- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث في فضل الجماعة وعللها
قال الصادق (عليه السلام): أوّل جماعة كانت أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصلّي وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) معه، إذ مرّ به أبو طالب وجعفر معه، فقال: يا بنيّ، صلّ جناح ابن عمّك، فلمّا أحسّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تقدّمهما وانصرف أبو طالب مسروراً … قال (عليه السلام): فكانت أوّل جماعة جمعت ذلك اليوم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ الله يستحیي من عبده إذا صلّى في جماعة، ثمّ سأله حاجة أن ينصرف حتّى يقضيها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من صلّى أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا صلاة لمن لم يصلّ في المسجد مع المسلمين إلّا من علّة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الصلاة جماعة ولو على رأس زجّ.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا سئلت عمّن لا يشهد الجماعة، فقل: لا أعرفه.
قال الصادق (عليه السلام): الصلاة خلف العالم بألف ركعة، وخلف القرشي بمائة، وخلف العربي خمسون، وخلف المولى خمس وعشرون.
قال الشهيد الثاني (رحمه الله) في الخبر الأوّل: المراد نفي الكمال لا الصحّة لإجماعنا على صحّة الصلاة فرادى، والتقييد بالمسجد بناء على الأغلب من وقوع الجماعة فيه، وإلّا فالنفي المذكور متوجّه إلى مطلق الفرادى.
وقال: «الزجّ» _ بضمّ الزاء والجيم المشدّدة _ الحديدة في أسفل الرمح والعنزة، هذا على طريق المبالغة في المحافظة عليها مع السعة والضيق، والصلاة منصوبة بتقدير «احضروا» ونحوه، أو مرفوعة على الابتداء.
«فقل: لا أعرفه»، أي لا تزكّه بالعدالة _ وإن ظهر منه المحافظة على الواجبات بترك المنهيّات _ لتهاونه بأعظم السنن وأجلّها، وعدم المعرفة له كناية عن القدح فيه بالفسق وتعريض به. (ص٥)
قال الصادق (عليه السلام): من صلّى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنّوا به خيراً، وأجيزوا شهادته.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أمّ قوماً بإذنهم وهم به راضون، فاقتصد بهم في حضوره، وأحسن صلاته بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده وقعوده فله مثل أجر القوم، ولا ينقص من أجورهم شيء، ألا ومن أمّ قوماً بأمرهم، ثمّ لم يتمّ بهم الصلاة ولم يحسن في ركوعه وسجوده وخشوعه وقراءته، ردّت عليه صلاته، ولم تجاوز ترقوته، وكانت منزلته كمنزلة إمام جائر معتدٍ لم يصلح إلى رعيّته، ولم يقم فيهم بحقّ ولا قام فيهم بأمر.
قال الصادق (عليه السلام): ألا ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكلّ خطوة سبعون ألف حسنة، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإن مات وهو على ذلك وكّل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره، ويونسونه في وحدته، ويستغفرون له حتّى يبعث.
قال الصادق (عليه السلام): اشترط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على جيران المسجد شهود الصلاة، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لينتهين أقوام لا يشهدون الصلاة، أو لآمرنّ مؤذّناً يؤذّن ثمّ يقيم، ثمّ آمر رجلاً من أهل بيتي وهو عليّ (عليه السلام)، فليحرقنّ على أقوام بيوتهم بحزم الحطب لأنّهم لا يأتون الصلاة.
قال السجّاد (عليه السلام): ما من خطوة أحبّ إلى الله من خطوتين: خطوة يسدّ بها المؤمن صفّاً في الله، وخطوة إلى ذي رحم قاطع.
قال الصادق (عليه السلام): إنّما جعل الجماعة والاجتماع إلى الصلاة لكي يعرف من يصلّي ممّن لا يصلّي، ومن يحفظ مواقيت الصلاة ممّن يضيع، ولولا ذلك لم يمكن أحداً أن يشهد على أحد بصلاح؛ لأنّ من لم يصلّ في جماعة فلا صلاة له بين المسلمين … .
قال الصادق (عليه السلام): رفع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة أنّ قوماً من جيران المسجد لا يشهدون الصلاة جماعة في المسجد، فقال (عليه السلام): ليحضرنّ معنا صلاتنا جماعة، أو ليتحوّلنّ عنّا، ولا يجاورونا ولا نجاورهم.
ظاهر هذا الخبر وأمثاله وجوب الجماعة في اليومية، ولم ينقل عن أحد من علمائنا القول به وخالف فيه أكثر العامّة، فقال بعضهم: فرض على الكفاية في الصلوات الخمس، وقال آخرون: إنّها فرض على الأعيان، وقال بعضهم: إنّها شرط في الصلاة تبطل بفواتها، ولذا أوّل أصحابنا هذه الأخبار فحملوها تارة على الجماعة الواجبة كالجمعة وأخرى على ما إذا تركها استخفافاً.
وربما يقال: العقوبة الدنيوية لا تنافي الاستحباب كالقتل على ترك الأذان، ولا يخفى ضعفه إذ لا معنى للعقوبة على ما لا يلزم فعله ولا يستحقّ تاركه الذمّ واللؤم كما فسّر أكثرهم الواجب به، والقول بأنّه كان واجباً في صدر الإسلام فنسخ، أو كان الحضور مع إمام الأصل واجباً، فمع أنّ أكثر الأخبار لا يساعدهما لم أر قائلاً بهما أيضاً، وبالجملة الاحتياط يقتضي عدم الترك إلّا لعذر، وإن كان بعض الأخبار يدلّ على الاستحباب، وكفى بفضلها أنّ الشيطان لا يمنع من شيء من الطاعات منعها، وطرق لهم في ذلك شبهات من الجهة العدالة ونحوها، إذ لايمكنهم إنكارها ونفيها رأساً، لأنّ فضلها من ضروريات الدين، أعاذنا الله وإخواننا المؤمنين من وساوس الشياطين. (ص١٦)
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من صلّى الفجر في جماعة رفعت صلاته في صلاة الأبرار، وكتب يومئذٍ في وفد المتّقين.
غدا أمير المؤمنين (عليه السلام) على أبي الدرداء فوجده نائماً فقال (عليه السلام) له: ما لك؟ فقال: كان منّي من الليل شيء فنمت، فقال عليّ (عليه السلام): أ فتركت صلاة الصبح في جماعة؟ قال: نعم، قال (عليه السلام): يا أبا الدرداء، لأن أصلّي العشاء والفجر في جماعة أحبّ إليّ من أن أحيي ما بينهما، أ وما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً، وإنّهما ليكفّران ما بينهما؟
قال الباقر (عليه السلام): أتى رجل من جهينة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله، أكون بالبادية ومعي أهلي وولدي وغلمتي، فأؤذّن وأقيم وأصلّي بهم، أ فجماعة نحن؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، قال: فإنّ الغلمة ربما اتّبعوا الإبل وأبقى أنا وأهلي وولدي، فأؤذّن وأقيم وأصلّي بهم، أ فجماعة نحن؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، قال: فإنّ بنيّ ربما اتّبعوا قطر السحاب فأبقى أنا وأهلي، فأؤذّن وأقيم وأصلّي بهم، أ فجماعة نحن؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، قال: فإنّ المرأة تذهب في مسلحتها فأبقى وحدي، فأؤذّن وأقيم وأصلّي، أ فجماعة أنا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): المؤمن وحده جماعة.
وقد ذكرنا فيما تقدّم أنّ المؤمن إذا أذّن وأقام، صلّى خلفه صفّان من الملائكة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): تحت ظلّ العرش يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: رجل خرج من بيته فأسبغ الطهر، ثمّ مشى إلى بيت من بيوت الله؛ ليقضي فريضة من فرائض الله، فهلك فيما بينه وبين ذلك، ورجل قام في جوف الليل بعد ما هدأت العيون فأسبغ الطهر، ثمّ قام إلى بيت من بيوت الله، فهلك فيما بينه وبين ذلك.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لو يعلم الناس ما في الصفّ الأوّل لم يصل إليه أحد إلّا باستهام.
قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إلّا باستهام»، أي إلّا بأن نازعه الناس فأقرعوا فخرج القرعة باسمه، قال في النهاية فيه: اذهبا فتوخّيا ثمّ استهما، أي اقترعا ليظهر سهم كلّ واحد منكما. (ص١٩)
سدّوا فرج الصفوف من استطاع أن يتمّ الصفّ الأوّل، والذي يليه فليفعل، فإنّ ذلك أحبّ إلى نبيّكم وأتمّوا الصفوف، فإنّ الله وملائكته يصلّون على الذين يتمّون الصفوف.