- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصوم
- » أحاديث في فضل ليلة النصف من شعبان وأعمالها
قال الحسن ابن فضّال: سألت الرضا (عليه السلام) عن ليلة النصف من شعبان، قال (عليه السلام): هي ليلة يعتق الله تعالى فيها الرقاب من النار، ويغفر فيها الذنوب الكبار، قلت: فهل فيها صلاة زيادة على سائر الليالي؟ فقال (عليه السلام): ليس فيها شيء موظّف، ولكن إن أحببت أن تتطوّع فيها بشيء فعليك بصلاة جعفر بن أبي طالب (عليه السلام)، وأكثر فيها من ذكر الله عزّ وجلّ ومن الاستغفار والدعاء، فإنّ أبي (عليه السلام) كان يقول: الدعاء فيها مستجاب، قلت له: إنّ الناس يقولون: إنّها ليلة الصكاك؟ فقال (عليه السلام): تلك ليلة القدر في شهر رمضان.
سئل الباقر (عليه السلام) عن فضل ليلة النصف من شعبان، فقال (عليه السلام): هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله تعالى العباد فضله، ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله فيها، فإنّها ليلة آلى الله تعالى على نفسه أن لا يردّ سائلاً له فيها ما لم يسأل معصية، وإنّها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله تعالى عزّ وجلّ، فإنّه من سبّح الله تعالى فيها مائة مرّة، وحمده مائة مرّة، وكـبّره مائة مرّة، غفر الله تعالى له ما سلف من معاصيه، وقضى له حوائج الدنيا والآخرة ما التمسه منه، وما علم حاجته إليه، وإن لم يلتمسه منه كرماً منه تعالى، وتفضّلاً على عباده.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أحيى ليلة العيد وليلة النصف من شعبان، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن استطعت أن تحافظ على ليلة الفطر، وليلة النحر، وأوّل ليلة من المحرّم، وليلة عاشورا، وأوّل ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان فافعل، وأكثر فيهنّ من الدعاء والصلاة وتلاوة القرآن.
قال الصادق (عليه السلام): لمّا كانت ليلة النصف من شعبان، وظنّت الحميراء أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قام إلى بعض نسائه، فدخلها من الغيرة ما لم تصبر، حتّى قامت وتلفّفت بشملة لها، وأيم الله، ما كان خزّاً ولا ديباجاً ولا كتّاناً ولا قطناً، ولكن كان في سداه الشعر، ولحمته أوبار الإبل، فقامت تطلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجر نسائه حجرة حجرة، فبينا هي كذلك إذ نظرت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ساجداً كالثوب الباسط على وجه الأرض، فدنت منه قريباً فسمعته وهو يقول: «سجد لك سوادي وجناني، وآمن بك فؤادي، وهذه يداي وما جنيت بهما على نفسي، يا عظيم، يرجى لكلّ عظيم، اغفر لي الذنب العظيم، فإنّه لا يغفر الذنب العظيم إلّا العظيم» ثمّ رفع رأسه ثمّ عاد ساجداً فسمعته وهو يقول: «أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له السماوات والأرضون، وتكشّفت له الظلمات، وصلح عليه أمر الأوّلين والآخرين، من فجاءة نقمتك، ومن تحويل عافيتك، ومن زوال نعمتك، اللّهمّ ارزقني قلباً تقيّاً نقيّاً من الشرك، بريئاً لا كافراً ولا شقيّاً».
ثمّ وضع خدّه على التراب وقال: أعفّر وجهي في التراب، وحقّ لي أن أسجد لك، فلمّا همّ بالانصراف هرولت المرأة إلى فراشها، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فراشها، وإذا لها نفس عالٍ، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما هذا النفس العالي؟ أ ما تعلمين أيّ ليلة هذه؟ إنّ هذه الليلة ليلة النصف من شعبان فيها يكتب آجال، وفيها تقسّم أرزاق، وإنّ الله عزّ وجلّ ليغفر في هذه الليلة من خلقه أكثر من عدد شعر معزى بني كلب، وينزّل الله عزّ وجلّ ملائكة إلى السماء الدنيا وإلى الأرض بمكّة.
قال الصدوق (رحمه الله): الصحيح عند أهل البيت(عليهم السلام)أنّ كتب الآجال وقسمة الأرزاق، يكون في ليلة القدر، ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان.