أحاديث في غزوة الأحزاب وعبور عمرو لن ود الخندق وطلبه المبارزة، وقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) لعمرو بن ود، وأن الحرب خدعة، وشعر أخت عمرو بن ود بعد مقتله، وفي قصة أبو لبابة وبني قريظة، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب المتبع في البحار، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.
.
فهرس جواهر البحار
كتاب العقل والعلم والجهل
كتاب التوحيد
كتاب العدل والمعاد
كتاب الاحتجاج
كتاب النبوة
كتاب تاريخ نبينا (ص)
كتاب الإمامة
كتاب الفتن والمحن
كتاب تاريخ أميرالمؤمنين (ع)
كتاب تاريخ فاطمة والحسنين (ع)
كتاب تاريخ السجاد والباقر والصادق والكاظم (ع)
كتاب تاريخ الرضا والجواد والهادي والعسكري (ع)
كتاب تاريخ الحجة (عج)
كتاب السماء والعالم
كتاب الإيمان والكفر
كتاب العشرة
كتاب الآداب والسنن
كتاب الروضة
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب القرآن
كتاب الأدعية والأذكار
كتاب الزكاة والصدقة
كتاب الصوم
كتاب أعمال السنين والشهور
كتاب الحج والعمرة
كتاب الجهاد
كتاب المزار
كتاب العقود والإيقاعات
- جواهر البحار
- » تتمة كتاب تاريخ نبينا (ص)
- » أحاديث في غزوة الأحزاب وبني قريظة
الحديث: ١
/
ترتيب جواهر البحار: ١٤٦٠
فألبسه ١ رسول الله صلى الله عليه وآله درعه ذات الفضول، وأعطاه سيفه ذا الفقار، وعمّمه عمامة السحاب على رأسه تسعة أكوار، ثمّ قال له: تقدّم، فقال صلى الله عليه وآله لمّا ولّى: «اللّهمّ احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه». فمشى إليه وهو يقول:
لا تعجلنّ فقد أتاك
مجيب صوتك غير عاجز
ذو نيّة وبصيرة
والصدق منجي كلّ فائز
إنّي لأرجو أن أقيم
عليك نائحة الجنائز
من ضربة نجلاء يبقى
ذكرها عند الهزاهز
قال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا عليّ؛ قال: ابن عبد مناف؟ فقال: أنا عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف، فقال: غيرك يا بن أخي، من أعمامك من هو أسنّ منك، فإنّي أكره أن أهريق دمك، فقال: لكنّي _ والله _ ما أكره أن أهريق دمك؛ فغضب ونزل وسلّ سيفه كأنّه شعلة نار، ثمّ أقبل نحو عليّ عليه السلام مغضباً، فاستقبله عليّ عليه السلام بدرقته فضربه عمرو في الدرقة فقدّها وأثبت فيها السيف، وأصاب رأسه فشجّه، وضربه عليّ عليه السلام على حبل العاتق فسقط.
وفي رواية حذيفة: وتسيّف على رجليه بالسيف من أسفل فوقع على قفاه، وثارت بينهما عجاجة، فسمع عليّ عليه السلام يكـبّر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قتله والذي نفسي بيده.
فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: أبشر يا عليّ، فلو وزن اليوم عملك بعمل أمّة محمّد لرجّح عملك بعملهم، وذلك أنّه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلّا وقد دخله وهن بقتل عمرو، ولم يبق بيت من بيوت المسلمين إلّا وقد دخله عزّ بقتل عمرو.
المصدر الأصلي: مجمع البيان
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٠
، ص٢٠٣-٢٠٥
(١) أي عليّاً عليه السلام.
الحديث: ٢
/
ترتيب جواهر البحار: ١٤٦١
قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الأحزاب: اللّهمّ، إنّك أخذت منّي عبيدة بن الحارث يوم بدر، وحمزة بن عبد المطّلب يوم أحد، وهذا أخي عليّ بن أبي طالب،﴿رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الوارِثِين﴾.
المصدر الأصلي: كنز الفوائد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٠
، ص٢١٥
الحديث: ٣
/
ترتيب جواهر البحار: ١٤٦٢
قال النبيّ صلى الله عليه وآله ثلاث مرّات: «أيّكم يبرز إلى عمرو وأضمن له على الله الجنّة؟» وفي كلّ مرّة كان يقوم عليّ عليه السلام، والقوم ناكسوا رؤوسهم، فاستدناه وعمّمه بيده، فلمّا برز قال صلى الله عليه وآله: «برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه».
وكان عمرو يقول:
ولقد بححت من النداء
بجمعهم هل من مبارز
إلى قوله:
إنّ الشجاعة في الفتى والجود
مـــــن كـــــرم الـــــغــــرائــــز
فما كان أسرع أن صرعه أمير المؤمنين عليه السلام وجلس على صدره، فلمّا همّ أن يذبحه وهو يكـبّر الله ويمجّده، قال له عمرو: يا عليّ، قد جلست منّي مجلساً عظيماً، فإذا قتلتني فلا تسلبني حلّتي، فقال عليه السلام: هي أهون عليّ من ذلك، وذبحه وأتى برأسه وهو يخطر في مشيته.
فقال عمر: أ لا ترى _ يا رسول الله _ إلى عليّ عليه السلام كيف يمشي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّها لمشية لا يمقتها الله في هذا المقام.
المصدر الأصلي: كنز الفوائد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٠
، ص٢١٥-٢١٦
الحديث: ٤
/
ترتيب جواهر البحار: ١٤٦٣
لمّا طال على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله الأمر، واشتدّ عليهم الحصار، وكانوا في وقت برد شديد، وأصابتهم مجاعة، وخافوا من اليهود خوفاً شديداً، وتكلّم المنافقون بما حكى الله عنهم، ولم يبق أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إلّا نافق إلّا القليل، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أخبر أصحابه أنّ العرب تتحزّب عليّ، ويجيئونا من فوق، تغدر اليهود ونخافهم من أسفل، وأنّه يصيبهم جهد شديد، ولكن تكون العاقبة لي عليهم.
فلمّا جاءت قريش وغدرت اليهود، قال المنافقون: ﴿مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إلّا غُرُوراً﴾ وكان قوم لهم دور في أطراف المدينة، فقالوا: يا رسول الله، تأذن لنا أن نرجع إلى دورنا؟ فإنّها في أطراف المدينة وهي عورة، ونخاف اليهود أن يغيروا عليها، وقال قوم: هلمّوا فنهرب ونصير في البادية ونستجير بالأعراب، فإنّ الذي كان يعدنا محمّد كان باطلاً كلّه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أصحابه أن يحرسوا المدينة بالليل، وكان أمير المؤمنين عليه السلام على العسكر كلّه بالليل يحرسهم، فإن تحرّك أحد من قريش نابذهم، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يجوز الخندق ويصير إلى قرب قريش حيث يراهم، فلا يزال الليل كلّه قائماً وحده يصلّي، فإذا أصبح رجع إلى مركزه. ومسجد أمير المؤمنين عليه السلام هناك معروف يأتيه من يعرفه فيصلّي فيه، وهو من مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوة نشاب.
فلمّا رأى رسول الله صلى الله عليه وآله من أصحابه الجزع لطول الحصار، صعد إلى مسجد الفتح _ وهو الجبل الذي عليه مسجد الفتح اليوم _ فدعا الله وناجاه فيما وعده وقال: «يا صريخ المكروبين، ويا مجيب المضطرّين، ويا كاشف الكرب العظيم، أنت مولاي ووليّي ووليّ آبائي الأوّلين، اكشف عنّا غمّنا وهمّنا وكربنا، واكشف عنّا كرب هؤلاء القوم، بقوّتك وحولك وقدرتك».
فنزل جبرئيل، فقال: يا محمّد، إنّ الله قد سمع مقالتك، وأجاب دعوتك، وأمر الدبور ١ مع الملائكة أن تهزم قريشاً والأحزاب، وبعث الله على قريش الدبور فانهزموا، وقلعت أخبيتهم، ونزل جبرئيل فأخبره بذلك.
المصدر الأصلي: تفسير القمي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٠
، ص٢٢٩-٢٣٠
(١) «الدَبُور»: ريح تأتي من دبر الكعبة ما یذهب نحو المشرق. لسان العرب، ج٤، ص٢٧١.
الحديث: ٥
/
ترتيب جواهر البحار: ١٤٦٤
قال عليّ عليه السلام: الحرب خدعة، إذا حدّثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله حديثاً فوالله، لأن أخرّ من السماء أو يخطفني الطير أحبّ إليّ من أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله، وإذا حدّثتكم عنّي فإنّما الحرب خدعة.
فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله بلغه أنّ بني قريظة بعثوا إلى أبي سفيان أنّكم إذا التقيتم أنتم ومحمّد أمددناكم وأعنّاكم، فقام النبيّ صلى الله عليه وآله فخطبنا، فقال: إنّ بني قريظة بعثوا إلينا أنّا إذا التقينا نحن وأبو سفيان، أمددونا وأعانونا، فبلغ ذلك أبا سفيان، فقال: غدرت يهود فارتحل عنهم ١ .
المصدر الأصلي: قرب الإسناد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٠
، ص٢٤٦
(١) لا غرابة في هذا الحديث حيث نقل النبيّ صلى الله عليه وآله عن اليهود ما لم يكن واقعاً، وذلك لأنّه في سياق الحرب، وتجوز الخدعة في الحرب، فليس هو بأهون من إراقة الدماء، بل إنّ الخدعة فيها قد يوجب حقن الدماء، وهو ما وقع حيث ارتحل أبو سفيان ومن معه من دون قتال.
الحديث: ٦
/
ترتيب جواهر البحار: ١٤٦٥
لمّا قتل عليّ بن أبي طالب عليه السلام عمرو بن عبد ودّ نعي إلى أخته، فقالت: من ذا الذي اجترأ عليه؟ فقالوا: ابن أبي طالب، فقالت: لم يعد موته على يد كفو كريم ١ ، لا رقأت دمعتي إن هرقتها عليه، قتل الأبطال وبارز الأقران وكانت منيّته على يد كفو كريم من قومه، ما سمعت بأفخر من هذا يا بني عامر، ثمّ أنشأت تقول:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله
لكنت أبكي عليه آخر الأبد
لكن قاتل عمرو لا يعاب به
من كان يدعى قديماً بيضة البلد
وقالت أيضاً في قتل أخيها وذكر عليّ بن أبي طالب عليه السلام:
أسدان في ضيق المكر تصاولاً
وكلاهما كفو كريم باسل
فتخالسا مهج النفوس كلاهما
وسط المدار مخايل ومقاتل
وكلاهما حضر القراع حفيظة
لم يثنه عن ذاك شغل شاغل
فاذهب عليّ فما ظفرت بمثله
قول سديد ليس فيه تحامل
والثأر عندي يا عليّ فليتني
أدركته والعقل منّي كامل
ذلّت قريش بعد مقتل فارس
فالذلّ مهلكها وخزي شامل
ثمّ قالت: والله، لا ثأرت قريش بأخي ما حنّت النيب.
المصدر الأصلي: الإرشاد
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٠
، ص٢٦٠-٢٦١
(١) ورد في المصدر مع اختلاف في العبارة. راجع: الإرشاد، ج١، ص١٠٨.
الحديث: ٧
/
ترتيب جواهر البحار: ١٤٦٦
قال الصادق عليه السلام: لمّا حفر رسول الله صلى الله عليه وآله الخندق مرّوا بكدية ١ فتناول رسول الله صلى الله عليه وآله المعول ٢ من يد أمير المؤمنين عليه السلام أو من يد سلمان، فضرب بها ضربة، فتفرّق بثلاث فرق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد فتح عليّ في ضربتي هذه كنوز كسرى وقيصر، فقال أحدهما لصاحبه: يعدنا كنوز كسرى وقيصر وما يقدر أحدنا يخرج يتخلّى.
المصدر الأصلي: الكافي
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٠
، ص٢٧٠-٢٧١
(١) «الكُدیَة»: صلابة تكون في الأرض. لسان العرب، ج١٥، ص٢١٦.
(٢) «المِعوَل»: حدیدة ینقر بها الجبال. كتاب العين، ج٢، ص٢٤٨.
(٢) «المِعوَل»: حدیدة ینقر بها الجبال. كتاب العين، ج٢، ص٢٤٨.
الحديث: ۸
/
ترتيب جواهر البحار: ١٤٦٧
إنّ بني قريظة لمّا حوصروا بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أن ابعث إلينا أبا لبابة عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف _ وكانوا حلفاء الأوس _ نستشيره في أمورنا، فأرسله إليهم، فلمّا رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه الصبيان والنساء يبكون في وجهه، فرقّ لهم، فقالوا: يا أبا لبابة، أ ترى أن ننزّل على حكم محمّد؟ قال: نعم _ وأشار بيده إلى حلقه _ إنّه الذبح.
قال أبو لبابة: فوالله، ما زالت قدماي حتّى عرفت أنّي قد خنت الله ورسوله. ثمّ انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وآله حتّى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده، قال: لا أبرح مكاني حتّى يتوب الله عليّ ممّا صنعت، وعاهد الله لا يطأ بني قريظة أبداً، ولا يراني الله في بلد خنت الله ورسوله فيه أبداً.
فلمّا بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله خبره وأبطأ عليه، قال: أما إنّه لو جاءني لاستغفرت له، فأمّا إذا فعل ما فعل ما أنا بالذي أطلقه عن مكانه حتّى يتوب الله عليه، ثمّ إنّ الله أنزل توبة أبي لبابة على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في بيت أمّ سلمة، قالت أمّ سلمة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يضحك، فقلت: ممّ تضحك يا رسول الله؟ أضحك الله سنّك، قال صلى الله عليه وآله: تيب على أبي لبابة، فقلت: أ لا أبشّره بذلك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله: بلى، إن شئت.
فقامت على باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهنّ الحجاب، فقالت: يا أبا لبابة، أبشر، فقد تاب الله عليك، فثار الناس عليه ليطلقوه، قال: لا، والله، حتّى يكون رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي يطلقني بيده. فلمّا مرّ عليه رسول الله صلى الله عليه وآله خارجاً إلى الصبح أطلقه.
المصدر الأصلي: المنتقى في مولد المصطفى صلى الله عليه وآله
/
المصدر من بحار الأنوار: ج٢٠
، ص٢٧٤-٢٧٥