Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث في حوار النبي (ص) مع اليهود والنصارى، وفي ما نزل من القرآن في شأنهم، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٦١

﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّن أَهلِ الكِتَابِ﴾ نزلت في حييّ بن أخطب وأخيه أبي ياسر بن أخطب، وقد دخلا على النبيّ صلى الله عليه وآله حين قدم المدينة، فلمّا خرجا قيل لحييّ: هو نبيّ؟ فقال: هو هو، فقيل: ما له عندك؟ قال: العداوة إلى الموت، وهو الذي نقض العهد وأثار الحرب يوم الأحزاب.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٦٢

قال الطبرسي رحمة الله عليه: قيل: نزلت قوله تعالی ﴿لاَ إِكرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ في رجل من الأنصار كان له غلام أسود يقال له صبح، وكان يكرهه على الإسلام، وقيل: في رجل من الأنصار يدعى أبا الحصين، وكان له ابنان فقدم تجّار الشام إلى المدينة يحملون الزيت.

فلمّا أرادوا الرجوع أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصّرا ومضيا إلى الشام، فأخبر أبو الحصين رسول الله صلى الله عليه وآله، فأنزل الله سبحانه: ﴿لاَ إِكرَاهَ فِي الدِّينِ﴾، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أبعدهما الله، هما أوّل من كفر؛ فوجد أبو الحصين في نفسه على النبيّ صلى الله عليه وآله حيث لم يبعث في طلبهما، فأنزل الله سبحانه: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ﴾.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٦-١٧
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٦٣

قال الطبرسي رحمة الله عليه: قيل: نزلت قوله تعالی: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ﴾ في الزبير ورجل من الأنصار، خاصمه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في شراج ١ الحرّة، كانا يسقيان بها النخل كلاهما، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله للزبير: اسق ثمّ أرسل إلى جارك.

فغضب الأنصاري وقال: يا رسول الله، لأن كان ابن عمّتك؟ فتلوّن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله، ثمّ قال للزبير: اسق ثمّ احبس الماء حتّى يرجع إلى الجدر واستوف حقّك، ثمّ أرسل الماء إلى جارك، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أشار على الزبير برأي فيه السعة له ولخصمه، فلمّا أحفظ رسول الله صلى الله عليه وآله استوعب للزبير حقّه من صريح الحكم، ويقال: إنّ الرجل كان حاطب بن أبي بلتعة.

قال الراوي: ثمّ خرجا فمرّا على المقداد، فقال: لمن كان القضاء يا أبا بلتعة؟ قال: قضى لابن عمّته _ ولوّى شدّقه _؛ ففطن لذلك يهودي كان مع المقداد، فقال: قاتل الله هؤلاء، يزعمون أنّه رسول ثمّ يتّهمونه في قضاء يقضي بينهم، وأيم الله، لقد أذنبنا مرّة واحدة في حياة موسى عليه السلام، فدعانا موسى عليه السلام إلى التوراة، فقال:﴿اقتُلُوا أَنفُسَكُم﴾، ففعلنا، فبلغ قتلانا سبعين ألفاً في طاعة ربّنا حتّى رضي عنّا.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٩-٢٠
(١) «الشِراج»: جمع «الشَرجَة»: وهي مسيل الماء من الحرّة إلى السهل. النهاية في غريب الحديث والأثر، ج٢، ص٤٥٦.
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٦٤

مرّ الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده صهيب وخبّاب وبلال وعمّار وغيرهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمّد، أ رضيت بهؤلاء من قومك؟ أ فنحن نكون تبعاً لهم؟ أ هؤلاء الذين منّ الله عليهم؟ اطردهم عنك فلعلّك إن طردتهم اتّبعناك، فأنزل الله تعالی: ﴿وَلاَ تَطرُدِ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ﴾.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٣٢
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٦٥

قال الباقر عليه السلام، في قوله تعالی ﴿وَاتلُ عَلَيهِم نَبَأَ الذي آتَينَاهُ آيَاتِنَا﴾: الأصل في ذلك بلعم، ثمّ ضربه الله مثلاً لكلّ مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٣٦
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٦٦

قال الطبرسي رحمة الله عليه: قيل: نزلت قوله تعالی ﴿وَمِنهُم مَّن عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ في ثعلبة بن حاطب وكان من الأنصار، قال للنبيّ صلى الله عليه وآله: ادع الله أن يرزقني مالاً، فقال صلى الله عليه وآله: يا ثعلبة، قليل تؤدّي شكره خير من كثير لا تطيقه، أ ما لك في رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة؟ والذي نفسي بيده، لو أردت أن تسير الجبال معي ذهباً وفضّة لسارت.

ثمّ أتاه بعد ذلك، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يرزقني مالاً، والذي بعثك بالحقّ، لئن رزقني الله مالاً لأعطينّ كلّ ذي حقّ حقّه، فقال صلى الله عليه وآله: اللّهمّ ارزق ثعلبة مالاً.

قال: فاتّخذ غنماً فنمت كما ينمي الدود، فضاقت عليه المدينة فتنحّى عنها فنزل وادياً من أوديتها، ثمّ كثرت نموّاً حتّى تباعد من المدينة، فاشتغل بذلك عن الجمعة والجماعة، وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله المصدّق ليأخذ الصدقة فأبى وبخل، وقال: ما هذه إلّا أخت الجزية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة، فأنزل الله الآيات.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٤٠
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٦٧

قال الطبرسي رحمة الله عليه: قال الباقر عليه السلام في قوله تعالی ﴿وَآخَرُونَ اعتَرَفُوا بِذُنُوبِهِم﴾: أنّها نزلت في أبي لبابة، ولم يذكر معه غيره، وسبب نزولها فيه ما جرى منه في بني قريظة حين قال: إن نزلتم على حكمه فهو الذبح، وبه قال مجاهد.

وقيل: نزلت فيه خاصّة حين تأخّر عن النبيّ صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك، فربط نفسه بسارية _ على ما تقدّم ذكره عن الزهري _ ثمّ قال أبو لبابة: يا رسول الله، إنّ من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي كلّه، قال صلى الله عليه وآله: يجزيك يا أبا لبابة الثلث.

وفي جميع الأقوال أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ثلث أموالهم، وترك الثلثين؛ لأنّ الله تعالی قال: ﴿خُذ مِن أَموَالِهِم﴾، ولم يقل: خذ أموالهم.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٤٢-٤٣
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٦٨

قال الطبرسي رحمة الله عليه: نزل قوله ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤمِنِينَ اقتَتَلُوا﴾ في الأوس والخزرج وقع بينهما قتال بالسعف والنعال، عن ابن جبير. وقيل: نزل في رهط عبد الله بن أبيّ بن سلول من الخزرج، ورهط عبد الله بن رواحة من الأوس، وسببه أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وقف على عبد الله بن أبيّ، فراث حمار رسول الله صلى الله عليه وآله، فأمسك عبد الله أنفه، وقال: إليك عنّي، فقال عبد الله بن رواحة: لحمار رسول الله صلى الله عليه وآله أطيب ريحاً منك ومن أبيك، فغضب قومه وأعان ابن رواحة قومه، وكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٥٣-٥٤
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٦٩

قال الطبرسي رحمة الله عليه: نزلت قوله ﴿وَلَا يَغتَب بَّعضُكُم بَعضًا﴾ في رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله اغتابا رفيقهما وهو سلمان، بعثاه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ليأتي لهما بطعام، فبعثه إلى أسامة بن زيد، وكان خازن رسول الله صلى الله عليه وآله على رحله، فقال: ما عندي شيء، فعاد إليهما فقالا: بخل أسامة، وقالا لسلمان: لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها.

ثمّ انطلقا يتجسّسان هل عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لهما: ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما؟ قالا: يا رسول الله، ما تناولنا يومنا هذا لحماً، قال صلى الله عليه وآله: ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة، فنزلت الآية.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٥٤
الحديث: ١٠
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٧٠

قال الطبرسي رحمة الله عليه في قوله تعالی ﴿قَد سَمِعَ الله﴾: نزلت الآيات في امرأة من الأنصار ثمّ من الخزرج اسمها خولة بنت خويلد، عن ابن عبّاس. وقيل: خولة بنت ثعلبة، عن قتادة والمقاتلين، وزوجها أوس بن الصامت، وذلك أنّها كانت حسنة الجسم، فرآها زوجها ساجدة في صلاتها فلمّا انصرفت أرادها فأبت عليه، فغضب عليها _ وكان امرءً فيه سرعة ولمم _ فقال لها: أنت عليّ كظهر أمّي، ثمّ ندم على ما قال.

وكان الظهار من طلاق أهل الجاهلية، فقال لها: ما أظنّك إلّا وقد حرّمت عليّ، فقالت: لا تقل ذلك وائت رسول الله صلى الله عليه وآله، فاسأله، فقال: إنّي أجدني أستحيى منه أن أسأله عن هذا، قالت: فدعني أسأله، فقال: سليه.

فأتت النبيّ صلى الله عليه وآله وعائشة تغسل شقّ رأسه، فقالت: يا رسول الله، إنّ زوجي أوس بن الصامت تزوّجني وأنا شابّة غانية ذات مال وأهل، حتّى إذا أكل مالي، وأفنى شبابي، وتفرّق أهلي، وكبر سنّي ظاهر منّي، وقد ندم، فهل من شيء تجمعني وإيّاه تنعشني به؟ فقال صلى الله عليه وآله: ما أراك إلّا حرمت عليه.

فقالت: يا رسول الله، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً، وإنّه أبو ولدي، وأحبّ الناس إليّ؛ فقال صلى الله عليه وآله: ما أراك إلّا حرمت عليه، ولم أؤمر في شأنك بشيء.

فجعلت تراجع رسول الله صلى الله عليه وآله، وإذا قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: حرمت عليه، هتفت وقالت: أشكو إلى الله فاقتي وحاجتي وشدّة حالي؛ اللّهمّ فأنزل على لسان نبيّك، وكان هذا أوّل ظهار في الإسلام.

فقامت عائشة تغسل شقّ رأسه الآخر، فقالت: انظر في أمري _ جعلني الله فداك _ يا نبيّ الله، فقالت عائشة: اقصري حديثك ومجادلتك، أ ما ترين وجه رسول الله صلى الله عليه وآله؟ وكان صلى الله عليه وآله إذا نزل عليه الوحي أخذه مثل السبات، فلمّا قضي الوحي، قال صلى الله عليه وآله: ادعي زوجك، فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وآله: ﴿;قَد سَمِعَ الله قَولَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوجِهَا وَتَشتَكِي إِلَى الله﴾ إلى تمام الآيات.

قالت عائشة: تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلّها، إنّ المرأة لتحاور رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا في ناحية البيت أسمع بعض كلامها ويخفى عليّ بعضه إذ أنزل الله ﴿قَد سَمِعَ الله﴾.

فلمّا تلا عليه الآيات، قال له: هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ قال: إذاً يذهب مالي كلّه، والرقبة غالية وأنا قليل المال، فقال صلى الله عليه وآله: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ فقال: والله يا رسول الله، إنّي إذاً لم آكل في اليوم ثلاث مرّات كلّ بصري، وخشيت أن يغشى عيني؛ قال صلى الله عليه وآله: فهل تستطيع أن تطعم ستّين مسكيناً؟ قال: لا والله، إلّا أن تعينني على ذلك يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله: إنّي معينك بخمسة عشر صاعاً، وأنا داعٍ لك بالبركة، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وآله بخمسة عشر صاعاً ودعا له بالبركة، فاجتمع لهما أمرهما.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٥٧-٥٨
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٧١

قال الطبرسي رحمة الله عليه في قوله تعالی: ﴿وَإِذَا رَأَوا تِجَارَةً﴾: قال جابر بن عبد الله: أقبلت عير ونحن نصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وآله الجمعة فانفضّ الناس إليها، فما بقي غير اثنى عشر رجلاً أنا فيهم، فنزلت الآية.

وقال الحسن وأبو مالك: أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر، فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام، والنبيّ صلى الله عليه وآله يخطب يوم الجمعة، فلمّا رأوه قاموا إليه بالبقيع خشية أن يسبقوا إليه، فلم يبق مع النبيّ صلى الله عليه وآله إلّا رهط، فنزلت، فقال صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده، لو تتابعتم حتّى لا يبقى أحد منكم لسال بكم الوداي ناراً.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٥٩
الحديث: ١٢
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٧٢

قال ابن عبّاس: إنّ رجلاً كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال، وكان الرجل إذا جاء فدخل الدار وصعد النخلة ليأخذ منها التمر، فربما سقطت التمرة فيأخذها صبيان الفقير، فينزل الرجل من النخلة حتّى يأخذ التمر من أيديهم، فإن وجدها في في أحدهم أدخل إصبعه حتّى يخرج التمر من فيه.

فشكا ذلك الرجل إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وأخبره بما يلقى من صاحب النخلة؛ فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله: اذهب، ولقي رسول الله صلى الله عليه وآله صاحب النخلة، فقال: تعطني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنّة؟ فقال له الرجل: إنّ لي نخلاً كثيراً، وما فيه نخلة أعجب إليّ ثمرة منها.

قال: ثمّ ذهب الرجل، فقال رجل كان يسمع الكلام من رسول الله صلى الله عليه وآله: يا رسول الله، أ تعطيني بما أعطيت الرجل نخلة في الجنّة إن أنا أخذتها؟ قال صلى الله عليه وآله: نعم، فذهب الرجل ولقي صاحب النخلة فساومها منه، فقال له: أ شعرت أنّ محمّداً أعطاني بها نخلةً في الجنّة؟ فقلت له: يعجبني تمرها وإنّ لي نخلاً كثيراً، فما فيه نخلة أعجب إليّ تمرة منها.

فقال له الآخر: أ تريد بيعها؟ فقال: لا، إلّا أن أعطى بها ما لا أظنّه أعطى، قال: فما مناك؟ قال: أربعون نخلة، فقال الرجل: جئت بعظيم، تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة؟ ثمّ سكت عنه، فقال له: أنا أعطيك أربعين نخلة، فقال له: أشهد إن كنت صادقاً، فمرّ إلى ناس فدعاهم، فأشهد له بأربعين نخلة.

ثمّ ذهب إلى النبيّ صلى الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله، إنّ النخلة قد صارت في ملكي فهي لك، فذهب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صاحب الدار، فقال له: النخلة لك ولعيالك، فأنزل الله تعالی: ﴿وَاللَّيلِ إِذَا يَغشَى﴾ السورة.

وقال عطا: اسم الرجل أبو الدحداح، ﴿فَأَمَّا مَن أَعطَى وَاتَّقَى﴾ هو أبو الدحداح ﴿وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاستَغنَى﴾ هو صاحب النخلة؛ وقوله: ﴿لَا يَصلَاهَا إِلَّا الأَشقَى﴾ هو صاحب النخلة؛ ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتقَى﴾ أبو الدحداح؛ ﴿وَلَسَوفَ يَرضَى﴾ إذا أدخله الجنّة، قال: فكان النبيّ صلى الله عليه وآله يمرّ بذلك الحشّ وعذوقه دانية، فيقول: عذوق وعذوق لأبي الدحداح في الجنّة.

والأولى أن تكون الآيات محمولة على عمومها في كلّ من يعطي حقّ الله من ماله، وكلّ من يمنع حقّه سبحانه؛ وروى العيّاشي ذلك بإسناده عن سعد الإسكاف، عن الباقر عليه السلام.

المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٦٠-٦١
الحديث: ١٣
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٧٣

فإنّه كان سبب نزول ﴿وَلاَ تَطرُدِ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم﴾ أنّه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمّون أصحاب الصفّة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أمرهم أن يكونوا في صفّة يأوون إليها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتعاهدهم بنفسه، وربما حمل إليهم ما يأكلون، وكانوا يختلفون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيقرّبهم ويقعد معهم ويؤنسهم، وكان إذا جاء الأغنياء والمترفون من أصحابه ينكرون ذلك عليه ويقولون له: اطردهم عنك.

فجاء يوماً رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده رجل من أصحاب الصفّة قد لزق برسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله صلى الله عليه وآله يحدّثه، فقعد الأنصاري بالبعد منهما، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: تقدّم، فلم يفعل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لعلّك خفت أن يلزق فقره بك؟ فقال الأنصاري: اطرد هؤلاء عنك، فأنزل الله: ﴿وَلَا تَطرُدِ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ﴾.

ثمّ قال: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعضَهُم بِبَعضٍ﴾ أي اختبرنا الأغنياء بالغنى لننظر كيف مواساتهم للفقراء؟ وكيف يخرجون ما فرض الله عليهم في أموالهم لهم؟ واختبرنا الفقراء لننظر كيف صبرهم على الفقر وعمّا في أيدي الأغنياء؟ ﴿لِيَقُولوا﴾ أي الفقراء، ﴿أَ هَؤُلاء﴾ الأغنياء، ﴿مَنَّ الله عَلَيهِم﴾.

المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٦٦-٦٧
الحديث: ١٤
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٧٤

نزلت ﴿وَمِنهُم مَّن يَلمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾ فإنّها لمّا جاءت الصدقات، وجاء الأغنياء وظنّوا أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله يقسّمها بينهم، فلمّا وضعها رسول الله صلى الله عليه وآله في الفقراء تغامزوا برسول الله صلى الله عليه وآله ولمزوه، وقالوا: نحن الذين نقوم في الحرب ونغزو معه ونقوّي أمره، ثمّ يدفع الصدقات إلى هؤلاء الذين لا يعينونه ولا يغنون عنه شيئاً، فأنزل الله: ﴿وَلَو أَنَّهُم رَضُوا﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّا إِلَى الله رَاغِبُونَ﴾.

المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٦٨
الحديث: ١٥
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٧٥

روي أنّه أخذ بلال جمانة بنة الزحاف الأشجعي، فلمّا كان في وادي النعام هجمت عليه وضربته ضربة بعد ضربة، ثمّ جمعت ما كان يعزّ عليها من ذهب وفضّة في سفره وركبت حجرة من خيل أبيها، وخرجت من العسكر تسير على وجهها إلى شهاب بن مازن الملقّب بالكوكب الدرّي، وكان قد خطبها من أبيها، ثمّ إنّه أنفذ النبيّ صلى الله عليه وآله سلمان وصهيباً إليه لإبطائه، فرأوه ملقىً على وجه الأرض ميّتاً، والدم يجري من تحته.

فأتيا النبيّ صلى الله عليه وآله وأخبراه بذلك، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: كفّوا عن البكاء، ثمّ صلّى ركعتين ودعا بدعوات، ثمّ أخذ كفّاً من الماء فرشّه على بلال فوثب قائماً، وجعل يقبّل قدم النبيّ صلى الله عليه وآله، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله: من هذا الذي فعل بك هذا الفعال يا بلال؟ فقال: جمانة بنت الزحاف، وإنّي لها عاشق.

فقال صلى الله عليه وآله: أبشر يا بلال، فسوف أنفذ إليها وآتي بها، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن، هذا أخي جبرئيل يخبرني عن ربّ العالمين أنّ جمانة لمّا قتلت بلالاً، مضت إلى رجل يقال له شهاب بن مازن، وكان قد خطبها من أبيها ولم ينعم له بزواجها وقد شكت حالها إليه، وقد سار بجموعه يروم حربنا، فقم واقصده بالمسلمين، فالله تعالی ينصرك عليه، وها أنا راجع إلى المدينة.

قال: فعند ذلك سار الإمام بالمسلمين وجعل يجدّ في السير حتّى وصل إلى شهاب وجاهده ونصر المسلمين. فأسلم شهاب وأسلمت جمانة والعسكر، وأتى بهم الإمام إلى المدينة وجدّدوا الإسلام على يدي النبيّ صلى الله عليه وآله.

فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: يا بلال، ما تقول؟ فقال: يا رسول الله، قد كنت محبّاً لها، فالآن شهاب أحقّ بها منّي، فعند ذلك وهب شهاب لبلال جاريتين وفرسين وناقتين.

المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٧٨-٧٩
الحديث: ١٦
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٧٦

قال الصادق عليه السلام: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله رفع رأسه إلى السماء فتبسّم، فقيل له: يا رسول الله، رأيناك رفعت رأسك إلى السماء فتبسّمت؟

قال صلى الله عليه وآله: نعم، عجبت لملكين هبطا من السماء إلى الأرض! يلتمسان عبداً مؤمناً صالحاً في مصلّىً كان يصلّي فيه، ليكتبا له عمله في يومه وليلته، فلم يجداه في مصلّاه فعرجا إلى السماء فقالا: ربّنا، عبدك فلان المؤمن التمسناه في مصلّاه لنكتب له عمله ليومه وليلته فلم نصبه، فوجدناه في حبالك. فقال الله عزّ وجلّ: اكتبا لعبدي مثل ما كان يعمله في صحّته من الخير في يومه وليلته مادام في حبالي، فإنّ عليّ أن أكتب له أجر ما كان يعمله إذا حبسته عنه.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٨٣
الحديث: ١٧
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٧٧

قال الصادق عليه السلام: جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وآله، فقال: إنّي شيخ كثير العيال، ضعيف الركن، قليل الشيء، فهل من معونة على زماني؟

فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أصحابه ونظر إليه أصحابه، وقال: قد أسمعنا القول وأسمعكم. فقام إليه رجل، فقال: كنت مثلك بالأمس، فذهب به إلى منزله فأعطاه مروداً من تبر ١ _ وكانوا يتبايعون بالتبر وهو الذهب والفضّة _ قال الشيخ: هذا كلّه؟ قال: نعم، فقال الشيخ: أقبل تبرك، فإنّي لست بجنّي ولا إنسي ولكنّي رسول من الله لأبلوك، فوجدتك شاكراً، فجزاك الله خيراً.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٨٤
(١) التِّبْر: الذهب والفضّة قبل أن يعملا. كتاب العين، ج٨، ص١١٧.
الحديث: ١٨
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٧٨

قال الصادق عليه السلام: قال رجل للنبيّ صلى الله عليه وآله: يا رسول الله، علّمني، قال صلى الله عليه وآله: اذهب ولا تغضب، فقال الرجل: قد اكتفيت بذلك.

فمضى إلى أهله فإذا بين قومه حرب قد قاموا صفوفاً ولبسوا السلاح، فلمّا رأى ذلك لبس سلاحه ثمّ قام معهم، ثمّ ذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله: «لا تغضب»، فرمى السلاح ثمّ جاء يمشي إلى القوم الذين هم عدوّ قومه، فقال: يا هؤلاء، ما كانت لكم من جراحة أو قتل أو ضرب ليس فيه أثر، فعليّ في مالي أنا أوفيكموه، فقال القوم: فما كان فهو لكم، نحن أولى بذلك منكم، فاصطلح القوم وذهب الغضب.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٨٥
الحديث: ١٩
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٧٩

قال الباقر عليه السلام: مرّ النبيّ صلى الله عليه وآله في سوق المدينة بطعام، فقال لصاحبه: «ما أرى طعامك إلّا طيّباً» وسأله عن سعره، فأوحى الله إليه أن يدسّ يده في الطعام، ففعل فأخرج طعاماً رديّاً، فقال لصاحبه: ما أراك إلّا وقد جمعت خيانة وغشّاً للمسلمين.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٨٦
الحديث: ٢٠
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٨٠

قال الصادق عليه السلام: أتى النبيّ صلى الله عليه وآله أعرابيّ، فقال له: أ لست خيرنا أباً وأمّاً، وأكرمنا عقباً ورئيساً في الجاهلية والإسلام؟ فغضب النبيّ صلى الله عليه وآله وقال: يا أعرابي، كم دون لسانك من حجاب؟ قال: اثنان، شفتان وأسنان، فقال صلى الله عليه وآله: أ ما كان في أحد هذين ما يردّ عنّا غرب لسانك ١ هذا؟ أما إنّه لم يعط أحد في دنياه شيئاً هو أضرّ له في آخرته من طلاقة لسانه؛ يا عليّ، قم فاقطع لسانه، فظنّ الناس أنّه يقطع لسانه، فأعطاه دراهم.

المصدر الأصلي: معاني الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٨٦
(١) «غَرْب اللسان»: حِدَّتُه. لسان العرب، ج١، ص٦٤١.
الحديث: ٢١
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٨١

قال ربیعة بن كعب ١ : قال لي ذات يوم رسول الله صلى الله عليه وآله: يا ربيعة، خدمتني سبع سنين، أ فلا تسألني حاجة؟ فقلت: يا رسول الله، أمهلني حتّى أفكّر.

فلمّا أصبحت ودخلت عليه، قال صلى الله عليه وآله لي: يا ربيعة، هات حاجتك، فقلت: تسأل الله أن يدخلني معك الجنّة، فقال صلى الله عليه وآله لي: من علّمك هذا؟ فقلت: يا رسول الله، ما علّمني أحد، لكنّي فكّرت في نفسي وقلت: إن سألته مالاً كان إلى نفاد، وإن سألته عمراً طويلاً وأولاداً كان عاقبتهم الموت.

قال ربيعة: فنكس رأسه ساعة، ثمّ قال صلى الله عليه وآله: أفعل ذلك، فأعنّي بكثرة السجود.

المصدر الأصلي: الدعوات
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٨٦-٨٧
(١) ربیعة بن كعب (م٦٣ ه‍): من أهل الصفّة، كان یلزم النبيّ صلى الله عليه وآله في السفر والحضر وینام علی بیت بابه لقضاء حوائجه حتّی توفّي النبیّ صلى الله عليه وآله، مات بحرّة المدینه. راجع: الإصابة، ج٢، ص٣٩٤.
الحديث: ٢٢
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٨٢

قال الصادق عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام: كان بالمدينة رجلان يسمّى أحدهما هيت، والآخر مانع، فقالا لرجل _ ورسول الله صلى الله عليه وآله يسمع _: إذا افتتحتم الطائف إن شاء الله، فعليك بابنة غيلان الثقفية فإنّها شموع نجلاء مبتّلة هيفاء شنباء، إذا جلست تثنّت، وإذا تكلّمت غنّت، تقبل بأربع، وتدبر بثمان، بين رجليها مثل القدح.

فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: لا أراكما من أولي الإربة من الرجال، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وآله فغرّب بهما إلى مكان يقال له الغرابا، وكانا يتسوّقان في كلّ جمعة.

بيــان:
قوله صلى الله عليه وآله: «لا أراكما من أولي الإربة» أي ما كنت أظنّ أنّكما من أولي الإربة؛ أي الذين لهم حاجة إلى النساء، بل كنت أظنّ أنّكما لا تشتهيان النساء ولا تعرفان من حسنهنّ ما تذكران، فلذا نفاهما عن المدينة؛ لأنّهما كانا يدخلان على النساء ويجلسان معهنّ. (ص٩١)
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٨٨
الحديث: ٢٣
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٨٣

قال عليّ بن إبراهيم في قوله تعالی ﴿استَغفِر لَهُم أَو لاَ تَستَغفِر لَهُم﴾: إنّها نزلت لمّا رجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة ومرض عبد الله بن أبيّ ١ ، وكان ابنه عبد الله بن عبد الله مؤمناً، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأبوه يجود بنفسه، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي، إنّك إن لم تأت أبي كان ذلك عاراً علينا، فدخل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله والمنافقون عنده، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله: يا رسول الله، استغفر الله له، فاستغفر له.

فقال عمر: أ لم ينهك الله يا رسول الله أن تصلّي عليهم، أو تستغفر لهم؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وأعاد عليه، فقال صلى الله عليه وآله له: ويلك، إنّي خيّرت فاخترت، إنّ الله يقول: ﴿استَغفِر لَهُم أَو لاَ تَستَغفِر لَهُم إِن تَستَغفِر لَهُم سَبعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغفِرَ الله لَهُم﴾.

فلمّا مات عبد الله، جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، إن رأيت أن تحضر جنازته، فحضر رسول الله صلى الله عليه وآله وقام على قبره.

فقال له عمر: يا رسول الله، أ لم ينهك الله أن تصلّي على أحد منهم مات أبداً، وأن تقوم على قبره؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ويلك، وهل تدري ما قلت؟ إنّما قلت: «اللّهمّ احش قبره ناراً، وجوفه ناراً، وأصله النار»، فبدا من رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم يكن يحبّ.

المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص٩٦-٩٧
(١) عبد الله بن أبيّ: كان اسمه حباب، فسمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله عبد الله، رأس المنافقین في المدینة. راجع: الوافي بالوفیات، ج١٧، ص١٢.
الحديث: ٢٤
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٨٤

لمّا مات أبو طالب، فنادى أبو جهل والوليد _ عليهما لعائن الله _: هلمّ فاقتلوا محمّداً، فقد مات الذي كان ناصره، فقال الله: ﴿فَليَدعُ نَادِيَه ۞ سَنَدعُ الزَّبَانِيَةَ﴾؛ قال: كما دعا إلى قتل رسول الله صلى الله عليه وآله، نحن أيضاً ندع الزبانية.

المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٠٠
الحديث: ٢٥
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٨٥

قال أبو رافع ١ : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله يوماً وهو نائم وحيّة في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها فأوقظ النبيّ صلى الله عليه وآله فظننت أنّه يوحى إليه، فاضطجعت بينه وبين الحيّة، فقلت: إن كان منها سوء كان إليّ دونه، فمكثت هنيئة فاستيقظ النبيّ صلى الله عليه وآله وهو يقرأ: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾حتّى أتى على آخر الآية، ثمّ قال: الحمد لله الذي أتمّ لعليّ عليه السلام نعمته، وهنيئاً له بفضل الله الذي آتاه.

ثمّ قال صلى الله عليه وآله لي: ما لك ههنا؟ فأخبرته بخبر الحيّة، فقال صلى الله عليه وآله لي: اقتلها، ففعلت؛ ثمّ قال: يا أبا رافع، كيف أنت وقوم يقاتلون عليّاً وهو على الحقّ وهم على الباطل، جهادهم حقّ لله عزّ اسمه، فمن لم يستطع فبقلبه، ليس وراءه شيء؟ فقلت: يا رسول الله، ادع الله لي إن أدركتهم أن يقوّيني على قتالهم، فدعا النبيّ صلى الله عليه وآله وقال: إنّ لكلّ نبيّ أميناً، وإنّ أميني أبو رافع.

فلمّا بايع الناس عليّاً عليه السلام بعد عثمان، وسار طلحة والزبير ذكرت قول النبيّ صلى الله عليه وآله فبعت داري بالمدينة وأرضاً لي بخيبر، وخرجت بنفسي وولدي مع أمير المؤمنين عليه السلام لأستشهد بين يديه، فلم أزل معه حتّى عاد من البصرة، وخرجت معه إلى صفّين فقاتلت بين يديه بها وبالنهروان أيضاً، ولم أزل معه حتّى استشهد، فرجعت إلى المدينة وليس لي بها دار ولا أرض، فأعطاني الحسن بن عليّ عليه السلام أرضاً بينبع، وقسّم لي شطر دار أمير المؤمنين عليه السلام فنزلتها وعيالي.

المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٠٥-١٠٤
(١) أبو رافع: قبطي كان غلاماً للعبّاس بن عبد المطّلب، فوهبه للنبيّ صلى الله عليه وآله فلمّا أبشر بإسلام العبّاس أعتقه النبيّ صلى الله عليه وآله، كان صاحباً لبیت المال في خلافة أمیرالمؤمنین عليه السلام وشهد معه حروبه، ومات بعد أمیرالمومنین عليه السلام. راجع: رجال النجاشي، ص٤.
الحديث: ٢٦
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٨٦

عن زيد بن صوحان، قال: إنّ حذيفة بن اليمان ١ أنذرهم فتناً مشتبهة يرتكس فيها أقوام على وجوههم، قال: ارقبوها، فقلنا: كيف النجاة؟ قال: انظروا الفئة التي فيها عليّ عليه السلام، فأتوها ولو زحفاً على ركبكم، فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: عليّ أمير البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله إلى يوم القيامة.

المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٠٩
(١) حذیفة بن الیمان(م٣٦ ه‍): كان من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله، شهد أحداً واستشهد أبوه بها، وكان صاحب سرّ رسول الله صلى الله عليه وآله، حتّی قیل فیه: أعلم الناس بالمنافقین، ولّاه عمر بن الخطّاب المدائن، وكان یسأله عن المنافقین وینظرإلیه في الصلاة عند موت أحد من الصحابة، فإن شهد جنازته حضره وإلّا فلا. راجع: الاستیعاب، ج١، ص٣٣٤.
الحديث: ٢٧
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٨٧

إنّ صلة بن زفر ١ أدخل رأسه تحت الثوب بعد ما سجّى على حذيفة، فقال له: إنّ هذه الفتنة قد وقعت، فما تأمرني؟ قال: إذا أنت فرغت من دفني فشدّ على راحلتك والحق بعليّ عليه السلام، فإنّه على الحقّ والحقّ لا يفارقه.

المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٠٩-١١٠
(١) صلة بن زفر: كوفي، من ثقات التابعین، كان یروی عن حذیفة ویتّصل به، حتّی قال فیه حذیفة: «قلب صلة من ذهب»، مات في أیّام مصعب بن الزبیر. راجع: تهذیب التهذیب، ج٤، ص٤٣٧.
الحديث: ٢٨
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٨٨

قال وائل بن حجر: جاءنا ظهور النبيّ صلى الله عليه وآله وأنا في ملك عظيم وطاعة من قومي، فرفضت ذلك وآثرت الله ورسوله، وقدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخبرني أصحابه أنّه بشّرهم قبل قدومي بثلاث، فقال صلى الله عليه وآله: هذا وائل بن حجر، قد أتاكم من أرض بعيدة من حضرموت راغباً في الإسلام طائعاً بقيّة أبناء الملوك.

فقلت: يا رسول الله، أتانا ظهورك وأنا في ملك، فمنّ الله عليّ أن رفضت ذلك وآثرت الله ورسوله ودينه راغباً فيه، فقال صلى الله عليه وآله: صدقت، اللّهمّ بارك في وائل وفي ولده وولد ولده.

المصدر الأصلي: قصص الأنبياء
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١١٢
الحديث: ٢٩
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٨٩

بينما رسول الله صلى الله عليه وآله بفناء بيته بمكّة جالس، إذ قربه عثمان بن مظعون ١ ، فجلس ورسول الله صلى الله عليه وآله يحدّثه، إذ شخص بصره صلى الله عليه وآله إلى السماء فنظر ساعة ثمّ انحرف، فقال عثمان: تركتني وأخذت بنفض رأسك كأنّك تشفه شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أ وفطنت إلى ذلك؟ قال: نعم.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتاني جبرئيل، فقال عثمان: فما قال؟ قال: ﴿إِنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسَانِ وَإِيتَاء ذِي القُربَى وَيَنهَى عَنِ الفَحشَاء وَالمُنكَر﴾، قال عثمان: فأحببت محمّداً صلى الله عليه وآله واستقرّ الإيمان في قلبي.

المصدر الأصلي: قصص الأنبياء
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١١٢-١١٣
(١) عثمان بن مظعون (م٢ه‍): كان من الأوائل إسلاماً، هاجر إلی الحبشة وشهد بدراً، كان من أشدّ الناس اجتهاداً للعبادة والقیام والصیام، مات بعد غزوة بدر ودفن بالبقیع. راجع: أسد الغابة، ج٣، ص٤٩٤.
الحديث: ٣٠
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٩٠

روي أنّ أبا الدرداء كان يعبد صنماً في الجاهلية، وأنّ عبد الله بن رواحة ومحمّد بن مسلمة ينتظران خلوة أبي الدرداء، فغاب فدخلا على بيته وكسرا صنمه، فلمّا رجع قال لأهله: من فعل هذا؟ قالت: لا أدري، سمعت صوتاً فجئت وقد خرجوا، ثمّ قال: لو كان الصنم يدفع لدفع عن نفسه، فقال: أعطيني حلّتي، فلبسها، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: «هذا أبو الدرداء يجيء ويسلم»، فإذا هو جاء وأسلم.

المصدر الأصلي: الخرائج والجرائح
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١١٣
الحديث: ٣١
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٩١

روي أنّه ذكر زيد بن صوحان، فقال صلى الله عليه وآله: «زيد وما زيد؟ يسبق منه عضو إلى الجنّة»، فقطعت يده يوم نهاوند في سبيل الله فكان كما قال صلى الله عليه وآله.

المصدر الأصلي: الخرائج والجرائح
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١١٣
الحديث: ٣٢
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٩٢

قال المفضّل بن عمر: عرضت على الصادق عليه السلام أصحاب الردّة، فكلّما سمّيت إنساناً، قال عليه السلام: اعزب، حتّى قلت: حذيفة، قال عليه السلام: اعزب، قلت: ابن مسعود، قال عليه السلام: اعزب، ثمّ قال عليه السلام: إن كنت إنّما تريد الذین لم یدخلهم شيء فعلیك بهؤلاء الثلاثة: أبوذرّ وسلمان ومقداد.

بيــان:
«اعزب»، أي ابعد. أقول: لعلّ ما ورد في حذيفة لبيان تزلزله أو ارتداده في أوّل الأمر، فلا ينافي رجوعه إلى الحقّ أخيراً، كما يدلّ عليه الحصر الذي في آخر الخبر، فلا ينافي الأخبار السابقة.
المصدر الأصلي: السرائر
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١١٣-١١٤
الحديث: ٣٣
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٩٣

قال ابن طاوس قدس سره: رأينا وروّينا من بعض تواريخ أسفار النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه كان قد قصد قوماً من أهل الكتاب قبل دخولهم في الذمّة، فظفر منهم بامرأة قريبة العرس بزوجها وعاد من سفره، فبات في طريقه وأشار إلى عمّار بن ياسر وعبّاد بن بشر أن يحرساه، فاقتسما الليلة قسماً، وكان لعبّاد بن بشر النصف الأوّل، ولعمّار بن ياسر النصف الثاني.

فنام عمّار بن ياسر، وقام عبّاد بن بشر يصلّي وقد تبعهم اليهودي يطلب امرأته أو يغتنم إهمالاً من التحفّظ فيفتك بالنبيّ صلى الله عليه وآله، فنظر اليهودي عبّاد بن بشر يصلّي في موضع العبور، فلم يعلم في ظلام الليل هل هو شجرة أو أكمة أو دابّة أو إنسان؟ فرماه بسهم فأثبته فيه فلم يقطع الصلاة، فرماه بآخر فخفّف الصلاة وأيقظ عمّار بن ياسر، فرأى السهام في جسده فعاتبه وقال: هلّا أيقظتني في أوّل سهم؟ فقال: قد كنت قد بدأت في سورة الكهف فكرهت أن أقطعها، ولولا خوفي أن يأتي العدوّ على نفسي ويصل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأكون قد ضيّعت ثغراً من ثغور المسلمين، لما خفّفت من صلاتي ولو أتى على نفسي. فدفعا العدوّ عمّا أراده.

المصدر الأصلي: أمان الأخطار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١١٦
الحديث: ٣٤
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٩٤

في حديث أبي ريحانة أنّه كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة، قال: فأوينا ذات ليلة إلى شرف ١ ، فأصابنا فيه برد شديد حتّى رأيت الرجال يحفر أحدهم الحفيرة فيدخل فيها ويكفئ عليه بحجفته ٢ ، فلمّا رأى ذلك منهم قال صلى الله عليه وآله: من يحرسنا في هذه الليلة، فأدعو له بدعاء يصيب به فضله؟ فقام رجل، فقال: أنا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله: من أنت؟ فقال: فلان بن فلان الأنصاري، فقال صلى الله عليه وآله: ادن منّي، فدنا منه، فأخذ ببعض ثيابه ثمّ استفتح بدعاء له.

قال أبو ريحانة: فلمّا سمعت ما يدعو به رسول الله صلى الله عليه وآله للأنصاري فقمت فقلت: أنا رجل فسألني كما سأله، فقال صلى الله عليه وآله: ادن _ كما قال له _ ودعا بدعاء دون ما دعا به للأنصاري، ثمّ قال صلى الله عليه وآله: «حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله، وحرمت النار على عين دمعت من خشية الله»، وقال: الثالثة أنسيتها، قال أبو شريح بعد ذلك: «حرمت النار على عين قد غضّت عن محارم الله».

المصدر الأصلي: أمان الأخطار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١١٦-١١٧
(١) «الشَرَف»: العُلُوّ. لسان العرب، ج٩، ص١٧١.
(٢) «الحَجَفَة»: التُرس. لسان العرب، ج٩، ص٣٩.
الحديث: ٣٥
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٩٥

قال أبو حمزة الثمالي: كنت عند الباقر عليه السلام إذا استأذن عليه رجل، فأذن له فدخل عليه فسلّم، فرحّب به الباقر عليه السلام وأدناه وساءله، فقال الرجل: جعلت فداك، إنّي خطبت إلى مولاك فلان بن أبي رافع ابنته فلانة، فردّني ورغب عنّي وازدرأني لدمامتي وحاجتي وغربتي، وقد دخلني من ذلك غضاضة ١ هجمة غضّ لها قلبي تمنّيت عندها الموت. فقال الباقر عليه السلام: اذهب _ فأنت رسولي إليه _ وقل له: يقول لك محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام: زوّج منحج بن رباح مولاي ابنتك فلانة ولا تردّه.

قال أبو حمزة: فوثب الرجل فرحاً مسرعاً برسالة الباقر عليه السلام، فلمّا أن توارى الرجل قال الباقر عليه السلام: إنّ رجلاً كان من أهل اليمامة يقال له جويبر، أتى رسول الله صلى الله عليه وآله منتجعاً للإسلام فأسلم وحسن إسلامه، وكان رجلاً قصيراً دميماً محتاجاً عارياً، وكان من قباح السودان، فضمّه رسول الله صلى الله عليه وآله لحال غربته وعراه، وكان يجري عليه طعامه صاعاً من تمر بالصاع الأوّل، وكساه شملتين، وأمره أن يلزم المسجد ويرقد فيه بالليل.

فمكث بذلك ما شاء الله حتّى كثر الغرباء ممّن يدخل في الإسلام من أهل الحاجة بالمدينة وضاق بهم المسجد، فأوحى الله إلى نبيّه صلى الله عليه وآله: أن طهّر مسجدك، وأخرج من المسجد من يرقد فيه بالليل، ومر بسدّ أبواب كلّ من كان له في مسجدك باب إلّا باب عليّ عليه السلام ومسكن فاطمة عليها السلام، ولا يمرّنّ فيه جنب، ولا يرقد فيه غريب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بسدّ أبوابهم إلّا باب عليّ عليه السلام وأقرّ مسكن فاطمة عليها السلام على حاله.

ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أن يتّخذ للمسلمين سقيفة، فعملت لهم وهي الصفّة، ثمّ أمر الغرباء والمساكين أن يظلّوا فيها نهارهم وليلهم، فنزلوها واجتمعوا فيها، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتعاهدهم بالبرّ والتمر والشعير والزبيب إذا كان عنده. وكان المسلمون يتعاهدونهم ويرقّون عليهم لرقّة رسول الله صلى الله عليه وآله، ويصرفون صدقاتهم إليهم، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة منه له ورقّة عليه، فقال: يا جويبر، لو تزوّجت امرأة فعففت بها فرجك وأعانتك على دنياك وآخرتك، فقال له جويبر: يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي، من يرغب فيّ؟ فوالله، ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال، فأيّة امرأة ترغب فيّ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جويبر، إنّ الله قد وضع بالإسلام من كان في الجاهلية شريفاً، وشرّف بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعاً، وأعزّ بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلاً، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشائرها وباسق أنسابها، فالناس اليوم كلّهم أبيضهم وأسودهم وقرشيّهم وعربيّهم وعجميّهم من آدم، وإنّ آدم عليه السلام خلقه الله من طين، وإنّ أحبّ الناس إلى الله يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم، وما أعلم يا جويبر، لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلاً إلّا لمن كان أتقى لله منك وأطوع، ثمّ قال له: انطلق يا جويبر، إلى زياد بن لبيد، فإنّه من أشرف بني بياضة حسباً فيهم، فقل له: إنّي رسول رسول الله إليك وهو يقول لك: زوّج جويبر ابنتك الدلفاء.

فانطلق جويبر برسالة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى زياد بن لبيد وهو في منزله وجماعة من قومه عنده، فاستأذن فأعلم، فأذن له وسلّم عليه، ثمّ قال: يا زياد بن لبيد، إنّي رسول رسول الله صلى الله عليه وآله إليك في حاجة، فأبوح بها أم أسرّها إليك؟ فقال له زياد: بل، بح بها، فإنّ ذلك شرف لي وفخر. فقال له جويبر: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لك: زوّج جويبر ابنتك الدلفاء، فقال له زياد: أ رسول الله أرسلك إليّ بهذا يا جويبر؟ فقال له: نعم، ما كنت لأكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له زياد: إنّا لا نزوّج فتياتنا إلّا أكفاءنا من الأنصار، فانصرف يا جويبر، حتّى ألقى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره بعذري، فانصرف جويبر وهو يقول: والله، ما بهذا أنزل القرآن ولا بهذا ظهرت نبوّة محمّد صلى الله عليه وآله.

فسمعت مقالته الدلفاء بنت زياد وهي في خدرها، فأرسلت إلى أبيها: ادخل إليّ، فدخل إليها، فقالت له: ما هذا الكلام الذي سمعته منك تحاور به جويبراً؟ فقال لها: ذكر لي أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله أرسله، وقال: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وآله: زوّج جويبراً ابنتك الدلفاء، فقالت له: والله، ما كان جويبر ليكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله بحضرته، فابعث الآن رسولاً يردّ عليك جويبراً.

فبعث زياد رسولاً فلحق جويبراً فقال له زياد: يا جويبر، مرحباً بك، اطمئنّ حتّى أعود إليك، ثمّ انطلق زياد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له: بأبي أنت وأمّي، إنّ جويبراً أتاني برسالتك، وقال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: زوّج جويبراً ابنتك الدلفاء، فلم ألن له في القول، ورأيت لقاءك ونحن لا نزوّج إلّا أكفاءنا من الأنصار؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا زياد، جويبر مؤمن، والمؤمن كفو للمؤمنة، والمسلم كفو للمسلمة، فزوّجه يا زياد، ولا ترغب عنه.

فرجع زياد إلى منزله ودخل على ابنته، فقال لها ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالت له: إنّك إن عصيت رسول الله صلى الله عليه وآله كفرت، فزوّج جويبراً، فخرج زياد فأخذ بيد جويبر، ثمّ أخرجه إلى قومه، فزوّجه على سنّة الله وسنّة رسوله وضمن صداقها، فجهّزها زياد وهيّأها ثمّ أرسلوا إلى جويبر، فقالوا له: أ لك منزل فنسوقها إليك؟ فقال: والله، مالي من منزل، قال: فهيّؤوها، وهيّؤوا لها منزلاً، وهيّؤوا فيه فراشاً ومتاعاً، وكسوا جويبراً ثوبين، وأدخلت الدلفاء في بيتها وأدخل جويبر عليها معتمّاً، فلمّا رآها نظر إلى بيت ومتاع وريح طيّبة، قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتّى طلع الفجر.

فلمّا سمع النداء خرج وخرجت زوجته إلى الصلاة فتوضّأت وصلّت الصبح، فسئلت: هل مسّك؟ فقالت: ما زال تالياً للقرآن وراكعاً وساجداً حتّى سمع النداء فخرج، فلمّا كانت الليلة الثانية فعل مثل ذلك، وأخفوا ذلك من زياد، فلمّا كان يوم الثالث فعل مثل ذلك.

فأخبر بذلك أبوها، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، أمرتني بتزويج جويبر، ولا، والله، ما كان من مناكحنا، ولكن طاعتك أوجبت عليّ تزويجه، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله: فما الذي أنكرتم منه؟ قال: إنّا هيّأنا له بيتاً ومتاعاً، وأدخلت ابنتي البيت وأدخل معها معتمّاً، فما كلّمها ولا نظر إليها ولا دنا منها، بل قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتّى سمع النداء فخرج، ثمّ فعل مثل ذلك في الليلة الثانية ومثل ذلك في الليلة الثالثة، ولم يدن منها ولم يكلّمها إلى أن جئتك، وما نراه يريد النساء فانظر في أمرنا.

فانصرف زياد وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى جويبر، فقال له: أ ما تقرب النساء؟ فقال له جويبر: أ وما أنا بفحل؟ بلى، يا رسول الله، إنّي لشبق ٢ نهم ٣ إلى النساء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: قد خبّرت بخلاف ما وصفت به نفسك، قد ذكروا لي أنّهم هيّؤوا لك بيتاً وفراشاً ومتاعاً وأدخلت عليك فتاة حسناء عطرة، وأتيت معتمّاً فلم تنظر إليها ولم تكلّمها ولم تدن منها، فما دهاك إذاً؟

فقال له جويبر: يا رسول الله، دخلت بيتاً واسعاً، ورأيت فراشاً ومتاعاً وفتاة حسناء عطرة، وذكرت حالي التي كنت عليها، وغربتي وحاجتي وضيعتي وكينونتي مع الغرباء والمساكين، فأحببت إذ أولاني الله ذلك أن أشكره على ما أعطاني، وأتقرّب إليه بحقيقة الشكر، فنهضت إلى جانب البيت فلم أزل في صلاتي تالياً للقرآن راكعاً وساجداً أشكر الله حتّى سمعت النداء خرجت، فلمّا أصبحت رأيت أن أصوم ذلك اليوم ففعلت ذلك ثلاثة أيّام ولياليها، ورأيت ذلك في جنب ما أعطاني الله يسيراً، ولكنّي سأرضيها وأرضيهم الليلة إن شاء الله.

فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى زياد فأتاه، وأعلمه ما قال جويبر، فطابت أنفسهم، ووفى لهم جويبر بما قال، ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله خرج في غزوة له ومعه جويبر فاستشهد _ رحمه الله _ فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها بعد جويبر.

بيــان:
«النفاق»: ضدّ الكساد، أي رغب الناس في تزويجها بعد جويبر، ولم يصر تزويج جويبر لها سبباً لعدم رغبة الناس فيها.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١١٧-١٢١
(١) «الغَضاضَة»: الذُلّ. لسان العرب، ج٧، ص١٩٧.
(٢) «الشَبِق»: شدید الميل إلى الجماع. راجع: مجمع البحرين، ج٥، ص١٨٩.
(٣) «النَهِم»: المفرط في الشهوة. راجع: مجمع البحرين، ج٦، ص١٨٢.
الحديث: ٣٦
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٩٦

قال الباقر عليه السلام: مرّ رسول الله صلى الله عليه وآله برجل يغرس غرساً في حائط له فوقف عليه، فقال: أ لا أدلّك على غرس أثبت أصلاً وأسرع إيناعاً وأطيب ثمراً وأبقى؟ قال: بلى، فدلّني يا رسول الله.

فقال صلى الله عليه وآله: إذا أصبحت وأمسيت فقل: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر»، فإنّ لك إن قلته بكلّ تسبيحة عشر شجرات في الجنّة من أنواع الفاكهة وهنّ الباقيات الصالحات، فقال الرجل: فإنّي أشهدك يا رسول الله، أنّ حائطي هذه صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين أهل الصدقة، فأنزل الله آياً من القرآن: ﴿فَأَمَّا مَن أَعطَى وَاتَّقَى ۞ وَصَدَّقَ بِالحُسنَى ۞ فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرَى﴾.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٢٢
الحديث: ٣٧
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٩٧

قال الباقر عليه السلام: جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وآله فشكا إليه أذى جاره، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: اصبر، ثمّ أتاه ثانية، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله: اصبر، ثمّ عاد إليه فشكاه ثالثة، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله للرجل الذي شكا: إذا كان عند رواح الناس إلى الجمعة فأخرج متاعك إلى الطريق، حتّى يراه من يروح إلى الجمعة، فإذا سألوك فأخبرهم، ففعل فأتى جاره المؤذي له، فقال له: ردّ متاعك، ولك الله عليّ أن لا أعود.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٢٢
الحديث: ٣٨
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٩٨

قال الباقر عليه السلام: كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مؤمن فقير شديد الحاجة من أهل الصفّة، وكان ملازماً لرسول الله صلى الله عليه وآله عند مواقيت الصلاة كلّها، لا يفقده في شيء منها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يرقّ له وينظر إلى حاجته وغربته، فيقول: يا سعد، لو قد جاءني شيء لأغنيتك، فأبطأ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله، فاشتدّ غمّ رسول الله صلى الله عليه وآله لسعد.

فعلم الله سبحانه ما دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله من غمّه لسعد، فأهبط عليه جبرئيل ومعه درهمان، فقال له: يا محمّد، إنّ الله قد علم ما قد دخلك من الغمّ بسعد، أ فتحبّ أن تغنيه؟ فقال صلى الله عليه وآله: نعم، فقال له: فهاك هذين الدرهمين فأعطهما إيّاه، ومره أن يتّجر بهما.

فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وآله ثمّ خرج إلى صلاة الظهر، وسعد قائم على باب حجرات رسول الله صلى الله عليه وآله ينتظره، فلمّا رآه رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا سعد، أ تحسن التجارة؟ فقال له سعد: والله، ما أصبحت أملك مالاً أتّجر به، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله الدرهمين، وقال له: اتّجر بهما وتصرّف لرزق الله تعالی.

فأخذهما سعد ومضى مع النبيّ صلى الله عليه وآله حتّى صلّى معه الظهر والعصر، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله: قم، فاطلب الرزق، فقد كنت بحالك مغتمّاً يا سعد.

فأقبل سعد لا يشتري بدرهم شيئاً إلّا باعه بدرهمين، ولا يشتري شيئاً بدرهمين إلّا باعه بأربعة، وأقبلت الدنيا على سعد، فكثر متاعه وماله وعظمت تجارته، فاتّخذ على باب المسجد موضعاً وجلس فيه وجمع تجارته إليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أقام بلال الصلاة يخرج وسعد مشغول بالدنيا لم يتطهّر ولم يتهيّأ كما كان يفعل قبل أن يتشاغل بالدنيا.

فكان النبيّ صلى الله عليه وآله يقول: يا سعد، شغلتك الدنيا عن الصلاة، فكان يقول: ما أصنع؟ أضيّع مالي؟ هذا رجل قد بعته فأريد أن أستوفي منه، وهذا رجل قد اشتريت منه فأريد أن أوفيه.

فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله من أمر سعد غمّ أشدّ من غمّه بفقره، فهبط عليه جبرئيل عليه السلام، فقال: يا محمّد، إنّ الله قد علم غمّك بسعد، فأيّما أحبّ إليك؟ حاله الأولى أو حاله هذه؟ فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل، بل حاله الأولى، قد ذهبت دنياه بآخرته، فقال له جبرئيل عليه السلام: إنّ حبّ الدنيا والأموال فتنة ومشغلة عن الآخرة، قل لسعد يردّ عليك الدرهمين اللذين دفعتهما إليه، فإنّ أمره سيصير إلى الحال التي كان عليها أوّلاً.

فخرج النبيّ صلى الله عليه وآله، فمرّ بسعد، فقال له: يا سعد، أ ما تريد أن تردّ عليّ الدرهمين الذين أعطيتكهما؟ فقال سعد: بلى ومائتين، فقال صلى الله عليه وآله له: لست أريد منك يا سعد إلّا الدرهمين. فأعطاه سعد درهمين، فأدبرت الدنيا على سعد حتّى ذهب ما كان جمع، وعاد إلى حاله التي كان عليها.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٢٤
الحديث: ٣٩
/
ترتيب جواهر البحار: ١٥٩٩

قال الصادق عليه السلام: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله دخل بيت أمّ سلمة فشمّ ريحاً طيّبة، فقال: أتتكم الحولاء؟ فقالت: هو ذا، هي تشكو زوجها.

فخرجت عليه الحولاء، فقالت: بأبي أنت وأمّي، إنّ زوجي عنّي معرض، فقال صلى الله عليه وآله: زيديه يا حولاء، فقالت: ما أترك شيئاً طيّباً ممّا أتطيّب له به وهو عنّي معرض، فقال: أما لو يدري ما له بإقباله عليك، قالت: وما له بإقباله عليّ؟ فقال صلى الله عليه وآله: أما إنّه إذا أقبل اكتنفه ملكان، وكان كالشاهر سيفه في سبيل الله، فإذا هو جامع تحاتّ عنه الذنوب كما تتحاتّ ورق الشجر، فإذا هو اغتسل انسلخ من الذنوب.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٢٢-١٢٤
الحديث: ٤٠
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٠٠

قال الصادق عليه السلام: إنّ ثلاث نسوة أتين رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالت إحداهنّ: إنّ زوجي لا يأكل اللحم، وقالت الأخرى: إنّ زوجي لا يشمّ الطيب، وقالت الأخرى: إنّ زوجي لا يقرب النساء.

فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله يجرّ رداه حتّى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: ما بال أقوام من أصحابي لا يأكلون اللحم، ولا يشمّون الطيب، ولا يأتون النساء؟ أما إنّي آكل اللحم، وأشمّ الطيب، وآتي النساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٢٤
الحديث: ٤١
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٠١

قال الصادق عليه السلام: حضر رجلاً الموت، فقيل: يا رسول الله، إنّ فلاناً قد حضره الموت، فنهض رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه ناس من أصحابه حتّى أتاه وهو مغمىً عليه، فقال صلى الله عليه وآله: يا ملك الموت، كفّ عن الرجل حتّى أسائله، فأفاق الرجل، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: ما رأيت؟ قال: بياضاً كثيراً وسواداً كثيراً؛ فقال صلى الله عليه وآله: فأيّهما كان أقرب إليك منك؟ فقال: السواد؛ فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: قل: «اللّهمّ اغفر لي الكثير من معاصيك، واقبل منّي اليسير من طاعتك»، فقال، ثمّ أغمي عليه.

فقال صلى الله عليه وآله: يا ملك الموت، خفّف عنه ساعة حتّى أسائله، فأفاق الرجل، فقال: ما رأيت؟ قال: رأيت بياضاً كثيراً، وسواداً كثيراً؛ قال صلى الله عليه وآله: فأيّهما كان أقرب إليك؟ فقال: البياض؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: غفر الله لصاحبكم، فقال الصادق عليه السلام: إذا حضرتم ميّتاً فقولوا له هذا الكلام، ليقوله.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٢٥
الحديث: ٤٢
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٠٢

قال الصادق عليه السلام: استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري، فقال صلى الله عليه وآله له: كيف أنت يا حارثة بن مالك النعماني؟ فقال: يا رسول الله، مؤمن حقّاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لكلّ شيء حقيقة، فما حقيقة قولك؟ فقال: يا رسول الله، عزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرت ليلي وأظمأت هواجري، وكأنّي أنظر إلى عرش ربّي وقد وضع للحساب، وكأنّي أنظر إلى أهل الجنّة يتزاورون في الجنّة، وكأنّي أسمع عواء أهل النار في النار.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: عبد نوّر الله قلبه، أبصرت فاثبت، فقال: يا رسول الله، ادع الله لي أن يرزقني الشهادة معك، فقال صلى الله عليه وآله: «اللّهمّ ارزق حارثة الشهادة»، فلم يلبث إلّا أيّاماً حتّى بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سريّة، فبعثه فيها فقاتل فقتل تسعة أو ثمانية ثمّ قتل.

وفي رواية: استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر وكان هو العاشر.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٢٦
الحديث: ٤٣
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٠٣

أتى تسعة نفر إلى أبي سعيد الخدري ١ ، فقالوا: يا أبا سعيد، هذا الرجل الذي يكثر الناس فيه ما تقول فيه؟ فقال: عمّن تسألوني؟ قالوا: نسأل عن
عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

فقال: أما إنّكم تسألوني عن رجل أمرّ من الدفلى ٢ ، وأحلى من العسل، وأخفّ من الريشة، وأثقل من الجبال. أما والله، ما حلا إلّا على ألسنة المؤمنين، وما أخفّ إلّا على قلوب المتّقين، فلا أحبّه أحد قطّ لله ولرسوله إلّا حشره الله من الآمنين، وإنّه لمن حزب الله، وحزب الله هم الغالبون؛ والله، ما أمرّ إلّا على لسان كافر، ولا ثقل إلّا على قلب منافق، وما زوى عنه أحد قطّ ولا لوى ولا تحزّب ولا عبس ولا بسر ولا عسر ولا مضّر ولا التفت ولا نظر ولا تبسّم ولا يجرى ولا ضحك إلى صاحبه ولا قال أعجب لهذا الأمر إلّا حشره الله منافقاً مع المنافقين: ﴿وَسَيَعلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾.

المصدر الأصلي: تفسير فرات
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٢٧
(١) أبو سعید الخدري(م٧٤ ه‍): سعد بن مالك بن سنان، شهد خندق وما بعدها، وشهد مع عليّ عليه السلام النهروان، روی عنه علماً كثیراً حتّی یعدّ من الفقهاء، توفّي بالمدینة ودفن بالبقیع. راجع: موسوعة طبقات الفقهاء، ج١، ص١١٥.
(٢) «الدِفلَی»: نبت مرّ الطعم جدّاً. تاج العروس، ج١٤، ص٢٣٨.
الحديث: ٤٤
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٠٤

قال الصادق عليه السلام: اشتدّت حال رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله، فقالت له امرأته: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فسألته، فجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وآله فلمّا رآه النبيّ صلى الله عليه وآله، قال: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله.

فقال الرجل: ما يعني غيري، فرجع إلى امرأته فأعلمها، فقالت: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله بشر، فأعلمه فأتاه؛ فلمّا رآه رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله، حتّى فعل الرجل ذلك ثلاثاً.

ثمّ ذهب الرجل فاستعار معولاً ثمّ أتى الجبل فصعده، فقطع حطباً ثمّ جاء به فباعه بنصف مدّ من دقيق، فرجع به فأكله، ثمّ ذهب من الغد فجاء بأكثر من ذلك فباعه، فلم يزل يعمل ويجمع حتّى اشترى معولاً، ثمّ جمع حتّى اشترى بكرين وغلاماً، ثمّ أثرى حتّى أيسر، فجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وآله فأعلمه كيف جاء يسأله وكيف سمع النبيّ، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: قلت لك: من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٢٨
الحديث: ٤٥
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٠٥

قال الصادق عليه السلام: جاءت فخذ ١ من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسلّموا عليه فردّ  عليهم السلام، فقالوا: يا رسول الله، لنا إليك حاجة؛ فقال صلى الله عليه وآله: هاتوا حاجتكم، قالوا: إنّها حاجة عظيمة؛ فقال: هاتوها، ما هي؟ قالوا: تضمن لنا على ربّك الجنّة؟ فنكس رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه، ثمّ نكت في الأرض ثمّ رفع رأسه، فقال: أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحداً شيئاً.

فكان الرجل منهم يكون في السفر، فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان: «ناولنيه» فراراً من المسألة، فينزل فيأخذه، ويكون على المائدة فيكون بعض الجلساء أقرب إلى الماء منه، فلا يقول: «ناولني» حتّى يقوم فيشرب.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٢٩
(١) «الفَخِذ»: أقلّ من القبیلة والبطن. لسان العرب، ج٣، ص٥٠١.
الحديث: ٤٦
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٠٦

قال الصادق عليه السلام: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كسا أسامة بن زيد ١ حلّة حرير فخرج فيها، فقال: مهلاً يا أسامة، إنّما يلبسها من لا خلاق له، فاقسمها بين نسائك.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٢٩-١٣٠
(١) أسامة بن زید بن حارثة (م٥٨ه‍): استعمله النبيّ صلى الله عليه وآله في آخر عمره علی جیش وهو ابن ثماني عشرة سنة وفي الجیش مثل أبي بكر وعمر بن الخطّاب، لم یبایع علیّاً عليه السلام ولا شهد حروبه. راجع: أسد الغابة، ج١، ص٧٩.
الحديث: ٤٧
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٠٧

قال الصادق عليه السلام: دعي النبيّ صلى الله عليه وآله إلى طعام، فلمّا دخل منزل الرجل نظر إلى دجاجة فوق حائط قد باضت، فتقع البيضة على وتد في حائط فثبتت عليه ولم تسقط ولم تنكسر، فتعجّب النبيّ صلى الله عليه وآله منها، فقال له الرجل: أعجبت من هذه البيضة؟ فوالذي بعثك بالحقّ، ما رزئت شيئاً قطّ.

فنهض رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يأكل من طعامه شيئاً، وقال: من لم يرزأ ١ فما لله فيه من حاجة.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٣٠
(١) «یُرزَأ»: یُصاب. راجع: لسان العرب، ج١، ص٨٥.
الحديث: ٤٨
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٠٨

قال عليّ بن عبد العزیز: قال الصادق عليه السلام: ما فعل عمر بن مسلم؟ قلت: جعلت فداك، أقبل على العبادة وترك التجارة.

فقال عليه السلام: ويحه، أ ما علم أنّ تارك الطلب لا يستجاب له؟ إنّ قوماً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لمّا نزلت: ﴿وَمَن يَتَّقِ الله يَجعَل لَّهُ مَخرَجًا ۞ وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لَا يَحتَسِبُ﴾، أغلقوا الأبواب وأقبلوا على العبادة، وقالوا: قد كفينا؛ فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وآله فأرسل إليهم، فقال صلى الله عليه وآله: ما حملكم على ما صنعتم؟ فقالوا: يا رسول الله، تكفّل لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة؛ فقال صلى الله عليه وآله: إنّه من فعل ذلك لم يستجب له، عليكم بالطلب.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٣١-١٣٢
الحديث: ٤٩
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٠٩

قال الصادق عليه السلام: جاءت زينب العطّارة الحولاء إلى نساء النبيّ صلى الله عليه وآله، فجاء النبيّ صلى الله عليه وآله فإذا هي عندهم، فقال صلى الله عليه وآله: إذا أتيتنا طابت بيوتنا، فقالت: بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله: إذا بعت فأحسني ولا تغشّي، فإنّه أتقى لله، وأبقى للمال.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٣٤
الحديث: ٥٠
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦١٠

قال الباقر عليه السلام: إنّ سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار، وكان منزل الأنصاري بباب البستان، فكان يمرّ به إلى نخلته ولا يستأذن، فكلّمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء، فأبى سمرة.

فلمّا تأبّى جاء الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فشكا إليه وخبّره الخبر، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وخبّره بقول الأنصاري وما شكا، وقال: إذا أردت الدخول فاستأذن، فأبى. فلمّا أبى ساومه حتّى بلغ به من الثمن ما شاء الله، فأبى أن يبيع، فقال صلى الله عليه وآله: لك بها عذق مذلّل في الجنّة، فأبى أن يقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للأنصاري: اذهب فاقلعها وارم بها إليه، فإنّه لا ضرر ولا ضرار.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٣٤
الحديث: ٥١
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦١١

قال الباقر عليه السلام: إنّ ثمامة بن أثال أسرته خيل النبيّ صلى الله عليه وآله _ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اللّهمّ أمكنّي من ثمامة _ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّي مخيّرك واحدة من ثلاث: أقتلك؟ قال: إذاً تقتل عظيماً؛ أو أفاديك؟ قال: إذاً تجدني غالياً؛ أو أمنّ عليك؟ قال: إذاً تجدني شاكراً؛ قال صلى الله عليه وآله: فإنّي قد مننت عليك، قال: فإنّي أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّك رسول الله، وقد _ والله _ علمت أنّك رسول الله حيث رأيتك، وما كنت لأشهد بها وأنا في الوثاق.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤٠
الحديث: ٥٢
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦١٢

قال الصادق عليه السلام: كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله رجل يقال له ذو النمرة، وكان من أقبح الناس، وإنّما سمّي ذا النمرة من قبحه، فأتى النبيّ صلى الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله، أخبرني ما فرض الله عليّ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: فرض الله عليك سبعة عشر ركعة في اليوم والليلة، وصوم شهر رمضان إذا أدركته، والحجّ إذا استطعت إليه سبيلاً، والزكاة وفسّرها له، فقال: والذي بعثك بالحقّ نبيّاً، ما أزيد ربّي على ما فرض عليّ شيئاً؛ فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله: ولم يا ذا النمرة؟ فقال: كما خلقني قبيحاً.

فهبط جبرئيل عليه السلام على النبيّ صلى الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله، إنّ ربّك يأمرك أن تبلّغ ذا النمرة عنه السلام وتقول له: يقول لك ربّك: أ ما ترضى أن أحشرك على جمال جبرئيل عليه السلام
يوم القيامة؟

فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا ذا النمرة، هذا جبرئيل يأمرني أن أبلّغك السلام، ويقول لك ربّك: أ ما ترضى أن أحشرك على جمال جبرئيل؟ فقال ذو النمرة: فإنّي قد رضيت يا ربّ، فوعزّتك، لأزيدنّك حتّى ترضى.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤٠-١٤١
الحديث: ٥٣
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦١٣

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لولا أنّي أكره أن يقال: «إنّ محمّداً استعان بقوم حتّى إذا ظفر بعدوّه قتلهم»، لضربت أعناق قوم كثير.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤١
الحديث: ٥٤
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦١٤

قال الصادق عليه السلام: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله اشترى فرساً من أعرابي فأعجبه، فقام أقوام من المنافقين حسدوا رسول الله صلى الله عليه وآله على ما أخذ منه، فقالوا للأعرابي: لو بلغت به إلى السوق بعته بأضعاف هذا، فدخل الأعرابي الشره، فقال: أ لا أرجع فأستقيله؟ فقالوا: لا، ولكنّه رجل صالح، فإذا جاءك بنقدك فقل: ما بعتك بهذا، فإنّه سيردّه عليك.

فلمّا جاء النبيّ صلى الله عليه وآله أخرج إليه النقد، فقال: ما بعتك بهذا، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحقّ، لقد بعتني. فجاء خزيمة بن ثابت ١ ، فقال: يا أعرابي، أشهد لقد بعت رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الثمن الذي قال، فقال الأعرابي: لقد بعته وما معنا من أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لخزيمة: كيف شهدت بهذا؟ فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي، تخبرنا عن الله وأخبار السماوات فنصدّقك، ولا نصدّقك في ثمن هذا؟ فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله شهادته شهادة رجلين فهو ذو الشهادتين.

المصدر الأصلي: الاختصاص
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤١
(١) خزیمة بن ثابت (م٣٧ ه‍): یعرف بذي الشهادتین، جعل رسول الله صلى الله عليه وآله شهادته بشهادة رجلین، شهد بدراً وكان مع عليّ عليه السلام بوقعة صفّین واستشهد بها. راجع: الاستیعاب، ج٢، ص٤٤٨.
الحديث: ٥٥
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦١٥

قال الباقر عليه السلام أو الصادق عليه السلام: إنّ بلالاً ١ كان عبداً صالحاً، فقال: لا أؤذّن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فترك يومئذٍ «حيّ على خير العمل».

المصدر الأصلي: من لا یحضره الفقیه
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤٢
(١) بلال بن رباح الحبشي (م٢٠ه‍): كان من السابقین إلی الإسلام وكان مؤذّن رسول الله صلى الله عليه وآله ولم یؤذّن بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وهاجر إلی الشام فمات ودفن بها. راجع: أعیان الشیعة، ج٣، ص٦٠١-٦٠٥.
الحديث: ٥٦
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦١٦

قال الصادق عليه السلام: كان رجل يبيع الزيت، وكان يحبّ رسول الله صلى الله عليه وآله حبّاً شديداً، كان إذا أراد أن يذهب في حاجته لم يمض حتّى ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قد عرف ذلك منه، فإذا جاء تطاول له حتّى ينظر إليه، حتّى إذا كان ذات يوم دخل فتطاول له رسول الله صلى الله عليه وآله حتّى نظر إليه، ثمّ مضى في حاجته فلم يكن بأسرع من أن رجع.

فلمّا رآه رسول الله صلى الله عليه وآله قد فعل ذلك أشار إليه بيده: اجلس، فجلس بين يديه فقال صلى الله عليه وآله: ما لك فعلت اليوم شيئاً لم تكن تفعله قبل ذلك؟ فقال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحقّ نبيّاً، لغشي قلبي شيء من ذكرك حتّى ما استطعت أن أمضي في حاجتي حتّى رجعت إليك، فدعا له وقال له خيراً.

ثمّ مكث رسول الله صلى الله عليه وآله أيّاماً لا يراه، فلمّا فقده سأل عنه، فقيل: يا رسول الله، ما رأيناه منذ أيّام، فانتعل رسول الله صلى الله عليه وآله وانتعل معه أصحابه، وانطلق حتّى أتى سوق الزيت، فإذا دكّان الرجل ليس فيه أحد، فسأل عنه جيرته فقالوا: يا رسول الله، مات، ولقد كان عندنا أميناً صدوقاً، إلّا أنّه قد كان فيه خصلة، قال صلى الله عليه وآله: وما هي؟ قالوا: كان يرهق _ يعنون يتبع النساء _ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: رحمه الله، والله، لقد كان يحبّني حبّاً لو كان نخّاساً لغفر الله له.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤٣-١٤٤
الحديث: ٥٧
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦١٧

قال الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام: رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قوم في بعض غزواته فقال صلى الله عليه وآله: من القوم؟ قالوا: مؤمنون، يا رسول الله، قال صلى الله عليه وآله: ما بلغ من إيمانكم؟ قالوا: الصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضاء بالقضاء؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حلماء علماء، كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء، إن كنتم كما تقولون فلا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تجمعوا ما لا تأكلون، واتّقوا الله الذي إليه ترجعون.

المصدر الأصلي: التمحيص
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤٤
الحديث: ٥٨
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦١٨

بينا رسول الله صلى الله عليه وآله قاعد إذ جاءت امرأة عريانة حتّى قامت بين يديه، فقالت: يا رسول الله، إنّي فجرت، فطهّرني، وجاء رجل يعدو في أثرها وألقى عليها ثوباً، فقال صلى الله عليه وآله: ما هي منك؟ قال: صاحبتي يا رسول الله، خلوت بجاريتي فصنعت ما ترى، فقال صلى الله عليه وآله: ضمّها إليك، ثمّ قال صلى الله عليه وآله: إنّ الغيراء لا تبصر أعلى الوادي من أسفله.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤٥
الحديث: ٥٩
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦١٩

قال الصادق عليه السلام: إنّ رجلاً من الأنصار على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله خرج في بعض حوائجه، فعهد إلى امرأته عهداً أن لا تخرج من بيتها حتّى يقدم، وإنّ أباها مرض.

فبعثت المرأة إلى النبيّ صلى الله عليه وآله، فقالت: إنّ زوجي خرج وعهد إليّ أن لا أخرج من بيتي حتّى يقدم، وإنّ أبي مرض فتأمرني أن أعوده؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك، فثقل فأرسلت إليه ثانية بذلك، فقالت: فتأمرني أن أعوده؟ فقال صلى الله عليه وآله: اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك، فمات أبوها، فبعثت إليه أنّ أبي قد مات، فتأمرني أن أصلّي عليه؟ فقال صلى الله عليه وآله: لا، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك، فدفن الرجل، فبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّ الله قد غفر لك ولأبيك بطاعتك لزوجك.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤٥
الحديث: ٦٠
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٢٠

قال الباقر عليه السلام: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله يوم النحر إلى ظهر المدينة على جمل عاري الجسم، فمرّ بالنساء فوقف عليهنّ، ثمّ قال: يا معاشر النساء، تصدّقن وأطعن أزواجكنّ، فإنّ أكثركنّ في النار.

فلمّا سمعن ذلك بكين، ثمّ قامت إليه امرأة منهنّ، فقالت: يا رسول الله، في النار مع الكفّار؟ والله، ما نحن بكفّار، فنكون من أهل النار، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّكنّ كافرات بحقّ أزواجكنّ.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤٦
الحديث: ٦١
/
ترتيب جواهر البحار: ١٦٢١

قال الصادق عليه السلام: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله النساء، فقال: يا معاشر النساء، تصدّقن ولو من حليّكنّ ولو بتمرة ولو بشقّ تمرة، فإنّ أكثركنّ حطب جهنّم، إنّكنّ تكثرن اللعن، وتكفرن العشيرة.

فقالت امرأة من بني سليم لها عقل: يا رسول الله، أ ليس نحن الأمّهات الحاملات المرضعات؟ أ ليس منّا البنات المقيمات والأخوات المشفقات؟ فرقّ لها رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: حاملات والدات مرضعات رحيمات، لولا ما يأتين إلى بعولتهنّ ما دخلت مصلّية منهنّ النار.

المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٢
، ص١٤٦