- جواهر البحار
- » تتمة كتاب السماء والعالم
- » أحاديث في السنين والشهور
قال السيّد ابن طاوس (رحمه الله): واعلم أنّي وجدت الروايات مختلفات في أنّه هل أوّل السنة المحرّم أو شهر رمضان؟ لكنّني رأيت من عمل من أدركته من علماء أصحابنا المعتبرين، وكثيراً من تصانيف علمائهم الماضين، أنّ أوّل السنة شهر رمضان على التعيين، ولعلّ شهر الصيام أوّل العامّ في عبادات الإسلام، والمحرّم أوّل السنة في غير ذلك من التواريخ، ومهامّ الأنام؛ لأنّ الله جلّ جلاله عظّم شهر رمضان، فقال جلّ جلاله: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِ﴾، فلسان حال هذا التعظيم كالشاهد لشهر رمضان بالتقديم، ولأنّه لم يجر لشهر من شهور السنة ذكر باسمه في القرآن وتعظيم أمره، إلّا لهذا الشهر شهر الصيام، وهذا الاختصاص بذكره كأنّه ينبّه _ والله أعلم _ على تقديم أمره.
ولأنّه إذا كان أوّل السنة شهر الصيام _ وفيه ما قد اختصّ به من العبادات التي ليست في غيره من الشهور والأيّام _ فكأنّ الإنسان قد استقبل أوّل السنة بذلك الاستعداد والاجتهاد، فيرجى أن يكون باقي السنة جارياً على السداد والمراد، وظاهر دلائل المعقول، وكثير من المنقول أنّ ابتداءات الدخول في الأعمال، هي أوقات التأهّب والاستظهار لأوساطها وأواخرها على كلّ حال، ولأنّ فيه ليلة القدر التي يكتب فيها مقدار الآجال، وإطلاق الآمال، وذلك منبّه على أنّ شهر الصيام هو أوّل السنة، فكأنّه فتح للعباد في أوّل دخولها أن يطلبوا أطول آجالهم، وبلوغ آمالهم، ليدركوا آخرها، ويحمدوا مواردها ومصادرها… وأنّ الأخبار بأنّ شهر رمضان أوّل السنة، أبعد من التقيّة وأقرب إلى مراد العترة النبوية، وحسبك شاهداً وتنبيهاً وآكداً، ما تضمّنه الأدعية المنقولة في أوّل شهر رمضان، بأنّه أوّل السنة على التعيين والبيان.
قال الصادق (عليه السلام): ليلة القدر هي أوّل السنة، وهي آخرها.
قال الصادق (عليه السلام): يُستحبّ أن تطوف ثلاثمائة وستّين أسبوعاً، عدد أيّام السنة، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف.