حديث في إثبات أن الحسن والحسين (ع) من ذرية رسول الله (ص) من القرآن الكريم أمام الحجاج الثقفي، وهذا حديث من الأحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب التوحيد
كتاب العدل والمعاد
كتاب الاحتجاج
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب الفتن والمحن
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الزكاة والصدقة
كتاب الصوم
كتاب أعمال السنين والشهور
كتاب الحج والعمرة
كتاب الجهاد
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات
الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ٧٨٠
قال الشعبي ١ : كنت بواسط وكان يوم أضحى فحضرت صلاة العيد مع الحجّاج فخطب خطبة بليغة، فلمّا انصرف جاءني رسوله فأتيته فوجدته جالساً مستوفزاً ٢ ، قال: يا شعبي، هذا يوم أضحى وقد أردت أن أضحّي فيه برجل من أهل العراق، وأحببت أن تستمع قوله، فتعلم أنّي قد أصبت الرأي فيما أفعل به، فقلت: أيّها الأمير، أ وترى أن تستنّ بسنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وتضحّي بما أمر أن يضحّى به، وتفعل مثل فعله، وتدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم إلى غيره؟ فقال: يا شعبي، إنّك إذا سمعت ما يقول صوّبت رأيي فيه لكذبه على الله وعلى رسوله وإدخال الشبهة في الإسلام، قلت: أ فيرى الأمير أن يعفيني من ذلك؟ قال: لا بدّ منه.
ثمّ أمر بنطع ٣ فبسط، وبالسيّاف فأحضر، وقال: احضروا الشيخ، فأتوا به فإذا هو يحيى بن يعمر ٤ ، فاغتممت غمّاً شديداً، وقلت في نفسي: وأيّ شيء يقوله يحيى ممّا يوجب قتله؟ فقال له الحجّاج: أنت تزعم أنّك زعيم العراق؟ قال يحيى: أنا فقيه من فقهاء العراق، قال: فمن أيّ فقهك زعمت أنّ الحسن والحسين(عليهما السلام) من ذرّيّة رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قال: ما أنا زاعم ذلك، بل قائله بحقّ، قال: وبأيّ حقّ قلته؟ قال: بكتاب الله عزّ وجلّ، فنظر إليّ الحجّاج وقال: اسمع ما يقول، فإنّ هذا ممّا لم أكن سمعته عنه، أ تعرف أنت في كتاب الله عزّ وجلّ أنّ الحسن والحسين(عليهما السلام) من ذرّيّة محمّد رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟
فجعلت أفكّر في ذلك، فلم أجد في القرآن شيئاً يدلّ على ذلك، وفكّر الحجّاج مليّاً، ثمّ قال ليحيى: لعلّك تريد قول الله تعالی: ﴿فَمَن حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعدِ مَا جَاءكَ مِنَ العِلمِ فَقُل تَعَالَوا نَدعُ أَبنَاءنَا وَأَبنَاءكُم وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُم وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَّعنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ﴾، وأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) خرج للمباهلة ومعه عليّ(عليه السلام) وفاطمة(عليها السلام) والحسن والحسين(عليهما السلام)؟ قال الشعبي: فكأنّما أهدی إلى قلبي سروراً وقلت في نفسي: قد خلص يحيى، وكان الحجّاج حافظاً للقرآن، فقال له يحيى: والله، إنّها لحجّة في ذلك بليغة، ولكن ليس منها أحتجّ لما قلت، فاصفرّ وجه الحجّاج وأطرق مليّاً، ثمّ رفع رأسه إلى يحيى وقال له: إن أنت جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك فلك عشرة ألف درهم، وإن لم تأت بها فأنا في حلّ من دمك، قال: نعم.
قال الشعبي: فغمّني قوله، وقلت: أ ما كان في الذي نزع به الحجّاج ما يحتجّ به يحيى ويرضيه، بأنّه قد عرفه وسبقه إليه ويتخلّص منه حتّى ردّ عليه وأفحمه؟ فإن جاءه بعد هذا بشيء لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل به حجّته، لئلّا يقال أنّه قد علم ما قد جهله هو.
فقال يحيى للحجّاج: قول الله تعالى: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيمَانَ﴾ من عنى بذلك؟ قال الحجّاج: إبراهيم(عليه السلام)؛ قال: فداود وسليمان(عليهما السلام) من ذرّيّته؟ قال: نعم، قال يحيى: ومن نصّ الله عليه بعد هذا أنّه من ذرّيّته؟ فقرأ الحجّاج: ﴿وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجزِي المُحسِنِينَ﴾؛ قال يحيى: ومن؟ قال: ﴿وَزَكَرِيَّا وَيَحيَى وَعِيسَى﴾؛ قال يحيى: ومن أين كان عيسى(عليه السلام) من ذرّيّة إبراهيم(عليه السلام) ولا أب له؟ قال: من أمّه مريم(عليها السلام)، قال يحيى: فمن أقرب؟ مريم(عليها السلام) من إبراهيم(عليه السلام)، أم فاطمة(عليها السلام) من محمّد(صلى الله عليه وآله)؟ وعيسى(عليه السلام) من إبراهيم(عليه السلام)، والحسن والحسين(عليهما السلام) من رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قال الشعبي: فكأنّما ألقمه حجراً.
فقال: أطلقوه قبّحه الله، وادفعوا إليه عشرة ألف درهم لا بارك الله له فيها، ثمّ أقبل عليّ فقال: قد كان رأيك صواباً ولكنّا أبيناه، ودعا بجزور فنحره وقام فدعا بالطعام فأكل وأكلنا معه، وما تكلّم بكلمة حتّى انصرفنا، ولم يزل ممّا احتجّ به يحيى بن يعمر واجماً.
المصدر الأصلي: كنز الفوائد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٠
، ص١٤٧-١٤٩
(١) الشعبي (م ١٠٣ _ ١٠٤ه): عامر بن شراحیل، اتّصل بالدولة الأمویة فولي قضاء كوفة زمن عمر بن عبد العزیز، ثمّ خرج علی الحجّاج، ثمّ اعتذر إلیه فعفا عنه، كان مشهوراً بانحرافه عن أهل البيت(عليهم السلام) وكان یكذّب الحارث الهمداني لولائه لأمیرالمومنین(عليه السلام). راجع: موسوعة طبقات الفقهاء، ج١، ص٤١٣.
(٢) «المُسْتَوْفِز»: هو الذي قد رفع أَليتيه ووضع ركبتيه. لسان العرب، ج٥، ص٤٣٠.
(٣) «النِطَع»: بساط من الأدیم. تاج العروس، ج١١، ص٤٨٢.
(٤) یحیی بن یعمر العدواني (م٨٩ه): فقیه یُعرف بولائه لأهل البيت(عليهم السلام)، فلذلك نفاه الحجّاج عن أرض العراق. راجع: موسوعة طبقات الفقهاء، ج١، ص٥٥٢.
(٢) «المُسْتَوْفِز»: هو الذي قد رفع أَليتيه ووضع ركبتيه. لسان العرب، ج٥، ص٤٣٠.
(٣) «النِطَع»: بساط من الأدیم. تاج العروس، ج١١، ص٤٨٢.
(٤) یحیی بن یعمر العدواني (م٨٩ه): فقیه یُعرف بولائه لأهل البيت(عليهم السلام)، فلذلك نفاه الحجّاج عن أرض العراق. راجع: موسوعة طبقات الفقهاء، ج١، ص٥٥٢.