- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث في فضل يوم الجمعة وليلتها وساعاتها
قيل للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: إنّ الله تبارك وتعالى ينزل كلّ ليلة إلى السماء الدنيا؟ فقال (عليه السلام): لعن الله المحرّفين الكلم عن مواضعه، والله، ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كذلك، إنّما قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ الله تبارك وتعالى ينزل ملكاً إلى السماء الدنيا كلّ ليلة في الثلث الأخير، وليلة الجمعة في أوّل الليل، فيأمره فينادي: هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب إليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ يا طالب الخير أقبل، يا طالب الشرّ أقصر، فلا يزال ينادي بهذا حتّى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر عاد إلى محلّه من ملكوت السماء، حدّثني بذلك أبي عن جدّي عن آبائه عن رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يوم الجمعة سيّد الأيّام، وأعظم عند الله عزّ وجلّ من يوم الأضحى ويوم الفطر، فيه خمس خصال: خلق الله عزّ وجلّ فيه آدم (عليه السلام)، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفّى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئاً إلّا آتاه ما لم يسأل حراماً، وما من ملك مقرّب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا برّ ولا بحر إلّا وهنّ يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة.
قالت فاطمة بنت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إنّ في الجمعة لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله عزّ وجلّ فيها خيراً إلّا أعطاه إيّاه، فقلت: يا رسول الله، أيّ ساعة هي؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا تدلّى نصف عين الشمس للغروب، وكانت فاطمة (عليها السلام) تقول لغلامها: اصعد إلى الظراب ١ ، فإذا رأيت نصف عين الشمس قد تدلّى للغروب فأعلمني حتّى أدعو.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ الحور العين يؤذن لهنّ بيوم الجمعة، فيشرفن على الدنيا فيقلن: أين الذين يخطبونا إلى ربّنا؟
قال الصادق (عليه السلام): إنّ المؤمن ليدعو في الحاجة، فيؤخّر الله حاجته التي سأل إلى يوم الجمعة ليخصّه بفضل يوم الجمعة، وقال: من مات يوم الجمعة كتب له براءة من ضغطة القبر.
قال الصادق (عليه السلام) في قوله ﴿سَوۡفَ أَسۡتَغۡفِرُ لَكُمۡ رَبِّي﴾: أخّرها إلى السحر ليلة الجمعة.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ ليلة الجمعة مثل يومها، فإن استطعت أن تحييها بالصلاة والدعاء فافعل.
سئل الباقر (عليه السلام) عن يوم الجمعة وليلتها، فقال (عليه السلام): ليلتها غرّاء ويومها يوم زاهر، وليس على وجه الأرض يوم تغرب فيه الشمس أكثر معافىً من النار منه، من مات يوم الجمعة عارفاً بحقّ أهل هذا البيت كتب الله له براءة من النار وبراءة من عذاب القبر، ومن مات ليلة الجمعة أعتق من النار.
قال الباقر (عليه السلام): إذا أردت أن تتصدّق بشيء قبل الجمعة أخّره إلى يوم الجمعة.
قال الصادق (عليه السلام): من وافق منكم يوم الجمعة فلا يشتغلنّ بشيء غير العبادة، فإنّ فيه يغفر للعباد، وتنزل عليهم الرحمة.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ للجمعة حقّاً واجباً، فإيّاك أن تضيّع أو تقصّر في شيء من عبادة الله والتقرّب إليه تعالى بالعمل الصالح وترك المحارم كلّها، فإنّ الله يضاعف فيه الحسنات ويمحو فيه السيّئات ويرفع فيه الدرجات، ويومه مثل ليلته، فإن استطعت أن تحييها بالدعاء والصلاة فافعل، فإنّ الله تعالى يضاعف فيها الحسنات، ويمحو فيها السيّئات، وإنّ الله واسع كريم.
قال عليّ (عليه السلام): كنّا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ جاء رجل فقال: … بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، أخبرني عن يوم الجمعة، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: سألتني عن يوم الجمعة؟ فقال: نعم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تسمّيه الملائكة في السماء يوم المزيد، يوم الجمعة يوم خلق الله فيه آدم (عليه السلام)، يوم الجمعة يوم نفخ الله في آدم الروح، يوم الجمعة يوم أسكن الله آدم فيه الجنّة، يوم الجمعة يوم أسجد الله ملائكته لآدم، يوم الجمعة يوم جمع الله فيه لآدم حوّاء، يوم الجمعة يوم قال الله للنار: ﴿كُونِي بَرۡداً وَسَلَٰماً عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ﴾، يوم الجمعة يوم استجيب فيه دعاء يعقوب (عليه السلام)، يوم الجمعة يوم غفر الله فيه ذنب آدم. يوم الجمعة يوم كشف الله فيه البلاء عن أيوب (عليه السلام)، يوم الجمعة يوم فدى الله فيه إسماعيل (عليه السلام) بذبح عظيم، يوم الجمعة يوم خلق الله فيه السماوات والأرض وما بينهما، یوم الجمعة يوم يتخوّف فيه الهول وشدّة القيامة والفزع الأكبر.
قال الصادق (عليه السلام): سمّيت الجمعة جمعة؛ لأنّ الله جمع الخلق لولاية محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته.
قال الصادق (عليه السلام): سمّيت الجمعة جمعة؛ لأنّ الله تعالى جمع للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أمره.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا كان ليلة الجمعة رفعت حيتان البحور رؤوسها ودوابّ البراري، ثمّ نادت بصوت طلق: ربّنا لا تعذّبنا بذنوب الآدميين.
قال الباقر (عليه السلام): إنّ الله تعالى ليأمر ملكاً فينادي كلّ ليلة جمعة من فوق عرشه من أوّل الليل إلى آخره:
أ لا عبد مؤمن يدعوني لآخرته ودنياه قبل طلوع الفجر، فأجيبه؟
أ لا عبد مؤمن يتوب إليّ من ذنوبه قبل طلوع الفجر، فأتوب إليه؟
أ لا عبد مؤمن قد قتّرت عليه رزقه، فيسألني الزيادة في رزقه قبل طلوع الفجر، فأزيده وأوسّع عليه؟
أ لا عبد مؤمن سقيم، فيسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر، فأعافيه؟
أ لا عبد مؤمن مغموم محبوس، يسألني أن أطلقه من حبسه وأفرّج عنه قبل طلوع الفجر، فأطلّقه وأخلّي سبيله؟
أ لا عبد مؤمن مظلوم، يسألني أن آخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر، فأنتصر له وآخذ بظلامته؟ قال (عليه السلام): فلا يزال ينادي حتّى يطلع الفجر.
قال الصادق (عليه السلام): اجتنبوا المعاصي ليلة الجمعة، فإنّ السيّئة مضاعفة والحسنة مضاعفة، ومن ترك معصية الله ليلة الجمعة غفر الله له كلّ ما سلف فيه، وقيل له: استأنف العمل، ومن بارز الله ليلة الجمعة بمعصيته أخذه الله عزّ وجلّ بكلّ ما عمل في عمره، وضاعف عليه العذاب بهذه المعصية.
قال الصادق (عليه السلام) في رجل يريد أن يعمل شيئاً من الخير مثل الصدقة والصوم ونحو ذلك: يستحبّ أن يكون ذلك في يوم الجمعة والعمل فيه يضاعف.
قيل للصادق (عليه السلام): الساعة التي ترجى في يوم الجمعة التي لا يدعو فيها مؤمن إلّا استجيب؟ قال (عليه السلام): نعم، إذا خرج الإمام، قیل: إنّ الإمام ربما يعجّل ويؤخّر، قال (عليه السلام): إذا زالت الشمس، وقال (عليه السلام): الساعة التي يستجاب فيها الدعاء ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى أن يستوي الناس في الصفوف، وساعة أخرى من آخر النهار إلى أن تغيب الشمس.
وروي حين ينزل الإمام من المنبر إلى أن يقوم في مقامه.
وروي ما بين نزول الإمام من المنبر إلى أن يصير الفيء من الزوال قدم.