- جواهر البحار
- » كتاب العقود والإيقاعات
- » أحاديث في الحثّ على طلب الحلال
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من بات كالّاً من طلب الحلال، بات مغفوراً له.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): طوبى لمن ذلّ في نفسه، وطاب كسبه.
ذكر رجل عند الصادق (عليه السلام) الأغنياء ووقع فيهم، فقال الصادق (عليه السلام): اسكت، فإنّ الغنيّ إذا كان وصولاً لرحمه، بارّاً بإخوانه، أضعف الله له الأجر ضعفين، لأنّ الله يقول:﴿وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولٰئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ﴾.
قال البزنطي: قلت للرضا (عليه السلام): جعلت فداك، ادع الله عزّ وجلّ أن يرزقني الحلال، فقال (عليه السلام): أ تدرى ما الحلال؟ قلت: الذي عندنا الكسب الطيّب، فقال (عليه السلام): كان عليّ بن الحسين (عليه السلام) يقول: الحلال هو قوت المصطفين، ثمّ قال (عليه السلام): قل: أسألك من رزقك الواسع.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أصناف لا يستجاب لهم: منهم من أدان رجلاً ديناً إلى أجل، فلم يكتب عليه كتاباً، ولم يشهد عليه شهوداً، ورجل يدعو على ذي رحم، ورجل تؤذيه امرأته بكلمة ما يقدر عليه، وهو في ذلك يدعو الله عليها، ويقول: اللّهمّ ارحمني منها، فهذا يقول الله له: عبدي، أ وما قلّدتك أمرها؟ فإن شئت خلّيتها وإن شئت أمسكتها، ورجل رزقه الله تبارك وتعالى مالاً، ثمّ أنفقه في البرّ والتقوى، فلم يبق منه شيء، وهو في ذلك يدعو الله أن يرزقه، فهذا يقول له الربّ تبارك وتعالى: أ ولم أرزقك وأعنك؟ أ فلا اقتصدت ولم تسرف؟ إنّي لا أحبّ المسرفين، ورجل قاعد في بيته وهو يدعو الله أن يرزقه، لا يخرج ولا يطلب من فضل الله كما أمره الله، هذا يقول الله له: عبدي، إنّي لم أحظر عليك الدنيا، ولم أرمك في جوارحك، وأرضي واسعة فلا تخرج وتطلب الرزق، فإن حرمتك عذرتك، وإن رزقتك فهو الذي تريد.
قال الكاظم (عليه السلام): من طلب هذا الرزق من حلّه ليعود به على نفسه وعياله، كان كالمجاهد في سبيل الله، فإن غلب فليستدن على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يقوّت به عياله، فإن مات ولم يقض كان على الإمام قضاؤه، فإن لم يقضه كان عليه وزره، إنّ الله تبارك وتعالى يقول: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكينِ وَالْعامِلينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمينَ﴾، فهو فقير مسكين مغرم.
قال البزنطي: قلت للرضا (عليه السلام): جعلت فداك، إنّ الكوفة قد تدري ١ ، والمعاش بها ضيّق، وإنّما كان معاشنا ببغداد، وهذا الجبل قد فتح على الناس منه باب رزق، فقال (عليه السلام): إن أردت الخروج فاخرج، فإنّها سنة مضطربة، وليس للناس بدّ من معايشهم، فلا تدع الطلب … .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من المروّة استصلاح المال.
قال الصادق (عليه السلام): من كسب مالاً من غير حلّ، سلّط الله عليه البناء والماء والطين.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): البكور في طلب الرزق يزيد في الرزق.
قال الصادق (عليه السلام): لا تدع طلب الرزق من حلّه، فإنّه عون لك على دينك، واعقل راحلتك وتوكّل.
قال الصادق (عليه السلام): ثلاثة هي من السعادة: الزوجة المواتية، والولد البارّ، والرزق، يرزق معيشة يغدو على صلاحها، ويروح على عياله.
سأل معاوية الحسن بن عليّ (عليه السلام) عن المروّة، فقال (عليه السلام): شحّ الرجل على دينه، وإصلاحه ماله، وقيامه بالحقوق، فقال معاوية: أحسنت يا أبا محمّد، أحسنت يا أبا محمّد، فكان معاوية يقول بعد ذلك: وددت أن يزيد قالها وأنّه كان أعور.
قال السجّاد (عليه السلام): من سعادة المرء المسلم أن يكون متجره في بلاده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين به.
قال الصادق (عليه السلام): لا خير في من لا يحبّ جمع المال من حلال، فيكفّ به وجهه، ويقضي به دينه.
قال الصادق (عليه السلام): من جمع مالاً من مهاوش ١ ، أذهبه الله في نهابر ٢ .
(٢) «النَّهابِر»: المَهالِك. كتاب العين، ج٤، ص٦٨.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ محمّد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى أنّ مثل عليّ بن الحسين (عليه السلام) يدع خلفاً؛ لفضل عليّ بن الحسين (عليه السلام)، حتّى رأيت ابنه محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام)، فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له أصحابه: بأيّ شيء وعظك؟ قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارّة، فلقيت محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام) _ وكان رجلاً بديناً _ وهو متّكٍ على غلامين له أسودين أو موليين، فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش، في هذه الساعة، على هذه الحال، في طلب الدنيا، أشهد لأعظنّه، فدنوت منه فسلّمت عليه، فسلّم عليّ بنهر وقد تصبّب عرقاً، فقلت: أصلحك الله، شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة، على هذه الحال، في طلب الدنيا؟ لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال؟ فخلّا عن الغلامين من يده، ثمّ تساند وقال (عليه السلام): لو جاءني _ والله _ الموت وأنا في هذه الحال، جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله تعالى، أكفّ بها نفسي عنك وعن الناس، وإنّما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله، فقلت: يرحمك الله، أردت أن أعظك فوعظتني.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): طلب الحلال فريضة على كلّ مسلم ومسلمة.
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا نظر إلى الرجل فأعجبه قال: هل له حرفة؟ فإن قالوا: لا، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): سقط من عيني، قيل: وكيف ذاك؟ يا رسول الله، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لأنّ المؤمن إذا لم يكن له حرفة، يعيش بدينه.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): من أكل من كدّ يده حلالاً، فتح له أبواب الجنّة يدخل من أيّها شاء.
قال محمّد بن هارون الجلّاب: قلت للهادي (عليه السلام): روّينا عن آبائك أنّه يأتي على الناس زمان، لا يكون شيء أعزّ من أخ أنيس، أو كسب درهم من حلال، فقال (عليه السلام) لي: يا أبا محمّد، إنّ العزيز موجود، ولكنّك في زمان ليس شيء أعسر من درهم حلال، وأخ في الله عزّ وجلّ.
أصاب أنصارياً حاجة فأخبر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ايتني بما في منزلك ولا تحقّر شيئاً، فأتاه بحلس وقدح، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من يشتريهما؟ فقال رجل: هما عليّ بدرهم، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من يزيد؟ فقال رجل: هما عليّ بدرهمين، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): هما لك، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ابتع بأحدهما طعاماً لأهلك، وابتع بالآخر فأساً، فأتاه بفأس، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من عنده نصاب لهذه الفأس؟ فقال أحدهما: عندي، فأخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأثبته بيده، وقال: اذهب فاحتطب ولا تحقّرنّ شوكاً ولا رطباً ولا يابساً، ففعل ذلك خمس عشرة ليلة، فأتاه وقد حسنت حاله، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): هذا خير من أن تجيء يوم القيامة، وفي وجهك كدوح ١ الصدقة.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله عزّ وجلّ: من لم يبال من أيّ باب اكتسب الدينار والدرهم، لم أبال يوم القيامة من أيّ أبواب النار أدخلته.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن جسده فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن ماله ممّا اكتسبه وفيما أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت.
قال الباقر (عليه السلام): ليس من نفس إلّا وقد فرض الله لها رزقاً حلالاً يأتيها في عافية، وعرض لها بالحرام من وجه آخر، فإن هي تناولت شيئاً من الحرام، قاصّها من الحلال الذي فرض لها، وعند الله سواهما فضل كثير وهو قوله:
﴿وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾.
قال عليّ (عليه السلام): من طلب شيئاً ناله أو بعضه.
قال عليّ (عليه السلام): للمؤمن ثلاث ساعات: فساعة يناجي فيها ربّه، وساعة فيها يرمّ معاشه، وساعة يخلّي بين نفسه وبين لذّتها فيما يحلّ ويجمل، وليس للعاقل أن يكون شاخصاً إلّا في ثلاث: مرمّة لمعاش، أو حظوة في معاد، أو لذّة في غير محرّم.
قال عليّ (عليه السلام): إنّ أعظم الحسرات يوم القيامة، حسرة رجل كسب مالاً في غير طاعة الله، فورّثه رجلاً فأنفقه في طاعة الله سبحانه، فدخل به الجنّة، ودخل به الأوّل النار.
قال الصادق (عليه السلام): كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يعول.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): ملعون ملعون من ضيّع من يعول.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أصبح معافاً في جسده، آمناً في سربه، عنده قوت يومه وليلته، فكأنّما حيّزت له الدنيا، يا بن جعشم، يكفيك منها ما سدّ جوعتك، ووارى عورتك، فإن يكن بيت يكنّك فذاك، وإن يكن دابّة تركبها فبخ بخ، وإلّا فالخبز وماء البحر، وما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب.
قال الصادق (عليه السلام): إنّي أركب في الحاجة التي كفاها الله، ما أركب فيها إلّا التماس أن يراني الله أضحي في طلب الحلال، أ ما تسمع قول الله عزّ وجلّ اسمه: ﴿فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾؟
أ رأيت لو أنّ رجلاً دخل بيتاً وطيّن عليه بابه، ثمّ قال: رزقي ينزل عليّ، كان يكون هذا؟ أما إنّه أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم دعوة، قيل له: من هؤلاء؟
قال (عليه السلام): رجل يكون عنده المرأة فيدعو عليها فلا يستجاب له؛ لأنّ عصمتها في يده لو شاء أن يخلّي سبيلها، والرجل يكون له الحقّ على الرجل، فلا يشهد عليه فيجحده حقّه، فيدعو عليه فلا يستجاب له؛ لأنّه ترك ما أمر به، والرجل يكون عنده شيء فيجلس في بيته، فلا ينتشر ولا يطلب ولا يلتمس حتّى يأكله، ثمّ يدعو فلا يستجاب له.
قال الصادق (عليه السلام): اشتدّت حال رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقالت له امرأته: لو أتيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فسألته، فجاء إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فسمعه يقول: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله.
فقال الرجل: ما يعني (صلى الله عليه وآله وسلم) غيري، فرجع إلى امرأته فأعلمها، فقالت: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بشر فأعلمه، فأتاه، فلمّا رآه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله» حتّى فعل ذلك ثلاث مرّات، ثمّ ذهب الرجل فاستعار فأساً، ثمّ أتى الجبل فصعده، وقطع حطباً ثمّ جاء به، فباعه بنصف مدّ من دقيق، ثمّ ذهب من الغد فجاء بأكثر منه فباعه، ولم يزل يعمل ويجمع حتّى اشترى فأساً، ثمّ جمع حتّى اشترى بكرين وغلاماً، ثمّ أثري وحسنت حاله، فجاء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فأعلمه كيف جاء يسأله، وكيف سمعه يقول، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): قلت لك: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يكتسب العبد مالاً حراماً ويتصدّق منه فيؤجر عليه، ولا ينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلّا كان زاده إلى النار.
سئل أمير المؤمنين (عليه السلام): من العظيم الشقاء؟ قال (عليه السلام): رجل ترك للدنيا، ففاتته الدنيا وخسر الآخرة، ورجل تعبّد واجتهد وصار يرائي الناس، فذاك الذي حرم لذّات الدنيا من رياء، ولحقه التعب الذي لو كان به مخلصاً لاستحقّ ثوابه، فورد الآخرة وهو يظنّ أنّه قد عمل ما يثقل به ميزانه، فيجده هباءً منثوراً.
قيل: فمن أعظم الناس حسرة؟ قال (عليه السلام): من رأى ماله في ميزان غيره، فأدخله الله به النار، وأدخل وارثه به الجنّة.
قيل: فكيف يكون هذا؟ قال (عليه السلام): كما حدّثني بعض إخواننا عن رجل دخل إليه وهو يسوق، فقال له: يا فلان، ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق، ما أدّيت منها زكاة قطّ؟ قال (عليه السلام): قلت: فعلام جمعتها؟ قال: لخوف السلطان مكاثرة العشيرة، ولخوف الفقر على العيال، ولروعة الزمان، قال (عليه السلام): ثمّ لم يخرج من عنده حتّى فاضت نفسه.
ثمّ قال عليّ (عليه السلام): الحمد لله الذي أخرجه منها ملوماً مليماً بباطل جمعها، ومن حقّ منعها فأوعاها، وشدّها فأوكاها، فقطع فيها المفاوز والقفار ولجج البحار، أيّها الواقف، لا تخدع كما خدع صويحبك بالأمس، إنّ أشدّ الناس حسرة يوم القيامة من رأى ماله في ميزان غيره، أدخل الله هذا به الجنّة، وأدخل هذا به النار.
قال الصادق (عليه السلام): وأعظم من هذا حسرة رجل جمع مالاً عظيماً بكدّ شديد، ومباشرة الأهوال، وتعرّض الأقطار، ثمّ أفنى ماله صدقات ومبرّات، وأفنى شبابه وقوّته عبادات وصلوات، وهو مع ذلك لا يرى لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ولا يعرف له من الإسلام محلّه، ويرى من لا يعشره ولا يعشر عشر معاشره أفضل منه، يواقف على الحجج ولا يتأمّلها، ويحتجّ عليه بالآيات والأخبار، فما يزيد إلّا تمادياً في غيّه، فذاك أعظم من كلّ حسرة، ويأتي يوم القيامة وصدقاته ممثّلة له في الأفاعي تنهشه، وصلواته وعبادته ممثّلة في مثل الزبانية تدفعه، حتّى تدعه إلى جهنّم دعا، يقول: يا ويلي، أ لم أك من المصلّين؟ أ لم أك من المزكّين؟ أ لم أك عن أموال الناس ونسائهم من المتعفّفين؟ فلماذا دهيت بما دهيت؟ فيقال له: يا شقيّ، ما ينفعك ما عملت وقد ضيّعت أعظم الفروض بعد توحيد الله والإيمان بنبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وضيّعت ما لزمك من معرفة حقّ عليّ وليّ الله، والتزمت ما حرّم الله عليك من الائتمام بعدوّ الله، فلو كان بدل أعمالك هذه عبادة الدهر من أوّله إلى آخره، وبدل صدقاتك الصدقة بكلّ أموال الدنيا بملء الأرض ذهباً، لما زادك ذلك من الله إلّا بعداً، ومن سخطه إلّا قرباً.
كان أمير المؤمنين (عليه السلام) لمّا يفرغ من الجهاد، يتفرّغ لتعليم الناس والقضاء بينهم، فإذا فرغ من ذلك اشتغل في حائط له يعمل فيه بيده، وهو مع ذلك ذاكر الله جلّ وجلاله.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): من أكل الحلال أربعين يوماً، نوّر الله قلبه.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل، وقيل على الماء.
قال الصادق (عليه السلام): يا عيسى، المال مال الله عزّ وجلّ، جعله ودائع عند خلقه، وأمرهم أن يأكلوا منه قصداً، ويشربوا منه قصداً، ويلبسوا منه قصداً، وينكحوا منه قصداً، ويركبوا منه قصداً، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، فمن تعدّى ذلك كان ما أكله منه حراماً، وما شرب منه حراماً، وما لبسه منه حراماً، وما نكحه منه حراماً، وما ركبه منه حراماً.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): تكون أمّتي في الدنيا على ثلاثة أطباق:
أمّا الطبق الأوّل: فلا يحبّون جمع المال وادّخاره، ولا يسعون في اقتنائه واحتكاره، وإنّما أرضاهم من الدنيا سدّ جوعة وستر عورة، وأغناهم فيها ما بلغ بهم الآخرة، فأولئك الآمنون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأمّا الطبق الثاني: فإنّهم يحبّون جمع المال من أطيب وجوهه وأحسن سبله، يصلون به أرحامهم، ويبرّون به إخوانهم، ويواسون به فقراءهم، ولعضّ أحدهم على الرصيف، أيسر عليه من أن يكسب درهماً من غير حلّه، أو يمنعه من حقّه، أو أن يكون له خازناً إلى حين موته، فأولئك الذين إن نوقشوا عذّبوا، وإن عفي عنهم سلموا.
وأمّا الطبق الثالث: فإنّهم يحبّون جمع المال ممّا حلّ وحرم، ومنعه ممّا افترض ووجب، إن أنفقوه إسرافاً وبداراً، وإن أمسكوه أمسكوه بخلاً واحتكاراً.