- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث في صلاة الكسوف والخسوف والزلزلة والآيات
قيل للباقر (عليه السلام): هل يكره الجماع في وقت من الأوقات وإن كان حلالاً؟ قال: نعم، ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق، وفي اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفي الليلة التي ينكسف فيها القمر، وفي اليوم والليلة التي تكون فيها الريح السوداء، والريح الحمراء، والريح الصفراء، وفي اليوم والليلة التي تكون فيها الزلزلة، ولقد بات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند بعض نسائه في ليلة انكسف فيها القمر، فلم يكن في تلك الليلة ما يكون منه في غيرها حتّى أصبح، فقالت له: يا رسول الله، أ لبغض هذا منك في هذه الليلة؟ قال: لا، ولكن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة، فكرهت أن أتلذّذ وألهو فيها، وقد عيّر الله تعالى أقواماً في كتابه فقال: ﴿وَإِن يَرَوۡاْ كِسۡفاً مِّنَ السَّمَآءِ سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرۡكُومٌ ۞ فَذَرۡهُمۡ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوۡمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصۡعَقُونَ﴾، ثمّ قال الباقر (عليه السلام): وأيم الله، لا يجامع أحد فيرزق ولداً فيرى في ولده ذلك ما يحبّ.
كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقرأ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمۡسِكُ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٍ مِّنۢ بَعۡدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾ يقولها عند الزلزلة، ويقول: ﴿وَيُمۡسِكُ السَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى الۡأَرۡضِ إِلَّا بِإِذۡنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
قال عليّ بن مهزيار: كتبت إلى الجواد (عليه السلام) وشكوت إليه كثرة الزلازل في الأهواز، وقلت: ترى لنا التحوّل عنها؟ فكتب (عليه السلام): «لا تتحوّل عنها، وصوموا الأربعاء والخميس والجمعة، واغتسلوا وطهّروا ثيابكم وابرزوا يوم الجمعة، وادعوا الله، فإنّه يرفع عنكم». ففعلنا فأمسكت الزلازل، قال (عليه السلام): «ومن كان منكم مذنب فيتوب إلى الله عزّ وجلّ» ودعا لهم بخير.
قالت فاطمة (عليها السلام): أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر، وفزع الناس إلى أبي بكر وعمر فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى عليّ (عليه السلام)، فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى باب عليّ (عليه السلام)، فخرج إليهم عليّ (عليه السلام) غير مكترث لما هم فيه، فمضى واتّبعه الناس حتّى انتهى إلى تلعة ١ ، فقعد عليها وقعدوا حوله، وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتّج جائية وذاهبة.
فقال لهم عليّ (عليه السلام): كأنّكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا: وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قطّ؟ قالت (عليها السلام): فحرّك شفتيه، ثمّ ضرب الأرض بيده، ثمّ قال: ما لك؟ اسكني، فسكنت، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجّبهم أوّلاً حيث خرج إليهم، قال لهم: فإنّكم قد عجبتم من صنعي؟ قالوا: نعم، فقال: أنا الرجل الذي قال الله: ﴿إِذَا زُلۡزِلَتِ الۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا ۞ وَأَخۡرَجَتِ الۡأَرۡضُ أَثۡقَالَهَا ۞ وَقَالَ الۡإِنسَٰنُ مَا لَهَا﴾ فأنا الإنسان الذي يقول لها: ما لك؟ ﴿يَوۡمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا﴾ إيّاي تحدّث.
قال الكاظم (عليه السلام): لمّا قبض إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جرت في موته ثلاث سنن: أمّا واحدة: فإنّه لمّا قبض انكسفت الشمس، فقال الناس: إنّما انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس، إنّ كسوف الشمس والقمر آيتان من آيات الله، يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا انكسفا أو أحدهما صلّوا، ثمّ نزل من المنبر فصلّى بالناس صلاة الكسوف.
«لموت أحد»، أي لمحض الموت، لأنّه من فعله سبحانه فلا يغضب به على عباده، إلّا أن يكون بسبب فعلهم فيغضب عليهم لذلك كواقعة الحسين (عليه السلام).