Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث في الاستخارة للغير وفي كيفية هذه الاستخارة وهل يجوز للمؤمن أن يستخير لغيره أم لا؟ وفي كلام السيد ابن طاووس حول الاستخارة، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٨٨٩٦

قال السيّد ابن طاووس (رحمه الله): اعلم أنّي ما وجدت حديثاً صريحاً أنّ الإنسان يستخير لسواه، لكن وجدت أحاديث كثيرة تتضمّن الحثّ على قضاء حوائج الإخوان من الله جلّ جلاله بالدعوات وساير التوسّلات، حتّى رأيت في الأخبار من فوائد الدعاء للإخوان ما لا أحتاج إلى ذكره الآن لظهوره بين الأعيان، والاستخارات على سائر الروايات هي من جملة الحاجات ومن جملة الدعوات، واستخارة الإنسان عن غيره داخلة في عموم الأخبار الواردة بما ذكرناه، لأنّ الإنسان إذا كلّفه غيره من الإخوان الاستخارة في بعض الحاجات فقد صارت الحاجة للذي يباشر الاستخارات فيستخير لنفسه وللذي يكلّفه الاستخارة.

أمّا استخارته لنفسه بأنّه هل المصلحة للذي يباشر الاستخارة في القول لمن يكلّفه الاستخارة، وهل المصلحة للذي يكلّفه الاستخارة في الفعل أو الترك؟ وهذا ممّا يدخل تحت عموم الروايات بالاستخارات، وبقضاء الحاجات، وما يتوقّف هذا على شيء يختصّ به في الروايات.

بيــان:
ما ذكره السيّد (رحمه الله) من جواز الاستخارة للغير لا يخلو من قوّة للعمومات، لاسيّما إذا قصد النائب لنفسه أن يقول للمستخير: افعل أم لا؟ كما أومأ إليه السيّد (رحمه الله)، وهو حيلة لدخولها تحت الأخبار الخاصّة، لكنّ الأولى والأحوط أن يستخير صاحب الحاجة لنفسه، لأنّا لم نر خبراً ورد فيه التوكيل في ذلك، ولو كان ذلك جائزاً أو راجحاً لكان الأصحاب يلتمسون من الأئمّة (عليهم السلام) ذلك، ولو كان ذلك لكان منقولاً لا أقلّ في رواية، مع أنّ المضطرّ أولى بالإجابة ودعاؤه أقرب إلى الخلوص عن نيّة ...
وجدت في كتاب محمّد بن جرير الطبري الذي سمّاه كتاب الآداب الحميدة، نقلته بحذف الإسناد عن روح بن الحارث عن أبيه عن جدّه، أنّه قال لبنيه: يا بنيّ، إذا دهمكم أمر أو أهمّكم فلا يبيتنّ أحدكم إلّا وهو طاهر على فراش ولحاف طاهرين، ولا يبيتنّ ومعه امرأة، ثمّ ليقرأ ﴿وَالشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا﴾ سبعاً، ﴿وَالَّيۡلِ﴾ سبعاً، ثمّ ليقل: «اللّهمّ اجعل لي من أمري هذا فرجاً» فإنّه يأتيه آتٍ في أوّل ليلة أو في الثالثة أو في الخامسة _ وأظنّه قال: أو في السابعة _ يقول له: المخرج ممّا
أنت فيه كذا.
قال أنس: فأصابني وجع لم أدر كيف آتي له، ففعلت أوّل ليلة، فأتاني اثنان: فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، ثمّ قال أحدهما للآخر: حسّه، فلمس جسدي كلّه فلمّا انتهى إلى موضع من رأسي قال: احتجم ههنا ولا تحلق، ولكن اطله بغراء ثمّ التفت إليّ أحدهما أو كلاهما، فقال لي: فكيف لو ضممت إليهما التين والزيتون؟ قال: فاحتجمت فبرأت، وأنا فلست أحدّث أحداً به إلّا حصل له الشفاء، قال آخر: وجرّبته فصحّ. (ص٢٨٥-٢٨٦)
المصدر الأصلي: فتح الأبواب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٨٨
، ص٢٨٥
فذلكة: أظنّ أنّه قد اتّضح لك ممّا قرع سمعك، ومرّ عليه نظرك في الأبواب السابقة، أنّ الأصل في الاستخارة الذي يدلّ عليه أكثر الأخبار المعتبرة، هو أن لا يكون الإنسان مستبدّاً برأيه، معتمداً على نظره وعقله، بل يتوسّل بربّه تعالی، ويتوكّل عليه في جميع أموره، ويقرّ عنده بجهله بمصالحه، ويفوّض جميع ذلك إليه، ويطلب منه أن يأتي بما هو خير له في أخراه وأولاه، كما هو شأن العبد الجاهل العاجز مع مولاه العالم القادر، فيدعو بأحد الوجوه المتقدّمة مع الصلاة أو بدونها، بل بما يخطر بباله من الدعاء إن لم يحضره شيء من ذلك للأخبار العامّة، ثمّ يأخذ فيما يريد ثمّ يرضى بكلّ ما يترتّب على فعله من نفع أو ضرّ.
وبعد ذلك الاستخارة من الله سبحانه، ثمّ العمل بما يقع في قلبه ويغلب على ظنّه أنّه أصلح له، وبعده الاستخارة بالاستشارة بالمؤمنين، وبعده الاستخارة بالرقاع أو البنادق أو القرعة بالسبحة والحصا، أو التفؤّل بالقرآن الكريم.
والظاهر جواز جميع ذلك كما اختاره أكثر أصحابنا، وأوردوها في كتبهم الفقهية والدعوات وغيرها، وقد اطّلعت ههنا على بعضها، وأنكر ابن إدريس (رحمه الله) الشقوق الأخيرة، وقال: إنّها من أضعف أخبار الآحاد وشواذّ الأخبار، لأنّ رواتها فطحية ملعونون مثل زرعة وسماعة وغيرهما، فلا يلتفت إلى ما اختصّا بروايته ولا يعرّج عليه، قال: والمحصّلون من أصحابنا ما يختارون في كتب الفقه إلّا ما اخترناه، ولا يذكرون البنادق والرقاع والقرعة إلّا في كتب العبادات دون كتب الفقه، وذكر أنّ الشيخين وابن البرّاج لم يذكروها في كتبهم الفقهية، ووافقه المحقّق فقال: وأمّا الرقاع وما يتضمّن افعل ولا تفعل ففي حيّز الشذوذ، فلا عبرة بهما.
وأصل هذا الكلام من المفيد (رحمه الله) في المقنعة، حيث أورد أوّلاً أخبار الاستخارة بالدعاء والاستشارة وغيرهما ممّا ذكرنا أوّلاً، ثمّ أورد استخارة ذات الرقاع وكيفيتها، ثمّ قال: وهذه الرواية شاذّة ليست كالذي تقدّم، لكنّا أوردناها للرخصة دون تحقيق العمل بها انتهى. ولعلّه ممّا ألحقه أخيراً في الهامش فأدرجوه في المتن.
وقال السيّد بن طاووس (رحمه الله): عندي من المقنعة نسخة عتيقة جليلة كتبت في حياة المفيد (رحمه الله) وليست فيه هذه الزيادة، ولعلّها قد كانت من كلام غير المفيد على حاشية المقنعة، فنقلها بعض الناسخين فصارت في الأصل، ثمّ أوّلها على تقدير كونها من الشيخ بتأويلات كثيرة، وأجاب عن كلام المحقّق وابن إدريس (رحمه الله) بوجوه شتّى لم نتعرّض لها لقلّة الجدوى.
وقال الشهيد _ رفع الله درجته _ في الذكرى: وإنكار ابن إدريس الاستخارة بالرقاع لا مأخذ له مع اشتهارها بين الأصحاب، وعدم رادّ لها سواه، ومن أخذ مأخذه _ كالشيخ نجم الدين _ قال: وكيف تكون شاذّة وقد دوّنها المحدّثون في كتبهم، والمصنّفون في مصنّفاتهم، وقد صنّف السيّد العالم العابد صاحب الكرامات الظاهرة والمآثر الباهرة، رضيّ الدين أبو الحسن عليّ بن طاوس الحسني (رحمه الله) كتاباً ضخماً في الاستخارات، واعتمد فيه على رواية الرقاع، وذكر من آثارها عجائب وغرائب أراه الله تعالی إيّاها، وقال: إذا توالى الأمر في الرقاع فهو خير محض، وإن توالى النهي فذلك الأمر شرّ محض، وإن تفرّقت كان الخير والشرّ موزّعاً بحسب تفرّقها على أزمنة ذلك الأمر بحسب ترتّبها. (ص٢٨٧-٢٨٨)