أحاديث في معنى قول النبی سليمان (عليه السلام): «هَب لِي مُلكًا لَا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِن بَعدِي»، وتفسير الإمام الكاظم (عليه السلام) لهذه الآية الشريفة، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب التوحيد
كتاب العدل والمعاد
كتاب الاحتجاج
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب الفتن والمحن
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الزكاة والصدقة
كتاب الصوم
كتاب أعمال السنين والشهور
كتاب الحج والعمرة
كتاب الجهاد
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات
الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ١٠١٧
قال عليّ بن یقطین: قلت للكاظم(عليه السلام): أ يجوز أن يكون نبيّ الله عزّ وجلّ بخيلاً؟ فقال(عليه السلام): لا، فقلت له: فقول سليمان: ﴿رَبِّ اغفِر لِي وَهَب لِي مُلكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعدِي﴾، ما وجهه ومعناه؟ فقال(عليه السلام): الملك ملكان: ملك مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس، وملك مأخوذ من قبل الله تعالى ذكره، كملك آل إبراهيم، وملك طالوت، وملك ذي القرنين، فقال سليمان(عليه السلام): ﴿هَب لِي مُلكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعدِي﴾، أن يقول: إنّه مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس ١ ، فسخّر الله عزّ وجلّ له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب وجعل غدوّها شهراً ورواحها شهراً، وسخّر الله عزّ وجلّ له الشياطين كلّ بنّاء وغوّاص، وعلّم منطق الطير، ومكّن في الأرض، فعلم الناس في وقته وبعده أنّ ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل الناس والمالكين بالغلبة والجور.
ثمّ قال(عليه السلام): قد _ والله _ أوتينا ما أوتي سليمان(عليه السلام) وما لم يؤت سليمان(عليه السلام) وما لم يؤت أحد من الأنبياء، قال الله عزّ وجلّ في قصّة سليمان: ﴿هَذَا عَطَاؤُنَا فَامنُن أَو أَمسِك بِغَيرِ حِسَابٍ﴾، وقال عزّ وجلّ في قصّة محمّد(صلى الله عليه وآله): ﴿مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُوا﴾.
بيــان:
بعد ثبوت عصمة الأنبياء وجلالتهم، لابدّ من حمل ما صدر عنهم على محمل صحيح مجملاً، وإن لم يتعيّن في نظرنا، وما ذكر من الوجوه محتملة وإن كان بعضها لا يخلو من بعد، وما ذكره الطبرسي(رحمة الله عليه) أوّلاً أظهر الوجوه. ويمكن أن يقال: المنع عن غيره لم يكن على وجه الضنّة، بل على وجه الشفقة؛ لأنّ ملك الدنيا في نظرهم خسيس دنيّ لا يليق بالمقرّبين قربه، ولمّا رأى صلاح زمانه في ذلك سأله اضطراراً، ومنعه عن غيره إشفاقاً عليهم، أو يقال: إنّ كلامه مخصوص بمن عدا الأنبياء والأوصياء، وهو قريب من الثاني، ويحتمل وجوهاً أخر تركناها مخافة الإطناب. (ص٨٩-٩٠)
بعد ثبوت عصمة الأنبياء وجلالتهم، لابدّ من حمل ما صدر عنهم على محمل صحيح مجملاً، وإن لم يتعيّن في نظرنا، وما ذكر من الوجوه محتملة وإن كان بعضها لا يخلو من بعد، وما ذكره الطبرسي(رحمة الله عليه) أوّلاً أظهر الوجوه. ويمكن أن يقال: المنع عن غيره لم يكن على وجه الضنّة، بل على وجه الشفقة؛ لأنّ ملك الدنيا في نظرهم خسيس دنيّ لا يليق بالمقرّبين قربه، ولمّا رأى صلاح زمانه في ذلك سأله اضطراراً، ومنعه عن غيره إشفاقاً عليهم، أو يقال: إنّ كلامه مخصوص بمن عدا الأنبياء والأوصياء، وهو قريب من الثاني، ويحتمل وجوهاً أخر تركناها مخافة الإطناب. (ص٨٩-٩٠)
المصدر الأصلي: معاني الأخبار، علل الشرائع
/
المصدر من بحار الأنوار: ج١٤
، ص٨٥-٨٦
(١) ورد في معاني الأخبار، ص٣٥٣: «واختیار الناس»، وهو خلاف سیاق الروایة.
تذییل: قال الطبرسي قدس الله روحه: يسأل عن هذا: ﴿هَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ﴾، فيقال: إنّ هذا القول من سليمان(عليه السلام) يقتضي الضنّة والمنافسة؛ لأنّه لم يرض بأن يسأل الملك حتّى أضاف إلى ذلك أن يمنع غيره منه، وأجيب عنه بأجوبة: أحدها: أنّ الأنبياء لا يسألون إلّا ما يؤذن لهم في مسألته، وجائز أن يكون الله أعلم سليمان أنّه إن سأل ملكاً لا يكون لغيره، كان أصلح له في الدين، وأعلمه أنّه لا صلاح لغيره في ذلك، ولو أنّ أحدنا صرّح في دعائه بهذا الشرط حتّى يقول: اللّهمّ، اجعلني أكثر أهل زماني مالاً، إذا علمت أنّ ذلك أصلح لي، لكان ذلك منه حسناً جائزاً، اختاره الجبّائي.
وثانيها: أنّه يجوز أن يكون التمس من الله آية لنبوّته يبين بها من غيره، وأراد لا ينبغي لأحد غيري ممّن أنا مبعوث إليه، ولم يرد من بعده إلى يوم القيامة من النبيّين،كما يقال: أنا لا أطيع أحداً بعدك، أي لا أطيع أحداً سواك.
وثالثها: ما قاله المرتضى قدّس الله سرّه: إنّه يجوز أن يكون إنّما سأل ملك الآخرة وثواب الجنّة، ويكون معنى قوله: ﴿لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعدِي﴾، لا يستحقّه بعد وصولي إليه أحد، من حيث لا يصلح أن يعمل ما يستحقّ به ذلك لانقطاع التكليف.
ورابعها: أنّه التمس معجزة تختصّ به، كما أنّ موسى(عليه السلام) اختصّ بالعصا واليد، واختصّ صالح(عليه السلام) بالناقة، ومحمّد(صلى الله عليه وآله) بالقرآن والمعراج، ويدلّ عليه ما روي مرفوعاً عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنّه صلّى صلاة فقال: إنّ الشيطان عرض لي ليفسد عليّ الصلاة، فأمكنني الله منه فودّعته ولقد هممت أن أوثّقه إلى سارية حتّى تصبحوا وتنظروا إليه أجمعين، فذكرت قول سليمان(عليه السلام): ﴿رَبِّ اغفِر لِي وَهَب لِي مُلكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعدِي﴾، فردّه الله خاسئاً خائباً، أورده البخاري ومسلم في الصحيحين. (ص٨٨-٨٩)
تذییل: قال الطبرسي قدس الله روحه: يسأل عن هذا: ﴿هَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ﴾، فيقال: إنّ هذا القول من سليمان(عليه السلام) يقتضي الضنّة والمنافسة؛ لأنّه لم يرض بأن يسأل الملك حتّى أضاف إلى ذلك أن يمنع غيره منه، وأجيب عنه بأجوبة: أحدها: أنّ الأنبياء لا يسألون إلّا ما يؤذن لهم في مسألته، وجائز أن يكون الله أعلم سليمان أنّه إن سأل ملكاً لا يكون لغيره، كان أصلح له في الدين، وأعلمه أنّه لا صلاح لغيره في ذلك، ولو أنّ أحدنا صرّح في دعائه بهذا الشرط حتّى يقول: اللّهمّ، اجعلني أكثر أهل زماني مالاً، إذا علمت أنّ ذلك أصلح لي، لكان ذلك منه حسناً جائزاً، اختاره الجبّائي.
وثانيها: أنّه يجوز أن يكون التمس من الله آية لنبوّته يبين بها من غيره، وأراد لا ينبغي لأحد غيري ممّن أنا مبعوث إليه، ولم يرد من بعده إلى يوم القيامة من النبيّين،كما يقال: أنا لا أطيع أحداً بعدك، أي لا أطيع أحداً سواك.
وثالثها: ما قاله المرتضى قدّس الله سرّه: إنّه يجوز أن يكون إنّما سأل ملك الآخرة وثواب الجنّة، ويكون معنى قوله: ﴿لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعدِي﴾، لا يستحقّه بعد وصولي إليه أحد، من حيث لا يصلح أن يعمل ما يستحقّ به ذلك لانقطاع التكليف.
ورابعها: أنّه التمس معجزة تختصّ به، كما أنّ موسى(عليه السلام) اختصّ بالعصا واليد، واختصّ صالح(عليه السلام) بالناقة، ومحمّد(صلى الله عليه وآله) بالقرآن والمعراج، ويدلّ عليه ما روي مرفوعاً عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنّه صلّى صلاة فقال: إنّ الشيطان عرض لي ليفسد عليّ الصلاة، فأمكنني الله منه فودّعته ولقد هممت أن أوثّقه إلى سارية حتّى تصبحوا وتنظروا إليه أجمعين، فذكرت قول سليمان(عليه السلام): ﴿رَبِّ اغفِر لِي وَهَب لِي مُلكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعدِي﴾، فردّه الله خاسئاً خائباً، أورده البخاري ومسلم في الصحيحين. (ص٨٨-٨٩)