- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث في سائر ما يستحبّ عقيب كلّ صلاة
قال الصادق (عليه السلام): من قال في دبر الفريضة قبل أن يثني رجليه: «أستغفر الله الذي لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه» غفر الله له ذنوبه ولوكانت مثل زبد البحر.
وفي خبر آخر: من قاله في كلّ يوم غفر الله له أربعين كبيرة.
دخل رجل إلى الصادق (عليه السلام) فقال له: يا سيّدي، علت سنّي ومات أقاربي، وأنا خائف أن يدركني الموت، وليس لي من آنس به وأرجع إليه، فقال (عليه السلام) له: إنّ من إخوانك المؤمنين من هو أقرب نسباً أو سبباً، وأنسك به خير من أنسك بقريب، ومع هذا فعليك بالدعاء، وأن تقول عقيب كلّ صلاة: «اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، اللّهمّ، إنّ جعفر الصادق قال: إنّك قلت: ما تردّدت في شيء أنا فاعله كتردّدي في قبض روح عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته. اللّهمّ، فصلّ على محمّد وآل محمّد، وعجّل لوليّك الفرج والعافية والنصر، ولا تسؤني في نفسي، ولا في أحد من أحبّتي». إن شئت أن تسمّيهم واحداً واحداً فافعل، وإن شئت متفرّقين، وإن شئت مجتمعين.
قال الرجل: والله، لقد عشت حتّى سئمت الحياة.
قال أبو محمّد هارون بن موسى (رحمه الله): إنّ محمّد بن الحسن بن شمّون البصري كان يدعو بهذا الدعاء، فعاش مائة وثمان وعشرين سنة في خفض إلى أن ملّ الحياة، فتركه فمات.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ (عليه السلام): إذا أردت أن تحفظ كلّ ما تسمع وتقرأ فادع بهذا الدعاء في دبر كلّ صلاة، وهو: «سبحان من لا يعتدي على أهل مملكته، سبحان من لا يأخذ أهل الأرض بألوان العذاب، سبحان الرؤوف الرحيم، اللّهمّ اجعل لي في قلبي نوراً وبصراً وفهماً وعلماً، إنّك على كلّ شيء قدير».
قال الباقر (عليه السلام): أتى رجل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقال له شيبة الهذلي، فقال: يا رسول الله، إنّي شيخ قد كبرت سنّي، وضعفت قوّتي عن عمل كنت عوّدته نفسي من صلاة وصيام وحجّ وجهاد، فعلّمني _ يا رسول الله _ كلاماً ما ينفعني الله به وخفّف عليّ يا رسول الله، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أعدها، فأعادها ثلاث مرّات، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما حولك شجرة ولا مدرة إلّا وقد بكت من رحمتك، فإذا صلّيت الصبح فقل عشر مرّات: «سبحان الله العظيم وبحمده، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم»، فإنّ الله عزّ وجلّ يعافيك بذلك من العمى والجنون والجذام والفقر والهرم.
فقال: يا رسول الله، هذا للدنيا فما للآخرة؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): تقول في دبر كلّ صلاة: «اللّهمّ اهدني من عندك، وأفض عليّ من فضلك، وانشر عليّ من رحمتك، وأنزل عليّ من بركاتك»، فقبض عليهنّ بيده ثمّ مضى، فقال رجل لابن عبّاس: ما أشدّ ما قبض عليها خالك! فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): أما إنّه إن وافى بها يوم القيامة لم يدعها متعمّداً، فتحت له ثمانية أبواب الجنّة يدخلها من أيّها شاء.
قيل للصادق (عليه السلام): لأيّ علّة يكـبّر المصلّي بعد التسليم ثلاثة يرفع بها يديه؟ فقال (عليه السلام): لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا فتح مكّة صلّى بأصحابه الظهر عند الحجر الأسود، فلمّا سلّم رفع يديه وكـبّر ثلاثاً وقال: «لا إله إلّا الله وحده وحده وحده، أنجز وعده ونصر عبده وأعزّ جنده، وغلب الأحزاب وحده، فله الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كلّ شيء قدير». ثمّ أقبل على أصحابه فقال: لا تدعوا هذا التكبير، وهذا القول في دبر كلّ صلاة مكتوبة، فإنّ من فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا القول، كان قد أدّى ما يجب عليه من شكر الله _ تعالى ذكره _ على تقوية الإسلام وجنده.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عليّ، عليك بتلاوة آية الكرسيّ في دبر الصلاة المكتوبة، فإنّه لا يحافظ عليها إلّا نبيّ أو صدّيق أو شهيد.
قال الرضا (عليه السلام) في كيفية الصلاة والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في دبر المكتوبة: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا محمّد بن عبد الله، السلام عليك يا خيرة الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا أمين الله، أشهد أنّك رسول الله، وأشهد أنّك محمّد بن عبد الله، وأشهد أنّك قد نصحت لأمّتك، وجاهدت في سبيل ربّك، وعبدته حتّى أتاك اليقين، فجزاك الله يا رسول الله، أفضل ما جزى نبيّاً عن أمّته، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد أفضل ما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من أحبّ أن يخرج من الدنيا وقد خلص من الذنوب كما يخلص الذهب لا كدر فيه، وليس أحد يطالبه بمظلمة فليقرأ في دبر الصلوات الخمس بنسبة الله عزّ وجلّ﴿يَٰٓقُلۡ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾_ اثني عشرة مرّة _ ثمّ يبسط يده ويقول: «اللّهمّ، إنّي أسألك باسمك المخزون المكنون الطاهر الطهر المبارك، وأسألك باسمك العظيم وسلطانك القديم، يا واهب العطايا، يا مطلق الأسارى، يا فكّاك الرقاب من النار، صلّ على محمّد وآل محمّد، وفكّ رقبتي من النار، وأخرجني من الدنيا آمناً، وأدخلني الجنّة سالماً، واجعل دعائي أوّله فلاحاً وأوسطه نجاحاً وآخره صلاحاً، إنّك أنت علّام الغيوب».
ثمّ قال (عليه السلام): هذا من المخبيّات ممّا علّمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمرني أن أعلّم الحسن والحسين (عليهما السلام).
قال الصادق (عليه السلام): أدنى ما يجزئ من الدعاء بعد المكتوبة أن يقول: «اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، اللّهمّ، إنّي أسألك من كلّ خير أحاط به علمك، وأعوذ بك من كلّ شرّ أحاط به علمك، اللّهمّ، إنّي أسألك عافيتك في أموري كلّها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة».
قال الصادق (عليه السلام): إذا صلّيت بقوم فخفّف، وإذا كنت وحدك فثقّل، فإنّها العبادة.
قال أبو جعفر الأحول: عرض لي وجع في ركبتي فشكوت ذلك للصادق (عليه السلام) فقال: إذا أنت صلّيت فقل: «يا أجود من أعطى، وخير ما سئل، يا أرحم من استرحم، ارحم ضعفي وقلّة حيلتي، وعافني من وجعي»، فقلت فعوفيت.
قال الصادق (عليه السلام): لو أنّ حوراً من حور الجنّة أشرفت على أهل الدنيا وأبدت ذؤابة من ذوائبها لافتتن بها أهل الدنيا، وإنّ المصلّي ليصلّي فإن لم يسأل ربّه أن يزوّجه من الحور العين، قلن: ما أزهد هذا فينا.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): من أراد أن لايقفه الله يوم القيامة على قبيح أعماله، ولا ينشر له ديوان، فليقرأ هذا الدعاء في دبر كلّ صلاة وهو: «اللّهمّ، إنّ مغفرتك أرجى من عملي، وإنّ رحمتك أوسع من ذنبي، اللّهمّ، إن كان ذنبي عندك عظيماً فعفوك أعظم من ذنبي. اللّهمّ، إن لم أكن أهلاً أن ترحمني، فرحمتك أهل أن تبلغني وتسعني، لأنّها وسعت كلّ شيء، برحمتك يا أرحم الراحمين».
قال محمّد بن سليمان الديلمي: سألت الصادق (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك، إنّ شيعتك تقول: إنّ الإيمان مستقرّ ومستودع، فعلّمني شيئاً إذا أنا قلته استكملت الإيمان، قال (عليه السلام): قل في دبر كلّ صلاة فريضة: «رضيت بالله ربّاً، وبمحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) نبيّاً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن كتاباً، وبالكعبة قبلة، وبعليّ (عليه السلام) وليّاً وإماماً، وبالحسن والحسين والأئمّة (عليهم السلام)، اللّهمّ، إنّي رضيت بهم أئمّة فارضني لهم، إنّك على كلّ شيء قدير».
قال الصادق (عليه السلام): لمّا أمر الله عزّ وجلّ هذه الآيات أن يهبطن إلى الأرض، تعلّقن بالعرش وقلن: أي ربّ، إلى أين تهبطنا؟ إلى أهل الخطايا والذنوب؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليهنّ أن اهبطن، فوعزّتي وجلالي، لا يتلوكنّ أحد من آل محمّد وشيعتهم في دبر ما أفترض عليه إلّا نظرت إليه بعيني المكنونة في كلّ يوم سبعين نظرة، أقضي إليه في كلّ نظرة سبعين حاجة، وقبلته على ما فيه من المعاصي، وهي: أمّ الكتاب، و﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُو﴾، وآية الكرسيّ، وآية الملك.