أحاديث في حواره مع عباد البصري حول علة ترك السجاد (ع) الجهاد وإقباله على الحج، وفي أحوال معاوية بن يزيد وخلعه نفسه، وفي ما دار بينه وبين عبدالملك بن مروان، وقصيدة الفرزدق فيه، وفي محمّد بن مسلم ابن شهاب الزهري، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب التوحيد
كتاب العدل والمعاد
كتاب الاحتجاج
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب الفتن والمحن
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الزكاة والصدقة
كتاب الصوم
كتاب أعمال السنين والشهور
كتاب الحج والعمرة
كتاب الجهاد
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات
الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٤٧
لقي عبّاد البصري عليّ بن الحسين (عليه السلام) في طريق مكّة، فقال له: يا عليّ بن الحسين، تركت الجهاد وصعوبته، وأقبلت على الحجّ ولينه، وإنّ الله عزّ وجلّ يقول: ﴿إِنَّ اللّهََ اشتَرَى مِنَ المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُم وَأَموَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقتُلُونَ وَيُقتَلُونَ﴾إلى قوله ﴿وَبَشِّرِ المُؤمِنِينَ﴾، فقال عليّ بن الحسين (عليه السلام): إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم، فالجهاد معهم أفضل من الحجّ.
المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب، الاحتجاج
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١١٦
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٤٨
لمّا نزع معاوية بن يزيد بن معاوية نفسه من الخلافة، قام خطيباً فقال: أيّها الناس، ما أنا بالراغب في التأمّر عليكم، ولا بالآمن لكراهتكم، بل بلينا بكم وبليتم بنا، إلّا أنّ جدّي معاوية نازع الأمر من كان أولى بالأمر منه في قدمه وسابقته عليّ بن أبي طالب، فركب جدّي منه ما تعلمون، وركبتم معه ما لا تجهلون، حتّى صار رهين عمله، وضجيع حفرته، تجاوز الله عنه، ثمّ صار الأمر إلى أبي، ولقد كان خليقاً أن لا يركب سننه، إذ كان غير خليق بالخلافة فركب ردعه، واستحسن خطأه، فقلّت مدّته، وانقطعت آثاره، وخمدت ناره، ولقد أنسانا الحزن به الحزن عليه، فـ ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعونَ﴾، ثمّ أخفت يترحّم على أبيه.
ثمّ قال: وصرت أنا الثالث من القوم، الزاهد فيما لديّ أكثر من الراغب، وما كنت لأتحمّل آثامكم، شأنكم وأمركم خذوه، من شئتم ولايته فولّوه، فقام إليه مروان بن الحكم، فقال: يا أبا ليلى، سنّة عمرية؟ فقال له: يا مروان، تخدعني عن ديني، ائتني برجال كرجال عمر أجعلها بينهم شورى.
ثمّ قال: والله، إن كانت الخلافة مغنماً فقد أصبنا منها حظّاً، ولئن كانت شرّاً فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها.
ثمّ نزل، فقالت له أمّه: ليتك كنت حيضة، فقال: وأنا وددت ذلك، ولم أعلم أنّ لله ناراً يعذّب بها من عصاه، وأخذ غير حقّه.
المصدر الأصلي: تنبيه الخاطر
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١١٨-١١٩
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٤٩
قال الباقر (عليه السلام): كان عبد الملك يطوف بالبيت، وعليّ بن الحسين (عليه السلام) يطوف بين يديه ولا يلتفت إليه، ولم يكن عبد الملك يعرفه بوجهه فقال: من هذا الذي يطوف بين أيدينا ولا يلتفت إلينا؟ فقيل: هذا عليّ بن الحسين (عليه السلام)، فجلس مكانه، وقال: ردّوه إليّ، فردّوه.
فقال له: يا عليّ بن الحسين، إنّي لست قاتل أبيك، فما يمنعك من المصير إليّ؟ فقال عليّ بن الحسين (عليه السلام): إنّ قاتل أبي أفسد بما فعله دنياه عليه، وأفسد أبي عليه بذلك آخرته، فإن أحببت أن تكون كهو فكن، فقال: كلّا، ولكن صر إلينا لتنال من دنيانا، فجلس زين العابدين (عليه السلام) وبسط رداه وقال: اللّهمّ أره حرمة أوليائك عندك، فإذا إزاره مملوّة درراً يكاد شعاعها يخطف الأبصار، فقال (عليه السلام) له: من يكون هذا حرمته عند ربّه يحتاج إلى دنياك؟ ثمّ قال (عليه السلام): اللهّمّ خذها، فلا حاجة لي فيه.
المصدر الأصلي: الخرائج والجرائح
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٢١
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٥٠
قال السجّاد (عليه السلام): لم أر مثل التقدّم في الدعاء، فإنّ العبد ليس تحضره الإجابة في كلّ وقت ١ .
المصدر الأصلي: الإرشاد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٢٢
(١) وهذا لا ينافي عموم ما ورد في قوله تعالی: ﴿ادۡعُونِي أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡ﴾ فإنّ الاستجابة هنا بمعنى النظر في الطلب، ثمّ إعطاء الحاجة معجّلة أو مؤجّلة في الدنيا أو مؤخّرة في الآخرة، ولكنّ المفهوم من الرواية أنّ الطلب لدفع البلاء أيسر الدعاء لرفعه وهو معنى التقدّم في الدعاء.
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٥١
قال الزهري: شهدت عليّ بن الحسين (عليه السلام) يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام، فأثقله حديداً ووكّل به حفّاظاً في عدّة وجمع، فاستأذنتهم في التسليم والتوديع له، فأذنوا فدخلت عليه، والأقياد في رجليه والغلّ في يديه، فبكيت وقلت: وددت أنّي مكانك وأنت سالم، فقال (عليه السلام): يا زهري، أ وتظنّ هذا بما ترى عليّ وفي عنقي يكربني؟ أما لو شئت ما كان، فإنّه وإن بلغ بك ومن أمثالك، ليذكّرني عذاب الله، ثمّ أخرج يديه من الغلّ ورجليه من القيد، ثمّ قال: يا زهري، لا جزت معهم على ذا منزلتين من المدينة.
فما لبثنا إلّا أربع ليالٍ حتّى قدم الموكّلون به يطلبونه بالمدينة فما وجدوه، فكنت فيمن سألهم عنه، فقال لي بعضهم: إنّا نراه متبوعاً، إنّه لنازل ونحن حوله لا ننام نرصده، إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلّا حديده.
فقدمت بعد ذاك على عبد الملك، فسألني عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) فأخبرته، فقال: إنّه قد جاءني في يوم فقده الأعوان، فدخل عليّ فقال: ما أنا وأنت؟ فقلت: أقم عندي، فقال: لا أحبّ، ثمّ خرج، فوالله، لقد امتلأ ثوبي منه خيفة، قال الزهري: فقلت: ليس عليّ بن الحسين (عليه السلام) حيث تظنّ، إنّه مشغول بنفسه، فقال: حبّذا شغل مثله، فنعم ما شغل به.
المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٢٣
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٥٢
حجّ هشام بن عبد الملك، فلم يقدر على الاستلام من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل عليّ بن الحسين (عليه السلام) وعليه إزار ورداء، من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة، بين عينيه سجّادة كأنّها ركبة عنز، فجعل يطوف، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحّى الناس حتّى يستلمه هيبة له، فقال شامي: من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا أعرفه _ لئلّا يرغب فيه أهل الشام _ فقال الفرزدق _ وكان حاضراً _: لكنّي أنا أعرفه، فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟ فأنشأ قصيدة:
يا سائلي أين حلّ الجود والكرم؟
عندي بيان إذا طلّابه قدموا
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحلّ والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلّهم
هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم
هذا الذي أحمد المختار والده
صلّى عليه إلهي ماجرى القلم
لو يعلم الركن من قدجاء يلثمه
لخرّ يلثم منه ما وطى القدم
هذا عليّ رسول الله والده
أمست بنور هداه تهتدي الأمم
هذا الذي عمّه الطيّار جعفر
والمقتول حمزة ليث حبّه قسم
هذا ابن سيّدة النسوان فاطمة
وابن الوصيّ الذي في سيفه نقم
إذا رأته قريش قال قائلها
إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يكاد يمسكه عرفان راحته
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
وليس قولك من هذا بضائره
العرب تعرف من أنكرت والعجم
ينمى إلى ذروة العزّ التي قصرت
عن نيلها عرب الإسلا م والعجم
يغضي حياءً ويغضى من مهابته
فما يكلّم إلّا حين يبتسم
ينجاب نور الدجى عن نور غرّته
كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم
بكفّه خيزران ريحه عبق
من كفّ أروع في عرنينه شمم
ما قال لا قطّ إلّا في تشهّده
لولا التشهّد كانت لاؤه نعم
مشتقّة من رسول الله نبعته
طابت عناصره والخيم والشيم
حمّال أثقال أقوام إذا فدحوا
حلو الشمائل تحلو عنده نعم
إن قال قال بما يهوى جميعهم
وإن تكلّم يوما زانه الكلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله
بجدّه أنبياء الله قد ختموا
الله فضّله قدماً وشرّفه
جری بذاك له في لوحه القلم
من جدّه دان فضل الأنبياء له
وفضل أمّته دانت لها الأمم
عمّ البرية بالإحسان وانقشعت
عنها العمایة والإملاق والظلم
كلتا يديه غياث عمّ نفعهما
يستوكفان ولا يعروهما عدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره
يزينه خصلتان الحلم والكرم
لا يخلف الوعد ميموناً نقيبته
رحب الفناء أريب حين يعترم
من معشر حبّهم دين وبغضهم
كفر وقربهم منجى ومعتصم
يستدفع السوء والبلوى بحبّهم
ويستزاد به الإحسان والنعم
مقدّم بعد ذكر الله ذكرهم
في كلّ فرض ومختوم به الكلم
إن عدّ أهل التقى كانوا أئمّتهم
أو قيل من خير أهل الارض قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم
ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت
والأسد أسد الشرى والبأس محتدم
يأبى لهم أن يحلّ الذمّ ساحتهم
خيم كريم وأيد بالندى هضم
لا يقبض العسر بسطاً من أكفّهم
سيّان ذلك إن أثروا وإن عدموا
أيّ القبائل ليست في رقابهم
لأوّلية هذا أوله نعم
من يعرف الله يعرف أوّلية ذا
فالدين من بيت هذا ناله الأمم
بيوتهم في قريش يستضاء بها
في النائبات وعند الحكم أن حكموا
فجدّه من قريش في أرومتها
محمّد وعليّ بعده علم
بدر له شاهد والشعب من أحد
والخندقان ويوم الفتح قد علموا
وخيبر وحنين يشهدان له
وفي قريضة يوم صيلم قتم
مواطن قد علت في كلّ نائبة
على الصحابة لمأكتم كما كتموا
فغضب هشام ومنع جائزته وقال: أ لا قلت فينا مثلها؟ قال: هات جدّاً كجدّه وأباً كأبيه وأمّاً كأمّه حتّى أقول فيكم مثلها، فحبسوه بعسفان بين مكّة والمدينة، فبلغ ذلك عليّ بن الحسين (عليه السلام) فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال: اعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به، فردّها وقال: يا بن رسول الله، ما قلت الذي قلت إلّا غضباً لله ولرسوله، وما كنت لأرزأ عليه شيئاً، فردّها إليه وقال (عليه السلام): بحقّي عليك لمّا قبلتها، فقد رأى الله مكانك وعلم نيّتك، فقبلها.
بيــان:
قوله: «عرفان» مفعول لأجله؛ و«الإغضاء»: إدناء الجفون؛ و«أغضى على الشيء»: سكت؛ و«انجابت السحابة»: انكشفت؛ و«الخيزران» _ بضمّ الزاء _:
شجر هندي وهو عروق ممتدّة في الأرض والقصب؛ و«عبِق به الطيب» _ بالكسر _ عَبقاً _ بالتحريك _ أي لزق به، ورجل عَبِق: إذا تطيّب بأدنى طيب لم يذهب عنه أيّاماً؛ و«الأروَع»: من يعجبك بحسنه وجهارة منظره؛ و«العِرنين» _ بالكسر _: الأنف؛ و«الشَمَم» _ محرّكة _: ارتفاع قصبة الأنف وحسنها واستواء أعلاها؛ وقوله: «من كفّ» فيه تجريد مضاف إلى الأروع؛ و«الخيم» _ بالكسر _: السجيّة والطبيعة؛ و«الشِيَم» _ بكسر الشين وفتح الياء _: جمع الشيمة _ بالكسر _: وهي الطبيعة؛ و«فَدَحه الدين»: أثقله؛ و«استوكف»: استقطر؛ و«البوادر»: جمع البادرة، وهي ما يبدو من حدّتك في الغضب من قول أو فعل؛ و«النقيبة»: النفس والعقل، والمشورة ونفاذ الرأي والطبيعة؛ و«الأريب»: العاقل.
وقوله: «يُعترم» _ على المجهول _: من العرام، بمعنى الشدّة، أي عاقل إذا أصابته شدّة، وقوله: «بُعد غايتهم» _ بضمّ الباء _؛ و«الأزمّة»: الشدّة، وأزمت، أي لزمت، و«الشرى»: _ كعُلى _: طريق في سلمى كثيرة الأسد؛ و«احتدم عليه غيظاً»: تحرّق، والنار التهبت، والدم اشتدّت حمرته حتّى تسودّ، وفي بعض النسخ: «البأس»
_ بالباء الموحّدة _ وفي بعضها: بالنون، وعلى الأوّل: المراد: أنّ شدّتهم وغيظهم ملتهب في الحرب، وعلى الثاني: المراد: أنّ الناس محتدمون عليهم حسداً؛ قوله «خيم»، أي لهم خيم؛ و«الندى»: المطر، ويستعار للعطاء الكثير؛ و«هضم»:
_ ككتب _ جمع هضوم، يقال: يد هضوم، أي تجود بما لديها، و«أثرى»، أي كثر ماله؛ و«الأرومة» _ كالأكولة _: الأصل.
وقوله: «والخندقان»: إشارة إلى غزوة الخندق، إمّا لكون الخندق محيطاً بطرفي المدينة، أو لانقسامه في الحفر بين المهاجرين والأنصار؛ و«الصيلم»: الأمر الشديد والداهية؛ و«القتام»: الغبار، والأقتم: الأسود كالقاتم؛ وقوله: «مواطن» أي له أو هذه مواطن؛ وقال الفيروز آبادي: «رزأه ماله» _ كجعله _: وعمله رزء _ بالضمّ _
أصاب منه شيئاً، ورزأه رزءاً ومرزئة: أصاب منه خيراً. (ص١٢٨-١٢٩)
قوله: «عرفان» مفعول لأجله؛ و«الإغضاء»: إدناء الجفون؛ و«أغضى على الشيء»: سكت؛ و«انجابت السحابة»: انكشفت؛ و«الخيزران» _ بضمّ الزاء _:
شجر هندي وهو عروق ممتدّة في الأرض والقصب؛ و«عبِق به الطيب» _ بالكسر _ عَبقاً _ بالتحريك _ أي لزق به، ورجل عَبِق: إذا تطيّب بأدنى طيب لم يذهب عنه أيّاماً؛ و«الأروَع»: من يعجبك بحسنه وجهارة منظره؛ و«العِرنين» _ بالكسر _: الأنف؛ و«الشَمَم» _ محرّكة _: ارتفاع قصبة الأنف وحسنها واستواء أعلاها؛ وقوله: «من كفّ» فيه تجريد مضاف إلى الأروع؛ و«الخيم» _ بالكسر _: السجيّة والطبيعة؛ و«الشِيَم» _ بكسر الشين وفتح الياء _: جمع الشيمة _ بالكسر _: وهي الطبيعة؛ و«فَدَحه الدين»: أثقله؛ و«استوكف»: استقطر؛ و«البوادر»: جمع البادرة، وهي ما يبدو من حدّتك في الغضب من قول أو فعل؛ و«النقيبة»: النفس والعقل، والمشورة ونفاذ الرأي والطبيعة؛ و«الأريب»: العاقل.
وقوله: «يُعترم» _ على المجهول _: من العرام، بمعنى الشدّة، أي عاقل إذا أصابته شدّة، وقوله: «بُعد غايتهم» _ بضمّ الباء _؛ و«الأزمّة»: الشدّة، وأزمت، أي لزمت، و«الشرى»: _ كعُلى _: طريق في سلمى كثيرة الأسد؛ و«احتدم عليه غيظاً»: تحرّق، والنار التهبت، والدم اشتدّت حمرته حتّى تسودّ، وفي بعض النسخ: «البأس»
_ بالباء الموحّدة _ وفي بعضها: بالنون، وعلى الأوّل: المراد: أنّ شدّتهم وغيظهم ملتهب في الحرب، وعلى الثاني: المراد: أنّ الناس محتدمون عليهم حسداً؛ قوله «خيم»، أي لهم خيم؛ و«الندى»: المطر، ويستعار للعطاء الكثير؛ و«هضم»:
_ ككتب _ جمع هضوم، يقال: يد هضوم، أي تجود بما لديها، و«أثرى»، أي كثر ماله؛ و«الأرومة» _ كالأكولة _: الأصل.
وقوله: «والخندقان»: إشارة إلى غزوة الخندق، إمّا لكون الخندق محيطاً بطرفي المدينة، أو لانقسامه في الحفر بين المهاجرين والأنصار؛ و«الصيلم»: الأمر الشديد والداهية؛ و«القتام»: الغبار، والأقتم: الأسود كالقاتم؛ وقوله: «مواطن» أي له أو هذه مواطن؛ وقال الفيروز آبادي: «رزأه ماله» _ كجعله _: وعمله رزء _ بالضمّ _
أصاب منه شيئاً، ورزأه رزءاً ومرزئة: أصاب منه خيراً. (ص١٢٨-١٢٩)
المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٢٤-١٢٧
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٥٣
قال فرعان _ وكان من رواة الفرزدق _: حججت سنة مع عبد الملك بن مروان فنظر إلى عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فأراد أن يصغّر منه، فقال: من هو؟ فقال الفرزدق: فقلت على البديهة القصيدة المعروفة:
هذا ابن خير عباد الله كلّهم
هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم
حتّى أتمّها وكان عبد الملك يصله في كلّ سنة بألف دينار، فحرّمه تلك السنة، فشكا ذلك إلى عليّ بن الحسين (عليه السلام) وسأله أن يكلّمه، فقال: أنا أصلك من مالي بمثل الذي كان يصلك به عبد الملك، وصنّي عن كلامه، فقال: والله، يا بن رسول الله، لا رزأتك شيئاً، وثواب الله عزّ وجلّ في الآجل أحبّ إلي من ثواب الدنيا في العاجل.
فاتّصل ذلك بمعاوية بن عبد الله بن جعفر الطيار، وكان أحد سمحاء بني هاشم، لفضل عنصره وأحد أدبائها وظرفائها، فقال له: يا أبا فراس، كم تقدّر الذي بقي من عمرك؟ قال: قدر عشرين سنة، قال: فهذه عشرون ألف دينار أعطيتكها من مالي، واعف أبا محمّد _ أعزّه الله عن المسألة في أمرك _ فقال: لقد لقيت أبا محمّد وبذل لي ماله، فأعلمته أنّي أخّرت ثواب ذلك لأجر الآخرة.
المصدر الأصلي: الاختصاص
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٣۰-١٣١
الحديث: ٨
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٥٤
سأل ليث الخزاعي سعيد بن المسيّب عن إنهاب ١ المدينة، قال: نعم، شدّوا الخيل إلى أساطين مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورأيت الخيل حول القبر، وانتهب المدينة ثلاثاً، فكنت أنا وعليّ بن الحسين (عليه السلام) نأتي قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فيتكلّم عليّ بن الحسين (عليه السلام) بكلام لم أقف عليه، فيحال ما بيننا وبين القوم، ونصلّي ونرى القوم وهم لا يروننا.
وقام رجل عليه حلل خضر على فرس محذوف أشهب بيده حربة مع عليّ بن الحسين (عليه السلام)، فكان إذا أومأ الرجل إلى حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يشير ذلك الفارس بالحربة نحوه، فيموت من غير أن يصيبه، فلمّا أن كفّوا عن النهب دخل عليّ بن الحسين (عليه السلام) على النساء، فلم يترك قرطاً في أذن صبيّ، ولا حليّاً على امرأة، ولا ثوباً إلّا أخرجه إلى الفارس، فقال له الفارس: يا بن رسول الله، إنّي ملك من الملائكة من شيعتك وشيعة أبيك، لمّا أن ظهر القوم بالمدينة استأذنت ربّي في نصرتكم آل محمّد (عليهم السلام)، فأذن لي لأن أدّخرها يداً عندالله تبارك وتعالی وعند رسوله (صلى الله عليه وآله) وعندكم أهل البيت إلى يوم القيامة.
المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٣١
(١) «النَّهْب»: الغَنيمة، و«الإِنْهاب»: إباحته لمن شاء. لسان العرب، ج١، ص٧٧٣.
الحديث: ٩
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٥٥
وكان الزهري ١ عاملاً لبني أميّة، فعاقب رجلاً فمات الرجل في العقوبة، فخرج هائماً وتوحّش ودخل إلى غار، فطال مقامه تسع سنين، قال: وحجّ عليّ بن الحسين (عليه السلام)، فأتاه الزهري، فقال له عليّ بن الحسين (عليه السلام): إنّي أخاف عليك من قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك، فابعث بدية مسلّمة إلى أهله واخرج إلى أهلك ومعالم دينك، فقال له: فرّجت عنّي يا سيّدي، الله أعلم حيث يجعل رسالاته ورجع إلى بيته، ولزم عليّ بن الحسين (عليه السلام)، وكان يعدّ من أصحابه، ولذلك قال له بعض بني مروان: يا زهري، ما فعل نبيّك؟ يعني: عليّ بن الحسين (عليه السلام).
المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٣٢
(١) وهو محمّد بن مسلم ابن شهاب الزهري.
الحديث: ١۰
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٥٦
كتب ملك الروم إلى عبد الملك: أكلت لحم الجمل الذي هرب عليه أبوك من المدينة، لأغزونّك بجنود مائة ألف ومائة ألف ومائة ألف، فكتب عبد الملك إلى الحجّاج أن يبعث إلى زين العابدين (عليه السلام) ويتوعّده ويكتب إليه ما يقول، ففعل.
فقال عليّ بن الحسين (عليه السلام): إن لله لوحاً محفوظاً يلحظه في كلّ يوم ثلاثمائة لحظة، ليس منها لحظة إلّا يحيي فيها ويميت، ويعزّ ويذلّ، ويفعل ما يشاء، وإنّي لأرجو أن يكفيك منها لحظة واحدة. فكتب بها الحجّاج إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك بذلك إلى ملك الروم، فلمّا قرأه قال: ما خرج هذا إلّا من كلام النبوّة.
المصدر الأصلي: مناقب آل أبي طالب
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٣٢-١٣٣
الحديث: ١١
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٥٧
وردت حرّة بنت حليمة السعدية على الحجّاج بن يوسف الثقفي، فمثلت بين يديه، قال لها: أنت حرّة بنت حليمة السعدية؟ قالت له: فراسة من غيرمؤمن، فقال لها: الله جاء بك، فقد قيل عنك إنّك تفضّلين عليّاً على أبي بكر وعمر وعثمان، فقالت: لقد كذب الذي قال: إنّي أفضّله على هؤلاء خاصّة، قال: وعلى من غير هؤلاء؟ قالت: أفضّله على آدم ونوح ولوط وإبراهيم وداود وسليمان وعيسى بن مريم (عليهم السلام).
فقال لها: ويلك، إنّك تفضّلينه على الصحابة، وتزيدين عليهم سبعة من الأنبياء من أولي العزم من الرسل؟ إن لم تأتيني ببيان ما قلت ضربت عنقك، فقالت: ما أنا مفضّلته على هؤلاء الأنبياء، ولكنّ الله عزّ وجلّ فضّله عليهم في القرآن بقولهعزّ وجلّ في حقّ آدم: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾، وقال في حقّ عليّ (عليه السلام): ﴿وَكَانَ سَعيُكُم مَّشكُورًا﴾.
فقال: أحسنت يا حرّة، فبما تفضّلينه على نوح ولوط؟ فقالت: الله عزّ وجلّ فضّله عليهما بقوله: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمرَأَةَ نُوحٍ وَاِمرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحتَ عَبدَينِ مِن عِبَادِنَا صَالِحَينِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَم يُغنِيَا عَنهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيئًا وَقِيلَ ادخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾، وعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) كان ملاكه تحت سدرة المنتهى، زوجته بنت محمّد فاطمة الزهراء التي يرضى الله تعالی لرضاها ويسخط لسخطها.
فقال الحجّاج: أحسنت يا حرّة، فبما تفضّلينه على أبي الأنبياء إبراهيم خليل الله؟ فقالت: اللهعزّ وجلّ فضّله بقوله: ﴿وَإِذ قَالَ إِبرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيفَ تُحيِي المَوتَى قَالَ أَوَلَم تُؤمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطمَئِنَّ قَلبِي﴾، ومولاي أمير المؤمنين (عليه السلام) قال قولاً لا يختلف فيه أحد من المسلمين: «لوكشف الغطاء ما ازددت يقيناً»، وهذه كلمة ما قالها أحد قبله ولا بعده.
فقال: أحسنت يا حرّة، فبما تفضّلينه على موسى كليم الله؟ قالت: يقول الله عزّ وجلّ: ﴿فَخَرَجَ مِنهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾، وعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يخف، حتّى أنزل الله تعالی في حقّه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشرِي نَفسَهُ ابتِغَاء مَرضَاتِ اللَّهِ﴾.
قال الحجّاج: أحسنت يا حرّة، فبما تفضّلينه على داود وسليمان (عليهما السلام)؟ قالت: الله تعالی فضّله عليهما بقولهعزّ وجلّ: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرضِ فَاحكُم بَينَ النَّاسِ بِالحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ قال لها: في أيّ شيء كانت حكومته؟ قالت: في رجلين: رجل كان له كرم والآخر له غنم، فنفشت الغنم بالكرم فرعته، فاحتكما إلى داود (عليه السلام)، فقال: تباع الغنم وينفق ثمنها على الكرم حتّى يعود إلى ما كان عليه، فقال له ولده: لا، يا أبة، بل يؤخذ من لبنها وصوفها، قال الله تعالی: ﴿فَفَهَّمنَاهَا سُلَيمَانَ﴾، وإنّ مولانا أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) قال: سلوني عمّا فوق العرش، سلوني عمّا تحت العرش، سلوني قبل أن تفقدوني، وإنّه (عليه السلام) دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم فتح خيبر، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) للحاضرين: أفضلكم وأعلمكم وأقضاكم عليّ.
فقال لها: أحسنت، فبما تفضّلينه على سليمان؟ فقالت: الله تعالی فضّله عليه بقوله تعالی: ﴿رَبِّ اغفِر لِي وَهَب لِي مُلكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعدِي﴾، ومولانا أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) قال: طلّقتك _ يا دنيا _ ثلاثاً لا حاجة لي فيك، فعند ذلك أنزل الله تعالی فيه: ﴿تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرضِ وَلَا فَسَادًا﴾.
فقال: أحسنت يا حرّة، فبما تفضّلينه على عيسى بن مريم (عليه السلام)؟ قالت: الله تعالیعزّ وجلّ فضّله بقوله تعالی: ﴿إِذ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابنَ مَريَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَينِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَن أَقُولَ مَا لَيسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ تَعلَمُ مَا فِي نَفسِي وَلاَ أَعلَمُ مَا فِي نَفسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ ۞ مَا قُلتُ لَهُم إِلاَّ مَا أَمَرتَنِي بِهِ﴾، فأخّر الحكومة إلى يوم القيامة، وعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) لمّا ادعوا النصيرية فيه ما ادّعوه، قتلهم ولم يؤخّر حكومتهم، فهذه كانت فضائله لم تعدّ بفضائل غيره.
قال: أحسنت يا حرّة، خرجت من جوابك، ولولا ذلك لكان ذلك، ثمّ أجازها وأعطاها وسرّحها سراحاً حسناً.
المصدر الأصلي: الفضائل، الروضة
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٣٤-١٣٦
الحديث: ١٢
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٥٨
قال الصادق (عليه السلام): إنّ سعيد بن جبير كان يأتمّ بالسجّاد (عليه السلام)، فكان السجّاد (عليه السلام) يثني عليه، وما كان سبب قتل الحجّاج له إلّا على هذا الأمر، وكان مستقيماً.
وذكر أنّه لمّا دخل على الحجّاج بن يوسف قال: أنت شقيّ بن كسير؟ قال: أمّي كانت أعرف بي، سمّتني سعيد بن جبير.
قال: ما تقول في أبي بكر وعمر، هما في الجنّة أو في النار؟ قال: لو دخلت الجنّة فنظرت إلى أهلها لعلمت من فيها؟ ولو دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت من فيها؟ قال: فما قولك في الخلفاء؟ قال: لست عليهم بوكيل، قال: أيّهم أحبّ إليك؟ قال: أرضاهم لخالقي، قال: فأيّهم أرضى للخالق؟ قال: علم ذلك عند الذي يعلم سرّهم ونجواهم، قال: أبيت أن تصدقني؟ قال: بل لم أحبّ أن أكذبك.
المصدر الأصلي: روضة الواعظين
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٣٦-١٣٧
الحديث: ١٣
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٥٩
حضر محمّد بن أسامه ١ الموت، دخلت عليه بنوهاشم فقال لهم: قد عرفتم قرابتي ومنزلتي منكم، وعليّ دين فأحبّ أن تضمنوه عنّي، فقال السجّاد (عليه السلام): أما والله، ثلث دَينك عليّ، ثمّ سكت وسكتوا، فقال عليّ بن الحسين (عليه السلام): عليّ دینك كلّه، ثمّ قال السجّاد (عليه السلام): أما إنّه لم يمنعني أن أضمنه أوّلاً إلّا كراهة أن تقولوا: سبقنا.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٣٧
(١) وهو محمّد بن أسامة بن زيد.
الحديث: ١٤
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٦٠
سمع عامر بن عبد الله بن الزبير _ وكان من عقلاء قريش _ ابناً له ينتقص عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له: يا بنيّ، لا تنتقص عليّاً، فإنّ الدين لم يبن شيئاً فاستطاعت الدنيا أن تهدمه، وإنّ الدنيا لم تبن شيئاً إلّا هدمه الدين.
يا بنيّ، إنّ بني أميّة لهجوا بسبّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في مجالسهم ولعنوه على منابرهم، فكأنّما يأخذون _ والله _ بضبعيه إلى السماء مدّاً، وإنّهم لهجوا بتقريظ ذويهم وأوائلهم من قومهم، فكأنّما يكشفون منهم عن أنتن من بطون الجيف، فأنهاك عن سبّه.
المصدر الأصلي: الأمالي للطوسي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٤۰
الحديث: ١٥
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٦١
قال سدیر الصیرفي: دخلت أنا وأبي وجدّي وعمّي حمّاماً بالمدينة، فإذا رجل في بيت المسلخ فقال لنا: ممّن القوم؟ فقلنا: من أهل العراق، فقال: وأيّ العراق؟ فقلنا: كوفيّون، فقال: مرحباً بكم يا أهل الكوفة، أنتم الشعار دون الدثار.
ثمّ قال: ما يمنعكم من الأزر، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام، ثمّ بعث إلى أبي كرباسة فشقّها بأربعة، ثمّ أعطى كلّ واحد منّا واحداً، فدخلنا فيها.
فلمّا كنّا في البيت الحارّ صمد ١ لجدّي، فقال: يا كهل، ما يمنعك من الخضاب؟ فقال له جدّي: أدركت من هو خير منّي ومنك لا يختضب، فغضب لذلك حتّى عرفنا غضبه في الحمّام، قال: ومن ذاك الذي هو خير منّي؟ فقال: أدركت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وهو لا يختضب، فنكس رأسه وتصابّ عرقاً، فقال: صدقت وبررت، ثمّ قال: يا كهل، إن تختضب فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد خضب وهو خير من عليّ (عليه السلام)، وإن تترك فلك بعليّ (عليه السلام) سنّة. فلمّا خرجنا من الحمّام سألنا عن الرجل، فإذا هو السجّاد (عليه السلام) ومعه ابنه محمّد بن عليّ (عليه السلام).
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٤١-١٤٢
(١) «صَمَدَ»: قَصَدَ. لسان العرب، ج٣، ص٢٥٨.
الحديث: ١٦
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٦٢
قال السجّاد (عليه السلام): ما ندري كيف نصنع بالناس؟ إن حدّثناهم بما سمعنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضحكوا، وإن سكتنا لم يسعنا.
فقال ضمرة بن معبد: حدّثنا، فقال (عليه السلام): هل تدرون ما يقول عدوّ الله إذا حمل على سريره؟ فقلنا: لا، فقال (عليه السلام): إنّه يقول لحملته: أ لا تسمعون أنّي أشكو إليكم عدوّ الله؟ خدعني وأوردني ثمّ لم يصدرني، وأشكو إليكم إخواناً واخيتهم فخذلوني، وأشكو إليكم أولاداً حاميت عنهم فخذلوني، وأشكو إليكم داراً أنفقت فيها حريبتي ١ فصار سكّانها غيري، فارفقوا بي ولا تستعجلوا.
فقال ضمرة: يا أبا الحسن، إن كان هذا يتكلّم بهذا الكلام يوشك أن يثب على أعناق الذين يحملونه، فقال عليّ بن الحسين (عليه السلام): اللّهمّ، إن كان ضمرة هزأ من حديث رسولك فخذه أخذ أسف.
فمكث أربعين يوماً ثمّ مات، فحضره مولى له قال: فلمّا دفن أتى عليّ بن الحسين (عليه السلام) فجلس إليه، فقال له: من أين جئت يا فلان؟ قال: من جنازة ضمرة، فوضعت وجهي عليه حين سوّي عليه، فسمعت صوته _ والله، أعرفه كما كنت أعرفه وهو حيّ _ يقول: ويلك يا ضمرة بن معبد، اليوم خذلك كلّ خليل وصار مصيرك إلى الجحيم، فيها مسكنك ومبيتك والمقيل.
فقال عليّ بن الحسين (عليه السلام): أسأل الله العافية، هذا جزاء من يهزأ من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله).
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٤٢-١٤٣
(١) «حَرِيبَةُ الرجل»: ماله الذي يعيش به. الطراز الأوّل، ج١، ص٣٩٢.
الحديث: ١٧
/
ترتيب جواهر البحار: ٢٨٦٣
قال الصادق (عليه السلام): ارتدّ الناس بعد الحسين (عليه السلام) إلّا ثلاثة: أبوخالد الكابلي، يحيى بن أمّ الطويل، وجبير بن مطعم، ثمّ إنّ الناس لحقوا وكثروا، وكان يحيى بن أمّ الطويل يدخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقول: كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء.
المصدر الأصلي: الاختصاص
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٤٦
، ص١٤٤