قال الصادق (عليه السلام): كان رجل في الزمن الأوّل طلب الدنيا من حلال فلم يقدر عليها، وطلبها من حرام فلم يقدر عليها، فأتاه الشيطان فقال له: يا هذا، إنّك قد طلبت الدنيا من حلال فلم تقدر عليها، وطلبتها من حرام فلم تقدر عليها، أ فلا أدلّك على شيء تكثر به دنياك ويكثر به تبعك؟ قال: بلى، قال: تبتدع ديناً وتدعو إليه الناس، ففعل فاستجاب له الناس وأطاعوه وأصاب من الدنيا، ثمّ إنّه فكّر فقال: ما صنعت؟ ابتدعت ديناً، ودعوت الناس، ما أرى لي توبة إلّا أن آتي من دعوته إليه فأردّه عنه، فجعل يأتي أصحابه الذين أجابوه فيقول لهم: إنّ الذي دعوتكم إليه باطل وإنّما ابتدعته، فجعلوا يقولون: كذبت وهو الحقّ، ولكنّك شككت في دينك فرجعت عنه، فلمّا رأى ذلك عمد إلى سلسلة فوتد لها وتداً ثمّ جعلها في عنقه، وقال: لا أحلّها حتّى يتوب الله عزّ وجلّ عليّ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيّ من الأنبياء قل لفلان: وعزّتي، لو دعوتني حتّى تنقطع أوصالك ما استجبت لك، حتّى تردّ من مات إلى ما دعوته إليه فيرجع عنه.
قال الصادق (عليه السلام): من مثّل مثالاً أو اقتنى كلباً فقد خرج من الإسلام، فقيل له: هلك إذاً كثیر من الناس؟ فقال (عليه السلام): ليس حيث ذهبتم، إنّما عنيت بقولي: «من مثّل مثالاً» من نصب ديناً غير دين الله، ودعا الناس اليه، وبقولي: «من اقتنى كلباً» مبغضاً لنا أهل البيت، اقتناه فأطعمه وسقاه، من فعل ذلك فقد خرج من الإسلام.
قال برید العجلي: قلت للصادق (عليه السلام) ما أدنى ما يصير به العبد كافراً؟ فأخذ حصاة من الأرض، فقال (عليه السلام): أن يقول لهذه الحصاة: إنّها نواة، ويبرأ ممّن خالفه على ذلك، ويدين الله بالبراءة ممّن قال بغير قوله، فهذا ناصب قد أشرك بالله، وكفر من حيث لا يعلم.
قال السجّاد (عليه السلام) في تفسير قوله تعالی ﴿وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ﴾: عباد الله، هذا قصاص قتلكم لمن تقتلونه في الدنيا وتفنون روحه، أ لا أنبّئكم بأعظم من هذا القتل، وما يوجبه الله على قاتله ممّا هو أعظم من هذا القصاص؟ قالوا: بلى، يا بن رسول الله، قال (عليه السلام): أعظم من هذا القتل أن يقتله قتلاً لا ينجبر ولا يحيا بعده أبداً، قالوا: ما هو؟ قال: أن يضلّه عن نبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله)، وعن ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ويسلك به غير سبيل الله، ويغريه باتّباع طرائق أعداء عليّ (عليه السلام)، والقول بإمامتهم، ودفع عليّ عن حقّه، وجحد فضله، وألّا يبالي بإعطائه واجب تعظيمه، فهذا هو القتل الذي هو تخليد المقتول في نار جهنّم خالداً مخلّداً أبداً، فجزاء هذا القتل مثل ذلك الخلود في نار جهنّم.