- جواهر البحار
- » كتاب الأدعية والأذكار
- » أحاديث في فضل البكاء
قال العسكري (عليه السلام): لمّا كلّم الله عزّ وجلّ موسى بن عمران (عليه السلام) قال موسى: إلهي، ما جزاء من دمعت عيناه من خشيتك؟ قال: يا موسى، أقي وجهه من حرّ النار، وأؤمنه يوم الفزع الأكبر.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أتى شباباً من الأنصار، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّي أريد أن أقرأ عليكم، فمن بكى فله الجنّة، فقرأ آخر الزمر: ﴿وَسيقَ الَّذينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً﴾ إلى آخر السورة، فبكى القوم جميعاً إلّا شابّ، فقال: يا رسول الله، قد تباكيت فما قطرت عيني، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّي معيد عليكم، فمن تباكى فله الجنّة. قال (عليه السلام): فأعاد عليهم فبكى القوم، وتباكى الفتى، فدخلوا الجنّة جميعاً.
(٢) «المُكَلَّل»: المحفوف. راجع: لسان العرب، ج١١، ص٥٩٦.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ الرجل ليكون بينه وبين الجنّة أكثر ممّا بين الثرى إلى العرش لكثرة ذنوبه، فما هو إلّا أن يبكي من خشية الله عزّ وجلّ ندماً عليها، حتّى يصير بينه وبينها أقرب من جفنته إلى مقلته ١.
قال الصادق (عليه السلام): كم ممّن كثر ضحكه لاعباً يكثر يوم القيامة بكاؤه، وكم ممّن كثر بكاؤه على ذنبه خائفاً يكثر يوم القيامة في الجنّة سروره وضحكه.
قال السجّاد (عليه السلام): ما من قطرة أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من قطرتين: قطرة دم في سبيل الله، وقطرة دمعة في سواد الليل، لا يريد بها عبد إلّا الله عزّ وجلّ.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كلّ عين باكية يوم القيامة إلّا ثلاثة أعين: عين بكت من خشية الله، وعين غضّت عن محارم الله، وعين باتت ساهرة في سبيل الله.
أوصى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً (عليه السلام): يا عليّ، أربع خصال من الشقاء: جمود العين، وقساوة القلب، وبعد الأمل، وحبّ البقاء.
قال الصادق (عليه السلام): ما من شيء إلّا وله كيل أو وزن إلّا الدموع، فإنّ القطرة منها تطفئ بحاراً من نار، وإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلّة، فإذا فاضت حرّمه الله على النار، ولو أنّ باكياً بكى في أمّة لرحموا.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): طوبى لصورة نظر الله إليها تبكي على ذنب من خشية الله عزّ وجلّ، لم يطّلع على ذلك الذنب غيره.
قال الصادق (عليه السلام): أوحى الله إلى موسى (عليه السلام): أنّ عبادي لم يتقرّبوا إليّ بشيء أحبّ إليّ من ثلاث خصال: الزهد في الدنيا، والورع عن المعاصي، والبكاء من خشيتي، فقال موسى: يا ربّ، فما لمن صنع ذلك؟ قال الله تعالى: أمّا الزاهدون في الدنيا فأحكّمهم في الجنّة، وأمّا المتورّعون عن المعاصي فما أحاسبهم، وأمّا الباكون من خشيتي ففي الرفيق الأعلى.
قال إسحاق بن عمّار للصادق (عليه السلام): أكون أدعو وأشتهي البكاء فلا يجيئني، وربما ذكرت من مات من بعض أهلي فأرقّ وأبكي، فهل يجوز ذلك؟ فقال (عليه السلام): نعم، تذكرهم، فإذا رققت فابك وادع ربّك تبارك وتعالى.
قال سعيد بن يسار: قلت للصادق (عليه السلام): أتباكى في الدعاء وليس لي بكاء؟ قال (عليه السلام): نعم، ولو مثل رأس الذباب.
قال الصادق (عليه السلام): إن خفت أمراً يكون أو حاجة تريدها فابدأ بالله فمجّده، وأثن عليه كما هو أهله، وصلّ على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وتباك ولو مثل رأس الذباب، إنّ أبي (عليه السلام) كان يقول: أقرب ما يكون العبد من الربّ وهو ساجد يبكي.
قال السجّاد (عليه السلام): ليس الخوف خوف من بكى وجرت دموعه، ما لم يكن له ورع يحجزه عن معاصي الله، وإنّما ذلك خوف كاذب.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالى ذكره، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء، ولو أنّ عبداً بكى في أمّة لرحم الله تعالى ذكره تلك الأمّة لبكاء ذلك العبد.