- جواهر البحار
- » كتاب القرآن
- » أحاديث في فضل القرآن وإعجازه
قال ابن عبّاس: إنّ لله عزّ وجلّ حرمات ثلاث ليس مثلهنّ شيء: كتابه وهو نوره وحكمته، وبيته الذي جعله للناس قبلة، لا يقبل الله من أحد وجهاً إلى غيره، وعترة نبيّكم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أعطاه الله القرآن، فرأى أنّ أحداً أعطي شيئاً أفضل ممّا أعطي فقد صغّر عظيماً وعظّم صغيراً.
ذكر الرضا (عليه السلام) يوماً القرآن، فعظّم الحجّة فيه والآية المعجزة في نظمه، فقال (عليه السلام): هو حبل الله المتين، وعروته الوثقى، وطريقته المثلى، المؤدّي إلى الجنّة، والمنجي من النار، لا يخلق من الأزمنة، ولا يغثّ على الألسنة، لأنّه لم يجعل لزمان دون زمان، بل جعل دليل البرهان، وحجّة على كلّ إنسان، ﴿لا يَأْتيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزيلٌ مِنْ حَكيمٍ حَميدٍ﴾.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أعطيت خمساً لم يعطهنّ نبيّ كان قبلي: أرسلت إلى الأبيض والأسود والأحمر، وجعلت لي الأرض مسجداً، ونصرت بالرعب، وأحلّت لي الغنائم، ولم تحلّ لأحد _ أو قال: لنبيّ قبلي _ وأعطيت جوامع الكلم، فسئل الباقر (عليه السلام): ما جوامع الكلم؟ قال (عليه السلام): القرآن.
قال الكاظم (عليه السلام): إنّ رجلاً سأل الصادق (عليه السلام) ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلّا غضاضة؟ فقال (عليه السلام): لأنّ اللّه تبارك وتعالی لم يجعله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس، فهو في كلّ زمان جديد وعند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أيّها الناس، إنّكم في زمان هدنة، وأنتم على ظهر السفر، والسير بكم سريع، فقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كلّ جديد، ويقرّبان كلّ بعيد، ويأتيان بكلّ موعود، فأعدّوا الجهاز لبعد المفاز، فقام المقداد فقال: يا رسول الله، ما دار الهدنة؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): دار بلاء وانقطاع، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنّه شافع مشفّع، وماحل مصدّق، من جعله أمامه قاده إلى الجنّة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدلّ على خير سبيل، وهو كتاب تفصيل، وبيان تحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكمة، وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نجوم، وعلى نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى، ومنازل الحكمة، ودليل على المعروف لمن عرفه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فضل القرآن على سائر الكلام، كفضل الله على خلقه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): القرآن غنىً لا غنى دونه، ولا فقر بعده.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): القرآن مأدبة الله، فتعلّموا مأدبته ما استطعتم، إنّ هذا القرآن هو حبل الله، وهو النور المبين والشفاء النافع، فاقرؤه، فإنّ الله عزّ وجلّ يأجركم على تلاوته بكلّ حرف عشر حسنات، أما إنّي لا أقول «الم» حرف واحد، ولكن ألف ولام وميم ثلاثون حسنة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن أردتم عيش السعداء وموت الشهداء والنجاة يوم الحسرة والظلّ يوم الحرور والهدى يوم الضلالة فادرسوا القرآن، فإنّه كلام الرحمن، وحرز من الشيطان، ورجحان في الميزان.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من ذكر الله تعالی، وذكر الله تعالی أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصيام، والصيام جنّة من النار.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اقرأوا القرآن واستظهروه، فإنّ الله تعالی لا يعذّب قلباً وعى القرآن.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ليكن كلّ كلامكم ذكر الله وقراءة القرآن، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل: أيّ الأعمال أفضل عند الله؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): قراءة القرآن، وأنت تموت ولسانك رطب من ذكر الله.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): القراءة في المصحف أفضل من القراءة ظاهراً، وقال: من قرأ كلّ يوم مائة آية في المصحف بترتيل وخشوع وسكون كتب الله له من الثواب بمقدار ما يعمله جميع أهل الأرض، ومن قرأ مائتي آية كتب الله له من الثواب بمقدار ما يعمله أهل السماء وأهل الأرض.
قال الحسين بن عليّ (عليه السلام): كتاب الله عزّ وجلّ على أربعة أشياء: على العبارة، والإشارة، واللطائف، والحقائق، فالعبارة للعوامّ، والإشارة للخواصّ، واللطائف للأولياء، والحقائق للأنبياء.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ القرآن شافع مشفّع وماحل مصدّق.
قال السيّد الرضيّ (عليه السلام): والمراد أنّ القرآن سبب لثواب العامل به وعقاب العادل عنه، فكأنّه يشفع للأوّل فيشفّع، ويشكو من الآخر فيصدّق، و«الماحل» _ ههنا _: الشاكي.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة له: ثمّ أنزل علیه الكتاب نوراً لا تطفأ مصابيحه، وسراجاً لا يخبو توقّده، وبحراً لا يدرك قعره، ومنهاجاً لا يضلّ نهجه، وشعاعاً لا يظلم ضوؤه، وفرقاناً لا يخمد برهانه، وتبياناً لا تهدم أركانه، وشفاء لا تخشى أسقامه، وعزّاً لا تهزم أنصاره، وحقّاً لا تخذل أعوانه، فهو معدن الإيمان وبحبوحته، وينابيع العلم وبحوره، ورياض العدل وغدرانه، وأثافيّ الإسلام وبنيانه، وأودية الحقّ وغيطانه، وبحر لا ينزفه المستنزفون، وعيون لا ينضبها الماتحون ١ ، ومناهل لا يغيضها الواردون، ومنازل لا يضلّ نهجها المسافرون، وأعلام لا يعمى عنها السائرون، وآكام ٢ لا يجوز عنها القاصدون.
جعله الله ريّاً لعطش العلماء، وربيعاً لقلوب الفقهاء، ومحاجّ لطرق الصلحاء، ودواء ليس بعده دواء، ونوراً ليس معه ظلمة، وحبلاً وثيقاً عروته، ومعقلاً منيعاً ذروته، وعزّاً لمن تولّاه، وسلماً لمن دخله، وهدىً لمن ائتمّ به، وعذراً لمن انتحله، وبرهاناً لمن تكلّم به، وشاهداً لمن خاصم به، وفلجاً لمن حاجّ به، وحاملاً لمن حمله، ومطيّة لمن أعمله، وآية لمن توسّم، وجنّة لمن استلأم، وعلماً لمن وعى، وحديثاً لمن روى، وحكماً لمن قضى.
(٢) «الآكام»: جمع الأَكَمَة وهي تلّ من قُفّ. كتاب العين، ج٥، ص٤٢٠.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عدد درج الجنّة عدد آي القرآن، فإذا دخل صاحب القرآن الجنّة قيل له: ارقأ واقرأ، لكلّ آية درجة، فلا تكون فوق حافظ القرآن درجة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة له: واعلموا أنّه ليس من شيء إلّا ويكاد صاحبه يشبع منه ويملّه إلّا الحياة، فإنّه لا يجد في الموت راحة، وإنّما ذلك بمنزلة الحكمة الّتي هي حياة للقلب الميّت، وبصر للعين العمياء، وسمع للأذن الصمّاء، وريّ للظمآن، وفيها الغنى كلّه والسلامة، كتاب الله تبصرون به، وتسمعون به، وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض، ولا يختلف في الله، ولا يخالف بصاحبه عن الله،
قد اصطلحتم على الغلّ فيما بينكم، ونبت المرعى على دمنكم، وتصافيتم على حبّ الآمال، وتعاديتم في كسب الأموال، لقد استهام بكم الخبيث، وتاه بكم الغرور، والله المستعان على نفسي وأنفسكم.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): واعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ، والهادي الذي لا يضلّ، والمحدّث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحد إلّا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدىً، أو نقصان من عميً، واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنىً، فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم ١ ، فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء، وهو الكفر والنفاق والغيّ والضلال، فاسألوا الله به، وتوجّهوا إليه بحبّه، ولا تسألوا به خلقه، إنّه ما توجّه العباد إلى الله بمثله … وإنّ الله سبحانه لم يعظ أحداً بمثل هذا القرآن، فإنّه حبل الله المتين، وسببه الأمين، وفيه ربيع القلب، وينابيع العلم، وما للقلب جلاء غيره، مع أنّه قد ذهب المتذكّرون، وبقي الناسون والمتناسون.
قال الحارث الأعور: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّا إذا كنّا عندك سمعنا الذي نسدّ به ديننا، وإذا خرجنا من عندك سمعنا أشياء مختلفة مغموسة ١ ، لا ندري ما هي؟ قال (عليه السلام): أ وقد فعلوها؟ قلت: نعم، قال (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أتاني جبرئيل فقال: يا محمّد، سيكون في أمّتك فتنة، قلت: فما المخرج منها؟ فقال: كتاب الله، فيه بيان ما قبلكم من خير وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من وليه من جبّار فعمل بغيره قصمه الله، ومن التمس الهدى في غيره أضلّه الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، لا تزيّفه الأهواء، ولا تلبّسه الألسنة، ولا يخلق عن الردّ، ولا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء، هو الذي لم تكنّه الجنّ إذ سمعه، أن قالوا: ﴿إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ۞ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ﴾، من قال به صدّق، ومن عمل به أجر، ومن اعتصم به ﴿هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، هو الكتاب العزيز الذي ﴿لا يَأْتيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزيلٌ مِنْ حَكيمٍ حَميدٍ﴾.
قال أبو سخيلة: حججت أنا وسلمان الفارسي من الكوفة، فمررت بأبي ذرّ فقال: انظروا إذا كانت بعدي فتنة وهي كائنة فعليكم بخصلتين: بكتاب الله وبعليّ بن أبي طالب، فإنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعليّ (عليه السلام): هذا أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهو الصدّيق الأكبر، وهو الفاروق يفرّق بين الحقّ والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ اللّه جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن وقطب جميع الكتب عليها يستدير محكم القرآن وبها يوهب الكتب ويستبين الإيمان وقد أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقتدى بالقرآن وآل محمّد، وذلك حيث قال (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر خطبة خطبها: إنّي تارك فيكم الثقلين، الثقل الأكبر والثقل الأصغر، فأمّا الأكبر فكتاب ربّي، وأمّا الأصغر فعترتي أهل بيتي، فاحفظوني فيهما، فلن تضلّوا ما تمسّكتم بهما.