قال سهل بن يعقوب الملقّب بأبي نواس: قلت للعسكري (عليه السلام) ذات يوم: يا سيّدي، قد وقع إليّ اختيارات الأيّام عن سيّدنا الصادق (عليه السلام) ممّا حدّثني به الحسن بن عبد الله بن مطهّر، عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن سيّدنا الصادق (عليه السلام) في كلّ شهر، فأعرضه عليك؟ فقال لي: افعل، فلمّا عرضته عليه وصحّحته، قلت له: يا سيّدي، في أكثر هذه الأيّام قواطع عن المقاصد، لما ذكر فيها من النحس والمخاوف، فتدلّني على الاحتراز من المخاوف فيها؟ فإنّما تدعوني الضرورة إلى التوجّه في الحوائج فيها.
فقال (عليه السلام) لي: يا سهل، إنّ لشيعتنا بولايتنا لعصمة، لو سلكوا بها في لجّة البحار الغامرة، وسباسب ١ البيد ٢ الغائرة، بين سباع وذئاب، وأعادي الجنّ والإنس، لأمنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا، فثق بالله عزّ وجلّ، وأخلص في الولاء لأئمّتك الطاهرين، وتوجّه حيث شئت، واقصد ما شئت إذا أصبحت، وقلت ثلاثاً: «أصبحت اللّهمّ معتصماً بذمامك المنيع، الذي لا يطاول ولا يحاول، من كلّ طارق وغاشم، من سائر ما خلقت ومن خلقت، من خلقك الصامت والناطق في جنّة من كلّ مخوف بلباس سابغة، ولاء أهل بيت نبيّك، محتجزاً من كلّ قاصد إلى أذية بجدار حصين، الإخلاص في الاعتراف بحقّهم والتمسّك بحبلهم جميعاً، موقناً أنّ الحقّ لهم ومعهم وفيهم وبهم، أوالي من والوا وأجانب من جانبوا، فأعذني اللّهمّ بهم من شرّ كلّ ما أتّقيه يا عظيم، حجزت الأعادي عنّي ببديع السماوات والأرض، إنّا ﴿جَعَلۡنَا مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ سَدّاً وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدّاً فَأَغۡشَيۡنَٰهُمۡ فَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ﴾. وقلتها عشيّاً ثلاثاً، حصلت في حصن من مخاوفك، وأمن من محذورك.
فإذا أردت التوجّه في يوم قد حذّرت فيه، فقدّم أمام توجّهك: الحمد لله رب العالمين، والمعوّذتين، وآية الكرسي، وسورة القدر، وآخر آية في سورة آل عمران، وقل: «اللّهمّ بك يصول الصائل، وبقدرتك يطول الطائل، ولا حول لكلّ ذي حول إلّا بك، ولا قوّة يمتارها ذو قوّة إلّا منك، بصفوتك من خلقك، وخيرتك من بريّتك، محمّد نبيّك وعترته وسلالته، عليه وعليهم السلام صلّ عليهم، واكفني شرّ هذا اليوم وضرره، وارزقني خيره ويمنه، واقض لي في متصرّفاتي بحسن العاقبة وبلوغ المحبّة، والظفر بالأمنيّة وكفاية الطاغية الغويّة، وكلّ ذي قدرة لي على أذيّة، حتّى أكون في جنّة وعصمة، من كلّ بلاء ونقمة، وأبدلني من المخاوف أمناً، ومن العوائق فيه يسراً، حتّى لا يصدّني صادّ عن المراد، ولا يحلّ بي طارق من أذى العباد، إنّك على كلّ شيء قدير، والأمور إليك تصير، يا من ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير».
(٢) «البید»: جمع «البَیداء» وهو المُهلك المُتلف. راجع: لسان العرب، ج٣، ص٩٧.
قال الحلبي للصادق (عليه السلام): أ يكره السفر في شيء من الأيّام المكروهة، الأربعاء وغيره؟ قال (عليه السلام): افتتح سفرك بالصدقة واقرأ آية الكرسي إذا بدا لك.
قال أحدهما (عليه السلام) ١ : كان أبي إذا خرج يوم الأربعاء، أو في يوم يكرهه الناس من محاق أو غيره، تصدّق بصدقة ثمّ خرج.