قال الصادق (عليه السلام): إذا ظلم الرجل فظلّ يدعو على صاحبه، قال الله جلّ جلاله: إنّ ههنا آخر يدعو عليك، يزعم أنّك ظلمته، فإن شئت أجبتك وأجبت عليك، وإن شئت أخّرتكما فتوسّعكما عفوي.
سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله: ﴿وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ﴾، قال: لا يتمنّى الرجل امرأة الرجل ولا ابنته، ولكن يتمنّى مثلها.
قال عليّ (عليه السلام): قلت: اللّهمّ لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عليّ، لا تقولنّ هكذا، فليس من أحد إلّا وهو محتاج إلى الناس، فقلت: كيف يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): قل: اللّهمّ لا تحوجني إلى شرار خلقك، قلت: يا رسول الله، ومن شرار خلقه؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الذين إذا أعطوا منعوا، وإذا منعوا عابوا.
سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلاً يقول: اللّهــمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة، قال (عليه السلام): أراك تتعوّذ من مالك وولدك، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾، ولكن قل: اللّهــمّ إنّي أعوذ بك من مضلّات الفتن.
روي أنّ الله أوحى إلى نبيّ من الأنبياء في الزمن الأوّل أنّ لرجل في أمّته ثلاث دعوات مستجابة، فأخبره بذلك، فانصرف من عنده إلى بيته وأخبر زوجته بذلك، فألحّت عليه أن يجعل دعوة لها فرضي، فقالت: سل الله أن يجعلني أجمل نساء الزمان، فدعا الرجل فصارت كذلك، ثمّ إنّها لمّا رأت رغبة الملوك والشبّان المتنعّمين فيها متوفّرة زهدت في زوجها الشيخ الفقير، وجعلت تغالظه وتخاشنه وهو يداريها ولا يكاد يطيقها، فدعا الله أن يجعلها كلبة، فصارت كذلك، ثمّ اجتمع أولادها يقولون: يا أبت، إنّ الناس يعيّرون أنّ أمّنا كلبة نابحة، وجعلوا يبكون ويسألونه أن يدعو الله أن يجعلها كما كانت، فدعا الله تعالى فصيّرها مثل الذي كانت في الحالة الأولى، فذهبت الدعوات الثلاث ضياعاً.
قال ربیعة بن كعب: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا ربيعة، خدمتني سبع سنين، أ فلا تسألني حاجة؟ فقلت: يا رسول الله، أمهلني حتّى أفكّر.
فلمّا أصبحت ودخلت عليه، قال (صلى الله عليه وآله وسلم) لي: يا ربيعة، هات حاجتك، فقلت: تسأل الله أن يدخلني معك الجنّة، فقال (عليه السلام) لي: من علّمك هذا؟ فقلت: يا رسول الله، ما علّمني أحد، لكنّي فكّرت في نفسي وقلت: إن سألته مالاً كان إلى نفاد، وإن سألته عمراً طويلاً وأولاداً كان عاقبتهم الموت، فنكس رأسه ساعة ثمّ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أفعل ذلك، فأعنّي بكثرة السجود، قال: وسمعته (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالتزموا عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا سئل شيئاً فإذا أراد أن يفعله قال: نعم، وإذا أراد أن لا يفعل سكت، وكان لا يقول لشيء: «لا»، فأتاه أعرابي فسأله فسكت، ثمّ سأله فسكت، ثمّ سأله فسكت، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) كهيئة المسترسل: ما شئت يا أعرابي؟ فقلنا: الآن يسأل الجنّة، فقال الأعرابي: أسألك ناقة ورحلها وزاداً، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لك ذلك، ثمّ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): كم بين مسألة الأعرابي وعجوز بني إسرائيل.
ثمّ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ موسى لمّا أمر أن يقطع البحر فانتهى إليه، وضربت وجوه الدوابّ رجعت، فقال موسى: يا ربّ، ما لي؟ قال: يا موسى، إنّك عند قبر يوسف فاحمل عظامه، وقد استوى القبر بالأرض، فسأل موسى قومه: هل يدري أحد منكم أين هو؟ قالوا: عجوز لعلّها تعلم، فقال لها: هل تعلمين؟ قالت: نعم، قال: فدلّينا عليه، قالت: لا، والله، حتّى تعطيني ما أسألك، قال: ذلك لك، قالت: فإنّي أسألك أن أكون معك في الدرجة التي تكون في الجنّة، قال: سلي الجنّة، قالت: لا، والله، إلّا أن أكون معك، فجعل موسى يراود، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن أعطها ذلك، فإنّها لا تنقصك، فأعطاها ودلّته على القبر.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من سأل فوق قدره استحقّ الحرمان.