قال جابر بن عبد الله الأنصاري: خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة ذات الرقاع، حتّى إذا كنّا بحرّة واقم، أقبل جمل يرفل ١ حتّى دنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجعل يرغو ٢ على هامّته ٣، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ هذا الجمل يستعديني على صاحبه، يزعم أنّه كان يحرث عليه منذ سنين، حتّى أجربه ٤ وأعجفه وكبر سنّه أراد نحره، اذهب _ يا جابر _ إلى صاحبه، فأت به، قال: ما أعرفه، قال: إنّه سيدلّك عليه.
قال: فخرج بين يديّ معنقاً حتّى وقف بي مجلس بني حطمة، فقلت: أين ربّ هذا الجمل؟ قالوا: هذا لفلان بن فلان، فجئته فقلت: أجب رسول الله، فخرج معي حتّى إذا جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنّ جملك يزعم أنّك حرثت عليه زماناً، حتّى إذا أجربته وأعجفته وكبر سنّه، أردت نحره، قال: والذي بعثك بالحقّ إنّ ذلك كذلك، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما هكذا جزاء المملوك الصالح، ثمّ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): بعنيه، قال: نعم، فابتاعه منه، ثمّ أرسله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الشجر حتّى نصب سنامه.
(٢) «رَغَا البعيرُ»: صوَّتت فضَجَّت. لسان العرب، ج١٤، ص٣٢٩.
(٣) «الهَامَّةُ»: الدابّة. لسان العرب، ج١٢، ص٦٢١.
(٤) «الجَرَب»: بَثَر يَعلو أبدان الناس والإِبل. لسان العرب، ج١، ص٢٥٩.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من نبيّ إلّا وقد رعى الغنم، قيل: وأنت يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): وأنا.
قيل: والحكمة أنّ الله عزّ وجلّ جعل الرعي في الأنبياء تقدمةً لهم، ليكونوا رعاة الخلق، وتكون أممهم رعايا لهم.