أحاديث في أن الإمام الحجة (ع) في غيبته كالشمس وراء السحاب ينتفع به المؤمنين رغم غيبته كما ينتفع بالشمس وهي خلف السحاب، وفي علة غيبته واحتجابه، وامتحان الشيعة في زمان الغيبة، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب التوحيد
كتاب العدل والمعاد
كتاب الاحتجاج
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب الفتن والمحن
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الزكاة والصدقة
كتاب الصوم
كتاب أعمال السنين والشهور
كتاب الحج والعمرة
كتاب الجهاد
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات
الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٦٢
ورد علي إسحاق بن يعقوب من الناحية المقدّسة على يد محمّد بن عثمان: وأمّا علّة ما وقع من الغيبة فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَسۡـَٔلُواْ عَنۡ أَشۡيَآءَ إِن تُبۡدَ لَكُمۡ تَسُؤۡكُمۡ﴾، إنّه لم يكن أحد من آبائي إلّا وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإنّي أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي. وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب، وإنّي لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، فأغلقوا أبواب السؤال عمّا لا يعنيكم، ولا تتكلّفوا على ما قد كفيتم، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلك فرجكم، والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب، وعلى من اتّبع الهدى. (ص٩٢)
بيــان:
التشبيه بالشمس المجلّلة بالسحاب يؤمي إلى أمور:
الأوّل: أنّ نور الوجود والعلم والهداية يصل إلى الخلق بتوسّطه (عليه السلام) إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنّهم العلل الغائية لإيجاد الخلق، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم، وببركتهم والاستشفاع بهم والتوسّل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق، ويكشف البلايا عنهم، فلولا هم لاستحقّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب، كما قال تعالی: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡ﴾.
ولقد جرّبنا مراراً لا نحصيها أنّ عند انغلاق الأمور وإعضال المسائل والبعد عن جناب الحقّ تعالی وانسداد أبواب الفيض لمّا استشفعنا بهم وتوسّلنا بأنوارهم، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت تنكشف تلك الأمور الصعبة، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان، وقد مضى توضيح ذلك في كتاب الإمامة.
الثاني: كما أنّ الشمس المحجوبة بالسحاب _ مع انتفاع الناس بها _ ينتظرون في كلّ آنٍ انكشاف السحاب عنها وظهورها، ليكون انتفاعهم بها أكثر، فكذلك في أيّام غيبته (عليه السلام) ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره في كلّ وقت وزمان، ولا ييأسون منه.
الثالث: أنّ منكر وجوده (عليه السلام) _ مع وفور ظهور آثاره _ كمنكر وجود الشمس إذا غيّبها السحاب عن الأبصار.
الرابع: أنّ الشمس قد تكون غيبتها في السحاب، أصلح للعباد من ظهورها لهم بغير حجاب، فكذلك غيبته (عليه السلام) أصلح لهم في تلك الأزمان، فلذا غاب عنهم.
الخامس: أنّ الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب، وربما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة عن الإحاطة بها، فكذلك شمس ذاته المقدّسة ربما يكون ظهوره أضرّ لبصائرهم، ويكون سبباً لعماهم عن الحقّ، وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته، كما ينظر الإنسان إلى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرّر بذلك.
السادس: أنّ الشمس قد يخرج من السحاب وينظر إليه واحد دون واحد، فكذلك يمكن أن يظهر (عليه السلام) في أيّام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
السابع: أنّهم (عليه السلام) كالشمس في عموم النفع، وإنّما لا ينتفع بهم من كان أعمى، كما فسّر به في الأخبار قوله تعالی: ﴿مَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾.
الثامن: أنّ الشمس كما أنّ شعاعها تدخل البيوت بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع، فكذلك الخلق إنّما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسّهم ومشاعرهم، التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانية، والعلائق الجسمانية، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية، إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء، يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب.
فقد فتحت لك من هذه الجنّة الروحانية ثمانية أبواب، ولقد فتح الله عليّ بفضله ثمانية أخرى، تضيق العبارة عن ذكرها، عسى الله أن يفتح علينا وعليك في معرفتهم ألف باب، يفتح من كلّ باب ألف باب.
التشبيه بالشمس المجلّلة بالسحاب يؤمي إلى أمور:
الأوّل: أنّ نور الوجود والعلم والهداية يصل إلى الخلق بتوسّطه (عليه السلام) إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنّهم العلل الغائية لإيجاد الخلق، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم، وببركتهم والاستشفاع بهم والتوسّل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق، ويكشف البلايا عنهم، فلولا هم لاستحقّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب، كما قال تعالی: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡ﴾.
ولقد جرّبنا مراراً لا نحصيها أنّ عند انغلاق الأمور وإعضال المسائل والبعد عن جناب الحقّ تعالی وانسداد أبواب الفيض لمّا استشفعنا بهم وتوسّلنا بأنوارهم، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت تنكشف تلك الأمور الصعبة، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان، وقد مضى توضيح ذلك في كتاب الإمامة.
الثاني: كما أنّ الشمس المحجوبة بالسحاب _ مع انتفاع الناس بها _ ينتظرون في كلّ آنٍ انكشاف السحاب عنها وظهورها، ليكون انتفاعهم بها أكثر، فكذلك في أيّام غيبته (عليه السلام) ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره في كلّ وقت وزمان، ولا ييأسون منه.
الثالث: أنّ منكر وجوده (عليه السلام) _ مع وفور ظهور آثاره _ كمنكر وجود الشمس إذا غيّبها السحاب عن الأبصار.
الرابع: أنّ الشمس قد تكون غيبتها في السحاب، أصلح للعباد من ظهورها لهم بغير حجاب، فكذلك غيبته (عليه السلام) أصلح لهم في تلك الأزمان، فلذا غاب عنهم.
الخامس: أنّ الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب، وربما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة عن الإحاطة بها، فكذلك شمس ذاته المقدّسة ربما يكون ظهوره أضرّ لبصائرهم، ويكون سبباً لعماهم عن الحقّ، وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته، كما ينظر الإنسان إلى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرّر بذلك.
السادس: أنّ الشمس قد يخرج من السحاب وينظر إليه واحد دون واحد، فكذلك يمكن أن يظهر (عليه السلام) في أيّام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
السابع: أنّهم (عليه السلام) كالشمس في عموم النفع، وإنّما لا ينتفع بهم من كان أعمى، كما فسّر به في الأخبار قوله تعالی: ﴿مَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾.
الثامن: أنّ الشمس كما أنّ شعاعها تدخل البيوت بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع، فكذلك الخلق إنّما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسّهم ومشاعرهم، التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانية، والعلائق الجسمانية، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية، إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء، يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب.
فقد فتحت لك من هذه الجنّة الروحانية ثمانية أبواب، ولقد فتح الله عليّ بفضله ثمانية أخرى، تضيق العبارة عن ذكرها، عسى الله أن يفتح علينا وعليك في معرفتهم ألف باب، يفتح من كلّ باب ألف باب.
المصدر الأصلي: الاحتجاج
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥٢
، ص٩٣-٩٤
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٤٦٣
قال الطوسي (رحمه الله): لا علّة تمنع من ظهوره (عليه السلام) إلّا خوفه على نفسه من القتل، لأنّه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار وكان يتحمّل المشاقّ والأذى، فإنّ منازل الأئمّة (عليهم السلام) وكذلك الأنبياء (عليهم السلام) إنّما تعظم لتحمّلهم المشاقّ العظيمة في ذات الله تعالی.
فإن قيل: هلّا منع الله من قتله بما يحول بينه وبين من يريد قتله قلنا المنع الذي لا ينافي التكليف هو النهي عن خلافه والأمر بوجوب اتّباعه ونصرته وإلزام الانقياد له وكلّ ذلك فعله تعالی وأمّا الحيلولة بينهم وبينه فإنّه ينافي التكليف وينقض الغرض لأنّ الغرض بالتكليف استحقاق الثواب والحيلولة تنافي ذلك وربما كان في الحيلولة والمنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق فلا يحسن من الله فعلها. وليس هذا كما قال بعض أصحابنا إنّه لا يمتنع أن يكون في ظهوره مفسدة وفي استتاره مصلحة؛ لأنّ الذي قاله يفسد طريق وجوب الرسالة في كلّ حال ويطرق القول بأنّها تجري مجرى الألطاف التي تتغيّر بالأزمان والأوقات والقهر والحيلولة ليس كذلك ولا يمتنع أن يقال في ذلك مفسدة ولا يؤدّي إلى فساد وجوب الرئاسة.
فإن قيل: أ ليس آباؤه (عليهم السلام) كانوا ظاهرين ولم يخافوا ولا صاروا بحيث لا يصل إليهم أحد؟ قلنا: آباؤه (عليهم السلام) حالهم بخلاف حاله، لأنّه كان المعلوم من حال آبائه لسلاطين الوقت وغيرهم أنّهم لا يرون الخروج عليهم ولا يعتقدون أنّهم يقومون بالسيف ويزيلون الدول، بل كان المعلوم من حالهم أنّهم ينتظرون مهديّاً لهم وليس يضرّ السلطان اعتقاد من يعتقد إمامتهم إذا أمنوهم على مملكتهم. وليس كذلك صاحب الزمان (عليه السلام) لأنّ المعلوم منه أنّه يقوم بالسيف ويزيل الممالك ويقهر كلّ سلطان ويبسط العدل ويميت الجور، فمن هذه صفته يخاف جانبه ويتّقى ثورته فيتتبّع ويرصد ويوضع العيون عليه ويعنى به خوفاً من وثبته ورهبته من تمكّنه فيخاف حينئذٍ ويحوج إلى التحرّز والاستظهار بأن يخفى شخصه عن كلّ من لا يأمنه من وليّ وعدوّ إلى وقت خروجه.
وأيضاً فآباؤه (عليهم السلام) إنّما ظهروا لأنّه كان المعلوم أنّه لو حدث بهم حادث لكان هناك من يقوم مقامه ويسدّ مسدّه من أولادهم وليس كذلك صاحب الزمان (عليه السلام) لأنّ المعلوم أنّه ليس بعده من يقوم مقامه قبل حضور وقت قيامه بالسيف فلذلك وجب استتاره وغيبته وفارق حاله حال آبائه وهذا واضح بحمد الله.
فإن قيل: بأيّ شيء يعلم زوال الخوف وقت ظهوره؟ أ بالوحي من الله؟ فالإمام لا يوحى إليه، أو بعلم ضروري؟ فذلك ينافي التكليف، أو بأمارة توجب غلبة الظنّ ففي ذلك تغرير بالنفس.
قلنا عن ذلك جوابان:
أحدهما: أنّ الله أعلمه على لسان نبيّه وأوقفه عليه من جهة آبائه زمان غيبته المخوفة وزمان زوال الخوف عنه فهو يتّبع في ذلك ما شرع له وأوقف عليه وإنّما أخفي ذلك عنّا لما فيه من المصلحة، فأمّا هو فعالم به لا يرجع إلى الظنّ.
والثاني: أنّه لا يمتنع أن يغلب على ظنّه بقوّة الأمارات بحسب العادة قوّة سلطانه فيظهر عند ذلك ويكون قد أعلم أنّه متى غلب في ظنّه كذلك وجب عليه ويكون الظنّ شرطاً والعمل عنده معلوماً كما نقوله في تنفيذ الحكم عند شهادة الشهود والعمل على جهات القبلة بحسب الأمارات والظنون وإن كان وجوب التنفيذ للحكم والتوجّه إلى القبلة معلومين وهذا واضح بحمد الله.
وأمّا ما روي من الأخبار من امتحان الشيعة في حال الغيبة وصعوبة الأمر عليهم واختبارهم للصبر عليه، فالوجه فيها الإخبار عمّا يتّفق من ذلك من الصعوبة والمشاقّ، لأنّ الله تعالی غيّب الإمام ليكون ذلك وكيف يريد الله ذلك وما ينال المؤمنين من جهة الظالمين ظلم منهم ومعصية، والله لا يريد ذلك. بل سبب الغيبة هو الخوف على ما قلناه وأخبروا بما يتّفق في هذه الحال وما للمؤمن من الثواب على الصبر على ذلك والتمسّك بدينه إلى أن يفرّج الله تعالی عنهم.
المصدر الأصلي: الغیبة للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٥٢
، ص٩٨-١٠٠