قال عليّ(عليه السلام): دعاني النبيّ(صلى الله عليه وآله) وأنا أرمد العين، فتفل في عيني، وشدّ العمامة على رأسي وقال: «اللّهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد»، فما وجدت بعدها حرّاً ولا برداً.
قال أبو عوف العجلي: دخلت على الصادق(عليه السلام) فألطفني، وقال(عليه السلام): إنّ رجلاً مكفوف البصر أتى النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يردّ عليّ بصري، فدعا الله فردّ عليه بصره، ثمّ أتاه آخر فقال: يا رسول الله، ادع الله لي أن يردّ عليّ بصري، فقال(صلى الله عليه وآله): الجنّة أحبّ إليك أو يردّ عليك بصرك؟ قال: يا رسول الله، وإنّ ثوابها الجنّة؟ فقال(صلى الله عليه وآله): الله أكرم من أن يبتلي عبده المؤمن بذهاب بصره، ثمّ لا يثيبه الجنّة.
إنّ شابّاً من الأنصار كان له أمّ عجوز عمياء، وكان مريضاً، فعاده رسول الله(صلى الله عليه وآله) فمات فقالت: اللّهمّ، إن كنت تعلم أنّي هاجرت إليك وإلى نبيّك رجاء أن تعينني على كلّ شدّة فلا تحملنّ علي هذه المصيبة، قال أنس: فما برحنا إلى أن كشف الثوب عن وجهه فطعم وطعمنا ١ .
روي أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) لمّا قدم المدينة _ وهي أوبأ أرض الله _ فقال: اللّهمّ، حبّب إلينا المدينة كما حبّبت إلينا مكّة، وصحّحها لنا وبارك لنا في صاعها ومدّها وانقل حماها إلى الجحفة.
روي أنّه(صلى الله عليه وآله) دعا لأنس، لمّا قالت أمّه أمّ سليم: ادع له فهو خادمك، قال: «اللّهمّ، أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته». قال أنس: أخبرني بعض ولدي أنّه دفن من ولده أكثر من مائة ١ .
روی أبو نهيك عن عمرو بن أخطب أنّه استسقى النبيّ(صلى الله عليه وآله)، قال: فأتيته بإناء فيه ماء وفيه شعرة فرفعتها، فقال(صلى الله عليه وآله): اللّهمّ، جمّله جمّله، قال: فرأيته بعد ثلاث وتسعين سنة، ما في رأسه ولحيته شعرة بيضاء.
روي أنّ النابغة الجعدي ١ أنشد رسول الله(صلى الله عليه وآله) قوله:
بلغنا السماء عزّة وتكرّماً
وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهراً
فقال(صلى الله عليه وآله): إلى أين يا بن أبي ليلى ٢ ؟ قال: إلى الجنّة يا رسول الله، قال(صلى الله عليه وآله): أحسنت لا يفضض الله فاك.
قال الراوي: فرأيته شيخاً له مائة وثلاثون سنة، وأسنانه مثل ورق الأقحوان ٣ نقاءً وبياضاً، قد تهدّم جسمه إلّا فاه.
(٢) ورد في المصدر: «يا أبا لیلی»، راجع: الخرائج والجرائح، ج١، ص٥١، وهو الصواب. انظر: أمالي المرتضی، ج١، ص٢٦٣.
(٣) «الأُقْحُوان»: البابونج. مجمع البحرين، ج١، ص٣٣٥.
روي أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) خرج، فعرضت له امرأة فقالت: يا رسول الله، إنّي امرأة مسلمة ومعي زوج في البيت مثل المرأة، قال(صلى الله عليه وآله): فادعي زوجك، فدعته،
فقال(صلى الله عليه وآله) لها: أ تبغضينه؟ قالت: نعم، فدعا النبيّ(صلى الله عليه وآله) لهما ووضع جبهتها على جبهته، وقال: اللّهمّ ألّف بينهما، وحبّب أحدهما إلى صاحبه، ثمّ كانت المرأة تقول بعد ذلك: ما طارف ولا تالد ولا والد أحبّ إليّ منه، فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): اشهد أنّي رسول الله.
قال عليّ(عليه السلام): بعثني رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى اليمن، فقلت: بعثتني يا رسول الله، وأنا حدث السنّ لا أعلم بالقضاء، قال(صلى الله عليه وآله): انطلق، فإنّ الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك. قال عليّ(عليه السلام): فما شككت في قضاء بين رجلين.
قال رجل: يا رسول الله، إنّي بخيل جبان نؤوم، فادع لي، فدعا الله أن يذهب جبنه وأن يسخّي نفسه وأن يذهب كثرة نومه، فلم ير أسخى نفساً ولا أشدّ بأساً ولا أقلّ نوماً منه.
روي أنّ أعرابياً قال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع(صلى الله عليه وآله) يده وما وضعها حتّى ثار السحاب أمثال الجبال، ثمّ لم ينزل عن منبره حتّى رأينا المطر يتحادر على لحيته، فمطرنا إلى الجمعة، ثمّ قام أعرابي فقال: تهدّم البناء، فادع، فقال: حوالينا ولا علينا، فما كان يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلّا تفرّجت حتّى صارت المدينة مثل الجوبة، وسال الوادي شهراً، فضحك رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقال: للّٰه درّ أبي طالب، لو كان حيّاً قرّت عيناه.
كتب النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلى بني حارثة بن عمرو يدعوهم إلى الإسلام، فأخذوا كتاب النبيّ(صلى الله عليه وآله) فغسلوه ورقعوا به أسفل دلوهم، فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): ما لهم؟ أذهب الله عقولهم، فقال: فهم أهل رعدة وعجلة وكلام مختبط وسفه.
إنّ عمرو بن الحمق الخزاعي سقى النبيّ(صلى الله عليه وآله) لبناً، فقال(صلى الله عليه وآله): اللّهمّ أمتعه بشبابه، فمرّت عليه ثمانون سنة لم ير شعرة بيضاء.
مرّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) بعبد الله بن جعفر ١ ، وهو يصنع شيئاً من طين من لعب الصبيان، فقال(صلى الله عليه وآله): ما تصنع بهذا؟ قال: أبيعه، قال(صلى الله عليه وآله): ما تصنع بثمنه؟ قال: أشتري رطباً فآكله، فقال له النبيّ(صلى الله عليه وآله): «اللّهمّ بارك له في صفقة يمينه»، فكان يقال: ما اشترى شيئاً قطّ إلّا ربح فيه، فصار أمره إلى أن يمثّل به، فقالوا: عبد الله بن جعفر الجواد، وكان أهل المدينة يتداينون بعضهم من بعض إلى أن يأتي عطاء عبد الله بن جعفر.
سمع النبيّ(صلى الله عليه وآله) في مسيره إلى خيبر سوق ١ عامر بن الأكوع ٢ بقوله:
لا همّ لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدّقنا ولا صلّينا
فقال(صلى الله عليه وآله): برحمة الله، قال رجل: وجبت يا رسول الله، لولا أمتعتنا به، وذلك أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) ما استغفر قطّ لرجل يخصّه إلّا استشهد.
(٢) عامر بن الأكوع (م٧ه): كان ممّن شهد خیبر وارتجز بأصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فاستغفر له النبيّ(صلى الله عليه وآله) واستشهد بخیبر. راجع: الوافي بالوفیات، ج١٦، ص٥٨١.