- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث في الجهر والإخفات وأحكامهما
قال الرضا (عليه السلام): أسمع القراءة والتسبيح أذنيك فيما لا تجهر فيه من الصلوات بالقراءة، وهي الظهر والعصر، وارفع فوق ذلك فيما تجهر فيه بالقراءة.
قيل للصادق (عليه السلام): الرجل لا يرى أنّه صنع شيئاً في الدعاء وفي القراءة حتّى يرفع صوته، فقال: لا بأس، إنّ عليّ بن الحسين (عليه السلام) كان أحسن الناس صوتاً بالقرآن، وكان يرفع صوته حتّى يسمع أهل الدار، وإنّ الباقر (عليه السلام) كان أحسن صوتاً بالقرآن، وكان إذا قام من الليل وقرأ صوته، فيمرّ به مارّ الطريق من السقّائين وغيرهم، فيقومون فيستمعون إلى قراءته.
يدلّ على جواز الجهر في القراءة والأذكار مطلقاً بل استحبابه وحمل على الجهرية ونوافل الليل، ويحمل حسن الصوت على ما إذا لم يصل إلى حدّ الغناء، بأن يكون جوهر الصوت حسناً أو يضمّ إليه تحزين صوت لا يظهر فيه الترجيع.
سئل الرضا (عليه السلام): لم جعل الجهر في بعض الصلوات ولم يجعل في بعض؟ قال (عليه السلام): لأنّ الصلوات التي يجهر فيها إنّما هي صلوات تصلّى في أوقات مظلمة، فوجب أن يجهر فيهما، لأن يمرّ المارّ فيعلم أنّ ههنا جماعة، فإن أراد أن يصلّي صلّى، ولأنّه إن لم ير جماعة تصلّي، سمع وعلم ذلك من جهة السماع، والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما فإنّهما بالنهار، وفي أوقات مضيئة فهي تدرك من جهة الرؤية، فلا يحتاج فيها إلى السماع.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان من أحسن الناس صوتاً بالقرآن، فإذا قام من الليل يصلّي جاء أبو جهل والمشركون يستمعون قراءته، فإذا قال:﴿بِسۡمِ اللَّهِ الرَّحۡمَٰنِ الرَّحِيمِ﴾ وضعوا أصابعهم في آذانهم وهربوا، فإذا فرغ من ذلك جاؤوا فاستمعوا، وكان أبو جهل يقول: إنّ ابن أبي كبشة١ ليردّد اسم ربّه، إنّه ليحبّه، فقال الصادق (عليه السلام): صدق وإن كان كذوباً. قال: فأنزل الله:﴿وَإِذَا ذَكَرۡتَ رَبَّكَ فِي الۡقُرۡءَانِ وَحۡدَهُ وَلَّوۡاْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِمۡ نُفُوراً﴾ وهو ﴿بِسۡمِ اللَّهِ الرَّحۡمَٰنِ الرَّحِيمِ﴾.