- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث في فضل السجود وإطالته وإكثاره
قال الباقر (عليه السلام): كان لأبي (عليه السلام) في موضع سجوده آثاره ناتئة ١ ، وكان يقطعها في السنة مرّتين، في كلّ مرّة خمس ثفنات، فسمّي ذا الثفنات لذلك.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أطيلوا السجود، فما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجداً، لأنّه أمر بالسجود فعصى، وهذا أمر بالسجود فأطاع ونجا.
قال الرضا (عليه السلام): إذا نام العبد وهو ساجد، قال الله تبارك وتعالى: عبدي قبضت روحه وهو في طاعتي.
قال الصادق (عليه السلام): جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: يا رسول الله، كثرت ذنوبي وضعف عملي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أكثر السجود، فإنّه يحطّ الذنوب كما تحطّ الريح ورق الشجر.
قيل للصادق (عليه السلام): لم اتّخذ الله عزّ وجلّ إبراهيم خليلاً؟ قال (عليه السلام): لكثرة سجوده على الأرض.
سأل ربيعة بن كعب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدعو له بالجنّة، فأجابه وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أعنّي بكثرة السجود.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): جاء رجل إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: علّمني عملاً يحبّني الله عليه ويحبّني المخلوقون، ويثري الله مالي ويصحّ بدني ويطيل عمري ويحشرني معك، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): هذه ستّ خصال تحتاج إلى ستّ خصال:
إذا أردت أن يحبّك الله فخفه واتّقه، وإذا أردت أن يحبّك المخلوقون فأحسن إليهم وارفض ما في أيديهم، وإذا أردت أن يثري الله مالك فزكّه، وإذا أردت أن يصحّ الله بدنك فأكثر من الصدقة وإذا أردت أن يطيل الله عمرك فصل ذوي أرحامك، وإذا أردت أن يحشرك الله معي، فأطل السجود بين يدي الله الواحد القهّار.
قال الصادق (عليه السلام): مرّ بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل وهو يعالج في بعض حجراته، فقال: يا رسول الله، أ لا أكفيك؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): شأنك، فلمّا فرغ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): حاجتك؟ قال: الجنّة، فأطرق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمّ قال: نعم، فلمّا ولّى قال (صلى الله عليه وآله وسلم) له: يا عبد الله، أعنّا بطول السجود.
قال منصور الصیقل: حججت فمررت بالمدينة، فأتيت قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسلّمت عليه، ثمّ التفتّ فإذا أنا بالصادق (عليه السلام) ساجداً، فجلست حتّى مللت، ثمّ قلت: لأسبّحنّ ما دام ساجداً فقلت: سبحان ربّي العظيم وبحمده، أستغفر الله ربّي وأتوب إليه _ ثلاثمائة مرّة ونيّفاً وستّين مرّة _ فرفع رأسه ثمّ نهض.
فأتبعته وأنا أقول في نفسي: إن أذن لي دخلت عليه، ثمّ قلت له: جعلت فداك، أنتم تصنعون هكذا، فكيف ينبغي لنا أن نصنع؟ فلمّا أن وقفت على الباب خرج إليّ مصادف فقال: ادخل يا منصور، فدخلت، فقال (عليه السلام) لي مبتدئاً: يا منصور، إنّكم إن أكثرتم أو أقللتم، فوالله، ما يقبل إلّا منكم.
قال الفضل ١ : دخلت على الكاظم (عليه السلام) فإذا أنا بغلام أسود، بيده مقصّ يأخذ اللحم من جبينه وعرنين أنفه ٢ من كثرة سجوده.
(٢) «عِرْنينُ الأَنف»: تحت مُجْتَمَع الحاجبين. لسان العرب، ج١٣، ص٢٨٢.
برز عليّ بن الحسين (عليه السلام) إلى الصحراء فتبعه مولىً له، فوجده ساجداً على حجارة خشنة فأحصى عليه ألف مرّة: «لا إله إلّا الله حقّاً حقّاً، لا إله إلّا الله تعبّداً ورقّاً، لا إله إلّا الله إيماناً وصدقاً»، ثمّ رفع رأسه.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنّي لأكره للرجل أن تكون جبهته جلحاء ليس فيها شيء من أثر السجود _ وبسط راحته _ إنّه يستحبّ للمصلّي أن يكون ببعض مساجده شيء من أثر السجود، فإنّه لا يأمن أن يموت في موضع لا يعرف، فيحضره المسلم فلا يدري على ما يدفنه.