قال عليّ بن الخلال ١ : ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر (عليه السلام) وتوسّلت به، إلّا سهّل الله لي ما أحبّ.
رئي في بغداد امرأة تهرول فقيل: إلى أين؟ قالت: إلى موسى جعفر (عليه السلام)، فإنّه حبس ابني، فقال لها حنبلي: إنّه قد مات في الحبس، فقالت: بحقّ المقتول في الحبس، أن تريني القدرة، فإذا بابنها قد أطلق، وأخذ ابن المستهزيء بجنايته.
قال الرضا (عليه السلام): إنّ الله نجّى بغداد بمكان قبر أبي الحسن الكاظم (عليه السلام)، وقال (عليه السلام):
وقبر ببغداد لنفس زكيّة
تضمّنها الرحمن في الغرفات
وقبر بطوس يا لها من مصيبة
ألحّت على الأحشاء بالزفرات
قال إبراهیم بن عقبة: كتبت إلى الهادي (عليه السلام) أسأله عن زيارة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وعن زيارة الكاظم (عليه السلام) والجواد (عليه السلام) فكتب إليّ: أبو عبد الله (عليه السلام) المقدّم، وهذا أجمع وأعظم أجراً.
قوله (عليه السلام) «أبو عبد الله (عليه السلام) المقدّم»، أي الحسين (عليه السلام) أقدم وأفضل، وزيارته فقط أفضل من زيارة كلّ من المعصومين، ومجموع زيارتيهما أجمع وأفضل، أو المراد أنّ زيارة الحسين (عليه السلام) أولى بالتقديم، ثمّ إن أضيفت إلى زيارته زيارة الإمامين (عليهما السلام)كان أجمع وأعظم أجراً، أو المعنى أنّ زيارتهما أجمع من زيارته وحدها، لأنّ الاعتقاد بإمامتهما يستلزم الاعتقاد بإمامته دون العكس، فكأنّ زيارتهما تشتمل على زيارته، ولأنّ زيارتهما مختصّة بالخواصّ من الشيعة كما سيأتي في زيارة الرضا (عليه السلام)، ولا يخفى بعد الوجه الأخير. (ص٣)
قال الرضا (عليه السلام): من زار قبر أبي ببغداد كان كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقبر أمير المؤمنين (عليه السلام) إلّا أنّ لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) فضلهما.
يعني كونهما أفضل من موسى (عليه السلام) لا ينافي مساواتهم في فضل الزيارة، ويحتمل أن يكون المعنى إنّهم مشتركون في أنّ لزيارتهم فضلاً عظيماً، لكن زيارتهما أفضل لفضلهما، والأوّل أظهر. (ص٥)
قال رحیم: قلت للرضا (عليه السلام): إنّ زيارة قبر الكاظم (عليه السلام) ببغداد علينا فيها مشقّة، فما لمن زاره؟ فقال (عليه السلام): له مثل ما لمن أتى قبر الحسين (عليه السلام) من ثواب، قال: ودخل رجل فسلّم عليه وجلس، وذكر بغداد ورداءة أهلها وما يتوقّع أن ينزل بهم من الخسف والصيحة والصواعق وعدّد من ذلك أشياء، فقمت لأخرج فسمعت الرضا (عليه السلام) وهو يقول: أمّا أبو الحسن (عليه السلام) فلا.
أي لا يصيب قبره الشريف مثل هذه الأمور، أو لا يدع أن يصيب أهل بغداد شيء من ذلك، فهم ببركة قبره محروسون، والأوّل أظهر لفظاً والثاني معنىً. (ص٦)
قال الحسن بن محمّد بن جمهور: رأيت في سنة ستّة وتسعين ومائتين _ وهي السنة التي تقلّد فيها عليّ بن محمّد بن موسى الفرات وزارة المقتدر _ أحمد بن ربيعة الأنباري الكاتب وقد اعتلّت يده العلّة الخبيثة، وعظم أمرها حتّى راحت واسودّت، وأشار يزيد المتطبّب بقطعها، ولم يشكّ أحد ممّا رآه في تلفه، فرأى في منامه مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا أمير المؤمنين، أ ما تستوهب لي يدي؟ فقال (عليه السلام): أنا مشغول عنك، ولكن امض إلى موسى بن جعفر، فإنّه يستوهبها لك، فأصبح فقال: ائتوني بمحمل، ووطّئوا تحتي، واحملوني إلى مقابر قريش، ففعلوا به ذلك بعد أن غسّلوه وطيّبوه وطرحوا عليه ثوباً، وحملوه إلى قبر موسى بن جعفر (عليه السلام) فلاذ به، ودعا وأخذ من تربته وطلى به يده إلى الكتف وشدّها، فلمّا كان من الغد حلّها، وقد سقط كلّ لحم وجلد عليها، حتّى بقيت عظاماً وعروقاً وأعصاباً مشبّكة، وانقطعت الرائحة، وبلغ خبره الوزير فحمل إليه حتّى نظر إليه، ثمّ عولج فرجع إلى الديوان، وكتب بها كما كان، ففيه يقول صالح الديلمي:
وموسى قد شفى الكفّ من الكاتب إذا زارا