Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث في ما يعاين المؤمن من النعيم والجنان ورضوان الله تعالى وفي من يحضر من الأئمة (عليهم السلام) عند المؤمن في وقت احتضاره، وفي أن الشيطان يحاول أن يضل الإنسان في لحظات احتضاره، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٩٦

قال العسكري(عليه السلام): إنّ ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدّة علّة وعظيم ضيق صدره بما يخلف من أمواله، ولما هو عليه من اضطراب أحواله في معامليه وعياله، وقد بقيت في نفسه مرارتها وحسراتها، واقتطع دون أمانيّه فلم ينلها، فيقول له ملك الموت: ما لك تجرع غصصك؟ قال: لاضطراب أحوالي واقتطاعك لي دون آمالي، فيقول له ملك الموت: وهل يحزن عاقل من فقد درهم زائف واعتياض ألف ألف ضعف الدنيا؟ فيقول: لا، فيقول ملك الموت: فانظر فوقك، فينظر فيرى درجات الجنّة وقصورها التي تقصر دونها الأمانيّ.

فيقول ملك الموت: تلك منازلك ونعمك وأموالك وأهلك وعيالك، ومن كان من أهلك ههنا وذرّيّتك صالحاً فهم هناك معك، أ فترضى به بدلاً ممّا هناك؟ فيقول: بلى، والله، ثمّ يقول: انظر، فينظر فيرى محمّداً(صلى الله عليه وآله) وعليّاً(عليه السلام) والطيّبين من آلهما في أعلى علّيّين، فيقول: أ وتراهم؟ هؤلاء ساداتك وأئمّتك، هم هناك جلّاسك وآناسك، أ فما ترضى بهم بدلاً ممّن تفارق ههنا؟ فيقول: بلى، وربّي، فذلك ما قال الله تعالی: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ استَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحزَنُوا﴾;، فما أمامكم من الأهوال كفيتموها، ولا تحزنوا على ما تخلفونه من الذراري والعيال، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلاً منهم، ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾;، هذه منازلكم وهؤلاء ساداتكم آناسكم وجلّاسكم.

المصدر الأصلي: تفسير الإمام العسكري(عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٧٦-١٧٧
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٩٧

قال أبو حمزة الثمالي: قلت للباقر(عليه السلام): ما يصنع بأحدنا عند الموت؟ قال(عليه السلام): أما والله، يا أبا حمزة، ما بين أحدكم وبين أن يرى مكانه من الله ومكانه منّا إلّا أن يبلغ نفسه ههنا _ ثمّ أهوى بيده إلى نحره _ أ لا أبشّرك يا أبا حمزة؟ فقلت: بلى، جعلت فداك، فقال(عليه السلام): إذا كان ذلك أتاه رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعليّ(عليه السلام) معه، يقعد عند رأسه، فقال له _ إذا كان ذلك _ رسول الله(صلى الله عليه وآله): أ ما تعرفني؟ أنا رسول الله، هلمّ إلينا، فما أمامك خير لك ممّا خلّفت، أمّا ما كنت تخاف فقد أمنته، وأمّا ما كنت ترجو فقد هجمت عليه، أيّتها الروح، اخرجي إلى روح الله ورضوانه، ويقول له عليّ(عليه السلام) مثل قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ثمّ قال(عليه السلام): يا أبا حمزة، أ لا أخبرك بذلك من كتاب الله؟ قول الله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ۞ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾.

المصدر الأصلي: تفسير العيّاشي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٧٨
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٩٨

قال الأصبغ بن نباته: دخل الحارث الهمداني ١ على أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام) في نفر من الشيعة وكنت فيهم، فجعل الحارث يتّئد في مشيته ويخبط الأرض بمحجنه وكان مريضاً، فأقبل عليه أمير المؤمنين(عليه السلام) _ وكانت له منه منزلة _ فقال(عليه السلام): كيف تجدك يا حارث؟ فقال: نال الدهر يا أمير المؤمنين منّي، وزادني أوباً غليلاً، اختصام أصحابك ببابك. قال(عليه السلام): وفيم خصومتهم؟ قال: فيك وفي الثلاثة من قبلك، فمن مفرط منهم غالٍ ومقتصد تالٍ ومتردّد مرتاب، لا يدري أ يقدم أم يحجم؟

فقال(عليه السلام): حسبك يا أخا همدان، ألا إنّ خير شيعتي النمط الأوسط، إليهم يرجع الغالي وبهم يلحق التالي، فقال له الحارث: لو كشفت _ فداك أبي وأمّي _ الرين عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا؛ قال(عليه السلام): قدك، فإنّك امرؤ ملبوس عليك، إنّ دين الله لا يعرف بالرجال بل بآية الحقّ، فاعرف الحقّ تعرف أهله، يا حارث، إنّ الحقّ أحسن الحديث، والصادع به مجاهد، وبالحقّ أخبرك فارعني سمعك، ثمّ خبّر به من كانت له حصانة من أصحابك.

ألا إنّي عبد الله وأخو رسوله وصديقه الأوّل، قد صدّقته وآدم بين الروح والجسد، ثمّ إنّي صديقه الأوّل في أمّتكم حقّاً، فنحن الأوّلون، ونحن الآخرون، ونحن خاصّته يا حارث، وخالصته، وأنا صفوه ووصيّه ووليّه، وصاحب نجواه وسرّه، أوتيت فهم الكتاب وفصل الخطاب وعلم القرون والأسباب، واستودعت ألف مفتاح يفتح كلّ مفتاح ألف باب، يفضي كلّ باب إلى ألف عهد، وأيّدت واتّخذت وأمددت بليلة القدر نفلاً، وإنّ ذلك ليجري لي ولمن تحفّظ من ذرّيّتي ما جرى الليل والنهار حتّى يرث الله الأرض ومن عليها، وأبشّرك يا حارث، لتعرفني عند الممات، وعند الصراط، وعند الحوض، وعند المقاسمة، قال الحارث: وما المقاسمة؟ قال(عليه السلام): مقاسمة النار أقاسمها قسمة صحيحة، أقول: هذا وليّي فاتركيه، وهذا عدوّي فخذيه.

ثمّ أخذ أمير المؤمنين(عليه السلام) بيد الحارث فقال: يا حارث، أخذت بيدك كما أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بيدي، فقال لي _ وقد شكوت إليه حسد قريش والمنافقين لي _: إنّه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل الله وبحجزته _ يعني عصمته _ من ذي العرش تعالی‌، وأخذت أنت يا عليّ، بحجزتي، وأخذ ذرّيّتك بحجزتك، وأخذ شيعتكم بحجزتكم، فماذا يصنع الله بنبيّه؟ وما يصنع نبيّه بوصيّه؟ خذها إليك يا حارث، قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت ولك ما اكتسبت _ يقولها ثلاثاً _.

فقام الحارث يجرّ رداءه ويقول: ما أبالي بعدها متى لقيت الموت أو لقيني.

وأنشد أبو هاشم السيّد الحميري(رحمة الله عليه) فيما تضمّنه هذا الخبر:

قول عليّ لحارث عجب
كم ثمّ أعجوبة له حملاً

يا حار همدان من يمت يرني
من مؤمن أو منافق قبلاً

يعرفني طرفه وأعرفه
بنعته واسمه وما عملا

وأنت عند الصراط تعرفني
فلاتخف عثرة ولا زللاً

أسقيك من بارد على ظمأ
تخاله في الحلاوة العسلا

أقول للنار حين توقف للعرض
دعيه لا تقتلي الرجلا

دعيه لا تقربيه إنّ له
حبلاً بحبل الوصيّ متّصلاً

المصدر الأصلي: المجالس للمفيد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٧٨-١٨٠
(١) الحارث بن عبد الله الهمداني (م٦٥ه‍): یعرف بالحارث الأعور، من خواصّ أصحاب أمیرالمؤمنین عليّ(عليه السلام) وثقاته. راجع: أعیان الشیعة، ج٤، ص٣٦٥.
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٩٩

قال الحارث الهمداني: دخلت على عليّ(عليه السلام)، فقال: ما جاء بك؟ فقلت: حبّي لك يا أمير المؤمنين، فقال(عليه السلام): يا حارث، أ تحبّني؟ قلت: نعم، والله، يا أمير المؤمنين، قال(عليه السلام): أما لو بلغت نفسك الحلقوم رأيتني حيث تحبّ، ولو رأيتني وأنا أذود الرجال عن الحوض ذود غريبة الإبل لرأيتني حيث تحبّ، ولو رأيتني وأنا مارّ على الصراط بلواء الحمد بين يدي رسول الله(صلى الله عليه وآله) لرأيتني حيث تحبّ.

المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٨١
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٠٠

قال الصادق(عليه السلام): إنّ الشيطان ليأتي الرجل من أوليائنا عند موته، يأتيه عن يمينه وعن يساره ليصدّه عمّا هو عليه، فيأبى الله له ذلك، وكذلك قال الله: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾.

المصدر الأصلي: تفسير العيّاشي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٨٨-١٨٩
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٠١

قال الحسین بن عون: دخلت على السيّد بن محمّد الحميري ١ عائداً في علّته التي مات فيها، فوجدته يساق به، ووجدت عنده جماعة من جيرانه وكانوا عثمانية، وكان السيّد جميل الوجه رحب الجبهة عريض ما بين السالفين، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد، ثمّ لم تزل تزيد وتنمي حتّى طبّقت وجهه بسوادها. فاغتمّ لذلك من حضره من الشيعة، وظهر من الناصبة سرور وشماتة، فلم يلبث بذلك إلّا قليلاً، حتّى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء، فلم تزل تزيد أيضاً وتنمي حتّى أسفر وجهه وأشرق، وافترّ السيّد ضاحكاً مستبشراً فقال:

كذب الزاعمون أنّ عليّاً
لن ينجي محبّه من هنات

قد وربّي دخلت جنّة عدن
وعفا لي الإله عن سيّئاتي

فابشروا اليوم أولياء عليّ
وتوالوا الوصي حتّى الممات

ثمّ من بعده تولّوا بنيه
واحداً بعد واحد بالصفات

ثم أتبع قوله هذا: أشهد أن لا إله إلّا الله حقّاً حقّاً، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله حقّاً حقّاً، وأشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين حقّاً حقّاً، أشهد أن لا إله إلّا الله، ثمّ أغمض عينه لنفسه فكأنّما كانت روحه زبالة طفئت، أو حصاة سقطت.

قال الحسين بن عون: فقال: الله أكبر، ما من شهد كمن لم يشهد، أخبرني _ وإلّا صمّتا _ الفضيل بن يسار، عن الباقر وجعفر الصادق(عليهما السلام)، أنّهما قالا: حرام على روح أن تفارق جسدها حتّى ترى الخمسة: محمّداً(صلى الله عليه وآله) وعليّاً(عليه السلام) وفاطمة(عليها السلام) وحسناً(عليه السلام) وحسيناً(عليه السلام) بحيث تقرّ عينها، أو تسخن عينها.

فانتشر هذا الحديث في الناس، فشهد جنازته _ والله _ الموافق والمفارق.

المصدر الأصلي: كشف الغمّة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٩٢-١٩٣
(١) إسماعیل بن یزید الحمیري (م١٧٣ه‍): كان شاعراً حاذقاً حتی لقّب بالسیّد _ لسیادته في الشعر _ فغلب لقبه علی اسمه، في شعره تشیّع ظاهر. راجع: نسمة السحر، ج١، ص٣٦٦.
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٠٢

قال الجواد(عليه السلام): مرض رجل من أصحاب الرضا(عليه السلام)، فعاده فقال(عليه السلام): كيف تجدك؟ قال: لقيت الموت بعدك _ يريد ما لقيه من شدّة مرضه _ فقال(عليه السلام): كيف لقيته؟ قال: شديداً أليماً، قال(عليه السلام): ما لقيته إنّما لقيت ما يبدؤك به ويعرّفك بعض حاله، إنّما الناس رجلان: مستريح بالموت ومستراح منه، فجدّد الإيمان بالله وبالولاية تكن مستريحاً، ففعل الرجل ذلك، ثمّ قال: يا بن رسول الله، هذه ملائكة ربّي بالتحيّات والتحف يسلّمون عليك، وهم قيام بين يديك، فأذن لهم في الجلوس.

فقال الرضا(عليه السلام): اجلسوا ملائكة ربّي، ثمّ قال(عليه السلام) للمريض: سلهم، أمروا بالقيام بحضرتي؟ فقال المريض: سألتهم فذكروا أنّه لو حضرك كلّ من خلقه الله من ملائكته، لقاموا لك ولم يجلسوا حتّى تأذن لهم، هكذا أمرهم الله عزّ وجلّ، ثمّ غمض الرجل عينيه وقال: السلام عليك يا بن رسول الله، هذا شخصك ماثل لي مع أشخاص محمّد(صلى الله عليه وآله) ومن بعده الأئمّة(عليهم السلام) وقضى الرجل.

المصدر الأصلي: الدعوات
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٩٤-١٩٥
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٠٣

قال الصادق(عليه السلام): ما من أحد يحضره الموت إلّا وكّل به إبليس من شياطينه من يأمره بالكفر ويشكّكه في دينه حتّى تخرج نفسه، فمن كان مؤمناً لم يقدر عليه، فإذا حضرتم موتاكم فلقّنوهم شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً(صلى الله عليه وآله) رسول الله، حتّى يموت.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٩٥
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٦٠٤

قال سدیر الصیرفي: قلت للصادق(عليه السلام): جعلت فداك، يا ابن رسول الله، هل يكره المؤمن على قبض روحه؟ قال(عليه السلام): لا، والله، إنّه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك، فيقول له ملك الموت: يا وليّ الله، لا تجزع، فوالذي بعث محمّداً(صلى الله عليه وآله)، لأنا أبرّ بك وأشفق عليك من والد رحيم، لو حضرك افتح عينيك فانظر، قال(عليه السلام): ويمثّل له رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليه السلام) وفاطمة(عليها السلام) والحسن(عليه السلام) والحسين(عليه السلام) والأئمّة من ذرّيّتهم(عليهم السلام)، فيقال له: هذا رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليه السلام) وفاطمة(عليها السلام) والحسن(عليه السلام) والحسين(عليه السلام) والأئمّة(عليهم السلام) رفقاؤك، قال(عليه السلام): فيفتح عينيه، فينظر فينادي روحه منادٍ من قبل ربّ العزّة، فيقول: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ﴾ إلى محمّد(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته، ﴿ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً﴾ بالولاية، ﴿مَّرْضِيَّةً﴾ بالثواب، ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي﴾ يعني محمّداً(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته، ﴿وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾، فما من شيء أحبّ إليه من استلال روحه واللحوق بالمنادي. (ص١٩٦)

بيــان:
تذییل: اعلم أنّ حضور النبيّ(صلى الله عليه وآله) والأئمّةI عند الموت ممّا قد وردت به الأخبار المستفيضة، وقد اشتهر بين الشيعة غاية الاشتهار، وإنكار مثل ذلك لمحض استبعاد الأوهام، ليس من طريقة الأخبار، وأمّا نحو حضورهم وكيفيته فلا يلزم الفحص عنه، بل يكفي فيه وفي أمثاله الإيمان به مجملاً على ما صدر عنهم(عليهم السلام)، وما يقال: من أنّ هذا خلاف الحسّ والعقل:
أمّا الأوّل: فلأنّا نحضر الموتى إلى قبض روحهم ولا نرى عندهم أحداً، وأمّا الثاني: فلأنّه يمكن أن يتّفق في آنٍ واحد قبض أرواح آلاف من الناس في مشارق الأرض ومغاربها، ولا يمكن حضور الجسم في زمان واحد في أمكنة متعدّدة، فيمكن الجواب عن الأوّل بوجوه:
الأوّل: أنّ الله تعالی قادر على أن يحجبهم عن أبصارنا لضرب من المصلحة، كما ورد في أخبار الخاصّة والعامّة في تفسير قوله تعالی: ﴿جَعَلنَا بَينَكَ وَبَينَ الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّستُورًا﴾؛ أنّ الله تعالی أخفى شخص النبيّ(صلى الله عليه وآله) عن أعدائه مع أنّ أولياءه كانوا يرونه، وإنكار أمثال ذلك يفضي إلى إنكار أكثر معجزات الأنبياء والأوصياء، وقد مرّ فيما نقلنا من تفسير العسكري(عليه السلام) التصريح بهذا الوجه.
الثاني: أنّه يمكن أن يكون حضورهم بجسد مثالي لطيف لا يراه غير المحتضر، كحضور ملك الموت وأعوانه، وستأتي الأخبار في سائر الموتى أنّ أرواحهم في البرزخ تتعلّق بأجساد مثاليّة، وأمّا الحيّ من الأئمّة(عليهم السلام) فلا يبعد تصرّف روحه لقوّته في جسد مثالي أيضاً.
الثالث: أنّه يمكن أن يخلق الله تعالی لكلّ منهم مثالاً بصورته، وهذه الأمثلة يكلّمون الموتى ويبشّرونهم من قبلهم كما ورد في بعض الأخبار بلفظ التمثيل.
الرابع: أنّه يمكن أن يرتسم صورهم في الحسّ المشترك، بحيث يشاهدهم المحتضر ويتكلّم معهم كما في المبرسم.
الخامس: ما ذكره السيّد المرتضى(رحمة الله عليه) وهو أنّ المعنى أنّه يعلم في تلك الحال ثمرة ولايتهم وانحرافه عنهم؛ لأنّ المحبّ لهم يرى في تلك الحال ما يدلّه على أنّه من أهل الجنّة، وكذا المبغض لهم يرى ما يدلّه على أنّه من أهل النار، فيكون حضورهم وتكلّمهم استعارة تمثيليّة، ولا يخفى أنّ الوجهين الأخيرين بعيدان عن سياق الأخبار، بل مثل هذه التأويلات ردّ للأخبار، وطعن في الآثار.
وأمّا الجواب عن الوجه الثاني: فبأنّه إنّما يتمّ الشبهة إذا ثبت وقوع هذا الاتّفاق، ومحض الإمكان لا يكفي في ذلك، مع أنّه إذا قلنا بأنّ حضورهم في الأجساد المثاليّة يمكن أن يكون لهم أجساد مثاليّة كثيرة، لما جعل الله لهم من القدرة الكاملة التي بها امتازوا عن سائر البشر.
وفي الوجوه الثلاثة الأخيرة على تقدير صحّتها اندفاع هذا الإيراد ظاهر، والأحوط والأولى في أمثال تلك المتشابهات الإيمان بها، وعدم التعرّض لخصوصيّاتها وتفاصيلها وإحالة علمها إلى العالم كما مرّ في الأخبار التي أوردناها في باب التسليم، ﴿وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص٢٠٠-٢٠٢