أحاديث في من مدح الرضا (ع) من الشعراء وما قالوا فيه، وفي علة امتناع أبو نواس من مدح الإمام الرضا (ع)، وفي شعر دعل الخزاعي، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب التوحيد
كتاب العدل والمعاد
كتاب الاحتجاج
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب الفتن والمحن
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الزكاة والصدقة
كتاب الصوم
كتاب أعمال السنين والشهور
كتاب الحج والعمرة
كتاب الجهاد
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات
الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٢٥٥
لمّا جعل المأمون عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) وليّ عهده قصد الشعراء المأمون، ووصلهم بأموال جمّة حين مدحوا الرضا (عليه السلام)، وصوّبوا رأي المأمون في الأشعار دون أبي نواس، فإنّه لم يقصده ولم يمدحه، ودخل إلى المأمون فقال له: يا أبا نواس، قد علمت مكان عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) منّي وما أكرمته به، فلماذا أخّرت مدحه، وأنت شاعر زمانك وقريع دهرك؟ فأنشأ يقول:
قيل لي أنت أوحد الناس طرّاً
في فنون من كلام النبيه
لك من جوهر الكلام بديع
يثمر الدرّ في يدي مجتنيه
فعلامَ تركت مدح ابن موسى
والخصال التي تجمّعن فيه
قلت: لا أهتدي لمدح إمام
كان جبريل خادماً لأبيه
فقال له المأمون: أحسنت، ووصله من المال بمثل الذي وصل به كافّة الشعراء وفضّله عليهم.
المصدر الأصلي: عيون أخبار الرضا (عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٩
، ص٢٣٥
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٢٥٦
خــرج أبو نواس ذات يــوم من داره، فبصر براكب قد حاذاه فسأل عنه ولم ير وجهه، فقيل: إنّه عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام)، فأنشأ يقول:
إذا أبصرتك العين من بعد غاية
وعارض فيه الشكّ أثبتك القلب
ولو أنّ قوماً أمّموك لقادهم
نسيمك حتّى يستدلّ بك الركب
المصدر الأصلي: عيون أخبار الرضا (عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٩
، ص٢٣٦
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٢٥٧
قال دعبل بن عليّ الخزاعي: أنشدت مولاي عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) قصيدتي التي أوّلها:
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
فلمّا انتهيت إلى قولي:
خروج إمام لا محالة خارج
يقوم على اسم الله والبركات
يميّز فينا كلّ حقّ وباطل
ويجزي على النعماء والنقمات
بكى الرضا (عليه السلام) بكاء شديداً ثمّ رفع رأسه إليّ، فقال لي: يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟ فقلت: لا، يا مولاي، إلّا أنّي سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ويملأها عدلاً.
فقال (عليه السلام): يا دعبل، الإمام بعدي محمّد ابني، وبعد محمّد ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته (عليهم السلام)، المطاع في ظهوره، ولو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج، فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً، وأمّا متى؟ فإخبار عن الوقت، ولقد حدّثني أبي عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السلام) أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذرّيّتك؟ فقال (صلى الله عليه وآله): مثله مثل الساعة: ﴿لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَت فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ لاَ تَأتِيكُم إِلَّا بَغتَةً﴾.
المصدر الأصلي: عيون أخبار الرضا (عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٩
، ص٢٣٧-٢٣٨
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٢٥٨
دخــل دعبل بن عليّ الخزاعـي (رحمة الله عليه) على أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) بمرو، فقال له: يا بن رسول الله، إنّي قد قلت فيك قصيدة، وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك، فقال (عليه السلام): هاتها، فأنشده:
مدارس آيات خلت عن تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
فلمّا بلغ إلى قوله:
أرى فيئهم في غيرهم متقسّماً
وأيديهم من فيئهم صفرات
فلمّا بلغ إلى قوله هذا، بكى أبو الحسن الرضا (عليه السلام) وقال له: صدقت يا خزاعي، فلمّا بلغ إلى قوله:
إذا وتروا مدّوا إلى واتريهم
أكفّاً عن الأوتار منقبضات
جعل الرضا (عليه السلام) يقلّب كفّيه ويقول: أجل، والله، منقبضات، فلمّا بلغ إلى قوله:
لقد خفت في الدنيا وأيّام سعيها
وإنّي لأرجو الأمن بعد وفاتي
قال الرضا (عليه السلام): آمنك الله يوم الفزع الأكبر، فلمّا انتهى إلى قوله:
وقبر ببغداد لنفس زكيّة
تضمّنها الرحمان في الغرفات
قال له الرضا (عليه السلام): أ فلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين، بهما تمام قصيدتك؟ فقال: بلى، يا بن رسول الله، فقال (عليه السلام):
وقبر بطوس يا لها من مصيبة
توقّد بالأحشاء في الحرقات
إلى الحشر حتّى يبعث الله قائماً
يفرّج عنّا الهمّ والكربات
فقال دعبل: يا بن رسول الله، هذا القبر الذي بطوس قبر من هو؟ فقال الرضا (عليه السلام): قبري، ولا تنقضي الأيّام والليالي حتّى يصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً له.
ثمّ نهض الرضا (عليه السلام) بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة، وأمره أن لا يبرح من موضعه، ودخل الدار، فلمّا كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية، فقال له: يقول لك مولاي: اجعلها في نفقتك، فقال دعبل: والله، ما لهذا جئت، ولا قلت هذه القصيدة طمعاً في شيء يصل إليّ، وردّ الصرّة، وسأل ثوباً من ثياب الرضا (عليه السلام) ليتبرّك به، ويتشرّف به، فأنفذ إليه الرضا (عليه السلام) جبّة خزّ مع الصرّة، وقال للخادم: قل له: خذ هذه الصرّة، فإنّك ستحتاج إليها ولا تراجعني فيها.
فأخذ دعبل الصرّة والجبّة، وانصرف وصار من مرو في قافلة، فلمّا بلغ ميان قوهان وقع عليهم اللصوص، فأخذوا القافلة بأسرها وكتفوا أهلها، وكان دعبل فيمن كتف، وملك اللصوص القافلة، وجعلوا يقسمونها بينهم، فقال رجل من القوم متمثّلاً بقول دعبل في قصيدته:
أرى فيئهم في غيرهم متقسّماً
وأيديهم من فيئهم صفرات
فسمعه دعبل فقال لهم دعبل: لمن هذا البيت؟ فقال: لرجل من خزاعة يقال له دعبل بن عليّ، قال دعبل: فأنا دعبل، قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت، فوثب الرجل إلى رئيسهم وكان يصلّي على رأس تلّ، وكان من الشيعة، وأخبره فجاء بنفسه حتّى وقف على دعبل وقال له: أنت دعبل؟ فقال: نعم، فقال له: أنشد القصيدة، فأنشدها فحلّ كتافه، وكتاف جميع أهل القافلة، وردّ إليهم جميع ما أخذوا منهم لكرامة دعبل، وسار دعبل حتّى وصل إلى قم، فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة، فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع.
فلمّا اجتمعوا صعد المنبر فأنشدهم القصيدة، فوصله الناس من المال والخلع بشيء كثير، واتّصل بهم خبر الجبّة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار، فامتنع من ذلك، فقالوا له: فبعنا شيئاً منها بألف دينار، فأبى عليهم، وسار عن قم.
فلمّا خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب، وأخذوا الجبّة منه، فرجع دعبل إلى قم وسألهم ردّ الجبّة عليه، فامتنع الأحداث من ذلك وعصوا المشايخ في أمرها، فقالوا لدعبل: لا سبيل لك إلى الجبّة، فخذ ثمنها ألف دينار، فأبى عليهم، فلمّا يئس من ردّهم الجبّة عليه، سألهم أن يدفعوا إليه شيئاً منها فأجابوه إلى ذلك، وأعطوه بعضها، ودفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار، وانصرف دعبل إلى وطنه، فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان في منزله، فباع المائة دينار التي كان الرضا (عليه السلام) وصله بها من الشيعة، كلّ دينار بمائة درهم، فحصل في يده عشرة آلاف درهم، فذكر قول الرضا (عليه السلام): «إنّك ستحتاج إلى الدنانير».
وكانت له جارية لها من قلبه محلّ، فرمدت رمداً عظيماً، فأدخل أهل الطبّ عليها، فنظروا إليها فقالوا: أمّا العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت، وأمّا اليسرى فنحن نعالجها ونجتهد ونرجو أن تسلم، فاغتمّ لذلك دعبل غمّاً شديداً، وجزع عليها جزعاً عظيماً، ثمّ ذكر ما كان معه من فضلة الجبّة، فمسحها على عيني الجارية، وعصبها بعصابة منها من أوّل الليل، فأصبحت وعيناها أصحّ ممّا كانتا قبل ببركة أبي الحسن الرضا (عليه السلام).
المصدر الأصلي: عيون أخبار الرضا (عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٩
، ص٢٣٩-٢٤١
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٢٥٩
قال ابن دعبل بن عليّ الخزاعي: لمّا حضر أبي الوفاة، تغيّر لونه وانعقد لسانه واسودّ وجهه، فكدت الرجوع عن مذهبه، فرأيته بعد ثلاث في ما يرى النائم وعليه ثياب بيض، وقلنسوة بيضاء، فقلت له: يا أبه، ما فعل الله بك؟
فقال: يا بنيّ، إنّ الذي رأيته من اسوداد وجهي وانعقاد لساني كان من شربي الخمر في دار الدنيا، ولم أزل كذلك حتّى لقيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليه ثياب بيض وقلنسوة بيضاء، فقال (صلى الله عليه وآله) لي: أنت دعبل؟ قلت: نعم، يا رسول الله، قال (صلى الله عليه وآله): فأنشدني قولك في أولادي، فأنشدته قولي:
لا أضحك الله سنّ الدهر إن ضحكتيوماً وآل أحمد مظلومون قد قهروا
مشرّدون نفوا عن عقر دارهمكأنّهم قد جنوا ما ليس يغتفر
فقال لي: أحسنت، وشفع فيّ وأعطاني ثيابه، وها هي _ وأشار إلى ثياب بدنه _.
المصدر الأصلي: عيون أخبار الرضا (عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٩
، ص٢٤١-٢٤٢
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٣٢٦٠
قال ابن المدبّر: لقيت دعبلاً فقلت له: أنت أجسر الناس حيث تقول في المأمون:
إنّي من القوم الذين سيوفهم
قتلت أخاك وشرّفتك بمقعد
رفعوا محلّك بعد طول خموله
واستنقذوك من الحضيض الأوهد
فقال لي: يا أبا إسحاق، إنّي أحمل خشبتي مذ أربعين سنة، ولا أجد من يصلبني عليها.
المصدر الأصلي: العدد القويّة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٩
، ص٢٥٩-٢٦۰