يستحبّ أن يدعى بهذا الدعاء أيضاً عقيب الزيارة لهم (عليه السلام): اللّهــمّ إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك، وحجبت دعائي عنك، وحالت بيني وبينك، فأسألك أن تقبل عليّ بوجهك الكريم، وتنشر عليّ رحمتك، وتنزل عليّ بركاتك، وإن كانت قد منعت أن ترفع لي إليك صوتاً، أو تغفر لي ذنباً، أو تتجاوز عن خطيئة مهلكة، فها أنا ذا مستجير بكرم وجهك وعزّ جلالك، متوسّل إليك، متقرّب إليك بأحبّ خلقك إليك، وأكرمهم عليك وأولاهم بك، وأطوعهم لك، وأعظمهم منزلة ومكاناً عندك، محمّد وبعترته الطاهرين الأئمّة الهداة المهديّين، الذين فرضت على خلقك طاعتهم، وأمرت بمودّتهم، وجعلتهم ولاة الأمر من بعد رسولك (صلى الله عليه وآله وسلم)، يا مذلّ كلّ جبّار عنيد، ويا معزّ المؤمنين، بلغ مجهودي فهب لي نفسي الساعة، ورحمة منك تمنّ بها عليّ يا أرحم الراحمين، ثمّ قبّل الضريح ومرّغ خدّيك عليه وقل: اللّهــمّ إنّ هذا مشهد لا يرجو من فاتته فيه رحمتك أن ينالها في غيره، ولا أحد أشقى من امرء قصده مؤمّلاً فآب عنه خائباً.
اللّهــمّ إنّي أعوذ بك من شرّ الإياب، وخيبة المنقلب، والمناقشة عند الحساب، وحاشاك يا ربّ، أن تقرن طاعة وليّك بطاعتك، وموالاته بموالاتك، ومعصيته بمعصيتك، ثمّ تؤيس زائره، والمحتمل من بعد البلاد إلى قبره، وعزّتك لا ينعقد على ذلك ضميري، إذ كانت القلوب إليك بالجميل تشير.
إنّها ١ أصحّ الزيارات سنداً، وأعمّها مورداً، وأفصحها لفظاً وأبلغها معنىً، وأعلاها شأناً. (ص١٤٤)
قال الباقر (عليه السلام): ما قاله ١ أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين، أو أحد من الأئمّة(عليهم السلام)إلّا وقع في درج نور، وطبع عليه بطابع محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى يسلّم إلى قائم (عليه السلام)، فيلقى صاحبه بالبشرى والتحيّة والكرامة وهذه الزيارة: السلام عليك يا أمين الله في أرضه … .
روى غير واحد ١ أنّ زيارة سادتنا(عليهم السلام)إنّما في تجديد العهد والميثاق المأخوذ في رقاب العباد، وسبيل الزائر أن يقول عند زيارتهم(عليهم السلام): جئتك يا مولاي، زائراً لك، ومسلّماً عليك، ولائذاً بك، وقاصداً إليك، أجدّد ما أخذه الله عزّ وجلّ لكم في رقبتي من العهد والبيعة، والميثاق بالولاية لكم، والبراءة من أعدائكم، معترفاً بالمفروض من طاعتكم، ثمّ تضع يدك اليمنى على القبر وتقول: هذه يدي مصافقة لك على البيعة الواجبة علينا، فاقبل ذلك منّي يا إمامي، فقد زرتك وأنا معترف بحقّك، مع ما ألزم الله سبحانه من نصرتك، وهذه يدي على ما أمر الله عزّ وجلّ به من موالاتكم، والإقرار بالمفترض من طاعتكم، والبراءة من أعدائكم، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
ثمّ قبّل الضريح وقل: يا سيّدي ومولاي وإمامي والمفترض عليّ طاعته، أشهد أنّك بقيت على الوفاء بالوعد والدوام على العهد، وقد سلف من جميل وعدك، لمن زار قبرك ما أنت المرجوّ للوفاء به، والمؤمّل لتمامه، وقد قصدتك من بلدي، وجعلتك عن الله معتمدي، فحقّق ظنّي ومخيلتي فيك، صلوات الله عليك وسلّم تسليماً كثيراً، اللّهــمّ إنّي أتقرّب إليك بزيارتي إيّاه، وأرجو منك النجاة من النار، وبآبائه وأبنائه(عليهم السلام)، رضينا بهم أئمّة وسادة وقادة، اللّهمّ أدخلني في كلّ خير أدخلتهم فيه، وأخرجني من كلّ سوء أخرجتهم منه، واجعلني معهم في الدنيا والآخرة، برحمتك يا أرحم الراحمين يا ربّ العالمين، ثمّ تصلّي ركعات الزيارة عند كلّ إمام ركعتين وتنصرف، فإذا فعلت ذلك كانت الزيارة مثل العهد المجدّد.