- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث في الأذان والإقامة وفضلهما وأحكامهما
قال الباقر (عليه السلام): من أذّن عشر سنين محتسباً يغفر الله له مدّ بصره ومدّ صوته في السماء، ويصدّقه كلّ رطب ويابس سمعه، وله من كلّ من يصلّي معه في مسجده سهم، وله من كلّ من يصلّي بصوته حسنة.
قال الصادق (عليه السلام): فإذا قال أحدكم: «لا إله إلّا الله محمّد رسول الله» فليقل: «عليّ أمير المؤمنين».
فيدلّ على استحباب ذلك عموماً، والأذان من تلك المواضع، وقد مرّ أمثال ذلك في أبواب مناقبه (عليه السلام) ولو قاله المؤذّن أو المقيم لا بقصد الجزئية بل بقصد البركة لم يكن آثماً، فإنّ القوم جوّزوا الكلام في أثنائهما مطلقاً، وهذا من أشرف الأدعية والأذكار.
قال الصادق (عليه السلام): … فإذا ضللت الطريق فأذّن بأعلى صوتك، ثمّ ذكر دعاء وقال (عليه السلام): وارفع صوتك بالأذان ترشد وتصب الطريق إن شاء الله.
قال عليّ (عليه السلام): وأمّا قوله: «أشهد أن لا إله إلّا الله» فإعلام بأنّ الشهادة لا تجوز إلّا بمعرفة من القلب، كأنّه يقول: أعلم أنّه لا معبود إلّا الله عزّ وجلّ، وأنّ كلّ معبود باطل سوى الله عزّ وجلّ، وأقرّ بلساني بما في قلبي من العلم بأنّه لا إله إلّا الله، وأشهد أنّه لا ملجأ من الله إلّا إليه، ولا منجا من شرّ كلّ ذي شرّ، وفتنة كلّ ذي فتنة إلّا بالله.
قال عليّ (عليه السلام): ومعنى «قد قامت الصلاة» في الإقامة، أي حان وقت الزيارة والمناجاة وقضاء الحوائج ودرك المنى والوصول إلى الله عزّ وجلّ وإلى كرامته وغفرانه وعفوه ورضوانه.
قال عطاء: كنّا عند ابن عبّاس بالطائف أنا وأبو العالية وسعيد بن جبير وعكرمة فجاء المؤذّن فقال: الله أكبر الله أكبر _ واسم المؤذّن قثم بن عبد الرحمن الثقفي _ فقال ابن عبّاس: أ تدرون ما قال المؤذّن؟ فسأله أبو العالية فقال: أخبرنا بتفسيره، قال ابن عبّاس: إذا قال المؤذّن: «الله أكبر الله أكبر» يقول: يا مشاغيل الأرض، قد وجبت الصلاة فتفرّغوا لها، وإذا قال: «أشهد أن لا إله إلّا الله» يقول: يقوم يوم القيامة ويشهد لي ما في السماوات وما في الأرض، على أنّي أخبرتكم في اليوم خمس مرّات.
وإذا قال: «أشهد أنّ محمّداً رسول الله» يقول: تقوم القيامة ومحمّد يشهد لي عليكم أنّي قد أخبرتكم بذلك في اليوم خمس مرّات وحجّتي عند الله قائمة، فإذا قال: «حيّ على الصلاة» يقول ديناً قيّماً فأقيموه، وإذا قال «حيّ على الفلاح» يقول: هلمّوا إلى طاعة الله وخذوا سهمكم من رحمة الله _ يعني الجماعة _ وإذا قال العبد: «الله أكبر الله أكبر» يقول: حرمت الأعمال، وإذا قال «لا إله إلّا الله» يقول أمانة سبع سماوات وسبع أرضين والجبال والبحار وضعت على أعناقكم، إن شئتم أقبلوا وإن شئتم فأدبروا.
«يا مشاغيل الأرض»: أي يذكّرهم عظمة الله وكبرياءه، وقد نسوا ذلك بسبب أشغالهم التي لا بدّ لهم من ارتكابها لمعاشهم وبقاء نوعهم، وقد أمرهم في كلّ يوم خمس مرّات بالصلاة، لئلّا ينسوا ربّهم وخالقهم، ولا ينهمكوا في أشغال الدنيا ولذّاتها وشهواتها فيبعدوا عن ربّهم، وبكلمة التوحيد يذكّرهم أن ليس لهم سواه معبود وخالق ورازق ومفزع في أمورهم الدنيوية والأخروية، فلا بدّ لهم من الرجوع إليه والطاعة له، فيستشهد المؤذّن برفع صوته بذلك كلّ شيء أنّي أتممت عليه الحجّة، فلم يبق لهم عذر في ذلك.
ثمّ بشهادة الرسالة يذكّرهم أنّه الرسول إليكم، ويلزمكم إطاعته فيما أمر به، وأفضل ما أمر به الصلاة، وهو الشاهد عليكم فيما تأتون وما تذرون، والخبر يدلّ على أنّ الفلاح الكامل إنّما يحصل بالجماعة، ثمّ يذكّرهم ثانياً عظمة الله، ليعلموا أنّه يجب ترك كلّ شيءٍ يخالف أمره وحكمه.
وفي تذكير التوحيد أخيراً تأكيد للزوم الإطاعة، ولا سيّما في الأمر الذي هو الأمانة المعروضة على السماوات والأرض والجبال، وهنّ أبين عن حملها لشدّة صعوبة الإتيان بها كما ينبغي، ويدلّ على أنّ الأمانة المعروضة هي التكاليف الشرعية وأعظمها الصلاة. (ص١٤٢-١٤٣)
قال الباقر (عليه السلام): من أذّن سبع سنين محتسباً جاء يوم القيامة ولا ذنب له.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من صلّى بأذان وإقامة صلّى خلفه صفّ من الملائكة لا يرى طرفاه، ومن صلّى بإقامة صلّى خلفه ملك.
قال الصادق (عليه السلام): كان طول حائط مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قامة، فكان يقول لبلال إذا أذّن: اعل فوق الجدار، وارفع صوتك بالأذان، فإنّ الله عزّ وجلّ قد وكّل بالأذان ريحاً ترفعه إلى السماء، فإذا سمعته الملائكة قالوا: هذه أصوات أمّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) بتوحيد الله، فيستغفرون الله لأمّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى يفرغوا من تلك الصلاة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كلوا اللحم، فإنّ اللحم من اللحم، واللحم ينبت اللحم، ومن لم يأكل اللحم أربعين يوماً ساء خلقه، وإذا ساء خلق أحدكم من إنسان أو دابّة فأذّنوا في أذنه الأذان كلّه.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه: من سجد بين الأذان والإقامة فقال في سجوده: ربّ، لك سجدت خاضعاً خاشعاً ذليلاً، يقول الله تعالى: ملائكتي، وعزّتي وجلالي، لأجعلنّ محبّته في قلوب عبادي المؤمنين، وهيبته في قلوب المنافقين.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من أجاب داعي الله استغفرت له الملائكة، ويدخل الجنّة بغير حساب.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاثة لو تعلم أمّتي ما فيها لضربت عليها بالسهام: الأذان، والغدوّ إلى الجمعة، والصفّ الأوّل.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يحشر المؤذّنون يوم القيامة أطول الناس أعناقاً، ينادون بشهادة أن لا إله إلّا الله.
ومعنى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) «أطول الناس أعناقاً»، أي لاستشرافهم وتطاولهم إلى رحمة ربّهم على خلاف من وصف الله سوء حاله، فقال: .
إنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) رغّب الناس وحثّهم على الأذان وذكر لهم فضائله، فقال بعضهم: يا رسول الله، لقد رغّبتنا في الأذان حتّى إنّا لنخاف أن يتضارب عليه أمّتك بالسيوف، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أما إنّه لن يعدو ضعفاءكم.
قال عليّ (عليه السلام): من سمع النداء وهو في المسجد ثمّ خرج فهو منافق إلّا رجل يريد الرجوع إليه، أو يكون على غير طهارة فيخرج ليتطهّر.
قال عليّ (عليه السلام): ليؤذّن لكم أفصحكم، وليؤمّكم أفقهكم.
رأى عليّاً (عليه السلام) مأذنة طويلة فأمر بهدمها، وقال (عليه السلام): لا يؤذّن على أكبر من سطح المسجد.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من ولد له مولود فليؤذّن في أذنه اليمنى وليقم في اليسرى، فإنّ ذلك عصمة من الشيطان.
قال الكاظم (عليه السلام): «الصلاة خير من النوم» بدعة بني أميّة، وليس ذلك من أصل الأذان، ولا بأس إذا أراد الرجل أن ينبّه الناس للصلاة أن ينادي بذلك، ولا يجعله من أصل الأذان، فإنّا لا نراه أذاناً.