Search
Close this search box.
Layer 5
فهرس تفسير المتدبرين
إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَضۡحَكُونَ ٢٩ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ ٣٠ وَإِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ ٣١ وَإِذَا رَأَوۡهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ لَضَآلُّونَ ٣٢ وَمَآ أُرۡسِلُواْ عَلَيۡهِمۡ حَٰفِظِينَ ٣٣ فَٱلۡيَوۡمَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ ٱلۡكُفَّارِ يَضۡحَكُونَ ٣٤ عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ ٣٥ هَلۡ ثُوِّبَ ٱلۡكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ٣٦
  • تلاوة الآيات ٢٩ إلى ٣٦

الطبيعة الإجرامية

إن القرآن الكريم عَدَل عن لفظ الذين كفروا إلى ﴿الَّذِينَ أَجْرَمُوا﴾ ممّا يدل على أن الذي يدعوهم إلى إيذاء المؤمنين هي طبيعتهم الإجرامية المترشحة عن كفرهم ، وإلا فقد يكون الكافر مقتصرا في كفره على الكفر الاعتقادي فحسب .
وحينئذ نقول : إن هذه الطبيعة إذا وجدت في نفس من يُظهر الإسلام ، فقد تؤدي إلى نفس الأعمال التي تصدر من الكافرين ، من الاستهزاء بالمؤمنين وغيرها ممّا ذكر في الآية .

انقلاب المواقف

إن الكفار قوم لا منطق لهم ليحاجّوا به ، وإنما ديدنهم الاستهزاء ﴿يَضْحَكُونَ﴾ والإشارة المحقرة ﴿يَتَغَامَزُونَ﴾ والاجتماع على الباطل والسخرية من المؤمنين ﴿انقَلَبُواْ فَكِهِينَ﴾ والتعالي بلا دليل ﴿إِنَّ هَؤُلاء لَضَالُّونَ﴾ .
إلا أن كل ذلك ينقلب يوم القيامة ، لتكون كل هذه المواقف لأهل الجنة في مقابل أهل النار ، وهم يتقلّبون في نعيم الجنة متكئين على الأرائك ، وحالهم كما يصفه القرآن الكريم﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾ إلا أنه في هذه المرة ، يكون هذا الاستهزاء ضمن موقف حق يمتدحه رب العالمين .

موجبات التحمّل

إن هذه الآيات التي تذكر تعامل الكفار المجرمين مع المؤمنين ، تهيّئ المؤمنين لتحمّل أنواع الأذى من : استهزاء ، وتغامز ، واتهام ، وغيره ممّا لا يدع مجالا لتوقّع رضا الكفار أو مدحهم .
فالانحراف العقائدي لهؤلاء إضافة إلى طبيعتهم الإجرامية ، لا يدعان مجالا للتقارب بين هاتين الفئتين إلا أن يتبع أحدهم ملة الآخر ، وخاصة أن الآية تشير إلى الجهل المركب للمجرمين ، حيث وصفوا المؤمنين بأنهم على ضلال ﴿إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ﴾ والحال أنهم هم أساس الضلال ، وكم جاء الردع الإلهي في قالب الاستهزاء قاصما لهم عند الدفاع عن أوليائه قائلا ﴿وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ﴾ بمعنى أنه لا شأن لكم بعبادنا المهتدين! .

انتظار عقوبة الظالمين

إن البعض في الدنيا يستعجل عقوبة الظالمين ، والحال أن أمرهم بيد الله تعالى الذي لا يخاف الفوت ، وهو الذي بيده نهايات الظالمين والمظلومين وهو الذي يحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون .
ومن هنا فإنه مهما تأخر العقاب عنهم ، فهناك يوم ينادي فيه رب العالمين ﴿هل ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ﴾ وكأن الله تعالى يريد أن يُري انتقامه من الظالمين لأوليائه المؤمنين ؛ مطمئنا لهم بما لاقوه منهم أيام حياتهم الدنيا .