنك من أسارى المسلمين، وفككت عنهم الأغلال، وتصدّقت عليهم ومنّيتهم الخلاص، رجوت أن يهب المسيح وأمّه عافية، فلمّا فعل ذلك تجلّدت في إظهار الصحّة من بدني قليلاً، وتناولت يسيراً من الطعام، فسرّ بذلك وأقبل على إكرام الأسارى وإعزازهم.

فأريت أيضاً بعد أربع عشرة ليلة كأنّ سيّدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام) قد زارتني ومعها مريم بنت عمران، وألف من وصايف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيّدة النساء (عليها السلام) أمّ زوجك أبي محمّد، فأتعلّق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمّد من زيارتي، فقالت سيّدة النساء (عليها السلام): إنّ ابني الحسن (عليه السلام) لا يزورك وأنت مشركة بالله على مذهب النصارى، وهذه أختي مريم بنت عمران تبرّأ إلى الله من دينك، فإن ملت إلى رضى الله تعالی ورضى المسيح ومريم (عليهما السلام) وزيارة أبي محمّد (عليه السلام) إيّاك فقولي: أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ أبي محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) رسول الله.

فلمّا تكلّمت بهذه الكلمة ضمّتني إلى صدرها سيّدة نساء العالمين وطيّبت نفسي، وقالت: الآن توقّعي زيارة أبي محمّد وإنّي منفذته إليك، فانتبهت وأنا أنول وأتوقّع لقاء العسكري (عليه السلام) فلمّا كان في الليلة القابلة رأيت أبا محمّد (عليه السلام) وكأنّي أقول له: جفوتني يا حبيبي، بعد أن أتلفت نفسي معالجة حبّك، فقال: ما كان تأخّري عنك إلّا لشركك، فقد أسلمت وأنا زائرك في كلّ ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان، فلمّا قطع عنّي زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.

قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الأسارى؟ فقالت: أخبرني أبو محمّد (عليه السلام) ليلةً من الليالي أنّ جدّك سيسيّر جيشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا ثمّ يتبعهم، فعليك باللحاق بهم متنكّرة في زيّ الخدم مع عدّة من الوصايف من طريق كذا. ففعلت ذلك، فوقفت علينا طلائع المسلمين، حتّى كان من أمري ما رأيت وشاهدت، وما شعر بأنّي ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك وذلك باطّلاعي إيّاك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت: نرجس، فقال: اسم الجواري. قلت: العجب أنّك رومية ولسانك عربي؟ قالت: نعم، من ولوع جدّي وحمله إيّاي على تعلّم الآداب أن أوعز إليّ امرأة ترجمانة له في الاختلاف إليّ، وكانت تقصدني صباحاً ومساء، وتفيدني العربية حتّى استمرّ لساني عليها واستقام.

قال بشر: فلمّا انكفأت بها إلى سرّ من رأى دخلت على مولاي أبي الحسن الهادي (عليه السلام) فقال: كيف أراك الله عزّ الإسلام وذلّ النصرانية، وشرف محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)وأهل بيته (عليهم السلام)؟ قالت: كيف أصف لك يا بن رسول الله، ما أنت أعلم به منّي؟ قال (عليه السلام): فإنّي أحبّ أن أكرمك، فأيّما أحبّ إليك؟ عشرة آلاف دينار أم بشرى لك بشرف الأبد؟ قالت: بشرى بولد لي. قال (عليه السلام) لها: أبشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، قالت: ممّن؟ قال (عليه السلام): ممّن خطبك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له ليلة كذا في شهر كذا من سنة كذا الرومية؟ قال (عليه السلام) لها: ممّن زوّجك المسيح (عليه السلام) ووصيّه؟ قالت: من ابنك الحسن (عليه السلام) فقال (عليه السلام): هل تعرفينه؟ قالت: وهل خلت ليلة لم يزرني فيها منذ الليلة التي أسلمت على يد سيّدة النساء (عليها السلام)؟

قال: فقال مولانا: يا كافور، ادع أختي حكيمة، فلمّا دخلت قال لها: ها هيه، فاعتنقتها طويلاً وسرّت بها كثيراً، فقال لها الهادي (عليه السلام): يا بنت رسول الله، خذيها إلى منزلك وعلّميها الفرائض والسنن، فإنّها زوجة الحسن (عليه السلام) وأمّ القائم (عليه السلام).

المصدر الأصلي: الغيبة للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٦-١٠
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٣٩٢

ولد الخلف المهدي (عليه السلام) يوم الجمعة، وأمّه ريحانة، ويقال لها نرجس، ويقال صقيل، ويقال سوسن، إلّا أنّه قيل لسبب الحمل صقيل. وكان مولده (عليه السلام) لثمان ليالٍ خلون من شعبان سنة ستّ وخمسين ومائتين، وكيله عثمان بن سعيد، فلمّا مات عثمان أوصى إلى ابنه أبي جعفر محمّد بن عثمان، وأوصى أبو جعفر إلى أبي القاسم الحسين بن روح، وأوصى أبو القاسم إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد السمري؟رضهم؟. فلمّا حضرت السمري (رض) الوفاة سئل أن يوصي، فقال: لله أمر هو بالغه، فالغيبة التامّة هي التي وقعت بعد السمري (رحمه الله).

بيــان:
قوله: «إلّا أنّه قيل لسبب الحمل»، أي إنّما سمّي صقيلاً لما اعتراه من النور والجلاء بسبب الحمل المنوّر. يقال: صقل السيف وغيره، أي جلاه فهو صقيل، ولا يبعد أن يكون تصحيف «الجمال».
المصدر الأصلي: إكمال الدين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص١٥
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٣٩٣

عن أحمد بن الحسن بن إسحاق القمي قال‏: لمّا ولد الخلف الصالح (عليه السلام) ورد من مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ (عليه السلام) على جدّي أحمد بن إسحاق كتاب، وإذا فيه مكتوب بخطّ يده (عليه السلام) الذي كان يرد به التوقيعات عليه: ولد المولود فليكن عندك مستوراً وعن جميع الناس مكتوماً، فإنّا لم نظهر عليه إلّا الأقرب لقرابته والمولى لولايته، أحببنا إعلامك ليسرّك الله به كما سرّنا والسلام.

المصدر الأصلي: إكمال الدين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص١٦
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٣٩٤

قالت حكیمة: بعث إلي العسكري (عليه السلام) سنة خمس وخمسين ومائتين في النصف من شعبان وقال: يا عمّة، اجعلي الليلة إفطارك عندي فإنّ الله عزّ وجلّ سيسرّك بوليّه وحجّته على خلقه خليفتي من بعدي.

قالت حكيمة: فتداخلني لذلك سرور شديد وأخذت ثيابي عليّ وخرجت من ساعتي حتّى انتهيت إلى العسكري (عليه السلام) وهو جالس في صحن داره وجواريه حوله، فقلت: جعلت فداك يا سيّدي، الخلف ممّن هو؟ قال (عليه السلام): من سوسن. فأدرت طرفي فيهنّ فلم أر جارية عليها أثر غير سوسن.

قالت حكيمة: فلمّا أن صلّيت المغرب والعشاء الآخرة أتيت بالمائدة فأفطرت أنا وسوسن وبايتّها في بيت واحد فغفوت غفوة ثمّ استيقظت فلم أزل مفكّرة فيما وعدني العسكري (عليه السلام) من أمر وليّ الله، فقمت قبل الوقت الذي كنت أقوم في كلّ ليلة للصلاة، فصلّيت صلاة الليل حتّى بلغت إلى الوتر فوثبت سوسن فزعة وخرجت وأسبغت الوضوء ثمّ عادت فصلّت صلاة الليل وبلغت إلى الوتر فوقع في قلبي أنّ الفجر قد قرب فقمت لأنظر فإذا بالفجر الأوّل قد طلع فتداخل قلبي الشكّ من وعد العسكري (عليه السلام) فناداني من حجرته لا تشكي وكأنّك بالأمر الساعة قد رأيته إن شاء الله.

قالت حكيمة: فاستحييت من العسكري (عليه السلام) وممّا وقع في قلبي ورجعت إلى البيت وأنا خجلة فإذا هي قد قطعت الصلاة وخرجت فزعة فلقيتها على باب البيت، فقلت: بأبي أنت وأمّي، هل تحسّين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمّة، إنّي لأجد أمراً شديداً. قلت: لا خوف عليك إن شاء الله، وأخذت وسادة فألقيتها في وسط البيت وأجلستها عليها وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة فقبضت على كفّي وغمزت غمزة شديدة، ثمّ أنّت أنّة وتشهّدت ونظرت تحتها فإذا أنا بوليّ الله (عليه السلام) عليه متلقّياً
الأرض بمساجده.

فأخذت بكتفيه فأجلسته في حجري وإذا هو نظيف مفروغ منه فناداني العسكري (عليه السلام): يا عمّة، هلمّي فأتيني بابني، فأتيته به فتناوله وأخرج لسانه فمسحه على عينيه ففتحها ثمّ أدخله في فيه فحنّكه ثمّ أدخله في أذنيه وأجلسه في راحته اليسرى فاستوى وليّ الله جالساً فمسح يده على رأسه، وقال له: يا بنيّ، انطق بقدرة الله، فاستعاذ وليّ الله (عليه السلام) من الشيطان الرجيم واستفتح ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَئِمَّةٗ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٰرِثِينَ ۞ وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ﴾ وصلّى على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمّة (عليهم السلام) واحداً واحداً حتّى انتهى إلى أبيه، فناولنيه العسكري (عليه السلام) وقال: يا عمّة، ردّيه إلى أمّه، حتّى ﴿تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَ وَلِتَعۡلَمَ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقٌّ﴾ ولكن أكثر الناس لا يعلمون فرددته إلى أمّه وقد انفجر الفجر الثاني فصلّيت الفريضة وعقّبت إلى أن طلعت الشمس ثمّ ودّعت العسكري (عليه السلام) وانصرفت إلى منزلي.

فلمّا كان بعد ثلاث اشتقت إلى وليّ الله (عليه السلام) فصرت إليهم فبدأت بالحجرة التي كانت سوسن فيها فلم أر أثراً ولا سمعت ذكراً، فكرهت أن أسأل فدخلت على العسكري (عليه السلام) فاستحييت أن أبدأه بالسؤال، فبدأني فقال: يا عمّة، في كنف الله وحرزه وستره وعينه حتّى يأذن الله له، فإذا غيّب الله شخصي وتوفّاني ورأيت شيعتي قد اختلفوا، فأخبري الثقات منهم، وليكن عندك وعندهم مكتوماً، فإنّ وليّ الله يغيّبه الله عن خلقه ويحجبه عن عباده، فلا يراه أحد حتّى يقدم له جبرئيل (عليه السلام) فرسه ﴿لِيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡراً كَانَ مَفۡعُولاً﴾.

المصدر الأصلي: الغيبة للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص١٧-١٨
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٣٩٥

قال حمزة بن نصر غلام الهادي (عليه السلام) عن أبيه:‏ لمّا ولد السيّد (عليه السلام) تباشر أهل الدار بذلك، فلمّا نشأ خرج إليّ الأمر أن أبتاع في كلّ يوم مع اللحم قصب مخّ، وقيل: إنّ هذا لمولانا الصغير (عليه السلام).

المصدر الأصلي: الغيبة للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٢٢
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٣٩٦

كان بقم منجّم يهودي موصوف بالحذق بالحساب، فأحضره أحمد بن إسحاق وقال له: قد وُلد مولود في وقت كذا وكذا، فخذ الطالع واعمل له ميلاداً، فأخذ الطالع ونظر فيه وعمل عملاً له، وقال لأحمد بن إسحاق: لست أرى النجوم تدلّني فيما يوجبه الحساب أنّ هذا المولود لك، ولا يكون مثل هذا المولود إلّا نبيّاً أو وصيّ نبيّ، وإنّ النظر ليدلّ على أنّه يملك الدنيا شرقاً وغرباً وبرّاً وبحراً وسهلاً وجبلاً، حتّى لا يبقى على وجه الأرض أحد إلّا دان بدينه وقال بولايته.

المصدر الأصلي: كتاب النجوم
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٢٣
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٣٩٧

ويكنّى (عليه السلام) بأبي القاسم وهو ذو الاسمين خلف ومحمّد، يظهر في آخر الزمان وعلى رأسه غمامة تظلّه من الشمس تدور معه حيثما دار، تنادي بصوت فصيح: هذا المهديّ.

المصدر الأصلي: كشف الغمّة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥١
، ص٢٤