أحاديث في النية وتفاصيلها وفي أن النية خير من العمل وبيان سبب ذلك، وفي تأثير النية على الرزق، وفي أن النية تحفز الإنسان للعمل، وفي كثرة ما يرده الله من الأعمال، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب التوحيد
كتاب العدل والمعاد
كتاب الاحتجاج
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب الفتن والمحن
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الزكاة والصدقة
كتاب الصوم
كتاب أعمال السنين والشهور
كتاب الحج والعمرة
كتاب الجهاد
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات
- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الإيمان والكفر
- » أحاديث في النيّة وشرائطها
الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٣١
قال السجّاد (عليه السلام): لا عمل إلّا بنيّة.
بيــان:
تبيين: قال المحقّق الطوسي (رحمة الله عليه) في بعض رسائله: النيّة هي القصد إلى الفعل، وهي واسطة بين العلم والعمل، إذ ما لم يعلم الشيء لم يمكن قصده، وما لم يقصده لم يصدر عنه، ثمّ لمّا كان غرض السالك العامل الوصول إلى مقصد معيّن كامل على الإطلاق، وهو الله تعالی لا بدّ من اشتماله على قصد التقرّب به.
وقال بعض المحقّقين: يعني لا عمل يحسب من عبادة الله تعالی ويعدّ من طاعته بحيث يصحّ أن يترتّب عليه الأجر في الآخرة، إلّا ما يراد به التقرّب إلى الله تعالی، والدار الآخرة، أعني يقصد به وجه الله سبحانه أو التوصّل إلى ثوابه أو الخلاص من عقابه، وبالجملة امتثال أمر الله تعالی فيما ندب عباده إليه ووعدهم الأجر عليه، وإنّما يأجرهم على حسب أقدارهم ومنازلهم ونيّاتهم، فمن عرف الله بجماله وجلاله ولطف فعاله، فأحبّه واشتاق إليه وأخلص عبادته له لكونه أهلاً للعبادة ولمحبّته له، أحبّه الله، وأخلصه واجتباه، وقرّبه إلى نفسه وأدناه قرباً معنوياً، ودنوّاً روحانياً كما قال في حقّ بعض من هذه صفته: ﴿وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَ حُسْنَ مَآبٍ﴾.
وقال أمير المؤمنين وسيّد الموحّدين (عليه السلام): «ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنّتك، لكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك».
ومن لم يعرف من الله سوى كونه إلهاً صانعاً للعالم، قادراً قاهراً عالماً، وأنّ له جنّة ينعّم بها المطيعين، وناراً يعذّب بها العاصين، فعبده ليفوز بجنّته، أو يكون له النجاة من ناره، أدخله الله تعالی بعبادته وطاعته الجنّة، وأنجاه من النار لا محالة، كما أخبر عنه في غير موضع من كتابه، فإنّما لكلّ امرئ ما نوى.
فلا تصغ إلى قول من ذهب إلى بطلان العبادة، إذا قصد بفعلها تحصيل الثواب، أو الخلاص من العقاب، زعماً منه أنّ هذا القصد منافٍ للإخلاص الذي هو إرادة وجه الله سبحانه وحده، وأنّ من قصد ذلك فإنّما قصد جلب النفع إلى نفسه ودفع الضرر عنها لا وجه الله سبحانه، فإنّ هذا قول من لا معرفة له بحقائق التكاليف ومراتب الناس فيها، فإنّ أكثر الناس يتعذّر منهم العبادة ابتغاء وجه الله بهذا المعنى، لأنّهم لا يعرفون من الله إلّا المرجوّ والمخوف، فغايتهم أن يتذكّروا النار ويحذّروا أنفسهم عقابها، ويتذكّروا الجنة ويرغّبوا أنفسهم ثوابها، وخصوصاً من كان الغالب على قلبه الميل إلى الدنيا، فإنّه قلّما ينبعث له داعية إلى فعل الخيرات لينال بها ثواب الاخرة، فضلاً عن عبادته على نيّة إجلال الله عزّ وجلّ لاستحقاقه الطاعة والعبودية، فإنّه قلّ من يفهمها فضلاً عمّن يتعاطاها.
والناس في نيّاتهم في العبادات على أقسام، أدناهم من يكون عمله إجابة لباعث الخوف، فإنّه يتّقي النار، ومنهم من يعمل إجابة لباعث الرجاء، فإنّه يرغب في الجنّة، وكلّ من القصدين وإن كان نازلاً بالإضافة إلى قصد طاعة الله، وتعظيمه لذاته ولجلاله، لا لأمر سواه، إلّا أنّه من جملة النيّات الصحيحة لأنّه ميل إلى الموعود في الآخرة، وإن كان من جنس المألوف في الدنيا.
وأمّا قول القائل إنّه ينافي الإخلاص، فجوابه: أنّك ما تريد بالإخلاص؟ إن أردت به أن يكون خالصاً للآخرة، لا يكون مشوباً بشوائب الدنيا والحظوظ العاجلة للنفس، كمدح الناس، والخلاص من النفقة بعتق العبد ونحو ذلك، فظاهر أنّ إرادة الجنّة والخلاص من النار لا ينافيان الإخلاص بهذا المعنى.
وإن أردت بالإخلاص أن لا يراد بالعمل سوى جمال الله وجلاله، من غير شوب من حظوظ النفس وإن كان حظّاً أخروياً، فاشتراطه في صحّة العبادة متوقّف على دليل شرعي، وأنّى لك به؟
بل الدلائل على خلافه أكثر من أن تذكر، مع أنّه تكليف بما لا يطاق بالنسبة إلى أكثر الخلائق، لأنّهم لا يعرفون الله بجماله وجلاله، ولا تتأتّى منهم العبادة إلّا من خوف النار، أو الطمع في الجنّة.
وأيضاً فإنّ الله سبحانه وتعالی قد قال: ﴿ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً﴾ ﴿وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً﴾، فرغّب ورهّب، ووعد وأوعد، فلو كان مثل هذه النيّات مفسداً للعبادات لكان الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد عبثاً بل مخلّاً بالمقصود.
وأيضاً فإنّ أولياء الله قد يعملون بعض الأعمال للجنّة، وصرف النار، لأنّ حبيبهم يحبّ ذلك، أو لتعليم الناس إخلاص العمل للآخرة، إذا كانوا أئمّة يقتدى بهم، هذا أمير المؤمنين سيّد الأولياء قد كتب كتاباً لبعض ما وقفه من أمواله فصدّر كتابه بعد التسمية بهذا: «هذا ما أوصى به وقضى به في ماله، عبد الله عليّ ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنّة، ويصرفني به عن النار، ويصرف النار عنّي ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾.
فإن لم تكن العبادة بهذه النيّة صحيحة لم يصحّ له أن يفعل ذلك، ويلقّن به غيره، ويظهره في كلامه.
وإنّ النيّة ليست مجرّد قولك عند الصلاة أو الصوم أو التدريس: أصلّي أو أصوم أو أدرّس قربة إلى الله تعالی ملاحظاً معاني هذه الألفاظ بخاطرك، ومتصوّراً لها بقلبك، هيهات، إنّما هذا تحريك لسان وحديث نفس، وإنّما النيّة المعتبرة انبعاث النفس وميلها وتوجّهها إلى ما فيه غرضها ومطلبها، إمّا عاجلاً وإمّا آجلاً، وهذا الانبعاث والميل إذا لم يكن حاصلاً لها لا يمكنها اختراعه واكتسابه بمجرد النطق بتلك الألفاظ، وتصوّر تلك المعاني، وما ذلك إلّا كقول الشبعان: أشتهي الطعام وأميل إليه، قاصداً حصول الميل والاشتهاء، وكقول الفارغ: أعشق فلاناً وأحبّه وأنقاد إليه وأطيعه، بل لا طريق إلى اكتساب صرف القلب إلى الشيء وميله إليه وإقباله عليه، إلّا بتحصيل الأسباب الموجبة لذلك الميل والانبعاث واجتناب الأمور المنافية لذلك المضادّة له، فإنّ النفس إنّما تنبعث إلى الفعل وتقصده، وتميل إليه تحصيلاً للغرض الملائم لها، بحسب ما يغلب عليها من الصفات.
فإذا غلب على قلب المدرّس مثلاً حبّ الشهرة، وإظهار الفضيلة، وإقبال الطلبة إليه، فلا يتمكّن من التدريس بنيّة التقرّب إلى الله سبحانه بنشر العلم وإرشاد الجاهلين، بل لا يكون تدريسه إلّا لتحصيل تلك المقاصد الواهية، والأغراض الفاسدة، وإن قال بلسانه: أدرّس قربة إلى الله، وتصوّر ذلك بقلبه وأثبته في ضميره، ومادام لم يقلع تلك الصفات الذميمة من قلبه، لا عبرة بنيّته أصلاً.
وكذلك إذا كان قلبك عند نيّة الصلاة منهمكاً في أمور الدنيا، والتهالك عليها، والانبعاث في طلبها، فلا يتيسّر لك توجيهه بكلّيته، وتحصيل الميل الصادق إلیها، والإقبال الحقيقي عليها، بل يكون دخولك فيها دخول متكلّف لها متبرّم بها، ويكون قولك: أصلّي قربة إلى الله، كقول الشبعان: أشتهي الطعام، وقول الفارغ: أعشق فلاناً مثلاً.
والحاصل: أنّه لا يحصل لك النيّة الكاملة المعتدّ بها في العبادات، من دون ذلك الميل والإقبال، وقمع ما يضادّه من الصوارف والأشغال، وهو لا يتيسّر إلّا إذا صرفت قلبك عن الأمور الدنيوية، وطهّرت نفسك عن الصفات الذميمة الدنيّة، وقطعت نظرك عن حظوظك العاجلة بالكلّية. (ص١٨٥-١٨٩)
تبيين: قال المحقّق الطوسي (رحمة الله عليه) في بعض رسائله: النيّة هي القصد إلى الفعل، وهي واسطة بين العلم والعمل، إذ ما لم يعلم الشيء لم يمكن قصده، وما لم يقصده لم يصدر عنه، ثمّ لمّا كان غرض السالك العامل الوصول إلى مقصد معيّن كامل على الإطلاق، وهو الله تعالی لا بدّ من اشتماله على قصد التقرّب به.
وقال بعض المحقّقين: يعني لا عمل يحسب من عبادة الله تعالی ويعدّ من طاعته بحيث يصحّ أن يترتّب عليه الأجر في الآخرة، إلّا ما يراد به التقرّب إلى الله تعالی، والدار الآخرة، أعني يقصد به وجه الله سبحانه أو التوصّل إلى ثوابه أو الخلاص من عقابه، وبالجملة امتثال أمر الله تعالی فيما ندب عباده إليه ووعدهم الأجر عليه، وإنّما يأجرهم على حسب أقدارهم ومنازلهم ونيّاتهم، فمن عرف الله بجماله وجلاله ولطف فعاله، فأحبّه واشتاق إليه وأخلص عبادته له لكونه أهلاً للعبادة ولمحبّته له، أحبّه الله، وأخلصه واجتباه، وقرّبه إلى نفسه وأدناه قرباً معنوياً، ودنوّاً روحانياً كما قال في حقّ بعض من هذه صفته: ﴿وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَ حُسْنَ مَآبٍ﴾.
وقال أمير المؤمنين وسيّد الموحّدين (عليه السلام): «ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنّتك، لكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك».
ومن لم يعرف من الله سوى كونه إلهاً صانعاً للعالم، قادراً قاهراً عالماً، وأنّ له جنّة ينعّم بها المطيعين، وناراً يعذّب بها العاصين، فعبده ليفوز بجنّته، أو يكون له النجاة من ناره، أدخله الله تعالی بعبادته وطاعته الجنّة، وأنجاه من النار لا محالة، كما أخبر عنه في غير موضع من كتابه، فإنّما لكلّ امرئ ما نوى.
فلا تصغ إلى قول من ذهب إلى بطلان العبادة، إذا قصد بفعلها تحصيل الثواب، أو الخلاص من العقاب، زعماً منه أنّ هذا القصد منافٍ للإخلاص الذي هو إرادة وجه الله سبحانه وحده، وأنّ من قصد ذلك فإنّما قصد جلب النفع إلى نفسه ودفع الضرر عنها لا وجه الله سبحانه، فإنّ هذا قول من لا معرفة له بحقائق التكاليف ومراتب الناس فيها، فإنّ أكثر الناس يتعذّر منهم العبادة ابتغاء وجه الله بهذا المعنى، لأنّهم لا يعرفون من الله إلّا المرجوّ والمخوف، فغايتهم أن يتذكّروا النار ويحذّروا أنفسهم عقابها، ويتذكّروا الجنة ويرغّبوا أنفسهم ثوابها، وخصوصاً من كان الغالب على قلبه الميل إلى الدنيا، فإنّه قلّما ينبعث له داعية إلى فعل الخيرات لينال بها ثواب الاخرة، فضلاً عن عبادته على نيّة إجلال الله عزّ وجلّ لاستحقاقه الطاعة والعبودية، فإنّه قلّ من يفهمها فضلاً عمّن يتعاطاها.
والناس في نيّاتهم في العبادات على أقسام، أدناهم من يكون عمله إجابة لباعث الخوف، فإنّه يتّقي النار، ومنهم من يعمل إجابة لباعث الرجاء، فإنّه يرغب في الجنّة، وكلّ من القصدين وإن كان نازلاً بالإضافة إلى قصد طاعة الله، وتعظيمه لذاته ولجلاله، لا لأمر سواه، إلّا أنّه من جملة النيّات الصحيحة لأنّه ميل إلى الموعود في الآخرة، وإن كان من جنس المألوف في الدنيا.
وأمّا قول القائل إنّه ينافي الإخلاص، فجوابه: أنّك ما تريد بالإخلاص؟ إن أردت به أن يكون خالصاً للآخرة، لا يكون مشوباً بشوائب الدنيا والحظوظ العاجلة للنفس، كمدح الناس، والخلاص من النفقة بعتق العبد ونحو ذلك، فظاهر أنّ إرادة الجنّة والخلاص من النار لا ينافيان الإخلاص بهذا المعنى.
وإن أردت بالإخلاص أن لا يراد بالعمل سوى جمال الله وجلاله، من غير شوب من حظوظ النفس وإن كان حظّاً أخروياً، فاشتراطه في صحّة العبادة متوقّف على دليل شرعي، وأنّى لك به؟
بل الدلائل على خلافه أكثر من أن تذكر، مع أنّه تكليف بما لا يطاق بالنسبة إلى أكثر الخلائق، لأنّهم لا يعرفون الله بجماله وجلاله، ولا تتأتّى منهم العبادة إلّا من خوف النار، أو الطمع في الجنّة.
وأيضاً فإنّ الله سبحانه وتعالی قد قال: ﴿ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً﴾ ﴿وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً﴾، فرغّب ورهّب، ووعد وأوعد، فلو كان مثل هذه النيّات مفسداً للعبادات لكان الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد عبثاً بل مخلّاً بالمقصود.
وأيضاً فإنّ أولياء الله قد يعملون بعض الأعمال للجنّة، وصرف النار، لأنّ حبيبهم يحبّ ذلك، أو لتعليم الناس إخلاص العمل للآخرة، إذا كانوا أئمّة يقتدى بهم، هذا أمير المؤمنين سيّد الأولياء قد كتب كتاباً لبعض ما وقفه من أمواله فصدّر كتابه بعد التسمية بهذا: «هذا ما أوصى به وقضى به في ماله، عبد الله عليّ ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنّة، ويصرفني به عن النار، ويصرف النار عنّي ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾.
فإن لم تكن العبادة بهذه النيّة صحيحة لم يصحّ له أن يفعل ذلك، ويلقّن به غيره، ويظهره في كلامه.
وإنّ النيّة ليست مجرّد قولك عند الصلاة أو الصوم أو التدريس: أصلّي أو أصوم أو أدرّس قربة إلى الله تعالی ملاحظاً معاني هذه الألفاظ بخاطرك، ومتصوّراً لها بقلبك، هيهات، إنّما هذا تحريك لسان وحديث نفس، وإنّما النيّة المعتبرة انبعاث النفس وميلها وتوجّهها إلى ما فيه غرضها ومطلبها، إمّا عاجلاً وإمّا آجلاً، وهذا الانبعاث والميل إذا لم يكن حاصلاً لها لا يمكنها اختراعه واكتسابه بمجرد النطق بتلك الألفاظ، وتصوّر تلك المعاني، وما ذلك إلّا كقول الشبعان: أشتهي الطعام وأميل إليه، قاصداً حصول الميل والاشتهاء، وكقول الفارغ: أعشق فلاناً وأحبّه وأنقاد إليه وأطيعه، بل لا طريق إلى اكتساب صرف القلب إلى الشيء وميله إليه وإقباله عليه، إلّا بتحصيل الأسباب الموجبة لذلك الميل والانبعاث واجتناب الأمور المنافية لذلك المضادّة له، فإنّ النفس إنّما تنبعث إلى الفعل وتقصده، وتميل إليه تحصيلاً للغرض الملائم لها، بحسب ما يغلب عليها من الصفات.
فإذا غلب على قلب المدرّس مثلاً حبّ الشهرة، وإظهار الفضيلة، وإقبال الطلبة إليه، فلا يتمكّن من التدريس بنيّة التقرّب إلى الله سبحانه بنشر العلم وإرشاد الجاهلين، بل لا يكون تدريسه إلّا لتحصيل تلك المقاصد الواهية، والأغراض الفاسدة، وإن قال بلسانه: أدرّس قربة إلى الله، وتصوّر ذلك بقلبه وأثبته في ضميره، ومادام لم يقلع تلك الصفات الذميمة من قلبه، لا عبرة بنيّته أصلاً.
وكذلك إذا كان قلبك عند نيّة الصلاة منهمكاً في أمور الدنيا، والتهالك عليها، والانبعاث في طلبها، فلا يتيسّر لك توجيهه بكلّيته، وتحصيل الميل الصادق إلیها، والإقبال الحقيقي عليها، بل يكون دخولك فيها دخول متكلّف لها متبرّم بها، ويكون قولك: أصلّي قربة إلى الله، كقول الشبعان: أشتهي الطعام، وقول الفارغ: أعشق فلاناً مثلاً.
والحاصل: أنّه لا يحصل لك النيّة الكاملة المعتدّ بها في العبادات، من دون ذلك الميل والإقبال، وقمع ما يضادّه من الصوارف والأشغال، وهو لا يتيسّر إلّا إذا صرفت قلبك عن الأمور الدنيوية، وطهّرت نفسك عن الصفات الذميمة الدنيّة، وقطعت نظرك عن حظوظك العاجلة بالكلّية. (ص١٨٥-١٨٩)
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص١٨٥
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٣٢
قال الباقر (عليه السلام): نيّة المؤمن خير من عمله، وذلك لأنّه ينوي من الخير ما لا يدركه، ونيّة الكافر شرّ من عمله، وذلك لأنّ الكافر ينوي الشرّ، ويأمل من الشرّ ما لا يدركه.
بيــان:
اعلم أنّ الإشكالات الناشئة من هذا الخبر إنّما هو لعدم تحقيق معنى النيّة، وتوهّم أنّها تصوّر الغرض والغاية، وإخطارها بالبال، وإذا حقّقتها كما أومأنا إليه سابقاً، عرفت أنّ تصحيح النيّة من أشقّ الأعمال وأحمزها، وأنّها تابعة للحالة التي النفس متّصفة بها، وكمال الأعمال وقبولها وفضلها منوط بها، ولا يتيسّر تصحيحها إلّا بإخراج حبّ الدنيا، وفخرها وعزّها من القلب، برياضات شاقّة، وتفكّرات صحيحة، ومجاهدات كثيرة، فإنّ القلب سلطان البدن، وكلّما استولى عليه يتبعه سائر الجوارح، بل هو الحصن الذي كلّ حبّ استولى عليه وتصرّف فيه، يستخدم سائر الجوارح والقوى ويحكم عليها، ولا تستقرّ فيه محبّتان غالبتان، كما قال الله عزّ وجلّ: «يا عيسى، لا يصلح لسانان في فم واحد ولا قلبان في صدر واحد»، وكذلك الأذهان وقال سبحانه: ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ﴾.
فالدنيا والآخرة ضرّتان لا يجتمع حبّهما في قلب، فمن استولى على قلبه حبّ المال لا يذهب فكره وخياله وقواه وجوارحه إلّا إليه، ولا يعمل عملاً إلّا ومقصوده الحقيقي فيه تحصيله، وإن ادّعى غيره كان كاذباً، ولذا يطلب الأعمال التي وعد فيها كثرة المال، ولا يتوجّه إلى الطاعات التي وعد فيها قرب ذي الجلال، وكذا من استولى عليه حبّ الجاه ليس مقصوده في أعماله إلّا ما يوجب حصوله، وكذا سائر الأغراض الباطلة الدنيوية، فلا يخلص العمل لله سبحانه وللآخرة إلّا بإخراج حبّ هذه الأمور من القلب، وتصفيته عمّا يوجب البعد عن الحقّ.
فللناس في نيّاتهم مراتب شتّى بل غير متناهية بحسب حالاتهم: فمنها ما يوجب فساد العمل وبطلانه، ومنها ما يوجب صحّته، ومنها ما يوجب كماله، ومراتب كماله أيضاً كثيرة ...
فأمّا ما يوجب بطلانه:
فلا ريب في أنّه إذا قصد الرئاء المحض أو الغالب، بحيث لو لم يكن رؤية الغير له لا يعمل هذا العمل، إنّه باطل لا يستحقّ الثواب عليه، بل يستحقّ العقاب، كما دلّت عليه الآيات والأخبار الكثيرة، وأمّا إذا ضمّ إلى القربة غيرها بحيث كان الغالب القربة، ولو لم تكن الضميمة يأتي بها ففيه إشكال، ولا تبعد الصحّة، ولو تعلّق الریاء ببعض صفاته المندوبة كإسباغ الوضوء وتطويل الصلاة فأشدّ إشكالاً.
... ولنذكر بعض منازلها ودرجاتها:
فالأولى: نيّة من تنبّه وتفكّر في شديد عذاب الله وأليم عقابه، فصار ذلك موجباً لحطّ الدنيا ولذّاتها عن نظره، فهو يعمل كلّ ما أراد من الأعمال الحسنة، ويترك ما ينتهي عنه من الأعمال السيّئة، خوفاً من عذابه.
الثانية: نيّة من غلب عليه الشوق إلى ما أعدّ الله للمحسنين في الجنّة، من نعيمها وحورها وقصورها، فهو يعبد الله لتحصيل تلك الأمور، وهاتان نيّتان صحيحتان على الأظهر، وإن توهّم الأكثر بطلان العبادة بهما، لغفلتهم عن معنى النيّة كما عرفت.
والعجب أن العلاّمة (رحمة الله عليه) ادّعى اتّفاق العدلية على أنّ من فعل فعلاً لطلب الثواب أو خوف العقاب، فإنّه لا يستحقّ بذلك ثواباً.
وأقول: لهاتين النيّتين أيضاً مراتب شتّى بحسب اختلاف أحوال الناس، فإنّ من الناس من يطلب الجنّة لحصول مشتهياته الجسمانية فيه، ومنهم من يطلبها لكونها دار كرامة الله ومحل قرب الله، وكذا منهم من يهرب من النار لألمها، ومنهم من يهرب منها لكونها دار البعد والهجران والحرمان ومحلّ سخط الله، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في الدعاء الذي علّمه كميل بن زياد النخعي: «فلئن صيّرتني في العقوبات مع أعدائك، وجمعت بيني وبين أهل بلائك، وفرّقت بيني وبين أحبّائك وأوليائك، فهبني يا إلهي وسيّدي، صبرت على عذابك، فكيف أصبر على فراقك؟ وهبني صبرت على حرّ نارك، فكيف أصبر عن النظر إلى كرامتك؟» إلى آخر ما ذكر في هذا الدعاء المشتمل على جميع منازل المحبّين، ودرجات العارفين، فظهر أنّ هاتين الغايتين وطلبهما لا تنافيان درجات المقرّبين.
الثالثة: نيّة من يعبد الله تعالی شكراً له، فإنّه يتفكّر في نعم الله التي لا تحصى عليه، فيحكم عقله بأنّ شكر المنعم واجب، فيعبده لذلك كما هو طريقة المتكلّمين.
الرابعة: نيّة من يعبده حياء، فإنّه يحكم عقله بحسن الحسنات وقبح السيّئات، ويتذكّر أنّ الربّ الجليل مطّلع عليه في جميع أحواله، فيعبده ويترك معاصيه لذلك.
الخامسة: نيّة من يعبده تقرّباً إليه تعالی تشبيهاً للقرب المعنوي بالقرب المكاني، وهذا هو الذي ذكره أكثر الفقهاء، ولم أر في كلامهم تحقيق القرب المعنوي، فالمراد إمّا القرب بحسب الدرجة والكمال إذ العبد لإمكانه في غاية النقص، عار عن جميع الكمالات، والربّ سبحانه متّصف بجميع الصفات الكمالية، فبينهما غاية البعد، فكلّما رفع عن نفسه شيئاً من النقائص، واتّصف بشيء من الكمالات، حصل له قرب ما بذلك الجناب، أو القرب بحسب التذكّر والمصاحبة المعنوية.
فإنّ من كان دائماً في ذكر أحد ومشغولاً بخدماته فكأنّه معه، وإن كان بينهما غاية البعد بحسب المكان، وفي قوّة هذه النيّة إيقاع الفعل: امتثالاً لأمره تعالی، أو موافقة لإرادته، أو انقياداً وإجابة لدعوته، أو ابتغاء لمرضاته.
فهذه النيّات التي ذكرها أكثر الأصحاب وقالوا: لو قصد لله مجرّداً عن جميع ذلك كان مجزياً، فإنّه تعالی غاية كلّ مقصد، وإن كان يرجع إلى بعض الأمور السالفة.
السادسة: نيّة من عبد الله لكونه أهلاً للعبادة، وهذه نيّة الصدّيقين، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنّتك، ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك». ولا تسمع هذه الدعوى من غيرهم، وإنّما يقبل ممّن يعلم منه أنّه لو لم يكن لله جنّة ولا نار، بل لو كان على الفرض المحال يدخل العاصي الجنّة والمطيع النار، لاختار العبادة لكونه أهلاً لها، كما أنّهم في الدنيا اختاروا النار لذلك، فجعلها الله عليهم برداً وسلاماً، وعقوبة الأشرار فجعلها الله عندهم لذّة وراحة ونعيماً.
السابعة: نيّة من عبد الله حبّاً له، ودرجة المحبّة أعلى درجات المقرّبين، والمحبّ يختار رضا محبوبه، ولا ينظر إلى ثواب ولا يحذر من عقاب، وحبّه تعالی إذا استولى على القلب يطهّره عن حبّ ما سواه، ولا يختار في شيء من الأمور إلّا رضا مولاه. (ص١٩٣-١٩٧)
اعلم أنّ الإشكالات الناشئة من هذا الخبر إنّما هو لعدم تحقيق معنى النيّة، وتوهّم أنّها تصوّر الغرض والغاية، وإخطارها بالبال، وإذا حقّقتها كما أومأنا إليه سابقاً، عرفت أنّ تصحيح النيّة من أشقّ الأعمال وأحمزها، وأنّها تابعة للحالة التي النفس متّصفة بها، وكمال الأعمال وقبولها وفضلها منوط بها، ولا يتيسّر تصحيحها إلّا بإخراج حبّ الدنيا، وفخرها وعزّها من القلب، برياضات شاقّة، وتفكّرات صحيحة، ومجاهدات كثيرة، فإنّ القلب سلطان البدن، وكلّما استولى عليه يتبعه سائر الجوارح، بل هو الحصن الذي كلّ حبّ استولى عليه وتصرّف فيه، يستخدم سائر الجوارح والقوى ويحكم عليها، ولا تستقرّ فيه محبّتان غالبتان، كما قال الله عزّ وجلّ: «يا عيسى، لا يصلح لسانان في فم واحد ولا قلبان في صدر واحد»، وكذلك الأذهان وقال سبحانه: ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ﴾.
فالدنيا والآخرة ضرّتان لا يجتمع حبّهما في قلب، فمن استولى على قلبه حبّ المال لا يذهب فكره وخياله وقواه وجوارحه إلّا إليه، ولا يعمل عملاً إلّا ومقصوده الحقيقي فيه تحصيله، وإن ادّعى غيره كان كاذباً، ولذا يطلب الأعمال التي وعد فيها كثرة المال، ولا يتوجّه إلى الطاعات التي وعد فيها قرب ذي الجلال، وكذا من استولى عليه حبّ الجاه ليس مقصوده في أعماله إلّا ما يوجب حصوله، وكذا سائر الأغراض الباطلة الدنيوية، فلا يخلص العمل لله سبحانه وللآخرة إلّا بإخراج حبّ هذه الأمور من القلب، وتصفيته عمّا يوجب البعد عن الحقّ.
فللناس في نيّاتهم مراتب شتّى بل غير متناهية بحسب حالاتهم: فمنها ما يوجب فساد العمل وبطلانه، ومنها ما يوجب صحّته، ومنها ما يوجب كماله، ومراتب كماله أيضاً كثيرة ...
فأمّا ما يوجب بطلانه:
فلا ريب في أنّه إذا قصد الرئاء المحض أو الغالب، بحيث لو لم يكن رؤية الغير له لا يعمل هذا العمل، إنّه باطل لا يستحقّ الثواب عليه، بل يستحقّ العقاب، كما دلّت عليه الآيات والأخبار الكثيرة، وأمّا إذا ضمّ إلى القربة غيرها بحيث كان الغالب القربة، ولو لم تكن الضميمة يأتي بها ففيه إشكال، ولا تبعد الصحّة، ولو تعلّق الریاء ببعض صفاته المندوبة كإسباغ الوضوء وتطويل الصلاة فأشدّ إشكالاً.
... ولنذكر بعض منازلها ودرجاتها:
فالأولى: نيّة من تنبّه وتفكّر في شديد عذاب الله وأليم عقابه، فصار ذلك موجباً لحطّ الدنيا ولذّاتها عن نظره، فهو يعمل كلّ ما أراد من الأعمال الحسنة، ويترك ما ينتهي عنه من الأعمال السيّئة، خوفاً من عذابه.
الثانية: نيّة من غلب عليه الشوق إلى ما أعدّ الله للمحسنين في الجنّة، من نعيمها وحورها وقصورها، فهو يعبد الله لتحصيل تلك الأمور، وهاتان نيّتان صحيحتان على الأظهر، وإن توهّم الأكثر بطلان العبادة بهما، لغفلتهم عن معنى النيّة كما عرفت.
والعجب أن العلاّمة (رحمة الله عليه) ادّعى اتّفاق العدلية على أنّ من فعل فعلاً لطلب الثواب أو خوف العقاب، فإنّه لا يستحقّ بذلك ثواباً.
وأقول: لهاتين النيّتين أيضاً مراتب شتّى بحسب اختلاف أحوال الناس، فإنّ من الناس من يطلب الجنّة لحصول مشتهياته الجسمانية فيه، ومنهم من يطلبها لكونها دار كرامة الله ومحل قرب الله، وكذا منهم من يهرب من النار لألمها، ومنهم من يهرب منها لكونها دار البعد والهجران والحرمان ومحلّ سخط الله، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في الدعاء الذي علّمه كميل بن زياد النخعي: «فلئن صيّرتني في العقوبات مع أعدائك، وجمعت بيني وبين أهل بلائك، وفرّقت بيني وبين أحبّائك وأوليائك، فهبني يا إلهي وسيّدي، صبرت على عذابك، فكيف أصبر على فراقك؟ وهبني صبرت على حرّ نارك، فكيف أصبر عن النظر إلى كرامتك؟» إلى آخر ما ذكر في هذا الدعاء المشتمل على جميع منازل المحبّين، ودرجات العارفين، فظهر أنّ هاتين الغايتين وطلبهما لا تنافيان درجات المقرّبين.
الثالثة: نيّة من يعبد الله تعالی شكراً له، فإنّه يتفكّر في نعم الله التي لا تحصى عليه، فيحكم عقله بأنّ شكر المنعم واجب، فيعبده لذلك كما هو طريقة المتكلّمين.
الرابعة: نيّة من يعبده حياء، فإنّه يحكم عقله بحسن الحسنات وقبح السيّئات، ويتذكّر أنّ الربّ الجليل مطّلع عليه في جميع أحواله، فيعبده ويترك معاصيه لذلك.
الخامسة: نيّة من يعبده تقرّباً إليه تعالی تشبيهاً للقرب المعنوي بالقرب المكاني، وهذا هو الذي ذكره أكثر الفقهاء، ولم أر في كلامهم تحقيق القرب المعنوي، فالمراد إمّا القرب بحسب الدرجة والكمال إذ العبد لإمكانه في غاية النقص، عار عن جميع الكمالات، والربّ سبحانه متّصف بجميع الصفات الكمالية، فبينهما غاية البعد، فكلّما رفع عن نفسه شيئاً من النقائص، واتّصف بشيء من الكمالات، حصل له قرب ما بذلك الجناب، أو القرب بحسب التذكّر والمصاحبة المعنوية.
فإنّ من كان دائماً في ذكر أحد ومشغولاً بخدماته فكأنّه معه، وإن كان بينهما غاية البعد بحسب المكان، وفي قوّة هذه النيّة إيقاع الفعل: امتثالاً لأمره تعالی، أو موافقة لإرادته، أو انقياداً وإجابة لدعوته، أو ابتغاء لمرضاته.
فهذه النيّات التي ذكرها أكثر الأصحاب وقالوا: لو قصد لله مجرّداً عن جميع ذلك كان مجزياً، فإنّه تعالی غاية كلّ مقصد، وإن كان يرجع إلى بعض الأمور السالفة.
السادسة: نيّة من عبد الله لكونه أهلاً للعبادة، وهذه نيّة الصدّيقين، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنّتك، ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك». ولا تسمع هذه الدعوى من غيرهم، وإنّما يقبل ممّن يعلم منه أنّه لو لم يكن لله جنّة ولا نار، بل لو كان على الفرض المحال يدخل العاصي الجنّة والمطيع النار، لاختار العبادة لكونه أهلاً لها، كما أنّهم في الدنيا اختاروا النار لذلك، فجعلها الله عليهم برداً وسلاماً، وعقوبة الأشرار فجعلها الله عندهم لذّة وراحة ونعيماً.
السابعة: نيّة من عبد الله حبّاً له، ودرجة المحبّة أعلى درجات المقرّبين، والمحبّ يختار رضا محبوبه، ولا ينظر إلى ثواب ولا يحذر من عقاب، وحبّه تعالی إذا استولى على القلب يطهّره عن حبّ ما سواه، ولا يختار في شيء من الأمور إلّا رضا مولاه. (ص١٩٣-١٩٧)
المصدر الأصلي: علل الشرائع
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص١٩۰
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٣٣
قال الصادق (عليه السلام): إنّ العبد المؤمن الفقير ليقول: يا ربّ، ارزقني حتّى أفعل كذا وكذا من البرّ ووجوه الخير، فإذا علم الله عزّ وجلّ ذلك منه بصدق نيّة، كتب الله له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله، إنّ الله واسع كريم.
بيــان:
تبيان: وعلى ما حقّقنا أنّ النيّة تابعة للشاكلة والحالة، وأنّ كمالها لا يحصل إلّا بكمال النفس واتّصافها بالأخلاق الرضيّة الواقعية، فلا استبعاد في تساوي ثواب من عزم على فعل على وجه خاصّ من الكمال ولم يتيسّر له، ومن فعله على هذا الوجه. (ص٢۰۰-٢۰١)
تبيان: وعلى ما حقّقنا أنّ النيّة تابعة للشاكلة والحالة، وأنّ كمالها لا يحصل إلّا بكمال النفس واتّصافها بالأخلاق الرضيّة الواقعية، فلا استبعاد في تساوي ثواب من عزم على فعل على وجه خاصّ من الكمال ولم يتيسّر له، ومن فعله على هذا الوجه. (ص٢۰۰-٢۰١)
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص١٩٩
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٣٤
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): من طلب الشهادة صادقاً أعطيها ولو لم تصبه.
المصدر الأصلي: صحیح مسلم
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰١
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٣٥
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): من سأل الله الشهادة بصدق، بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه.
المصدر الأصلي: صحیح مسلم
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰١
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٣٦
قال الصادق (عليه السلام): إنّما خلّد أهل النار في النار، لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلّدوا فيها أن يعصوا الله أبداً، وإنّما خلّد أهل الجنّة في الجنّة، لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبداً، فبالنيّات خلّد هؤلاء وهؤلاء، ثمّ تلا قوله تعالی: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ﴾، قال (عليه السلام): على نيّته.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰١
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٣٧
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يؤتى يوم القيامة برجل فيقال له: احتجّ، فيقول: يا ربّ، خلقتني وهديتني فأوسعت عليّ، فلم أزل أوسّع على خلقك وأيسّر عليهم لكي تنشر هذا اليوم رحمتك وتيسّره، فيقول الربّ جلّ ثناؤه وتعالى ذكره: صدق عبدي، أدخلوه الجنّة.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰٣
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٣٨
قال زين العابدين (عليه السلام): لا حسب لقرشي ولا عربي إلّا بتواضع، ولا كرم إلّا بتقوى، ولا عمل إلّا بنيّة، ولا عبادة إلّا بتفقّه، ألا وإنّ أبغض الناس إلى الله عزّ وجلّ من يقتدي بسنّة إمام ولا يقتدي بأعماله.
المصدر الأصلي: الخصال
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰٤
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٣٩
قال الرضا (عليه السلام): إذا كان يوم القيامة أوقف المؤمن بين يديه، فيكون هو الذي يلي حسابه، فيعرض عليه عمله، فينظر في صحيفته، فأوّل ما يرى سيّئاته فيتغيّر لذلك لونه، وترتعش فرائصه، وتفزع نفسه، ثمّ يرى حسناته فتقرّ عينه، وتسرّ نفسه، وتفرح روحه، ثمّ ينظر إلى ما أعطاه الله من الثواب فيشتدّ فرحه، ثمّ يقول الله للملائكة: هلمّوا الصحف التي فيها الأعمال التي لم يعملوها، قال: فيقرؤنها، فيقولون: وعزّتك، إنّك لتعلم أنّا لم نعمل منها شيئاً، فيقول: صدقتم، نويتموها فكتبناها لكم، ثمّ يثابون عليها.
المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰٤
الحديث: ١۰
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٤٠
قال الصادق (عليه السلام): ما ضعف بدن عمّا قويت عليه النيّة.
المصدر الأصلي: الأمالي للصدوق
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰٥
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٤١
قال الصادق (عليه السلام): من صدق لسانه زكا عمله، ومن حسنت نيّته زيد في رزقه، ومن حسن برّه بأهل بيته زيد في عمره.
المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰٥
الحديث: ١٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٤٢
قال عبد الله بن سنان: كنّا جلوساً عند الصادق (عليه السلام) إذ قال له رجل من الجلساء: جعلت فداك يا ابن رسول الله، أ تخاف عليّ أن أكون منافقاً؟ فقال (عليه السلام): إذا خلوت في بيتك نهاراً أو ليلاً، أ ليس تصلّي؟ فقال: بلى، قال (عليه السلام): فلمن تصلّي؟ قال: لله عزّ وجلّ، قال (عليه السلام): فكيف تكون منافقاً وأنت تصلّي لله عزّ وجلّ لا لغيره.
المصدر الأصلي: معاني الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰٥-٢۰٦
الحديث: ١٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٤٣
قال زید الشحّام للصادق (عليه السلام): إنّي سمعتك تقول: نيّة المؤمن خير من عمله، فكيف تكون النيّة خيراً من العمل؟ قال (عليه السلام): لأنّ العمل ربما كان رياء المخلوقين، والنيّة خالصة لربّ العالمين، فيعطي عزّ وجلّ على النيّة ما لا يعطي على العمل.
المصدر الأصلي: علل الشرائع
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰٦
الحديث: ١٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٤٤
قال الصادق (عليه السلام): إنّ العبد لينوي من نهاره أن يصلّي بالليل فتغلبه عينه فينام، فيثبت الله له صلاته، ويكتب نفسه تسبيحاً، ويجعل نومه عليه صدقة.
المصدر الأصلي: علل الشرائع
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰٦
الحديث: ١٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٤٥
قال الصادق (عليه السلام): لو نظر الناس إلى مردود الأعمال من السماء، لقالوا: ما يقبل الله من أحد عملاً.
المصدر الأصلي: المحاسن
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰٨
الحديث: ١٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٤٦
قال أبو هاشم: سألت الصادق (عليه السلام) عن الخلود في الجنّة والنار؟ فقال (عليه السلام): إنّما خلّد أهل النار في النار؛ لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلّدوا فيها أن يعصوا الله أبداً، وإنّما خلّد أهل الجنّة في الجنّة؛ لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبداً، فبالنيّات خلّد هؤلاء وهؤلاء، ثمّ تلا قوله: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ﴾، أي على نيّته.
المصدر الأصلي: المحاسن
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢۰٩
الحديث: ١٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٤٧
قال زين العابدين (عليه السلام): إنّي أكره أن أعبد الله ولا غرض لي إلّا ثوابه، فأكون كالعبد الطمع المطمّع، إن طمّع عمل، وإلّا لم يعمل، وأكره أن لا أعبده إلّا لخوف عقابه، فأكون كالعبد السوء، إن لم يخف لم يعمل، قيل: فلم تعبده؟ قال (عليه السلام): لما هو أهله بأياديه عليّ وإنعامه.
المصدر الأصلي: تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢١۰
الحديث: ١٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٤٨
قال الباقر (عليه السلام): لا يكون العبد عابداً لله حقّ عبادته حتّى ينقطع عن الخلق كلّه إليه، فحينئذٍ يقول: هذا خالص لي، فيتقبّله بكرمه.
المصدر الأصلي: تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢١١
الحديث: ١٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٤٩
قال الصادق (عليه السلام): ما أنعم الله عزّ وجلّ على عبد أجلّ من أن لا يكون في قلبه مع الله غيره.
المصدر الأصلي: تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢١١
الحديث: ٢۰
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٥٠
أغزى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً (عليه السلام) في سريّة وأمر المسلمين أن ينتدبوا معه في سريّته، فقال رجل من الأنصار لأخ له: اغز بنا في سريّة عليّ، لعلّنا نصيب خادماً أو دابّة أو شيئاً نتبلّغ به، فبلغ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قوله، فقال: إنّما الأعمال بالنيّات، ولكلّ امرئ ما نوى، فمن غزا ابتغاء ما عند الله عزّ وجلّ فقد وقع أجره على الله عزّ وجلّ، ومن غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالاً لم يكن له إلّا ما نوى.
المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢١٢
الحديث: ٢١
/
ترتيب جواهر البحار: ٤٤٥١
قال عليّ (عليه السلام): إنّ قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجّار، وإنّ قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإنّ قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار.
المصدر الأصلي: نهج البلاغة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٦٧
، ص٢١٢