- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث في أدعية عيد الفطر وآداب صلاته وخطبها
قال محمّد بن محمّد بن نصر السكري: سألت أبا بكر أحمد بن محمّد بن عثمان البغدادي (رحمه الله) أن يخرج إليّ دعاء شهر رمضان الذي كان عمّه الشيخ أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري (رحمه الله) يدعو به، فأخرج إليّ دفتراً مجلّداً بأحمر، فيه أدعية شهر رمضان من جملتها: الدعاء بعد صلاة الفجر يوم الفطر: اللّهمّ، إنّي توجّهت إليك بمحمّد أمامي وعليّ وجعفر من خلفي وعن يميني وأئمّتي عن يساري، أستتر بهم من عذابك وأتقرّب إليك زلفى، لا أجد أحداً أقرب إليك منهم فهم أئمّتي، فآمن بهم خوفي من عقابك وسخطك، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين، أصبحت بالله مؤمناً مخلصاً على دين محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وسنّته، وعلى دين عليّ (عليه السلام) وسنّته، وعلى دين الأوصياء وسنّتهم، آمنت بسرّهم وعلانيتهم، وأرغب إلى الله فيما رغب فيه محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليّ (عليه السلام) والأوصياء، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله ولا عزّة ولا منعة ولا سلطان إلّا لله الواحد القهّار العزيز الجبّار، ﴿تَوَكَّلۡتُ عَلَى اللَّهِ﴾ ﴿وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِ﴾ اللّهمّ، إنّي أريدك فأردني، وأطلب ما عندك فيسّره لي، واقض لي حوائجي، فإنّك قلت في كتابك وقولك الحقّ ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ الَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ الۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٍ مِّنَ الۡهُدَىٰ وَالۡفُرۡقَانِ﴾ فعظّمت حرمة شهر رمضان بما أنزلت فيه من القرآن وخصصته وعظّمته بتصييرك فيه ليلة القدر فقلت: ﴿لَيۡلَةُ الۡقَدۡرِ خَيۡرٌ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٍ ۞ تَنَزَّلُ الۡمَلَٰٓئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٍ ۞ سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ الۡفَجۡرِ﴾، اللّهمّ، وهذه أيّام شهر رمضان قد انقضت ولياليه قد تصرّمت وقد صرت منه يا إلهي، إلى ما أنت أعلم به منّي وأحصى لعدده من عددي، فأسألك يا إلهي، بما سألك به عبادك الصالحون أن تصلّي على محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وآل محمّد وأهل بيت محمّد (عليهم السلام) وأن تتقبّل منّي ما تقرّبت به إليك، وتتفضّل عليّ بتضعيف عملي وقبول تقرّبي وقرباتي واستجابة دعائي، وهب لي منك عتق رقبتي من النار، ومنّ عليّ بالفوز بالجنّة والأمن يوم الخوف من كلّ فزع ومن كلّ هول أعددته ليوم القيامة أعوذ بحرمة وجهك الكريم وحرمة نبيّك وحرمة الصالحين أن ينصرم هذا اليوم ولك قبلي تبعة تريد أن تؤاخذني بها أو ذنب تريد أن تقايسني به وتشقيني وتفضحني به أو خطيئة تريد أن تقايسني بها وتقتصها منّي لم تغفرها لي وأسألك بحرمة وجهك الكريم الفعّال لما يريد الذي يقول للشيء كن فيكون لا إله إلّا هو.
اللّهمّ، إنّي أسألك بلا إله إلّا أنت إن كنت رضيت عنّي في هذا الشهر أن تزيدني فيما بقي من عمري رضاً وإن كنت لم ترض عنّي في هذا الشهر، فمن الآن فارض عنّي، الساعة الساعة الساعة، واجعلني في هذه الساعة وفي هذا المجلس من عتقائك من النار وطلقائك من جهنّم، وسعداء خلقك بمغفرتك ورحمتك يا أرحم الراحمين، اللّهمّ، إنّي أسألك بحرمة وجهك الكريم أن تجعل شهري هذا خير شهر رمضان عبدتك فيه وصمته لك وتقرّبت به إليك منذ أسكنتني الأرض، أعظمه أجراً وأتمّه نعمة وأعمه عافية وأوسعه رزقاً وأفضله عتقاً من النار وأوجبه رحمة وأعظمه مغفرة وأكمله رضواناً وأقربه إلى ما تحبّ وترضى.
اللّهمّ، لا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك وارزقني العود، ثمّ العود حتّى ترضى وبعد الرضا وحتّى تخرجني من الدنيا سالماً وأنت عنّي راضٍ وأنا لك مرضي، اللّهمّ اجعل فيما تقضي وتقدّر من الأمر المحتوم الذي لا يردّ ولا يبدّل أن تكتبني من حجّاج بيتك الحرام في هذا العامّ، وفي كلّ عام المبرور حجّهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم، المتقبّل عنهم مناسكهم المعافين على أسفارهم المقبلين على نسكهم، المحفوظين في أنفسهم وأموالهم وذراريهم، وكلّ ما أنعمت به عليهم، اللّهمّ اقبلني من مجلسي هذا في شهري هذا في يومي هذا في ساعتي هذه مفلحاً منجحاً مستجاباً لي مغفوراً ذنبي معافىً من النار ومعتقاً منها عتقاً لا رقّ بعده أبداً ولا رهبة.
يا ربّ الأرباب، اللّهمّ، إنّي أسألك أن تجعل فيما شئت وأردت وقضيت وقدرت وحتمت، وأنفذت أن تطيل عمري وتنسئ في أجلي، وأن تقوّي ضعفي وأن تغني فقري، وأن تجبر فاقتي، وأن ترحم مسكنتي، وأن تعزّ ذلّي، وأن ترفع ضعتي، وأن تغني عائلتي، وأن تؤنس وحشتي، وأن تكثر قلّتي، وأن تدرّ رزقي في عافية ويسر وخفض، وأن تكفيني ما أهمّني من أمر دنياي وآخرتي، ولا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها، ولا إلى الناس فيرفضوني، وأن تعافيني في ديني وبدني وجسدي وروحي وولدي وأهلي وأهل مودّتي وإخواني وجيراني من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، وأن تمنّ عليّ بالأمن والإيمان ما أبقيتني، فإنّك وليّي ومولاي وثقتي ورجائي ومعدن مسألتي وموضع شكواي ومنتهى رغبتي، فلا تخيّبني في رجائي يا سيّدي ومولاي.
ولا تبطل طمعي ورجائي، فقد توجّهت إليك بمحمّد وآل محمّد، وقدّمتهم إليك أمامي وأمام حاجتي وطلبتي وتضرّعي ومسألتي، فاجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين، فإنّك مننت عليّ بمعرفتهم فاختم لي بهم السعادة، إنّك على كلّ شيء قدير، مننت عليّ بهم، فاختم لي بالسعادة والسلامة والأمن والإيمان والمغفرة والرضوان والسعادة والحفظ، يا الله، أنت لكلّ حاجة لنا فصلّ على محمّد وآله، وعافنا ولا تسلّط علينا أحداً من خلقك، لا طاقة لنا به، واكفنا كلّ أمر من أمر الدنيا والآخرة، يا ذا الجلال والإكرام، صلّ على محمّد وآل محمّد كأفضل ما صلّيت وباركت وترحّمت وتحنّنت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد.
قال الباقر (عليه السلام): ادع في الجمعة والعيدين إذا تهيّأت للخروج بهذا الدعاء: اللّهمّ، من تهيّأ في هذا اليوم أو تعبّأ أو أعدّ واستعدّ لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وجائزته ونوافله، فإليك يا سيّدي، كانت وفادتي وتهيئتي وإعدادي واستعدادي، رجاء رفدك وجوائزك ونوافلك، اللّهمّ صلّ على محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك، وعلىّ (عليه السلام) أمير المؤمنين ووصيّ رسولك، وصلّ _ يا ربّ _ على أئمّة المؤمنين: الحسن والحسين وعليّ ومحمّد (عليهم السلام) _ وتسمّيهم إلى آخرهم حتّى تنتهي إلى صاحب الزمان (عليه السلام) _ وقل:
اللّهمّ افتح له فتحاً يسيراً، وانصره نصراً عزيزاً، اللّهمّ أظهر به دينك وسنّة رسولك، حتّى لا يستخفي بشيء من الحقّ مخافة أحد من الخلق، اللّهمّ، إنّا نرغب إليك في دولة كريمة تعزّ بها الإسلام وأهله، وتذلّ بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة، اللّهمّ، ما أنكرنا من حقّ فعرّفناه، وما قصرنا عنه فبلّغناه، وتدعو الله له وعلى عدوّه، وتسأل حاجتك ويكون آخر كلامك: اللّهمّ استجب لنا، اللّهمّ اجعلنا ممّن يذكر فيذكر.
قال جابر بن عبد الله الأنصاري: كنت بالمدينة وقد ولّاها مروان بن الحكم من قبل يزيد بن معاوية، وكان شهر رمضان، فلمّا كان في آخر ليلة منه أمر مناديه أن ينادي في الناس بالخروج إلى البقيع لصلاة العيد، فغدوت من منزلي أريد إلى سيّدي عليّ بن الحسين (عليه السلام) غلساً ١ ، فما مررت بسكّة من سكك المدينة، إلّا لقيت أهلها خارجين إلى البقيع فيقولون: إلى أين تريد يا جابر؟ فأقول: إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى أتيت المسجد فدخلته، فما وجدت فيه إلّا سيّدي عليّ بن الحسين (عليه السلام) قائماً يصلّي صلاة الفجر وحده، فوقفت وصلّيت بصلاته، فلمّا أن فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر.
ثمّ إنّه جلس يدعو وجعلت أؤمّن على دعائه، فما أتى إلى آخر دعائه حتّى بزغت الشمس، فوثب قائماً على قدميه تجاه القبلة وتجاه قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ إنّه رفع يديه حتّى صارتا بإزاء وجهه وقال: إلهي وسيّدي، أنت فطرتني وابتدأت خلقي لا لحاجة منك إليّ بل تفضّلاً منك عليّ، وقدرت لي أجلاً ورزقاً لا أتعدّاهما، ولا ينقصني أحد منهما شيئاً، وكنفتني منك بأنواع النعم والكفاية طفلاً وناشئاً من غير عمل عملته فعلمته منّي، فجازيتني عليه بل كان ذلك منك تطوّلاً عليّ وامتناناً، فلمّا بلغت بي أجل الكتاب من علمك ووفقتني لمعرفة وحدانيتك والإقرار بربوبيتك فوحّدتك مخلصاً لم أدع لك شريكاً في ملكك ولا معيناً على قدرتك ولم أنسب إليك صاحبة ولا ولداً.
فلمّا بلغت بي تناهي الرحمة منك عليّ مننت بمن هديتني به من الضلالة واستنقذتني به من الهلكة، واستخلصتني به من الحيرة وفككتني به من الجهالة، وهو حبيبك ونبيّك محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) أزلف خلقك عندك وأكرمهم منزلة لديك فشهدت معه بالوحدانية وأقررت لك بالربوبية وله بالرسالة وأوجبت له عليّ الطاعة فأطعته كما أمرت، وصدّقته فيما حتمت وخصصته بالكتاب المنزل عليه والسبع المثاني الموحاة إليه، وسمّيته القرآن وأكنيته الفرقان العظيم، فقلت جلّ اسمك: ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعاً مِّنَ الۡمَثَانِي وَالۡقُرۡءَانَ الۡعَظِيمَ﴾، وقلت جلّ قولك له حين اختصصته بما سمّيته من الأسماء: ﴿طه ۞ مَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ الۡقُرۡءَانَ لِتَشۡقَىٰ﴾ وقلت عزّ قولك: ﴿يسٓ ۞ وَالۡقُرۡءَانِ الۡحَكِيمِ﴾، وقلت تقدّست أسماؤك: ﴿صٓ وَالۡقُرۡءَانِ ذِي الذِّكۡرِ﴾، وقلت عظمت آلاؤك: ﴿قٓ وَالۡقُرۡءَانِ الۡمَجِيدِ﴾.
فخصصته أن جعلته قسمك حين أسميته، وقرنت القرآن معه، فما في كتابك من شاهد قسم والقرآن مردف به إلّا وهو اسمه، وذلك شرف شرّفته به وفضل بعثته إليه، تعجز الألسن والأفهام عن علم وصف مرادك به، وتكلّ عن علم ثنائك عليه، فقلت عزّ جلالك في تأكيد الكتاب وقبول ما جاء فيه: ﴿هَٰذَا كِتَٰبُنَا يَنطِقُ عَلَيۡكُم بِالۡحَقِّ﴾ وقلت عزّيت وجلّيت: ﴿مَا فَرَّطۡنَا فِي الۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٍ﴾، وقلت تباركت وتعاليت في عامّة ابتدائه:
﴿الٓر تِلۡكَ ءَايَٰتُ الۡكِتَٰبِ الۡحَكِيمِ﴾ ﴿الٓر كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتۡ﴾ ﴿الٓر تِلۡكَ ءَايَٰتُ الۡكِتَٰبِ الۡمُبِينِ﴾ ﴿الٓمٓر تِلۡكَ ءَايَٰتُ الۡكِتَٰبِ﴾ ﴿الٓر كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ﴾ ﴿الٓر تِلۡكَ ءَايَٰتُ الۡكِتَٰبِ﴾ و﴿الٓمٓ ۞ ذَٰلِكَ الۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِ﴾، وفي أمثالها من السور والطواسين والحواميم.
في كلّ ذلك ثنّيت بالكتاب مع القسم الذي هو اسم من اختصصته لوحيك واستودعته سرّ غيبك، فأوضح لنا منه شروط فرائضك، وأبان لنا عن واضح سنّتك، وأفصح لنا عن الحلال والحرام، وأنار لنا مدلهمّات الظلام، وجنّبنا ركوب الآثام، وألزمنا الطاعة، ووعدنا من بعدها الشفاعة، فكنت ممّن أطاع أمره وأجاب دعوته واستمسك بحبله، فأقمت الصلاة وآتيت الزكاة، والتزمت الصيام الذي جعلته حقّاً، فقلت جلّ اسمك: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ﴾ ثمّ إنّك أبنته، فقلت عزّيت وجلّيت: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ الَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ الۡقُرۡءَانُ﴾ وقلت: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُ﴾ ورغبت في الحجّ بعد إذ فرضته إلى بيتك الذي حرّمته، فقلت جلّ اسمك: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الۡبَيۡتِ مَنِ اسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلاً﴾، وقلت عزّيت وجلّيت: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ۞ لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ اسۡمَ اللَّهِ فِيٓ أَيَّامٍ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ الۡأَنۡعَٰمِ﴾.
اللّهمّ إنّي أسألك أن تجعلني من الذين يستطيعون إليه سبيلاً، ومن الرجال الذين يأتونه ليشهدوا منافع لهم وليكـبّروا الله على ما هداهم، وأعنّي اللّهمّ على جهاد عدوّك في سبيلك مع وليّك كما قلت جلّ قولك: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشۡتَرَىٰ مِنَ الۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الۡجَنَّةَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، وقلت جلّت أسماؤك: ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ الۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَالصَّٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ﴾، اللّهمّ، فأرني ذلك السبيل حتّى أقاتل فيه بنفسي ومالي طلب رضاك فأكون من الفائزين، إلهي، أين المفرّ عنك؟ فلا يسعني بعد ذلك إلّا حلمك، فكن بي رؤوفاً رحيماً، واقبلني وتقبّل منّي، وأعظم لي فيه بركة المغفرة ومثوبة الأجر، وأرني صحّة التصديق بما سألت، وإن أنت عمّرتني إلى عام مثله ولم تجعله آخر العهد منّي فأعنّي بالتوفيق على بلوغ رضاك، وأشركني يا إلهي، في هذا اليوم في جميع دعاء من أجبته من المؤمنين والمؤمنات، وأشركهم في دعائي إذا أجبتني في مقامي هذا بين يديك، فإنّي راغب إليك لي ولهم وعائذ بك لي ولهم، فاستجب لي يا أرحم الراحمين.
ذكر الثعلبي في تفسيره عن عليّ (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿الٓمٓ﴾ أنّ في الألف ستّة صفات من صفاته تعالى:
الأوّل: الابتداء، فإنّه تعالى ابتداء جميع الخلق، والألف ابتداء الحروف.
الثاني: الاستواء، فإنّه تعالى عادل غير جائر، والألف مستوفي ذاته.
الثالث: الانفراد، فإنّه تعالى فرد، والألف فرد.
الرابع: اتّصال الخلق بالله، والله تعالى لا يتّصل بهم، وكذلك الألف لا يتّصل بالحروف وهي المتّصلة به.
الخامس: أنّه تعالى مبائن لجميع خلقه بصفاته، والألف مبائن لجميع الحروف.
السادس: أنّه تعالى سبب ألفة الخلق، وكذلك الألف سبب ألفة الحروف.
قال عليّ (عليه السلام): لكلّ كتاب صفوة وصفوة القرآن حروف التهجّي.
قال الكفعمي (رحمه الله): وهذه الحروف إذا جمعتها وحذفت المتکـرّر كانت «عليّ صراط حقّ نمسكه».