قال الصادق (عليه السلام): إنّ فاطمة بنت محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) تحضر زوّار قبر ابنها الحسين (عليه السلام)، فتستغفر لهم.
قال سلیمان بن مهران الأعمش: كنت نازلاً بالكوفة وكان لي جار، كثيراً ما كنت أقعد إليه، وكان ليلة الجمعة فقلت له: ما تقول في زيارة الحسين بن عليّ (عليه السلام)؟ فقال لي: بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار، فقمت من بين يديه وأنا ممتلئ غضباً، وقلت: إذا كان السحر أتيته وحدّثته من فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) ما يسخّن الله تعالى به عينيه.
قال: فأتيته وقرعت عليه الباب، فإذا أنا بصوت من وراء الباب: إنّه قد قصد الزيارة في أوّل الليل، فخرجت مسرعاً فأتيت الحير، فإذا أنا بالشيخ ساجد لا يملّ من السجود والركوع، فقلت له: بالأمس تقول لي: بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار، واليوم تزوره؟ فقال لي: يا سليمان، لا تلمني، فإنّي ما كنت أثبت لأهل هذا البيت إمامة، حتّى كانت ليلتي هذه، فرأيت رؤياً أرعبتني.
فقلت: ما رأيت أيّها الشيخ؟ قال: رأيت رجلاً لا بالطويل الشاهق ولا بالقصير اللاصق، لا أحسن أصفه من حسنه وبهائه، معه أقوام يحفّون به حفيفاً ويزفّونه زفّاً، بين يديه فارس على فرس له ذنوب، على رأسه تاج، للتاج أربعة أركان، في كلّ ركن جوهرة تضيء مسيرة ثلاثة أيّام، فقلت: من هذا؟ فقالوا: محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلت: والآخر؟ فقالوا: وصيّه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ثمّ مددت عينيّ، فإذا أنا بناقة من نور، عليها هودج من نور، تطير بين السماء والأرض، فقلت: لمن الناقة؟ قالوا: لخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمّد (عليها السلام)، قلت: والغلام؟ قالوا: الحسن بن عليّ (عليه السلام)، قلت: فأين يريدون؟ قال: يمضون بأجمعهم إلى زيارة المقتول ظلماً، الشهيد بكربلا الحسين بن عليّ (عليه السلام)، ثمّ قصدت الهودج وإذا أنا برقاع تساقط من السماء أماناً من الله جلَّ ذكره لزوّار الحسين بن عليّ ليلة الجمعة، ثمّ هتف بنا هاتف: ألا إنّا وشيعتنا في الدرجة العليا من الجنّة، والله، يا سليمان لا أفارق هذا المكان حتّى تفارق روحي جسدي.
قال الصادق (عليه السلام): ليس نبيّ في السموات والأرض إلّا ويسألون الله تبارك وتعالى أن يؤذن لهم في زيارة الحسين (عليه السلام)، ففوج ينزل وفوج يعرج.
قال الحسین بن بنت أبي حمزة الثمالي: خرجت في آخر زمان بني مروان إلى قبر الحسين بن عليّ (عليه السلام) مستخفياً من أهل الشام حتّى انتهيت إلى كربلا، فاختفيت في ناحية القرية، حتّى إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحو القبر، فلمّا دنوت منه أقبل نحوي رجل فقال لي: انصرف مأجوراً، فإنّك لا تصل إليه، فرجعت فزعاً حتّى إذا كاد يطّلع الفجر، أقبلت نحوه حتّى إذا دنوت منه خرج إليّ الرجل فقال لي: يا هذا، إنّك لا تصل إليه.
فقلت له: عافاك الله، ولم لا أصل إليه وقد أقبلت من الكوفة أريد زيارته، فلا تحل بيني وبينه، وأنا أخاف أن أصبح فيقتلونّي أهل الشام إن أدركوني ههنا؟ فقال لي: اصبر قليلاً، فإنّ موسى بن عمران (عليه السلام) سأل الله تعالى أن يأذن له في زيارة قبر الحسين بن عليّ (عليه السلام) فأذن له، فهبط من السماء في ألف ملك، فهم بحضرته من أوّل الليل ينتظرون طلوع الفجر ثمّ يعرجون إلى السماء، فقلت: فمن أنت؟ عافاك الله، قال: أنا من الملائكة الذين أمروا بحرس قبر الحسين (عليه السلام) والاستغفار لزوّاره، فانصرفت وقد كاد يطير عقلي لما سمعت منه، فأقبلت حتّى إذا طلع الفجر أقبلت نحوه، فلم يحل بيني وبينه أحد، فدنوت منه فسلّمت عليه، ودعوت الله تعالى على قتلته، وصلّيت الصبح، وأقبلت مسرعاً مخافة أهل الشام.
قال الصادق (عليه السلام): ما بين قبر الحسين بن عليّ (عليه السلام) إلى السماء السابعة مختلف الملائكة.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ الحسين بن عليّ (عليه السلام) عند ربّه عزّ وجلّ ينظر إلى معسكره ومن حلّه من الشهداء معه، وينظر إلى زوّاره، وهو أعرف بهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنزلتهم عند الله عزّ وجلّ من أحدكم بولده، وإنّه ليرى من يبكيه فيستغفر له، ويسأل آباءه(عليهم السلام) أن يستغفروا له، ويقول: لو يعلم زائري ما أعدّ الله له لكان فرحه أكثر من جزعه، وإنّ زائره لينقلب وما عليه من ذنب.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ لله ملائكة موكّلين بقبر الحسين (عليه السلام)، فإذا همّ بزيارته الرجل أعطاهم الله ذنوبه فإذا خطا محوها، ثمّ إذا خطا ضاعفوا له حسناته، فما تزال حسناته تضاعف حتّى توجب له الجنّة، ثمّ اكتنفوه وقدّسوه، وينادون ملائكة السماء أن قدّسوا زوّار حبيب حبيب الله، فإذا اغتسلوا ناداهم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): يا وفد الله، أبشروا بمرافقتي في الجنّة، ثمّ ناداهم أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا ضامن لقضاء حوائجكم، ورفع البلاء عنكم في الدنيا والآخرة، ثمّ التقاهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أيمانهم وعن شمائلهم حتّى ينصرفوا إلى أهاليهم.
قال الصادق (عليه السلام): من أراد أن يكون في جوار نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وجوار عليّ وفاطمة (عليهما السلام)، فلا يدع زيارة الحسين بن عليّ (عليه السلام).
قال الصادق (عليه السلام): فإذا انقلبت من عند قبر الحسين (عليه السلام) ناداك منادٍ لو سمعت مقالته، لأقمت عمرك عند قبر الحسين (عليه السلام) وهو يقول: طوبى لك أيّها العبد، قد غنمت وسلمت، قد غفر لك ما سلف فاستأنف العمل.