Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث في الحالات التي انفرد بها رسول الله (ص) دون سائر الأنبياء والملائكة وبيان حول ذلك، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٧٩٧٢

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لي مع الله وقت لا يسعني ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل. ١

بيــان:
ثمّ إنّه يظهر من هذا الخبر ٢ أنّ الصلاة لمّا كانت معراج المؤمن فكما أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) نفض عن ذيله الأطهر علائق الدنيا الدنيّة وتوجّه إلى عرش القرب والوصال ومكالمة الكبير المتعال، وكلّما خرق حجاباً من الحجب الجسمانية كـبّر الربّ تعالی، وكشف بسببه حجاباً من الحجب العقلانية حتّى وصل إلى عرش العظمة والجلال، ودخل مجلس الأنس والوصال، فبعد رفع الحجب المعنوية بينه وبين مولاه كلّمه وناجاه، فاستحقّ لأن يتجلّى له نور من أنوار الجبروت، فركع وخضع لذلك النور، فاستحقّ أن يتجلّى عليه نور أعلى منه، فرفع رأسه وشاهده وخرّ ساجداً لعظمته.

ثمّ بعد طيّ تلك المقامات والوصول إلى درجة الشهود والاتّصال بالربّ الودود، رفع له الأستار من البين، وقرّبه إلى مقام قاب قوسين، فأكرمه بأن يقرن اسمه باسمه في الشهادتين، ثمّ حباه بالصلاة عليه وعلى أهل بيته المصطفين، فلمّا لم يكن بعد الوصول إلّا السلام أكرمه بهذا الانعام، أو أمره بأن يسلّم على مقرّبي جنابه الذين فازوا قبله بمثل هذا المقام، تشريفاً له بإنعامه، وتأليفاً بين مقرّبي جنابه، أو أنّه لمّا أذنه بالرجوع عن مقام «لي مع الله» الذي لا يرحمه فيه سواه، ولم يخطر بباله غير مولاه، التفت إليهم فسلّم عليهم، كما يومي إليه هذا الخبر.

فكذا ينبغي للمؤمن إذا أراد أن يتوجّه إلى جنابه تعالی بعد تشبّثه بالعلائق الدنيّة، وتوغّله في العلائق الدنيوية أن يدفع عنه الأنجاس الظاهرة والباطنة، ويتحلّى بما يستر عورته الجسمانية والروحانية، ويتعطّر بروائح الأخلاق الحسنة، ويتطهّر من دنس الذنوب والأخلاق الذميمة، ويخرج من بيته الأصنام والكلاب والصور والخمور الصورية، وعن قلبه صور الأغيار وكلب النفس الأمّارة، وسكر الملك والمال والعزّة، وأصنام حبّ الذهب والفضّة والأموال والأولاد والنساء وسائر الشهوات الدنيوية.

ثمّ يتذكّر بالأذان والإقامة ما نسيه بسبب الاشتغال بالشبهات والأعمال من عظمة الله وجلاله ولطفه وقهره وفضل الصلاة وسائر العبادات مرّة بعد أخرى، ويتذكّر أمور الآخرة وأهوالها وسعاداتها وشقاواتها عند الاستنجاء والوضوء والغسل وأدعيتها إذا علم أسرارها، ثمّ يتوجّه إلى المساجد التي هي بيوت الله في الأرض، ويخطر بباله عظمة صاحب البيت وجلاله إذا وصل إلى أبوابها، فلا يكون عنده أقلّ عظمة من أبواب الملوك الظاهرة التي إذا وصل إليها دهش وتحيّر وارتعد وخضع واستكان.

فإذا دخل المسجد وقرب المحراب الذي هو محلّ مجاذبة النفس والشيطان استعاذ بالكريم الرحمن من شرورهما وغرورهما، وتوجّه بصورته إلى بيت الله وبقلبه إلى الله، وأعرض عن كلّ شيء سواه، ثمّ يستفتح صلاته بتكبير الله وتعظيمه، ليضمحلّ في نظره من عداه، ويخرق بكلّ تكبير حجاباً من الحجب الظلمانية الراجعة إلى نقصه، والنورانية الراجعة إلى كمال معبوده، فيقبل بعد تلك المعرفة والانقياد والتسليم بشراره إلى العليم الحكيم، واستعان في أموره باسم المعبود الرحمن الرحيم، ويحمده على نعمائه، ويقرّ بأنّه ربّ العالمين، وأخرجه من كتم العدم إلى أن أوصله إلى مقام العابدين.

ثمّ بأنّه الرحمن الرحيم وبأنّه مالك يوم الدين، يجزي المطيعين والعاصين، وإذا عرفه بهذا الوجه استحقّ لأن يرجع من مقام الغيبة إلى الخطاب مستعيناً بالكريم الوهّاب، ويطلب منه الصراط المستقيم وصراط المقرّبين والأنبياء والأئمّة المکـرّمين، مقرّاً بأنّهم على الحقّ واليقين وأنّ أعدائهم ممّن غضب الله عليهم ولعنهم ومن الضالّين، ويتبرّأ منهم ومن طريقتهم تبرّأ الموقنين.

ثمّ يصفه سبحانه بتلاوة التوحيد بالوحدانية والتنزيه عمّا لا يليق بذاته وصفاته، فإذا عبد ربّه بتلك الشرائط وعرفه بتلك الصفات، يتجلّى له نور من أنوار الجلال، فيخضع لذلك بالركوع والخضوع، ويقرّ بأنّي أعبدك وإن ضربت عنقي، ثمّ بعد هذا الخضوع والانقياد يستحقّ معرفة أقوى ويناسبه خضوع أدنى، فيقرّ بأنّك خلقتني من التراب، والمخلوق منه خليق بالتذلّل عند ربّ الأرباب، ثمّ بأنّك تعيدني بعد الموت إلى التراب، فيناسب تلك الحالة خضوع آخر.

فإذا عبد الله بتلك الآداب إلى آخر الصلاة، وخاض في خلال ذلك بحار جبروته، واكتسب أنوار فيضه ومعرفته، وصل إلى مقام القرب والشهود، فيقرّ بوحدانية معبوده، ويثني على مقرّبي جنابه، ثمّ يسلّم عليهم بعد الحضور والشهود، وفي هذا المقام لطائف ودقائق لا يسع المقام ذكرها، وأوردنا شذراً منها في بعض مؤلّفاتنا، وإنّما أومأنا ههنا إلى بعضها لمناسبة شرح الرواية، والله وليّ التوفيق والهداية. (ص٢٤٨-٢٥١)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٧٩
، ص٢٤٣
(١) روی المجلسي (رحمه الله) هذه الروایة بدون ذكر المصدر.
(٢) وهي إشارة إلی الخبر الذي صرّح بتعلیم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كیفيّة الصلاة في المعراج. راجع: بحار الأنوار، ج٧٩، ص٢٣٧، الرقم١.