- جواهر البحار
- » تتمة كتاب المزار
- » أحاديث في فضل زيارة الإمام الرضا (ع)
قال الرضا (عليه السلام): إنّ بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة، فلا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد، إلى أن ينفخ في الصور، فقيل له: يا بن رسول الله، وأيّة بقعة هذه؟ قال: هي بأرض طوس وهي _ والله _ روضة من رياض الجنّة، من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكتب الله تبارك وتعالى له بذلك ثواب ألف حجّة مبرورة وألف عمرة مقبولة، وكنت أنا وآبائي شفعاءه يوم القيامة.
قال الرضا (عليه السلام): والله، ما منّا إلّا مقتول شهيد، فقيل له: فمن يقتلك يا بن رسول الله؟ قال (عليه السلام): شرّ خلق الله في زماني، يقتلني بالسمّ، ثمّ يدفنني في دار مضيعة وبلاد غربة، ألا فمن زارني في غربتي كتب الله عزّ وجلّ له أجر مائة ألف شهيد، ومائة ألف صدّيق، ومائة ألف حاجّ ومعتمر، ومائة ألف مجاهد، وحشر في زمرتنا، وجعل في الدرجات العلى في الجنّة رفيقنا.
قال رجل من أهل خراسان للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام كأنّه يقول لي: كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بعضي، فاستحفظتم وديعتي، وغيّب في ثراكم نجمي؟ فقال له الرضا (عليه السلام): أنا المدفون في أرضكم، وأنا بضعة من نبيّكم، وأنا الوديعة والنجم، ألا فمن زارني وهو يعرف ما أوجب الله تبارك وتعالى من حقّي وطاعتي، فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة، ومن كنّا شفعاءه يوم القيامة نجا ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجنّ والإنس.
ولقد حدّثني أبي، عن جدّي، عن أبيه، عن آبائه(عليهم السلام): أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من رآني في منامه فقد رآني؛ لأنّ الشيطان لا يتمثّل في صورتي، ولا في صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم، وإنّ الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءاً من النبوّة.
قال الرضا (عليه السلام): ما زارني أحد من أوليائي عارفاً بحقّي، إلّا تشفّعت فيه يوم القيامة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ستدفن بضعة منّي بخراسان، ما زارها مكروب إلّا نفّس الله كربته، ولا مذنب إلّا غفر الله ذنوبه.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسمّ ظلماً، اسمه اسمي، واسم أبيه اسم ابن عمران موسى (عليه السلام)، ألا فمن زاره في غربته غفر الله ذنوبه، ما تقدّم منها وما تأخّر، ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الأمطار وورق الأشجار.
قال الجواد (عليه السلام): من زار قبر أبي (عليه السلام) بطوس، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فإذا كان يوم القيامة نصب له منبر بحذاء منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى يفرغ الله من حساب عباده.
قال الرضا (عليه السلام): إنّي مقتول ومسموم ومدفون بأرض غربة، أعلم ذلك بعهد عهده إليّ أبي، عن أبيه عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا فمن زارني في غربتي كنت أنا وآبائي شفعاءه يوم القيامة، ومن كان كنّا شفعاءه نجا، ولو كان عليه وزر الثقلين.
قال سلیمان بن حفص المروزي: قال الكاظم (عليه السلام): من زار قبر ولدي عليّ كان له عند الله عزّ وجلّ سبعون حجّة مبرورة، قلت: سبعين حجّة مبرورة؟ قال (عليه السلام): نعم، سبعين ألف حجّة، قلت: سبعين ألف حجّة، فقال (عليه السلام): ربّ حجّة لا تقبل من زاره أو بات عنده ليلة، كان كمن زار الله في عرشه، قلت: كمن
زار الله في عرشه؟
قال (عليه السلام): نعم، إذا كان يوم القيامة كان على عرش الله عزّ وجلّ أربعة من الأوّلين وأربعة من الآخرين، فأمّا الأوّلون: فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى(عليهم السلام)، وأمّا الأربعة الآخرون: فمحمّد وعليّ والحسن والحسين(عليهم السلام)، ثمّ يمدّ المطمر فيقعد معنا زوّار قبور الأئمّة، ألا إنّ أعلاها درجة وأقربهم حبوة زوّار قبر ولدي عليّ (عليه السلام).
قال حمزة بن حمران: قال الصادق (عليه السلام): يقتل حفدتي بأرض خراسان في مدينة يقال لها طوس، من زاره إليها عارفاً بحقّه، أخذته بيدي يوم القيامة وأدخلته الجنّة، وإن كان من أهل الكبائر، قلت: جعلت فداك، وما عرفان حقّه؟ قال (عليه السلام): يعلم أنّه مفترض الطاعة غريب شهيد، من زاره عارفاً بحقّه أعطاه الله عزّ وجلّ أجر سبعين شهيداً ممّن استشهد بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على حقيقة.
قال الجواد (عليه السلام): ما زار أبي (عليه السلام) أحد فأصابه أذىً من مطر أو برد أو حرّ، إلّا حرّم الله جسده على النار.
قال الرضا (عليه السلام): لا تشدّ الرحال إلى شيء من القبور إلّا إلى قبورنا، ألا وإنّي مقتول بالسمّ ظلماً، ومدفون في موضع غربة، فمن شدّ رحله إلى زيارتي، استجيب دعاؤه وغفر له ذنبه.
قال الرضا (عليه السلام): إنّي سأقتل بالسمّ مسموماً ومظلوماً، وأقبر إلى جانب هارون، ويجعل الله عزّ وجلّ تربتي مختلف شيعتي وأهل بيتي، فمن زارني في غربتي وجبت له زيارتي يوم القيامة.
والذي أكرم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبوّة، واصطفاه على جميع الخليقة، لا يصلّي أحد منكم عند قبري ركعتين، إلّا استحقّ المغفرة من الله عزّ وجلّ يوم يلقاه.
والذي أكرمنا بعد محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإمامة، وخصّنا بالوصيّة، إنّ زوّار قبري لأكرم الوفود على الله يوم القيامة، وما من مؤمن يزورني فتصيب وجهه قطرة من السماء، إلّا حرّم الله عزّ وجلّ جسده على النار.
قال عبد العظیم بن عبد الله: قلت للجواد (عليه السلام): قد تحيّرت بين زيارة قبر الحسین (عليه السلام) وبين قبر أبيك (عليه السلام) بطوس، فما ترى؟ فقال (عليه السلام) لي: مكانك، ثمّ دخل وخرج ودموعه تسيل على خدّيه، فقال (عليه السلام): زوّار قبر الحسین (عليه السلام) كثيرون، وزوّار قبر أبي (عليه السلام) بطوس قليل.
قال محمّد بن سلیمان الدیلمي: سألت الجواد (عليه السلام) عن رجل حجّ حجّة الإسلام، فدخل متمتّعاً بالعمرة إلى الحجّ، فأعانه الله تعالى على حجّة وعمرة، ثمّ أتى المدينة فسلّم على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمّ أتى أباك أمير المؤمنين (عليه السلام) عارفاً بحقّه، يعلم أنّه حجّة الله على خلقه وبابه الذي يؤتى منه فسلّم عليه، ثمّ أتى الحسین (عليه السلام) فسلّم عليه، ثمّ أتى بغداد فسلّم على أبي الحسن موسى (عليه السلام)، ثمّ انصرف إلى بلاده، فلمّا كان في هذا الوقت رزقه الله تعالى ما يحجّ به، فأيّهما أفضل؟ هذا الذي حجّ حجّة الإسلام يرجع أيضاً فيحجّ، أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) فيسلّم عليه؟
قال (عليه السلام): بل يأتي خراسان، فيسلّم على أبي (عليه السلام) أفضل، وليكن ذلك في رجب، ولا ينبغي أن تفعلوا هذا اليوم، فإنّ علينا وعليكم من السلطان شنعة.
قال عليّ بن مهزیار: قلت للجواد (عليه السلام): جعلت فداك، زيارة الرضا (عليه السلام) أفضل أم زيارة الحسین (عليه السلام)؟ فقال (عليه السلام): زيارة أبي (عليه السلام) أفضل، وذلك أنّ الحسین (عليه السلام) يزوره كلّ الناس، وأبي (عليه السلام) لا يزوره إلّا الخواصّ من الشيعة.
لعلّ هذا مختصّ بهذا الزمان، فإنّ الشيعة كانوا لا يرغبون في زيارته، إلّا الخواصّ منهم الذين يعرفون فضل زيارته، فعلى هذا التعليل يكون في كلّ زمان يكون إمام من الأئمّة(عليهم السلام) أقلّ زائراً يكون ثواب زيارته أكثر، أو المعنى أنّ المخالفين أيضاً يزرون الحسين (عليه السلام)، ولا يزور الرضا إلّا الخواصّ وهم الشيعة، فيكون «من» بيانية، أو المعنى أنّ من فرق الشيعة لا يزوره إلّا من كان قائلاً بإمامة جميع الأئمّة(عليهم السلام)، فإنّ من قال بالرضا (عليه السلام) لا يتوقّف فيمن بعده، والمذاهب النادرة التي حدثت بعده زالت بأسرع زمان ولم يبق لها أثر.
قال الرضا (عليه السلام): لا تنقضي الأيّام والليالي حتّى تصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري، ألا فمن زارني في غربتي بطوس، كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً له.
قال الرضا (عليه السلام): من زارني على بعد داري وشطون ١ مزاري، أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتّى أخلّصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يميناً وشمالاً، وعند الصراط، وعند الميزان.
مرّ بالكاظم (عليه السلام) ابنه وهو شابّ حدث، وبنوه مجتمعون عنده فقال (عليه السلام): إنّ ابني هذا يموت في أرض غربة، فمن زاره مسلّماً لأمره عارفاً بحقّه، كان عند الله جلّ وعزّ كشهداء بدر.
قال الجواد (عليه السلام): من زار قبر أبي بطوس، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وبنى له منبراً حذاء منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليّ (عليه السلام) حتّى يفرغ الله من حساب الخلائق.
أقول: قد مضى بعض أخبار فضل زيارته (عليه السلام) في أبواب فضل زيارة الحسين (عليه السلام) وسيأتي بعضها في الباب الآتي، ثمّ اعلم أنّ زيارته (عليه السلام) في الأيّام الفاضلة والأوقات الشريفة أفضل، لاسيّما الأيّام التي لها اختصاص به (عليه السلام)، كيوم ولادته وهو حادي عشر ذي القعدة، ويوم وفاته وهو آخر شهر صفر، أو السابع عشر منه، أو الرابع والعشرون من شهر رمضان، ويوم بويع بالخلافة وهو أوّل شهر رمضان أو السادس منه. (ص٤٣)
روي أنّه يصلّى يوم السادس من شهر رمضان ركعتان: كلّ ركعة بالحمد مرّة وبسورة الإخلاص خمس وعشرين مرّة، لأجل ما ظهر من حقوق مولانا الرضا (عليه السلام) فيه.
قال الرضا (عليه السلام): من شدّ رحله إلى زيارتي استجيب له دعاؤه وغفرت له ذنوبه، فمن زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكتب الله له ثواب ألف حجّة مبرورة، وألف عمرة مقبولة، وكنت أنا وآبائي شفعاءه يوم القيامة، وهذه البقعة روضة من رياض الجنّة، ومختلف الملائكة، لا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد إلى أن ينفخ في الصور. ١