- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث في الركوع وأحكامه وآدابه وعلله
قال الباقر (عليه السلام): بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس في المسجد، إذ دخل رجل فقام يصلّي، فلم يتمّ ركوعه ولا سجوده، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني.
قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا بن عمّ خير خلق الله، ما معنى مدّ عنقك في الركوع؟ فقال (عليه السلام): تأويله: آمنت بواحدنيّتك، ولو ضربت عنقي.
قال هشام بن الحكم: قلت للكاظم (عليه السلام): لأيّ علّة يقال في الركوع: «سبحان ربّي العظيم وبحمده»؟ ويقال في السجود: «سبحان ربّي الأعلى وبحمده»؟
قال: يا هشام، إنّ الله تبارك وتعالى لمّا أسری بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان من ربّه كقاب قوسين أو أدنى، رفع له حجاب من حجبه فكـبّر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبعاً حتّى رفع له سبع حجب، فلمّا ذكر ما رأى من عظمة الله ارتعدت فرائصه، فانبرك على ركبتيه وأخذ يقول: «سبحان ربّي العظيم وبحمده»، فلمّا اعتدل من ركوعه قائماً ونظر إليه في موضع أعلى من ذلك الموضع، خرّ على وجهه وجعل يقول: «سبحان ربّي الأعلى وبحمده»، فلمّا قال سبع مرّات سكن ذلك الرعب فلذلك جرت به السنّة.
قال الفضل: قلت للصادق (عليه السلام): جعلت فداك، علّمني دعاء جامعاً، فقال (عليه السلام) لي: احمد الله، فإنّه لا يبقى أحد يصلّي إلّا دعا لك يقول: «سمع الله لمن حمده».
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّي قد نهيت عن القراءة في الركوع والسجود، فأمّا الركوع فعظّموا الله فيه، وأمّا السجود فأكثروا فيها الدعاء، فإنّه قمن ١ أن يستجاب لكم.
نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يذبّح الرجل في الصلاة كما يذبّح الحمار، ومعناه أن يطأطئ الرجل رأسه في الركوع حتّى يكون أخفض من ظهره.
قال الصادق (عليه السلام): لا يركع عبد لله ركوعاً على الحقيقة، إلّا زيّنه الله بنور بهائه وأظلّه في ظلال كبريائه وكساه كسوة أصفيائه، والركوع أوّل والسجود ثاني، فمن أتى بمعنى الأوّل صلح للثاني، وفي الركوع أدب وفي السجود قرب، ومن لا يحسن الأدب لا يصلح للقرب … .
قال بريد العجلي: قلت للباقر (عليه السلام): أيّهما أفضل في الصلاة؟ كثرة القراءة أو طول اللبث في الركوع والسجود؟ فقال (عليه السلام): كثرة اللبث في الركوع والسجود في الصلاة أفضل، أ ما تسمع لقول الله تعالى: ﴿فَاقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُ وَأَقِيمُواْ الصَّلَوٰةَ﴾؟ إنّما عنى بإقامة الصلاة طول اللبث في الركوع والسجود؟ قلت: فأيّهما أفضل كثرة القراءة أو كثرة الدعاء؟ فقال (عليه السلام): كثرة الدعاء أفضل، أ ما تسمع لقول الله لنبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم): ﴿قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡ﴾؟
قال الصادق (عليه السلام): إذا قال الإمام: «سمع الله لمن حمده»، قال من خلفه: «ربّنا لك الحمد» وإن كان وحده إماماً أو غيره قال: «سمع الله لمن حمده الحمد لله ربّ العالمين».