- جواهر البحار
- » كتاب الأدعية والأذكار
- » أحاديث في الدعاء للإخوان بظهر الغيب
قال الصادق (عليه السلام): من قدّم أربعين رجلاً من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه، استجيب له فيهم وفي نفسه.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): يلزم الحقّ لأمّتي في أربع: يحبّون التائب، ويرحمون الضعيف، ويعينون المحسن، ويستغفرون للمذنب.
قال إبرهیم بن هاشم: رأيت عبد الله بن جندب ١ بالموقف، فلم أر موقفاً أحسن من موقفه، ما زال مادّاً يديه إلى السماء، ودموعه تسيل على خدّيه حتّى تبلغ الأرض، فلمّا صدر الناس قلت له: يا أبا محمّد، ما رأيت موقفاً أحسن من موقفك، قال: والله، ما دعوت إلّا لإخواني، وذلك أنّ أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) أخبرني أنّه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش: ولك مائة ألف ضعف، فكرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة لواحدة لا أدري يستجاب أم لا.
قال الصادق (عليه السلام) عن آبائه(عليهم السلام): قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من مؤمن أو مؤمنة مضى من أوّل الدهر أو هو آتٍ إلى يوم القيامة إلّا وهم شفعاء لمن يقول في دعائه: «اللّهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات»، وإنّ العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيسحب فيقول المؤمنون والمؤمنات: يا ربّنا، هذا الذي كان يدعو لنا فشفّعنا فيه، فيشفّعهم اللّه فينجو.
قال حمران بن أعین: دخلت علی الباقر (عليه السلام) فقلت: أوصني، فقال (عليه السلام): أوصيك بتقوى الله، وإيّاك والمزاح، فإنّه يذهب هيبة الرجل وماء وجهه، وعليك بالدعاء لإخوانك بظهر الغيب، فإنّه يهيل الرزق _ يقولها ثلاثاً _.
قال الرضا (عليه السلام): من دعا لإخوانه من المؤمنين وكّل الله به عن كلّ مؤمن ملكاً يدعو له، وما من مؤمن يدعو للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إلّا ردّ الله عليه من كلّ مؤمن ومؤمنة حسنة، منذ بعث الله آدم (عليه السلام) إلى أن تقوم الساعة.
قال الباقر (عليه السلام): أسرع الدعاء نجاحاً للإجابة دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب، يبدأ بالدعاء لأخيه فيقول له ملك موكّل: آمين، ولك مثلاه.
قال زید النرسی: كنت مع معاوية بن وهب ١ في الموقف وهو يدعو، فتفقّدت دعاءه فما رأيته يدعو لنفسه بحرف، ورأيته يدعو لرجل رجل من الآفاق، ويسمّيهم ويسمّي آباءهم حتّى أفاض الناس، فقلت له: يا عمّ، لقد رأيت منك عجباً! قال: وما الذي أعجبك ممّا رأيت؟ قلت: إيثارك إخوانك على نفسك في هذا الموضع، وتفقّدك رجلاً رجلاً، فقال لي: لا يكون تعجّبك من هذا يا بن أخي، فإنّي سمعت مولاي ومولاك ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة، وكان _ والله _ سيّد من مضى وسيّد من بقي بعد آبائه(عليهم السلام) وإلّا صمّتا أذنا معاوية، وعميتا عيناه، ولا نالته شفاعة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) إن لم يكن سمعت منه وهو ٢ يقول:
من دعا لأخيه في ظهر الغيب، نادى ملك من السماء الدنيا: يا عبد الله، لك مائة ألف ضعف ممّا دعوت.
وناداه ملك من السماء الثانية: يا عبد الله، ولك مائتا ألف ضعف ممّا دعوت.
وناداه ملك من السماء الثالثة: يا عبد الله، ولك ثلاثمائة ألف ضعف ممّا دعوت.
وناداه ملك من السماء الرابعة: يا عبد الله، ولك أربعمائة ألف ضعف ممّا دعوت.
وناداه ملك من السماء الخامسة: يا عبد الله، ولك خمسمائة ألف ضعف ممّا دعوت.
وناداه ملك من السماء السادسة: يا عبد الله، ولك ستمائة ألف ضعف ممّا دعوت.
وناداه ملك من السماء السابعة: يا عبد الله، ولك سبعمائة ألف ضعف ممّا دعوت، ثمّ يناديه الله تبارك وتعالى: أنا الغنيّ الذي لا أفتقر يا عبد الله، لك ألف ألف ضعف ممّا دعوت، فأيّ الخطرين أكبر يا بن أخي؟ ما اخترته أنا لنفسي أو ما تأمرني به؟
(٢)ولم یصرّح هنا باسم الإمام (عليه السلام)، ولكن في أصل زید النرسي صرح باسم الإمام الاصادق (عليه السلام). راجع: الأصول الستّة عشر، ص١٨٩.
حكي أنّ بعض الصالحين كان في المسجد يدعو لإخوانه بعد ما فرغ من صلاته، فلمّا خرج من المسجد وافی أباه قد مات، فلمّا فرغ من جهازه أخذ يقسم تركته على إخوانه الذين كان يدعو لهم، فقيل له في ذلك، فقال: كنت في المسجد أدعو لهم في الجنّة، وأبخل عليهم بالفاني؟
كان عيسى بن أعين إذا حجّ فصار إلى الموقف، أقبل على الدعاء لإخوانه حتّى يفيض الناس، فقيل له: تنفق مالك وتتعب بدنك حتّى إذا صرت إلى الموضع الذي يبثّ فيه الحوائج إلى الله، أقبلت على الدعاء لإخوانك، وتترك نفسك؟ فقال: إنّي على يقين من دعاء الملك لي، وفي شكّ من الدعاء لنفسي.
قال عبد الله بن جندب: كنت في الموقف فلمّا أفضت لقيت إبراهيم بن شعيب ١ فسلّمت عليه، وكان مصاباً بإحدى عينيه، وإذا عينه الصحيحة حمراء كأنّها علقة دم، فقلت له: قد أصبت بإحدى عينيك، وأنا مشفق لك على الأخرى، فلو قصرت من البكاء قليلاً، قال: لا، والله، يا أبا محمّد، ما دعوت لنفسي اليوم بدعوة، فقلت: فلمن دعوت؟ قال: دعوت لإخواني، سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: «من دعا لأخيه بظهر الغيب وكّل الله به ملكاً يقول: ولك مثلاه»، فأردت أن أكون إنّما أدعو لإخواني، ويكون الملك يدعو لي، لأنّي في شكّ من دعائي لنفسي، ولست في شكّ من دعاء الملك لي.