- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث في تسبيح فاطمة (س) وفضله وأحكامه
سئل القائم (عجل الله تعالى فرجه): هل يجوز أن يسبّح الرجل بطين القبر ١ ؟ وهل فيه فضل؟ فأجاب (عليه السلام): يسبّح به، فما من شيء من التسبيح أفضل منه، ومن فضله أنّ الرجل ينسى التسبيح ويدير السبحة، فيكتب له التسبيح.
قال الصادق (عليه السلام): من سبّح تسبيح فاطمة (عليها السلام) قبل أن يثني رجليه بعد انصرافه من صلاة الغداة غفر له، ويبدأ بالتكبير، ثمّ قال (عليه السلام) لحمزة بن حمران: حسبك بها يا حمزة.
قال أبو هارون المكفوف: قال الصادق (عليه السلام): يا أبا هارون، إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة (عليها السلام) كما نأمرهم بالصلاة فالزمه، فإنّه لم يلزمه عبد فشقي.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لرجل من بني سعد: أ لا أحدّثك عنّي وعن فاطمة؟ إنّها كانت عندي وكانت من أحبّ أهله إليه، وإنّها استقت بالقربة حتّى أثرّ في صدرها، وطحنت بالرحى حتّى مجلت يداها، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، وأوقدت النار تحت القدر حتّى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر شديد، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألتيه خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل.
فأتت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجدت عنده حدّاثاً، فاستحت فانصرفت، فعلم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّها جاءت لحاجة، فغدا علينا ونحن في لفاعنا ١ ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): السلام عليكم، فسكتنا واستحيينا لمكاننا، ثمّ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): السلام عليكم، فسكتنا ثمّ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): السلام عليكم، فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف، وقد كان يفعل ذلك يسلّم ثلاثاً فإن أذن له وإلّا انصرف، فقلت: وعليك السلام يا رسول الله، ادخل، فلم يعد أن جلس عند رؤوسنا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا فاطمة، ما كانت حاجتك أمس عند محمّد؟ فخشيت إن لم تجبه أن يقوم، فأخرجت رأسي فقلت: أنا _ والله _ أخبرك يا رسول الله، إنّها استقت بالقربة حتّى أثرّ في صدرها، وجرّت بالرحا حتّى مجلت يداها، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألتيه خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أ فلا أعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما فسبّحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكـبّرا أربعاً وثلاثين، فأخرجت رأسها فقالت: رضيت عن الله ورسوله، رضيت عن الله ورسوله، رضيت عن الله ورسوله.
قال الصادق (عليه السلام): تسبيح الزهراء فاطمة (عليها السلام) في دبر كلّ صلاة أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم.
قال الباقر (عليه السلام): من سبّح تسبيح الزهراء (عليها السلام) ثمّ استغفر غفر له، وهي مائة باللسان وألف في الميزان، وتطرد الشيطان وترضي الرحمن.
روي أنّ فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت سبحتها من خيط صوف مفتّل معقود عليه عدد التكبيرات، فكانت تديرها بيدها تكـبّر وتسبّح إلى أن قتل حمزة بن عبد المطّلب _ رضي الله عنه _ سيّد الشهداء، فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس، فلمّا قتل الحسين (عليه السلام) عدل بالأمر إليه، فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزيّة.
روي أنّ الحور العين إذا أبصرن بواحد من الأملاك يهبط إلى الأرض لأمر ما، يستهدين منه السبح والتراب من طين قبر الحسين (عليه السلام).
قال الكاظم (عليه السلام): لا يخلو المؤمن من خمسة: سواك، ومشط، وسجّادة، وسبحة فيها أربع وثلاثون حبّة، وخاتم عقيق.
قال الصادق (عليه السلام): من أدار الحجر من تربة الحسين (عليه السلام) فاستغفر به مرّة واحدة كتب الله له سبعين مرّة، وإن أمسك السبحة بيده ولم يسبّح بها ففي كلّ حبّة منها سبع مرّات.
ظاهره أنّ الفضل في المشويّ أيضاً باقٍ، والأخبار الواردة بالسبحة من طين قبر الحسين (عليه السلام) تشمله والقول بخروجه عن اسم التربة بالطبخ بعيد مع أنّه لا يضرّ في ذلك.
قال بعض أصحاب الصادق (عليه السلام): شكوت إليه ثقلاً في أذني، فقال (عليه السلام): عليك بتسبيح فاطمة (عليها السلام).
قال الصادق (عليه السلام): من بات على تسبيح فاطمة (عليها السلام) كان من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.
قال في المنتهى: أفضل الأذكار كلّها تسبيح الزهراء (عليها السلام)، وقد أجمع أهل العلم كافّة على استحبابه انتهى.
فالمخالفون بعضهم على أنّها تسعة وتسعون بتساوي التسبيحات الثلاث، وتقديم التسبيح ثمّ التحميد ثمّ التكبير، وبعضهم إلى أنّها مائة بالترتيب المذكور وزيادة واحدة في التكبيرات، ولا خلاف بيننا في أنّها مائة وفي تقديم التكبير، وإنّما الخلاف في أنّ التحميد مقدّم على التسبيح أو بالعكس والأوّل أشهر وأقوى.
وقال الشيخ البهائي _ ضاعف الله بهاءه _ في مفتاح الفلاح: اعلم أنّ المشهور استحباب تسبيح الزهراء (عليها السلام) في وقتين: أحدهما بعد الصلاة، والآخر عند النوم، وظاهر الرواية الواردة به عند النوم يقتضي تقديم التسبيح على التحميد، وظاهر الرواية الصحيحة الواردة في تسبيح الزهراء (عليها السلام) على الإطلاق يقتضي تأخيره عنه. (ص٣٣٦-٣٣٧)
روي أنّ من أدار تربة الحسين (عليه السلام) في يده وقال: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر»، مع كلّ سبحة كتب الله له ستّة آلاف حسنة ومحا عنه ستّة آلاف سيّئة، ورفع له ستّة آلاف درجة، وأثبت له من الشفاعات بمثلها.
يستحبّ حمل سبحة من طينه (عليه السلام) ثلاثاً وثلاثين حبّة، فمن قلّبها ذاكراً لله بكلّ حبّة أربعون حسنة، وإن قلّبها ساهياً فعشرون حسنة، وما سبّح بأفضل من سبحة طينه (عليه السلام).