Search
Close this search box.
Layer 5
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب العدل والمعاد
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الصوم
كتاب الحج والعمرة
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات

أحاديث في حال المؤمن عند قبض روحه، وما يفعل به الملكان، وفي علة ما يقاسيه المؤمن عند قبض الروح، وسبب سهولة القبض عند بعض الكافرين، وحال الإمام الحسين (عليه السلام) في لحظاته الأخيرة، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.

الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٨٣

قال أبو الفضل سدیر بن حكیم: كنت عند الصادق(عليه السلام) فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقّه، فالتفت إليّ الصادق(عليه السلام) فقال لي: يا أبا الفضل، أ لا أحدّثك بحال المؤمن عند الله؟ فقلت: بلى، حدّثني، جعلت فداك، فقال(عليه السلام): إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا: يا ربّ، عبدك ونعم العبد، كان سريعاً إلى طاعتك بطيئاً عن معصيتك وقد قبضته إليك، فما تأمرنا من بعده؟ فيقول الجليل الجبّار: اهبطا إلى الدنيا وكونا عند قبر عبدي، ومجّداني وسبّحاني وهلّلاني وكـبّراني، واكتبا ذلك لعبدي حتّى أبعثه من قبره.

المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٥٢
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٨٤

قيل للصادق(عليه السلام): صف لنا الموت، قال(عليه السلام): للمؤمن كأطيب ريح يشمّه فينعس لطيبه وينقطع التعب والألم كلّه عنه وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشدّ، قيل: فإنّ قوماً يقولون: إنّه أشدّ من نشر بالمناشير وقرض بالمقاريض ورضخ بالأحجار، وتدوير قطب الأرحية على الأحداق؟ قال(عليه السلام): كذلك هو على بعض الكافرين والفاجرين، أ لا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد؟ فذلكم الذي هو أشدّ من هذا لا من عذاب الآخرة، فإنّه أشدّ من عذاب الدنيا.

قيل: فما بالنا نرى كافراً يسهل عليه النزع، فينطفئ وهو يحدّث ويضحك ويتكلّم؟ وفي المؤمنين أيضاً من يكون كذلك، وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد؟ فقال(عليه السلام): ما كان من راحة للمؤمن هناك فهو عاجل ثوابه، وما كان من شديدة فتمحيصه من ذنوبه ليردّ الآخرة نقيّاً نظيفاً، مستحقّاً لثواب الأبد، لا مانع له دونه، وما كان من سهولة هناك على الكافر، فليوفّى أجر حسناته في الدنيا ليرد الآخرة وليس له إلّا ما يوجب عليه العذاب، وما كان من شدّة على الكافر هناك فهو ابتداء عذاب الله له بعد نفاد حسناته، ذلكم بأنّ الله عدل لا يجور.

المصدر الأصلي: عیون أخبار الرضا(عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٥٢-١٥٣
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٨٥

سئل الحسن بن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام): ما الموت الذي جهلوه؟ قال(عليه السلام): أعظم سرور يرد على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد، وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذا نقلوا عن جنّتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد.

المصدر الأصلي: معاني الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٥٤
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٨٦

قال السجّاد(عليه السلام): لمّا اشتدّ الأمر بالحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم؛ لأنّهم كلّما اشتدّ الأمر تغيّرت ألوانهم، وارتعدت فرائصهم، ووجلت قلوبهم، وكان الحسين(صلوات الله عليه) وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم، وتهدأ جوارحهم، وتسكن نفوسهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا لا يبالي بالموت، فقال لهم الحسين(عليه السلام): صبراً بني الكرام، فما الموت إلّا قنطرة يعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى الجنان الواسطة والنعيم الدائمة، فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ وما هو لأعدائكم إلّا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب؛ إنّ أبي(عليه السلام) حدّثني عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): أنّ الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر، والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم؛ ما كَذبت وكُذبت.

المصدر الأصلي: معاني الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٥٤
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٨٧

قيل للجواد(عليه السلام): ما بال هؤلاء المسلمين يكرهون الموت؟ قال(عليه السلام): لأنّهم جهلوه فكرهوه، ولو عرفوه وكانوا من أولياء الله عزّ وجلّ لأحبّوه، ولعلموا أنّ الآخرة خير لهم من الدنيا، ثمّ قال(عليه السلام): ما بال الصبي والمجنون يمتنع من الدواء المنقّي لبدنه والنافي للألم عنه؟ قیل: لجهلهم بنفع الدواء، قال(عليه السلام): والذي بعث محمّداً(صلى الله عليه وآله) بالحقّ نبيّاً، إنّ من استعدّ للموت حقّ الاستعداد فهو أنفع له من هذا الدواء لهذا المتعالج، أما إنّهم لو عرفوا ما يؤدّي إليه الموت من النعيم لاستدعوه وأحبّوه أشدّ ما يستدعي العاقل الحازم الدواء لدفع الآفات واجتلاب السلامة.

المصدر الأصلي: معاني الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٥٦
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٨٨

دخل الهادي(عليه السلام) على مريض من أصحابه وهو يبكي ويجزع من الموت، فقال(عليه السلام) له: يا عبد الله، تخاف من الموت لأنّك لا تعرفه، أ رأيتك إذا اتّسخت وتقذّرت وتأذّيت من كثرة القذر والوسخ عليك وأصابك قروح وجرب، وعلمت أنّ الغسل في حمّام يزيل ذلك كله، أ ما تريد أن تدخله فتغسل ذلك عنك؟ أو تكره أن تدخله فيبقى ذلك عليك؟ قال: بلى، يا بن رسول الله، قال(عليه السلام): فذلك الموت هو ذلك الحمّام، وهو آخر ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك وتنقيتك من سيّئاتك، فإذا أنت وردت عليه وجاورته فقد نجوت من كلّ غمّ وهمّ وأذىً، ووصلت إلى كلّ سرور وفرح، فسكن الرجل ونشط واستسلم وغمض عين نفسه ومضى لسبيله.

المصدر الأصلي: معاني الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٥٦
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٨٩

قال الرضا(عليه السلام): إنّ أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن أمّه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى أحكاماً لم يرها في دار الدنيا، وقد سلّم الله عزّ وجلّ على يحيى(عليه السلام) في هذه المواطن الثلاثة وآمن روعته، فقال:﴿وَسَلَامٌ عَلَيهِ يَومَ وُلِدَ وَيَومَ يَمُوتُ وَيَومَ يُبعَثُ حَيًّا﴾، وقد سلّم عيسى بن مريم(عليه السلام) على نفسه في هذه الثلاثة المواطن، فقال: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَومَ وُلِدتُّ وَيَومَ أَمُوتُ وَيَومَ أُبعَثُ حَيًّا﴾.

المصدر الأصلي: عيون أخبار الرضا(عليه السلام)، الخصال
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٥٨
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٩٠

قال الحسین(عليه السلام): لمّا حضرت الحسن بن عليّ(عليه السلام) الوفاة بكى، فقيل: يا بن رسول الله، أ تبكي ومكانك من رسول الله(صلى الله عليه وآله) مكانك الذي أنت به، وقد قال فيك رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما قال، وقد حججت عشرين حجّةً ماشياً، وقد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات حتّى النعل والنعل؟ فقال(عليه السلام): إنّما أبكي لخصلتين: لهول المطّلع وفراق الأحبّة.

المصدر الأصلي: الأمالي للصدوق، عيون أخبار الرضا(عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٥٩-١٦٠
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٩١

قال محمّد بن مسلم: قال الصادق(عليه السلام): والله، لا يصف عبد هذا الأمر فتطعمه النار، قلت: إنّ فيهم من يفعل ويفعل، فقال(عليه السلام): إنّه إذا كان ذلك ابتلى الله تبارك وتعالی أحدهم في جسده، فإن كان ذلك كفّارة لذنوبه وإلّا ضيّق الله عليه في رزقه، فإن كان ذلك كفّارة لذنوبه وإلّا شدّد الله عليه عند موته، حتّى يأتي الله ولا ذنب له، ثمّ يدخله الجنّة.

المصدر الأصلي: المحاسن
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٦٠-١٦١
الحديث: ١٠
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٩٢

قال النبيّ(صلى الله عليه وآله): إذا رضي الله عن عبد قال: يا ملك الموت، اذهب إلى فلان فأتني بروحه، حسبي من عمله، قد بلوته فوجدته حيث أحبّ، فينزل ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة معهم قضبان الرياحين وأصول الزعفران، كلّ واحد منهم يبشّره ببشارة سوى بشارة صاحبه، ويقوم الملائكة صفّين لخروج روحه معهم الريحان، فإذا نظر إليهم إبليس وضع يده على رأسه ثمّ صرخ، فيقول له جنوده: ما لك يا سيّدنا؟ فيقول: أ ما ترون ما أعطي هذا العبد من الكرامة؟ أين كنتم عن هذا؟ قالوا: جهدنا به فلم يطعنا.

المصدر الأصلي: جامع الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٦١
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٩٣

قال الحارث الهمداني: إنّ عليّاً(عليه السلام) ساجداً يبكي، حتّى علا نحيبه وارتفع صوته بالبكاء، فقلنا: يا أمير المؤمنين، لقد أمرضنا بكاؤك وأمضّنا ١ وشجانا ٢ ، وما رأيناك قد فعلت مثل هذا الفعل قطّ، فقال(عليه السلام): كنت ساجداً أدعو ربّي بدعاء الخيرات في سجدتي فغلبني عيني، فرأيت رؤياً هالتني وأقلقتني.

رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) قائماً وهو يقول: يا أبا الحسن، طالت غيبتك فقد اشتقت إلى رؤياك، وقد أنجز لي ربّي ما وعدني فيك، فقلت: يا رسول الله، وما الذي أنجز لك فيّ؟ قال(صلى الله عليه وآله): أنجز لي فيك وفي زوجتك وابنيك وذرّيّتك في الدرجات العلى في علّيّين، قلت: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، فشيعتنا؟ قال(صلى الله عليه وآله): شيعتنا معنا، وقصورهم بحذاء قصورنا ومنازلهم مقابل منازلنا.

قلت: يا رسول الله، فما لشيعتنا في الدنيا؟ قال(صلى الله عليه وآله): الأمن والعافية، قلت: فما لهم عند الموت؟ قال(صلى الله عليه وآله): يحكم الرجل في نفسه ويؤمر ملك الموت بطاعته، قلت: فما لذلك حدّ يعرف؟ قال(صلى الله عليه وآله): بلى، إنّ أشدّ شيعتنا لنا حبّاً يكون خروج نفسه كشرب أحدكم في يوم الصيف الماء البارد الذي ينتقع به القلوب، وإنّ سائرهم ليموت كما يغبط أحدكم على فراشه كأقرّ ما كانت عينه بموته.

المصدر الأصلي: كنز جامع الفوائد وتأویل الآیات الظاهرة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٦١-١٦٢
(١) «أمضّنا»: أحرقنا وشقّ علینا. راجع: لسان العرب، ج۷، ص۲۳۳.
(٢) «شَجانا»: حَزَنَنا. راجع: لسان العرب، ج۱۴، ص۴۲۲.
الحديث: ١٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٩٤

قال أبو بصیر: قلت للصادق(عليه السلام): جعلت فداك، يستكره المؤمن على خروج نفسه؟ فقال(عليه السلام): لا، والله، قلت: وكيف ذاك؟ قال(عليه السلام): إنّ المؤمن إذا حضرته الوفاة حضر رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته: أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وفاطمة(عليها السلام) والحسن(عليه السلام) والحسين(عليه السلام) وجميع الأئمّة(عليهم السلام) ولكن أكنّوا عن اسم فاطمة(عليها السلام)، ويحضره جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل(عليهم السلام)، فيقول أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام): يا رسول الله، إنّه كان ممّن يحبّنا ويتولّانا فأحبّه، فيقول رسول الله(صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل، إنّه ممّن كان يحبّ عليّاً(عليه السلام) وذرّيّته فأحبّه، وقال جبرئيل لميكائيل وإسرافيل(عليهم السلام) مثل ذلك، ثمّ يقولون جميعاً لملك الموت: إنّه ممّن كان يحبّ محمّداً وآله(عليهم السلام)، ويتولّى عليّاً(عليه السلام)
وذرّيّته فارفق به.

فيقول ملك الموت: والذي اختاركم وكرّمكم واصطفى محمّداً(صلى الله عليه وآله) بالنبوّة وخصّه بالرسالة، لأنا أرفق به من والد رفيق، وأشفق عليه من أخ شفيق، ثمّ قام إليه ملك الموت فيقول: يا عبد الله، أخذت فكاك رقبتك؟ أخذت رهان أمانك؟ فيقول: نعم، فيقول الملك: فبماذا؟ فيقول: بحبّي محمّداً وآله(عليهم السلام)، وبولايتي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وذرّيّته، فيقول: أمّا ما كنت تحذر فقد آمنك الله منه، وأمّا ما كنت ترجو فقد أتاك الله به، افتح عينيك فانظر إلى ما عندك.

قال(عليه السلام): فيفتح عينيه فينظر إليهم واحداً واحداً، ويفتح له باب إلى الجنّة فينظر إليها، فيقول له: هذا ما أعدّ الله لك وهؤلاء رفقاؤك، أ فتحبّ اللحاق بهم أو الرجوع إلى الدنيا؟ فقال الصادق(عليه السلام): أ ما رأيت شخوصه ورفع حاجبيه إلى فوق من قوله: لا حاجة لي إلى الدنيا ولا الرجوع إليها؟ ويناديه منادٍ من بطنان العرش يسمعه ويسمع من بحضرته: يا أيّتها النفس المطمئنّة إلى محمّد(صلى الله عليه وآله) ووصيّه والأئمّة من بعده، ارجعي إلى ربّك راضيةً بالولاية، مرضيّةً بالثواب، فادخلي في عبادي مع محمّد وأهل بيته(عليهم السلام) وادخلي جنّتي غير مشوبة.

المصدر الأصلي: تفسير فرات
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٦٢-١٦٣
الحديث: ١٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٥٩٥

قال عليّ(عليه السلام): من عشق شيئاً أعشى بصره وأمرض‏ قلبه،‏ فهو ينظر بعين غير صحيحة، ويسمع بأذن غير سميعة، قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت الدنيا قلبه، وولهت عليها نفسه، فهو عبد لها ولمن في يديه شي‏ء منها، حيثما زالت زال إليها وحيثما أقبلت أقبل عليها ١ ، لا ينزجر من‏ الله بزاجر ولا يتّعظ منه بواعظ، وهو يرى المأخوذين على الغرّة حيث لا إقالة ولا رجعة، كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون، وجاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون‏، وقدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون فغير موصوف ما نزل بهم، اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت، ففترت لها أطرافهم وتغيّرت لها ألوانهم، ثمّ ازداد الموت فيهم ولوجاً فحيل بين أحدهم وبين منطقه.

وإنّه لبين أهله ينظر ببصره ويسمع بأذنه على صحّة من عقله وبقاء من لبّه، ويفكّر فيم أفنى عمره وفيم أذهب دهره، ويتذكّر أموالاً جمعها أغمض في مطالبها وأخذها من مصرّحاتها ومشتبهاتها، قد لزمته تبعات جمعها وأشرف على فراقها، تبقى‏ لمن وراءه ينعمون بها فيكون المهنّأ لغيره والعب‏ء على ظهره والمرء قد غلقت رهونه بها، يعضّ يده ندامة على ما أصحر له عند الموت من أمره، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيّام عمره، ويتمنّى أنّ الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونه.

فلم يزل الموت يبالغ في جسده حتّى خالط سمعه ٢ ، فصار بين أهله لا ينطق بلسانه ولا يسمع بسمعه، يردّد طرفه بالنظر في وجوههم، يرى حركات ألسنتهم ولا يسمع رجع كلامهم، ثمّ ازداد الموت التياطاً فقبض بصره كما قبض سمعه، وخرجت الروح من جسده فصار جيفة بين أهله، قد أوحشوا من جانبه وتباعدوا من قربه، لا يسعد باكياً ولا يجيب داعياً، ثمّ حملوه إلى مخطّ من الأرض وأسلموه فيه إلى عمله وانقطعوا عن زورته

المصدر الأصلي: نهج البلاغة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦
، ص١٦٤-١٦٥
(١) ولم یُذكر إلی هنا في البحار ولكن ذكرناه تتمیماً للفائدة.
(٢) ورد في المصدر: «حتّی خالط لسانه سمعه». راجع: نهج البلاغة، ص١٦١.