- جواهر البحار
- » تتمة كتاب الصلاة
- » أحاديث فضل صلاة الليل
قال الصادق (عليه السلام): إنّ من استغفر الله سبعين مرّة في وقت السحر، فهو من أهل هذه الآية: ﴿وَالۡمُسۡتَغۡفِرِينَ بِالۡأَسۡحَارِ﴾.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ الله تعالى يقول: إنّي لأهمّ بأهل الأرض عذاباً، فإذا نظرت إلى عمّار بيوتي، وإلى المتهجّدين، وإلى المتحابّين في الله، وإلى المستغفرين بالأسحار، صرفته عنهم.
قال الصادق (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡٔاً وَأَقۡوَمُ قِيلاً﴾: يعني بقوله ﴿أَقۡوَمُ قِيلاً﴾ قيام الرجل عن فراشه يريد به الله عزّ وجلّ لا يريد به غيره.
قال الباقر (عليه السلام) في قوله ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبۡحاً طَوِيلاً﴾: فراغاً طويلاً لنومك وحاجتك.
قال الطبرسي (رحمه الله): فيه دلالة على أنّه لا عذر لأحد في ترك صلاة الليل لأجل التعليم والتعلّم، لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحتاج إلى التعليم أكثر ممّا يحتاج الواحد منّا إليه، ثمّ لم يرض سبحانه منه أن يترك حظّه من قيام الليل.
قال الصادق (عليه السلام): صلاة الليل كفّارة لما اجترح بالنهار.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من رزق صلاة الليل من عبد أو أمة قام لله عزّ وجلّ مخلصاً، فتوضّأ وضوءاً سابغاً، وصلّى لله عزّ وجلّ بنيّة صادقة وقلب سليم وبدن خاشع وعين دامعة، جعل الله تبارك وتعالى خلفه تسعة صفوف من الملائكة في كلّ صفّ ما لا يحصي عددهم إلّا الله تعالى، أحد طرفي كلّ صفّ في المشرق والآخر بالمغرب، فإذا فرغ كتب له بعددهم درجات.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ الله تبارك وتعالى إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي وفيها ثلاثة نفر من المؤمنين ناداهم جلّ جلاله وتقدّست أسماؤه: يا أهل معصيتي، لولا من فيكم من المؤمنين المتحابّين بجلالي، العامرين بصلاتهم أرضي ومساجدي، والمستغفرين بالأسحار خوفاً منّي، لأنزلت بكم عذابي ثمّ لا أبالي.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ الله جلّ جلاله أوحى إلى الدنيا أن أتعبي من خدمك وأخدمي من رفضك، وإنّ العبد إذا تخلّى بسيّده في جوف الليل المظلم وناجاه، أثبت الله النور في قلبه، فإذا قال: يا ربّ، يا ربّ، ناداه الجليل جلّ جلاله: لبّيك عبدي، سلني أعطك وتوكّل عليّ أكفك، ثمّ يقول جلّ جلاله لملائكته: ملائكتي، انظروا إلى عبدي، فقد تخلّى في جوف هذا الليل المظلم، والبطّالون لاهون والغافلون نيام، اشهدوا أنّي قد غفرت له.
جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمّد، عش ما شئت، فإنّك ميّت، وأحبب من شئت، فإنّك مفارقه، واعمل ما شئت، فإنّك مجزيّ به، واعلم أنّ شرف الرجل قيامه بالليل، وعزّه استغناؤه عن الناس.
قال الصادق (عليه السلام): كان فيما ناجى الله عزّ وجلّ به موسى بن عمران (عليه السلام) أن قال له: يا بن عمران، كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عنّي، أ ليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه؟ ها أنا ذا يا بن عمران، مطّلع على أحبّائي، إذا جنّهم الليل حوّلت أبصارهم في قلوبهم، ومثّلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، ويكلّموني عن الحضور، يا بن عمران، هب لي من قلبك الخشوع ومن بدنك الخضوع ومن عينيك الدموع في ظلم الليل، وادعني، فإنّك تجدني قريباً مجيباً.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما زال جبرئيل يوصيني بقيام الليل، حتّى ظننت أنّ خيار أمّتي لن يناموا.
قال الصادق (عليه السلام): ثلاثة هنّ فخر المؤمن وزينة في الدنيا والآخرة: الصلاة في آخر الليل، ويأسه ممّا في أيدي الناس، وولاية الإمام من آل محمّد (عليهم السلام).
قال الصادق (عليه السلام): ما من عمل حسن يعمله العبد إلّا وله ثواب في القرآن إلّا صلاة الليل، فإنّ الله لم يبيّن ثوابها لعظيم خطرها عنده، فقال: ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ الۡمَضَاجِعِ يَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ۞ فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٌ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٍ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾.
قال الباقر (عليه السلام): لهو المؤمن في ثلاثة أشياء: التمتّع بالنساء، ومفاكهة الإخوان، والصلاة بالليل.
المفاكهة: الممازحة، وعدّ صلاة الليل من جملة اللهو والفرحات وجعلها مع ما مرّ في قرن؛ لبيان أنّه ينبغي للمؤمن أن يكون متلذّذاً بمناجاة ربّه، والخلوة مع حبيبه فرحاً بهما، بل فيه تنبيه إلى أنّه ليس المؤمن على الحقيقة إلّا من كان كذلك.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ من روح الله تعالى ثلاثة: التهجّد بالليل، وإفطار الصائم، ولقاء الإخوان.
«من روح الله»: الروح _ بالفتح _: الراحة والرحمة ونسيم الريح، أي راحة جعلها الله للمؤمن يتروّح إليها، لأنّه يستريح من معاشرة المخالفين بلقاء الإخوان في الدين، ومن أشغال اليوم إلى عبادة الليل، والإفطار ظاهراً.
وهذه الثلاثة من رحمة الله بالعبد وتفضّله ولطفه وحسن توفيقه، أو أنّها تصير سبباً لرحمته تعالى، والدعاء عندها مستجاب، أو عندها تهبّ نسائم لطفه وفيضه ورحمته على المؤمن، والأوّل أظهر.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قيام الليل مصحّة للبدن، ومرضاة للربّ عزّ وجلّ، وتعرّض للرحمة، وتمسّك بأخلاق النبيّين.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما اتّخذ الله إبراهيم خليلاً إلّا لإطعامه الطعام، وصلاته بالليل والناس نيام.
جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي قد حرمت الصلاة بالليل، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنت رجل قد قيّدتك ذنوبك.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل، فإذا حرم بها صلاة الليل حرم الرزق.
قال محمّد بن سلیمان الدیلمي عن أبیه قال: قال الصادق (عليه السلام): يا سليمان، لا تدع قيام الليل، فإنّ المغبون من حرم قيام الليل.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من صلّى بالليل حسن وجهه بالنهار.
قال الهادي (عليه السلام) ١ : إنّ العبد ليقوم في الليل، فيميل به النعاس يميناً وشمالاً، وقد وقع ذقنه على صدره، فيأمر الله تبارك وتعالى أبواب السماء فتفتح ثمّ يقول لملائكته: انظروا إلى عبدي، ما يصيبه في التقرّب إليّ بما لم أفرض عليه راجياً منّي لثلاث خصال: ذنباً أغفره، أو توبة أجدّدها، أو رزقاً أزيده فيه، أشهدكم ملائكتي أنّي قد جمعتهنّ له.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الركعتان في جوف الليل، أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها
أتی سلمان الفارسي رجل فقال: يا أبا عبد الله، إنّي لا أقوى على الصلاة بالليل، فقال سلمان: لا تعص الله بالنهار.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قالت أمّ سليمان بن داود لسليمان (عليه السلام): يا بنيّ، وإيّاك وكثرة النوم بالليل، فإنّ كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيراً يوم القيامة.
جاء الصادق (عليه السلام) رجل فشكا إليه الحاجة، فأفرط في الشكاية حتّى كاد أن يشكو الجوع، فقال له الصادق (عليه السلام): يا هذا، أ تصلّي بالليل؟ فقال الرجل: نعم، فالتفت الصادق (عليه السلام) إلى أصحابه فقال: كذب من زعم أنّه يصلّي بالليل ويجوع بالنهار، إنّ الله عزّ وجلّ ضمن بصلاة الليل قوت النهار.
قال الرضا (عليه السلام): حافظوا على صلاة الليل، فإنّها حرمة الربّ، تدرّ الرزق وتحسّن الوجه، وتضمن رزق النهار، وطوّلوا الوقوف في الوتر، فإنّه روي أنّ من طوّل الوقوف في الوتر قلّ وقوفه يوم القيامة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أيّها الناس، ما من عبد إلّا وهو يضرب عليه بخزائم معقودة، فإذا ذهب ثلثا الليل وبقي ثلثه أتاه ملك فقال له: قم، فاذكر الله فقد دنا الصبح، فإن هو تحرّك وذكر الله انحلّت عنه عقدة، وإن قام فتوضّأ ودخل في الصلاة انحلّت عنه العقد كلّهنّ فيصبح قرير العين.
يروى أنّ الرجل إذا قام يصلّي أصبح طيّب النفس، وإذا نام حتّى يصبح أصبح ثقيلاً موصّماً. ١
أوحى الله إلى موسى (عليه السلام): قم في ظلمة الليل، أجعل قبرك روضة من رياض الجنان.
قال الصادق (عليه السلام): لا تعطوا العين حظّها، فإنّها أقلّ شيء شكراً.
قال الصادق (عليه السلام): إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بالوتر، وأنّ عليّاً (عليه السلام) كان يشدّد فيه، ولا يرخّص في تركه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أيقظ الرجل أهله من الليل وصلّيا كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.
قال الباقر (عليه السلام): إنّ الله تبارك وتعالى يحبّ المداعب في الجماعة بلا رفث، المتوحّد بالفكر، المتخلّي بالعبر، الساهر بالصلاة.
قال ابن أبي یعفور: قلت للصادق (عليه السلام): أخبرني، جعلت فداك، أيّ ساعة يكون العبد أقرب إلى الله، والله منه قريب؟ قال (عليه السلام): إذا قام في آخر الليل والعيون هادئة، فيمشي إلى وضوئه حتّى يتوضّأ بأسبغ وضوء، ثمّ يجيء حتّى يقوم في مسجده فيوجّه وجهه إلى الله، ويصفّ قدميه، ويرفع صوته ويكـبّر، وافتتح الصلاة فقرأ أجزاء، وصلّى ركعتين، وقام ليعيد صلاته، ناداه منادٍ من عنان السماء عن يمين العرش: أيّها العبد المنادي ربّه، إنّ البرّ لينشر على رأسك من عنان السماء، والملائكة محيطة بك من لدن قدميك إلى عنان السماء، والله ينادي: «عبدي، لو تعلم من تناجي إذاً ما انفتلت»، قلت: جعلت فداك، يا بن رسول الله، ما الانفتال؟ قال (عليه السلام): تقول بوجهك وجسدك هكذا _ ثمّ ولّى وجهه _ فذلك الانفتال.
قال الصادق (عليه السلام): أبغض الخلق إلى الله جيفة بالليل بطّال بالنهار.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خياركم أولوا النهى، قيل: يا رسول الله، من أولو النهى؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): المتهجّدون بالليل والناس نيام.
قال الصادق (عليه السلام): إنّي لأمقت العبد يكون قد قرأ القرآن ثمّ ينتبه من الليل، فلا يقوم حتّى إذا دنا الصبح قام فبادر الصلاة.
قال عليّ (عليه السلام): نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكون الرجل طول الليل كالجيفة الملقاة، وأمر بالقيام من الليل والتهجّد بالصلاة.
سئل عليّ بن الحسين (عليه السلام): ما بال المتهجّدين بالليل من أحسن الناس وجهاً؟ قال (عليه السلام): لأنّهم خلوا بربّهم فكساهم الله من نوره.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذمّ أقوام من المنافقين: خشب بالليل، جدر بالنهار.
قال السيّد الرضيّ (رحمه الله): وهذه استعارة، والمراد أنّهم ينامون الليل كلّه من غير قيام لصلاة ولا استيقاظ لمناجاة، فهم كالخشب الملقاة، وفي التنزيل:
﴿كَأَنَّهُمۡ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ﴾، يريد تعالى أنّهم لا خير فيهم ولا نفع عندهم، كالخشب الواهية التي تدعم لئلّا تتهافت، وتمسك لئلّا تتساقط.
قال الصادق (عليه السلام): وقف أبو ذرّ (رحمه الله) عند حلقة باب الكعبة فوعظ الناس، ثمّ قال: حجّ حجّة لعظائم الأمور، وصم يوماً لزجرة النشور، وصلّ ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور.
قال الرضا (عليه السلام): عليكم بصلاة الليل، فما من عبد يقوم آخر الليل فيصلّي ثمان ركعات وركعتي الشفع وركعة الوتر، واستغفر الله في قنوته سبعين مرّة إلّا أجير من عذاب القبر ومن عذاب النار، ومدّ له في عمره، ووسّع عليه في معيشته. ثمّ قال (عليه السلام): إنّ البيوت التي يصلّى فيها بالليل يزهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.
قال الصادق (عليه السلام): ليس من شيعتنا من لم يصلّ صلاة الليل.