أحاديث في ما دار بين الإمام السجاد (ع) وبين مروان من كلام ورسائل حول زواجه (ع) من أمة، وفي شدة خشية الإمام (ع) من الله (سبحانه)، وفي رؤياه في زيد الشهيد، وفي فضل زيد بن علي بن الحسين (ع)، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب التوحيد
كتاب العدل والمعاد
كتاب الاحتجاج
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب الفتن والمحن
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الزكاة والصدقة
كتاب الصوم
كتاب أعمال السنين والشهور
كتاب الحج والعمرة
كتاب الجهاد
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات
الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٦٨
كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة، يكتب إليه بأخبار ما يحدث فيها، وإنّ عليّ بن الحسين (عليه السلام) أعتق جارية له ثمّ تزوّجها، فكتب العين إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك إلى عليّ بن الحسين (عليه السلام): أمّا بعد، فقد بلغني تزويجك مولاتك، وقد علمت أنّه كان في أكفائك من قريش من تمجّد به في الصهر، وتستنجبه في الولد، فلا لنفسك نظرت، ولا على ولدك أبقيت، والسلام.
فكتب إليه عليّ بن الحسين (عليه السلام): أمّا بعد، فقد بلغني كتابك تعنّفني بتزويجي مولاتي، وتزعم أنّه قد كان في نساء قريش من أتمجّد به في الصهر، وأستنجبه في الولد، وإنّه ليس فوق رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرتقىً في مجد ولا مستزاد في كرم، وإنّما كانت ملك يميني خرجت منّي، أراد اللهعزّ وجلّ منّي بأمر التمست به ثوابه، ثمّ ارتجعتها على سنّته، ومن كان زكـيّاً في دين الله فليس يخلّ به شيء من أمره، وقد رفع الله بالإسلام الخسيسة، وتمّم به النقيصة، وأذهب اللؤم، فلا لؤم على امرئ مسلم، إنّما اللؤم لؤم الجاهلية، والسلام.
فلمّا قرأ الكتاب رمى به إلى ابنه سليمان فقرأه، فقال: يا أمير المؤمنين، لشدّ ما فخر عليك عليّ بن الحسين، فقال: يا بنيّ، لا تقل ذلك، فإنّها ألسن بني هاشم التي تفلق الصخر، وتغرف من بحر، إنّ عليّ بن الحسين (عليه السلام) _ يا بنيّ _ يرتفع من حيث يتّضع الناس.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٦٤-١٦٥
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٦٩
قال عمر بن عليّ بن الحسين: المفرط في حبّنا كالمفرط في بغضنا، لنا حقّ بقرابتنا من جدّنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحقّ جعله الله لنا، فمن تركه ترك عظيماً، أنزلونا بالمنزل الذي أنزلنا الله به، ولا تقولوا فينا ما ليس فينا، إن يعذّبنا الله فبذنوبنا، وإن يرحمنا الله فبرحمته وفضله.
المصدر الأصلي: الإرشاد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٦٧
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٧٠
قال عیسی، كنت أرى الحسين بن عليّ بن الحسين يدعو، فكنت أقول: لا يضع يده حتّى يستجاب له في الخلق جميعاً.
المصدر الأصلي: الإرشاد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٦٧
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٧١
قال سعيد صاحب الحسن بن صالح: إنّي لم أر أحداً أخوف من الحسن بن صالح حتّى قدمت المدينة، فرأيت الحسين بن عليّ بن الحسين، فلم أر أشدّ خوفاً منه، كأنّما أدخل النار ثمّ أخرج منها لشدّة خوفه.
المصدر الأصلي: الإرشاد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٦٧
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٧٢
قال أبوحمزة الثمالي: حججت فأتيت عليّ بن الحسين (عليه السلام)، فقال لي: يا أبا حمزة، أ لا أحدّثك عن رؤياً رأيتها؟ رأيت كأنّي أدخلت الجنّة، فأتيت بحوراء لم أر أحسن منها، فبينا أنا متّكئ على أريكتي إذ سمعت قائلاً يقول: يا عليّ بن الحسين، ليهنئك زيد، يا عليّ بن الحسين، ليهنئك زيد، فيهنئك زيد.
قال أبوحمزة: ثمّ حججت بعده فأتيت عليّ بن الحسين (عليه السلام)، فقرعت الباب ففتح لي ودخلت، فإذا هو حامل زيداً على يده _ أو قال: حامل غلاماً على يده _ فقال لي: يا أبا حمزة، هذه ﴿تَأوِيلُ رُؤيَايَ مِن قَبلُ قَد جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا﴾.
المصدر الأصلي: الأمالي للصدوق
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٦٩-١٧۰
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٧٣
قال أبو الجارود: إنّي لجالس عند أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام) إذا أقبل زيد بن عليّ (عليه السلام)، فلمّا نظر إليه الباقر (عليه السلام) وهو مقبل، قال: هذا سيّد من أهل بيته، والطالب بأوتارهم، لقد أنجبت أمّ ولدتك يا زيد.
المصدر الأصلي: الأمالي للصدوق
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٧۰
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٧٤
قال حمزة بن حمران: دخلت إلى الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام) فقال لي: يا حمزة، من أين أقبلت؟ قلت: من الكوفة، فبكى (عليه السلام) حتّى بلت دموعه لحيته، فقلت له: يا بن رسول الله، ما لك أكثرت البكاء؟ فقال (عليه السلام): ذكرت عمّي زيداً وما صنع به، فبكيت، فقلت له: وما الذي ذكرت منه؟
فقال (عليه السلام): ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه سهم، فجاءه ابنه يحيى فانكبّ عليه، وقال له: أبشر يا أبتاه، فإنّك ترد على رسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، قال: أجل، يا بنيّ، ثمّ دعا بحدّاد فنزع السهم من جبينه، فكانت نفسه معه، فجيء به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة، فحفر له فيها ودفن وأجرى عليه الماء، وكان معهم غلام سندي لبعضهم، فذهب إلى يوسف بن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إيّاه، فأخرجه يوسف بن عمر، فصلبه في الكناسة أربع سنين، ثمّ أمر به فأحرق بالنار وذري في الرياح، فلعن الله قاتله وخاذله، وإلى الله جلّ اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبّيه بعد موته، وبه نستعين على عدوّنا وهو خير مستعان.
المصدر الأصلي: الأمالي للصدوق
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٧٢-١٧٣
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٧٥
لمّا حمل زيد بن موسى بن جعفر إلى المأمون _ وقد كان خرج بالبصرة وأحرق دور ولد العبّاس _ وهب المأمون جرمه لأخيه عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) وقال له: يا أبا الحسن، لئن خرج أخوك وفعل ما فعل لقد خرج قبله زيد بن عليّ، فقتل، ولولا مكانك منّي لقتلته، فليس ما أتاه بصغير.
فقال الرضا (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، لاتقس أخي زيداً إلى زيد بن عليّ، فإنّه كان من علماء آل محمّد (عليهم السلام)، غضب لله عزّ وجلّ فجاهد أعداءه حتّى قتل في سبيله، ولقد حدّثني أبي موسى بن جعفر (عليه السلام) أنّه سمع أباه جعفر بن محمّد (عليه السلام) يقول: رحم الله عمّي زيداً، إنّه دعا إلى الرضا من آل محمّد (عليهم السلام)، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، وقد استشارني في خروجه، فقلت له: يا عمّ، إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك، فلمّا ولّى قال الصادق (عليه السلام): ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه.
فقال المأمون: يا أبا الحسن، أ ليس قد جاء فيمن ادّعى الإمامة بغير حقّها ما جاء؟ فقال الرضا (عليه السلام) إنّ زيد بن عليّ لم يدّع ما ليس له بحقّ، وإنّه كان أتقى لله من ذاك، إنّه قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمّد، وإنّما جاء ما جاء فيمن يدّعي أنّ الله نصّ عليه، ثمّ يدعو إلى غير دين الله، ويضلّ عن سبيله بغير علم، وكان زيد _ والله _ ممّن خوطب بهذه الآية: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجتَبَاكُم﴾.
المصدر الأصلي: عيون أخبار الرضا (عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٧٤-١٧٥
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٧٦
قال الحسن بن الجهم: كنت عند الرضا (عليه السلام) وعنده زيد بن موسى أخوه، وهو يقول: يا زيد، اتّق الله، فإنّا بلغنا ما بلغنا بالتقوى، فمن لم يتّق ولم يراقبه فليس منّا ولسنا منه.
يا زيد، إيّاك أن تعين على من به تصول من شيعتنا، فيذهب نورك.
يا زيد، إنّ شيعتنا إنّما أبغضهم الناس وعادوهم واستحلّوا دماءهم وأموالهم، لمحبّتهم لنا واعتقادهم لولايتنا، فإن أنت أسأت إليهم ظلمت نفسك، وأبطلت حقّك.
قال الحسن بن الجهم: ثمّ التفت (عليه السلام) إليّ فقال لي: يا بن الجهم، من خالف دين الله فابرأ منه، كائناً من كان، من أيّ قبيلة كان، ومن عادى الله فلا نواله، كائناً من كان، من أيّ قبيلة كان، فقلت له: يا بن رسول الله، ومن الذي يعادي الله؟ قال (عليه السلام): من يعصيه.
المصدر الأصلي: عيون أخبار الرضا (عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٧٦-١٧٧
الحديث: ١۰
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٧٧
قال الرضا (عليه السلام): من أحبّ عاصياً فهو عاصٍ، ومن أحبّ مطيعاً فهو مطيع، ومن أعان ظالماً فهو ظالم، ومن خذل عادلاً فهو خاذل، إنّه ليس بين الله وبين أحد قرابة ولا ينال أحد ولاية الله إلّا بالطاعة، ولقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبني عبد المطّلب: ائتوني بأعمالكم، لا بأنسابكم وأحسابكم.
المصدر الأصلي: عيون أخبار الرضا (عليه السلام)
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٧٧
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٧٨
قال العیص بن القاسم: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: اتّقوا الله وانظروا لأنفسكم، فإنّ أحقّ من نظر لها أنتم، لو كان لأحدكم نفسان، فقدّم إحداهما وجرّب بها استقبل التوبة بالأخرى كان، ولكنّها نفس واحدة إذا ذهبت فقد _ والله _ ذهبت التوبة، إن أتاكم منّا آتٍ يدعوكم إلى الرضا منّا فنحن نستشهدكم أنّا لا نرضى، إنّه لا يطيعنا اليوم وهو وحده، فكيف يطيعنا إذا ارتفعت الرايات والأعلام؟
المصدر الأصلي: علل الشرائع
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٧٨
الحديث: ١٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٧٩
قال أبوسعید المكاري: كنّا عند الصادق (عليه السلام) فذكر زيد ومن خرج معه، فهمّ بعض أصحاب المجلس يتناوله، فانتهره الصادق (عليه السلام) قال: مهلاً، ليس لكم أن تدخلوا فيما بيننا إلّا بسبيل خير، إنّه لم تمت نفس منّا إلّا وتدركه السعادة قبل أن تخرج نفسه ولو بفواق ناقة ١ ؛ قلت: وما فواق ناقة؟ قال (عليه السلام): حلابها.
المصدر الأصلي: معاني الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٧٨-١٧٩
(١) «الفُوَاق» و«الفَوَاق»: ما بين الحلبتين من الوقت؛ لأَنها تحلب ثم تُتْرَك سُوَيعة يرضعها الفَصيل لتَدِرّ ثم تحلب. لسان العرب، ج١۰، ص٣١٦.
الحديث: ١٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٨٠
قال عبد الله بن سنان: قال الصادق (عليه السلام): ليس بينكم وبين من خالفكم إلّا المطمر، قلت: وأيّ شيء المطمر؟ قال (عليه السلام): الذي تسمّونه الترّ ١ ، فمن خالفكم وجازه فابرأوا منه، وإن كان علوياً فاطمياً.
المصدر الأصلي: معاني الأخبار
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٧٩
(١) «التُّرُّ»: الخَيْط الذي يُقَدِّر به البَنَّاءُ. تاج العروس، ج٦، ص١٢٩.
الحديث: ١٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٨١
للصادق (عليه السلام): ما يزال يخرج رجل منكم أهل البيت، فيقتل ويقتل معه بشر كثير، فأطرق طويلاً ثمّ قال (عليه السلام): إنّ فيهم الكذّابين، وفي غيرهم المكذّبين.
المصدر الأصلي: الاحتجاج
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٧٩
الحديث: ١٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٨٢
قال الصادق (عليه السلام): ليس منّا أحد إلّا وله عدوّ من أهل بيته، فقيل له: بنو الحسن لا يعرفون لمن الحقّ؟ قال (عليه السلام): بلى، ولكن يمنعهم الحسد.
المصدر الأصلي: الاحتجاج
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٨۰
الحديث: ١٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٨٣
قال البزنطي: ذكر عند الرضا (عليه السلام) بعض أهل بيته، فقلت له: الجاحد منكم ومن غيركم واحد؟ فقال (عليه السلام): لا، كان عليّ بن الحسين (عليه السلام) يقول: لمحسننا حسنتان ولمسيئنا ذنبان.
المصدر الأصلي: قرب الإسناد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٨١-١٨٢
الحديث: ١٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٨٤
كان سبب خروج أبي الحسين زيد بن عليّ بن الحسين _ رضی الله عنه _ بعد الذي ذكرناه من غرضه في الطلب بدم الحسين (عليه السلام)، أنّه دخل على هشام بن عبد الملك،وقد جمع له هشام أهل الشام وأمر أن يتضايقوا في المجلس حتّى لايتمكّن من الوصول إلى قربه، فقال له زيد: إنّه ليس من عباد الله أحد فوق أن یوصى بتقوى الله، ولا من عباده أحد دون أن يوصي بتقوى الله، وأنا أوصيك بتقوى الله يا أمير المؤمنين، فاتّقه.
فقال له هشام: أنت المؤهّل نفسك للخلافة، الراجي لها؟ وما أنت وذاك؟ لا أمّ لك وإنّما أنت من أمة.
فقال له زيد: إنّي لا أعلم أحداً أعظم منزلة عندالله من نبيّ بعثه وهو ابن أمة، فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يبعث، وهو إسماعيل بن إبراهيم (عليه السلام)، فالنبوّة أعظم منزلة عندالله أم الخلافة؟ يا هشام، وبعد، فما يقصر برجل أبوه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ابن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)؟
فوثب هشام من مجلسه ودعا قهرمانه، وقال: لا يبيتنّ هذا في عسكري، فخرج زيد وهو يقول: إنّه لم يكره قوم قطّ حرّ السيف إلّا ذلّوا.
فلمّا وصل إلى الكوفة اجتمع إليه أهلها، فلم يزالوا به حتّى بايعوه على الحرب، ثمّ نقضوا بيعته وأسلموه، فقتل وصلب بينهم أربع سنين لا ينكر أحد منهم، ولا يغيّر ذلك بيد ولا بلسان.
ولمّا قتل بلغ ذلك من أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) كلّ مبلغ، وحزن له حزناً عظيماً حتّى بان عليه، وفرّق من ماله في عيال من أصيب معه من أصحابه ألف دينار. وروى ذلك أبوخالد الواسطي، قال: سلّم إليّ الصادق (عليه السلام) ألف دينار وأمرني أن أقسمها في عيال من أصيب مع زيد، فأصاب عيال عبد الله بن الزبير أخي فضيل الرسّان منها أربعة دنانير.
المصدر الأصلي: الإرشاد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٨٦-١٨٧
الحديث: ١٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٨٥
بلغ الصادق (عليه السلام) قول الحكيم بن العبّاس الكلبي:
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة
ولم أر مهديّاً على الجذع يصلب
وقستم بعثمان عليّاً سفاهة
وعثمان خير من عليّ وأطيب
فرفع الصادق (عليه السلام) يديه إلى السماء وهما يرعشان، فقال: اللّهمّ، إن كان عبدك كاذباً فسلّط عليه كلبك.
فبعثه بنو أميّة إلى الكوفة، فبينما هو يدور في سككها إذا افترسه الأسد، واتّصل خبره بجعفر (عليه السلام)، فخرّ لله ساجداً، ثمّ قال: الحمد لله الذي أنجزنا ما وعدنا.
المصدر الأصلي: كشف الغمّة، مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٩٢
الحديث: ١٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٨٦
قال جابر الجعفی: سمعت الباقر (عليه السلام) يقول: لا يخرج على هشام أحد إلّا قتله، فقلنا لزيد هذه المقالة فقال: إنّي شهدت هشاماً ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يسبّ عنده، فلم ينكر ذلك ولم يغيّره، فوالله، لو لم يكن إلّا أنا وآخر لخرجت عليه.
المصدر الأصلي: كشف الغمّة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٩٢
الحديث: ٢۰
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٨٧
قال يحيى بن زيد: سألت أبي عن الأئمّة، فقال: الأئمّة اثنا عشر، أربعة من الماضين وثمانية من الباقين، قلت: فسمّهم يا أبت، قال: أمّا الماضين فعليّ بن أبي طالب والحسن والحسين وعليّ بن الحسين (عليهم السلام) ومن الباقين أخي الباقر وبعده جعفر الصادق ابنه وبعده موسى ابنه وبعده عليّ ابنه وبعده محمّد ابنه وبعده عليّ ابنه وبعده الحسن ابنه وبعده المهديّ ابنه (عليهم السلام)، فقلت له: يا أبت، أ لست منهم؟ قال: لا، ولكنّي من العترة، قلت: فمن أين عرفت أساميهم؟ قال: عهد معهود عهده إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله).
بيــان:
قال عليّ بن محمّد الخزّاز في كفایة الأثر: فان قال قائل: فزيد بن عليّ (عليه السلام) إذا سمع هذه الأحاديث من الثقات المعصومين، وآمن بها واعتقدها، فلم خرج بالسيف وادّعى الإمامة لنفسه وأظهر الخلاف على جعفر بن محمّد (عليه السلام)؟ وهو بالمحلّ الشريف الجليل، معروف بالستر والصلاح، مشهور عند الخاصّ والعامّ بالعلم والزهد، وهذا ما لا يفعله إلّا معاند جاحد، وحاشا زيداً أن يكون بهذا المحلّ.
فأقول في ذلك _ وبالله التوفيق: إنّ زيد بن عليّ خرج على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا على سبيل المخالفة لابن أخيه جعفر بن محمّد (عليه السلام)، وإنّما وقع الخلاف من جهة الناس، وذلك أنّ زيد بن عليّ (عليه السلام) لمّا خرج ولم يخرج جعفر بن محمّد (عليه السلام) توهّم قوم من الشيعة أنّ امتناع جعفر كان للمخالفة، وإنّما كان لضرب من التدبير، فلمّا رأى الذين صاروا للزيدية سلفاً ذلك، قالوا: ليس الإمام من جلس في بيته، وأغلق بابه، وأرخى ستره، وإنّما الإمام من خرج بسيفه، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فهذان سبب وقوع الخلاف بين الشيعة.
وأمّا جعفر (عليه السلام) وزيد، فما كان بينهما خلاف، والدليل على صحّة قولنا قول زيد بن عليّ: «من أراد الجهاد فإليّ، ومن أراد العلم فإلى ابن أخي جعفر (عليه السلام)»، ولو ادّعى الإمامة لنفسه، لم ينف كمال العلم عن نفسه، إذ الإمام أعلم من الرعيّة.
ومن مشهور قول جعفر بن محمّد (عليه السلام): رحم الله عمّي زيداً، لو ظفر لوفى، إنّما دعا إلى الرضا من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، وأنا الرضا.
وتصديق ذلك ما حدّثنا به المتوكّل بن هارون قال: لقيت يحيى بن زيد بعد قتل أبيه وهو متوجّه إلى خراسان، فما رأيت مثله رجلاً في عقله وفضله، فسألته عن أبيه، فقال: إنّه قتل وصلب بالكناسة، ثمّ بكى وبكيت حتّى غشي عليه، فلمّا سكن قلت له: يا بن رسول الله، وما الذي أخرجه إلى قتال هذا الطاغي، وقد علم من أهل الكوفة ما علم؟ فقال: نعم، لقد سألته عن ذلك، فقال: سمعت أبي (عليه السلام) يحدّث عن أبيه الحسين بن عليّ (عليه السلام) قال: وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على صلبي، فقال: يا حسين، يخرج من صلبك رجل يقال له زيد، يقتل شهيداً، فإذا كان يوم القيامة يتخطّى هو وأصحابه رقاب الناس، ويدخل الجنّة، فأحببت أن أكون كما وصفني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثمّ قال: رحم الله أبي زيداً، كان _ والله _ أحد المتعبّدين، قائم ليله صائم نهاره، يجاهد في سبيل اللهعزّ وجلّ حقّ جهاده.
فقلت: يا بن رسول الله، هكذا يكون الإمام بهذه الصفة؟ فقال: يا عبد الله، إنّ أبي لم يكن بإمام، ولكن من سادات الكرام وزهّادهم، وكان من المجاهدين في سبيل الله، قلت: يا بن رسول الله، أما إنّ أباك قد ادّعى الإمامة، وخرج مجاهداً في سبيل الله، وقد جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيمن ادّعى الإمامة كاذباً.
فقال: مه يا عبد الله، إنّ أبي كان أعقل من أن يدّعي ما ليس له بحقّ، وإنّما قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، عنى بذلك عمّي جعفراً (عليه السلام)، قلت: فهو اليوم صاحب الأمر؟ قال: نعم، هو أفقه بني هاشم.
ثمّ قال: يا عبد الله، إنّي أخبرك عن أبي وزهده وعبادته، إنّه كان يصلّي في نهاره ماشاء الله، فإذا جنّ الليل عليه نام نومة خفيفة ثمّ يقوم فيصلّي في جوف الليل ما شاء الله، ثمّ يقوم قائماً على قدميه يدعو الله تبارك وتعالى، ويتضرّع له ويبكي بدموع جارية حتّى يطّلع الفجر، فإذا طلع الفجر سجد سجدة، ثمّ يقوم يصلّي الغداة إذا وضح الفجر، فإذا فرغ من صلاته قعد في التعقيب إلى أن يتعالى النهار، ثمّ يقوم في حاجته ساعة، فإذا قرب الزوال قعد في مصلّاه فسبّح الله ومجّده إلى وقت الصلاة، فإذا حان وقت الصلاة، قام فصلّى الأولى وجلس هنيئة وصلّى العصر وقعد في تعقيبه ساعة، ثمّ سجد سجدة، فإذا غابت الشمس صلّى العشاء والعتمة.
قلت: كان يصوم دهره؟ قال: لا، ولكنّه كان يصوم في السنة ثلاثة أشهر، ويصوم في الشهر ثلاثة أيّام، قلت: وكان يفتي الناس في معالم دينهم؟ قال: ما أذكر ذلك عنه، ثمّ أخرج إلي صحيفة كاملة أدعية عليّ بن الحسين (عليه السلام). (ص١٩٨-٢۰۰)
قال عليّ بن محمّد الخزّاز في كفایة الأثر: فان قال قائل: فزيد بن عليّ (عليه السلام) إذا سمع هذه الأحاديث من الثقات المعصومين، وآمن بها واعتقدها، فلم خرج بالسيف وادّعى الإمامة لنفسه وأظهر الخلاف على جعفر بن محمّد (عليه السلام)؟ وهو بالمحلّ الشريف الجليل، معروف بالستر والصلاح، مشهور عند الخاصّ والعامّ بالعلم والزهد، وهذا ما لا يفعله إلّا معاند جاحد، وحاشا زيداً أن يكون بهذا المحلّ.
فأقول في ذلك _ وبالله التوفيق: إنّ زيد بن عليّ خرج على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا على سبيل المخالفة لابن أخيه جعفر بن محمّد (عليه السلام)، وإنّما وقع الخلاف من جهة الناس، وذلك أنّ زيد بن عليّ (عليه السلام) لمّا خرج ولم يخرج جعفر بن محمّد (عليه السلام) توهّم قوم من الشيعة أنّ امتناع جعفر كان للمخالفة، وإنّما كان لضرب من التدبير، فلمّا رأى الذين صاروا للزيدية سلفاً ذلك، قالوا: ليس الإمام من جلس في بيته، وأغلق بابه، وأرخى ستره، وإنّما الإمام من خرج بسيفه، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فهذان سبب وقوع الخلاف بين الشيعة.
وأمّا جعفر (عليه السلام) وزيد، فما كان بينهما خلاف، والدليل على صحّة قولنا قول زيد بن عليّ: «من أراد الجهاد فإليّ، ومن أراد العلم فإلى ابن أخي جعفر (عليه السلام)»، ولو ادّعى الإمامة لنفسه، لم ينف كمال العلم عن نفسه، إذ الإمام أعلم من الرعيّة.
ومن مشهور قول جعفر بن محمّد (عليه السلام): رحم الله عمّي زيداً، لو ظفر لوفى، إنّما دعا إلى الرضا من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، وأنا الرضا.
وتصديق ذلك ما حدّثنا به المتوكّل بن هارون قال: لقيت يحيى بن زيد بعد قتل أبيه وهو متوجّه إلى خراسان، فما رأيت مثله رجلاً في عقله وفضله، فسألته عن أبيه، فقال: إنّه قتل وصلب بالكناسة، ثمّ بكى وبكيت حتّى غشي عليه، فلمّا سكن قلت له: يا بن رسول الله، وما الذي أخرجه إلى قتال هذا الطاغي، وقد علم من أهل الكوفة ما علم؟ فقال: نعم، لقد سألته عن ذلك، فقال: سمعت أبي (عليه السلام) يحدّث عن أبيه الحسين بن عليّ (عليه السلام) قال: وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على صلبي، فقال: يا حسين، يخرج من صلبك رجل يقال له زيد، يقتل شهيداً، فإذا كان يوم القيامة يتخطّى هو وأصحابه رقاب الناس، ويدخل الجنّة، فأحببت أن أكون كما وصفني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثمّ قال: رحم الله أبي زيداً، كان _ والله _ أحد المتعبّدين، قائم ليله صائم نهاره، يجاهد في سبيل اللهعزّ وجلّ حقّ جهاده.
فقلت: يا بن رسول الله، هكذا يكون الإمام بهذه الصفة؟ فقال: يا عبد الله، إنّ أبي لم يكن بإمام، ولكن من سادات الكرام وزهّادهم، وكان من المجاهدين في سبيل الله، قلت: يا بن رسول الله، أما إنّ أباك قد ادّعى الإمامة، وخرج مجاهداً في سبيل الله، وقد جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيمن ادّعى الإمامة كاذباً.
فقال: مه يا عبد الله، إنّ أبي كان أعقل من أن يدّعي ما ليس له بحقّ، وإنّما قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، عنى بذلك عمّي جعفراً (عليه السلام)، قلت: فهو اليوم صاحب الأمر؟ قال: نعم، هو أفقه بني هاشم.
ثمّ قال: يا عبد الله، إنّي أخبرك عن أبي وزهده وعبادته، إنّه كان يصلّي في نهاره ماشاء الله، فإذا جنّ الليل عليه نام نومة خفيفة ثمّ يقوم فيصلّي في جوف الليل ما شاء الله، ثمّ يقوم قائماً على قدميه يدعو الله تبارك وتعالى، ويتضرّع له ويبكي بدموع جارية حتّى يطّلع الفجر، فإذا طلع الفجر سجد سجدة، ثمّ يقوم يصلّي الغداة إذا وضح الفجر، فإذا فرغ من صلاته قعد في التعقيب إلى أن يتعالى النهار، ثمّ يقوم في حاجته ساعة، فإذا قرب الزوال قعد في مصلّاه فسبّح الله ومجّده إلى وقت الصلاة، فإذا حان وقت الصلاة، قام فصلّى الأولى وجلس هنيئة وصلّى العصر وقعد في تعقيبه ساعة، ثمّ سجد سجدة، فإذا غابت الشمس صلّى العشاء والعتمة.
قلت: كان يصوم دهره؟ قال: لا، ولكنّه كان يصوم في السنة ثلاثة أشهر، ويصوم في الشهر ثلاثة أيّام، قلت: وكان يفتي الناس في معالم دينهم؟ قال: ما أذكر ذلك عنه، ثمّ أخرج إلي صحيفة كاملة أدعية عليّ بن الحسين (عليه السلام). (ص١٩٨-٢۰۰)
المصدر الأصلي: كفاية الأثر
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٩٨
الحديث: ٢١
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٨٨
قال سلیمان بن خالد: قال لي الصادق (عليه السلام): كيف صنعتم بعمّي زيد؟ قلت: إنّهم كانوا يحرسونه، فلمّا شفّ الناس أخذنا خشبته ١ فدفنّاه في جرف على شاطئ الفرات، فلمّا أصبحوا جالت الخيل يطلبونه، فوجدوه فأحرقوه، فقال (عليه السلام): أ فلا أوقرتموه حديداً، وألقيتموه في الفرات؟ _ صلّى الله عليه ولعن الله قاتله _.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص٢۰٥
(١) ورد في المصدر: «جثّته». راجع: الكافي، ج٨، ص١٦١.
الحديث: ٢٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٨٩
قال الصادق (عليه السلام): إنّ الله عزّ ذكره أذن في هلاك بني أميّة بعد إحراقهم زيداً بسبعة أيّام.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص٢۰٥
تذنیب: ثمّ اعلم أنّ الأخبار اختلفت وتعارضت في أحوال زيد وأضرابه كما عرفت، لكنّ الأخبار الدالّة على جلالة زيد ومدحه وعدم كونه مدّعياً لغير الحقّ أكثر، وقد حكم أكثر الأصحاب بعلوّ شأنه، فالمناسب حسن الظنّ به، وعدم القدح فيه، بل عدم التعرّض لأمثاله من أولاد المعصومين (عليهم السلام) إلّا من ثبت من قبل الأئمّة (عليهم السلام) الحكم بكفرهم، ولزوم التبرّي عنهم.
وسيأتي القول في الابواب الآتية فيهم مفصّلاً إن شاء الله تعالی . (ص٢۰٥)
وسيأتي القول في الابواب الآتية فيهم مفصّلاً إن شاء الله تعالی . (ص٢۰٥)
الحديث: ٢٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٩٠
قال الصادق (عليه السلام): بالكوفة مسجد يقال له مسجد السهلة، لو أنّ عمّي زيداً أتاه فصلّى فيه واستجار الله، لأجاره عشرين سنة.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص٢۰٧