قال الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى ﴿فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ الصَّلَوٰةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَوَٰتِ﴾: وليس إن عجّلت قليلاً، أو أخّرت قليلاً بالذي يضرّك ما لم تضيّع تلك الإضاعة، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول لقوم: ﴿أَضَاعُواْ الصَّلَوٰةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَوَٰتِ﴾، أي فيما حرّم عليهم.
سئل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا قرأ قوله تعالى ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرۡفَعَ﴾: أيّ بيوت هذه؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): بيوت الأنبياء، فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها _ يعني بيت عليّ وفاطمة (عليهما السلام) _؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، من أفاضلها.
سأل الصادق (عليه السلام) عن تاجر ما فعل؟ فقيل: صالح، ولكنّه قد ترك التجارة، فقال (عليه السلام): عمل الشيطان _ ثلاثاً _ أ ما علم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اشترى عيراً أتت من الشام، فاستفضل منها ما قضى دينه، وقسم في قرابته؟ يقول الله عزّ وجلّ: ﴿رِجَالٌ لَّا تُلۡهِيهِمۡ﴾، يقول القصّاص: إنّ القوم لم يكونوا يتّجرون، كذبوا، ولكنّهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها، وهو أفضل ممّن حضر الصلاة ولم يتّجر.
قال الباقر (عليه السلام): هذه الفريضة من صلّاها عارفاً بحقّها لا يؤثر عليها غيرها كتب الله له بها براءة لا يعذّبه، ومن صلّاها لغير وقتها مؤثراً عليها غيرها فإنّ ذلك إليه، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذّبه.
قال یونس بن عمّار: سألت الصادق (عليه السلام) عن قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ﴾، أ هي وسوسة الشيطان؟ قال (عليه السلام): لا، كلّ أحد يصيبه هذا، ولكن أن يغفلها ويدع أن يصلّي في أوّل وقتها.
قال الباقر (عليه السلام): اعلم أنّ أوّل الوقت أبداً أفضل، فتعجّل الخير أبداً ما استطعت، وأحبّ الأعمال إلى الله تعالی ما دام عليه العبد وإن قلّ.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من عبد اهتمّ بمواقيت الصلاة ومواضع الشمس إلّا ضمنت له الروح عند الموت وانقطاع الهموم والأحزان والنجاة من النار، كنّا مرّة رعاة الإبل، فصرنا اليوم رعاة الشمس.
قال الصادق (عليه السلام): من صلّى الصلوات المفروضات في أوّل وقتها فأقام حدودها، رفعها الملك إلى السماء بيضاء نقيّة وهي تهتف به: «حفظك الله كما حفظتني، أستودعك الله كما استودعتني ملكاً كريماً»، ومن صلّاها بعد وقتها من غير علّة فلم يقم حدودها رفعها الملك سوداء مظلمة، وهي تهتف به: «ضيّعتني، ضيّعك الله كما ضيّعتني، ولا رعاك الله كما لم ترعني».
قال الصادق (عليه السلام): إذا صلّيت صلاة فريضة فصلّها لوقتها صلاة مودّع يخاف أن لا يعود إليها أبداً، ثمّ اصرف ببصرك إلى موضع سجودك، فلو تعلم من عن يمينك وشمالك لأحسنت صلاتك، واعلم أنّك بين يدي من يراك ولا تراه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يزال الشيطان هائباً لابن آدم ذعراً ١ منه ما صلّى الصلوات الخمس لوقتهنّ، فإذا ضيّعهنّ اجترأ عليه فأدخله في العظائم.
قال الصادق (عليه السلام): خصلتان من كانتا فيه وإلّا فاعزب، ثمّ اعزب، ثمّ اعزب، قيل: وما هما؟ قال (عليه السلام): الصلاة في مواقيتها والمحافظة عليها، والمواساة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ليس عمل أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من الصلاة، فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شيء من أمور الدنيا، فإنّ الله عزّ وجلّ ذمّ أقواماً فقال:﴿الَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ﴾ يعني: أنّهم غافلون، استهانوا بأوقاتها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصلاة، فإنّ الحرّ من فيح جهنّم واشتكت النار إلى ربّها فأذن لها في نفسين، نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فشدّة ما يجدون من الحرّ من فيحها وما يجدون من البرد من زمهريرها.
قال الصدوق (رحمه الله): معنى قوله «فأبردوا بالصلاة»، أي اعجلوا بها، وهو مأخوذ من البريد، وتصديق ذلك ما روي أنّه ما من صلاة يحضر وقتها إلّا نادى ملك: قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم، فأطفئوها بصلاتكم، ...
وقد يقال في توجيه كلام الصدوق (رحمه الله) أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بتعجيل الأذان والإسراع فيه كفعل البريد في مشيه، إمّا ليتخلّص الناس من شدّة الحرّ سريعاً ويتفرّقوا من صلاتهم حثيثاً وإمّا ليعجّل راحة القلب وقرّة العين، كما كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «أرحنا يا بلال» وكان يقول (صلى الله عليه وآله وسلم): «قرّة عيني الصلاة». وقیل: یعني: أبرد نار الشوق، واجعلني ثلج الفؤاد بذكر ربّي، وقيل: الباء للسببية، والإبراد: الدخول في البرد، والمعنى: أدخلوا في البرد، وسكّنوا عنكم الحرّ بالاشتغال بمقدّمات الصلاة من المضمضة والاستنشاق وغسل الأعضاء، فإنّها تسكّن الحرّ. (ص١٦)
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه الذي توفّي فيه وأغمي عليه ثمّ أفاق: لا ينال شفاعتي من أخّر الصلاة بعد وقتها.
قال الصادق (عليه السلام): يعرف من يصف الحقّ بثلاث خصال: ينظر إلى أصحابه من هم؟ وإلى صلاته كيف هي؟ وفي أيّ وقت يصلّيها؟ فإن كان ذا مال، نظر أين يضع ماله؟
قال الرضا (عليه السلام): حافظوا على مواقيت الصلوات، فإنّ العبد لا يأمن الحوادث … واعلم أنّ أفضل الفرائض بعد معرفة الله عزّ وجلّ الصلوات الخمس، وأوّل الصلوات الظهر، وأوّل ما يحاسب العبد عليه الصلاة، فإن صحّت له الصلاة صحّت له ما سواها، وإن ردّت ردّت ماسواها.
قال إبراهيم بن موسى القزّاز: خرج الرضا (عليه السلام) يستقبل بعض الطالبيّين، وجاء وقت الصلاة فمال إلى قصر هناك، فنزل تحت صخرة فقال (عليه السلام): أذّن، فقلت: ننتظر يلحق بنا أصحابنا، فقال (عليه السلام): غفر الله لك، لا تؤخّرنّ صلاة عن أوّل وقتها إلى آخر وقتها من غير علّة، عليك أبداً بأوّل الوقت، فأذّنت وصلّينا.
سألت سيّدة النساء فاطمة (عليها السلام) أباها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا أبتاه، ما لمن تهاون بصلاته من الرجال والنساء؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا فاطمة، من تهاون بصلاته من الرجال والنساء ابتلاه الله بخمس عشرة خصلة: ستّ منها في دار الدنيا، وثلاث عند موته، وثلاث في قبره، وثلاث في القيامة إذا خرج من قبره.
فأمّا اللواتي تصيبه في دار الدنيا: فالأولى: يرفع الله البركة من عمره، ويرفع الله البركة من رزقه، ويمحو الله عزّ وجلّ سيماء الصالحين من وجهه، وكلّ عمل يعمله لا يؤجر عليه، ولا يرتفع دعاؤه إلى السماء، والسادسة ليس له حظّ في دعاء الصالحين.
وأمّا اللواتي تصيبه عند موته: فأولاهنّ: أنّه يموت ذليلاً، والثانية: يموت جائعاً، والثالثة: يموت عطشاناً، فلو سقي من أنهار الدنيا لم يرو عطشه.
وأمّا اللواتي تصيبه في قبره: فأولاهنّ: يوكّل الله به ملكاً يزعجه في قبره، والثانية: يضيّق عليه قبره، والثالثة: تكون الظلمة في قبره.
وأمّا اللواتي تصيبه يوم القيامة إذا خرج من قبره: فأولاهنّ: أن يوكّل الله به ملكاً يسحبه على وجهه والخلائق ينظرون إليه، والثانية: يحاسب حساباً شديداً، والثالثة: لا ينظر الله إليه ولا يزكّيه وله عذاب أليم.
كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يوماً في حرب صفّين مشتغلاً بالحرب والقتال، وهو مع ذلك بين الصفّين يراقب الشمس، فقال له ابن عبّاس: يا أمير المؤمنين، ما هذا الفعل؟ قال (عليه السلام): أنظر إلى الزوال حتّى نصلّي فقال له ابن عبّاس: وهل هذا وقت صلاة؟ إنّ عندنا لشغلاً بالقتال عن الصلاة، فقال (عليه السلام): على ما نقاتلهم؟ إنّما نقاتلهم على الصلاة، قال: ولم يترك صلاة الليل قطّ حتّى ليلة الهرير.
كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى محمّد بن أبي بكر: انظر صلاة الظهر فصلّها لوقتها، لا تعجل بها عن الوقت لفراغ، ولا تؤخّرها عن الوقت لشغل، فإنّ رجلاً جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله عن وقت الصلاة، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أتاني جبرئيل (عليه السلام) فأراني وقت الصلاة، فصلّى الظهر حين زالت الشمس ثمّ صلّى العصر وهي بيضاء نقيّة، ثمّ صلّى المغرب حين غابت الشمس، ثمّ صلّى العشاء حين غابت الشفق، ثمّ صلّى الصبح فأغلس به والنجوم مشتبكة.
كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كذا يصلّي قبلك، فإن استطعت ولا قوّة إلّا بالله أن تلتزم السنّة المعروفة، وتسلك الطريق الواضح الذي أخذوا فافعل، لعلّك تقدم عليهم غداً، ثمّ قال (عليه السلام): واعلم يا محمّد، أنّ كلّ شيء تبع لصلاتك، واعلم أنّ من ضيّع الصلاة فهو لغيرها أضيع.
قال الصادق (عليه السلام): لكلّ صلاة وقتان أوّل وآخر، فأوّل الوقت أفضله، وليس لأحد أن يتّخذ آخر الوقتين وقتاً إلّا من علّة، وإنّما جعل آخر الوقت للمريض والمعتلّ ولمن له عذر، وأوّل الوقت رضوان الله، وآخر الوقت عفو الله، وإنّ الرجل ليصلّي في الوقت وإنّ ما فاته من الوقت خير له من أهله وماله.